الجمعة، 6 مايو 2016

فيوضات الحب تبني الحضارات وتنشر السلام
بقلم الكاتبة : سارة طالب السهيل 



الحب في حياتنا اسطورة نعشقها ولابد لنا ان نشرب من كأسها حتى ندخل جنة لا يتلذذ بأشواقها الحارقة ونعيمها الخالد الا من ذاق معاني غرامها وسكر بهيامها وانتشي بفيوضاتها، لكنها تظل اسطورة مليئة بالالغاز والابهار والتناقض !

فالحب يحمل في صندوقه الخفي لذة اللقاء وألم الفراق وحرارة الشوق، مكابدة الهجر، كما يحمل اسرارا قدرية من موت وحياة، وتدمير وبناء، وزواج وفتور لهيب الحب عندما يخشي المحب من ذوبان ذاته فيمن يحبه ويفقد حريته التي هي أثمن ما يملك فبأيهما يضحي ؟ !

قصص التاريخ الانساني تحفل بالعديد من قصص الحب الخالدة التي توجت بالزواج، والاخري التي لم يكتب لها القدر الزواج لكنها ظلت خالدة في التاريخ، وهناك قصصا فرق فيها الموت بين المحبين لكنها ظلت حية في القلب ولم تمت بموت الحبيب ، ومن اشهرها قصة حب سيد الثقلين محمد صل الله عليه وسلم للسيدة خديجة التي استمرت فى حياتها وبعد مماتها، فبعد موتها بسنة تأتى امرأة صحابية للنبى وتقول له : يارسول الله ألا تتزوج؟ لديك سبع عيال ودعوة هائلة تقوم بها فلابد من الزواج انها قضية محسومة لأى رجل فيبكى النبى وقال: وهل بعد خديجة أحد؟ ولولا أمر الله لمحمد بزيجاته اللاحقة علي خديجة لما تزوج أبدا ، ولاغرابة في هذا الحب، فالسيدة خديجة احتوت سيد الخلق بعاطفة الحب وعاطفة الامومة كما احتضنت دعوته للتوحيد وساهمت معه في ارساء قواعدها فبنت وعمرت واخلصت فخلد التاريخ حبها واخلاصها ، فالحب الحقيقي هو الذي يبني ويعمر الكون بالخير والجمال والعدل والرحمة والابداع في كل شئ، وهو ما يتجلي في العديد من النماذج الانسانية التي خلدها التاريخ ومنها حدائق بابل المعلقة أحد عجائب الدنيا السبع والمرتبطة بقصة حب قوية، حيث بناها الملك نبوخذ نصر لزوجته الملكة أميديا، التى كانت منتمية إلى الطبقة الوسطى، وجاءت من المناطق الجبلية إلى أرض بابل المنبسطة؛ لتعيش مع زوجها الملك، ولكنها كانت تشتاق إلى رؤية الجبال ولحدائق وطنها؛ فبني لها الملك العاشق عالما يشبه موطنها الأصلى، فكانت حدائق بابل المعلقة تعكس اسطورة الحب الخالد ، وتوافق معها ايضا قصة شاه جاهان وممتاز محل، حين تزوجت الشابة الصغيرة الخامسة عشرة ارجو ماند بانو بالشاب شاه جاهان ابن حاكم امبراطورية المغول في عام 1612، وتغير اسمها الى ممتاز محل. وربط الحب بين قليبهما فانجبت منه 14 طفلاً، وعندما توفيت الزوجة عام 1629 فحزن جاهان عليها حزنا شديداً وقرر تخليد ذكراها ببناء تاج محل الذي استغرق بناؤه 20 عاماً وشارك في بنائه اكثر من 20 الف عامل والف فيل ، اما أشهر قصص التي عبر عنها وليام شكسبير في رائعته "روميو وجولييت" فقد جمعت بين قصة شابين ينتميان الى عائلتين استحكم العداء بينهما، لكن الحب جمعهما وغامرا بالارتباط بعلاقة زوجية، لكن موتهما المأساوي وحدّ العائلتين المتحاربتين، فالحب ثمن تجرعه العاشقين بالموت لكنه في النهاية نشر السلام بين الاسر المتحاربة، وهكذا يبني الحب السلام والرحمة رغم تكاليفه الغالية .

لكن في تاريخنا المعاصر، بهتت معاني الحب وفقد المحبين البوصلة للاستمرار ، فاني اعتقد ان انطفاء شمعة الحب بين الناس بعد حب كان يرفرف علي مملكتهما بجناحي الاشواق، هي نتاج فقدان القدرة على التضحية والاخلاص، فالحب وتوهجه مرهون بالتضحية والفداء والبذل والعطاء بلا حدود ومن يقدر على ذلك فهو المحب الحقيقي بعيدا عن الأنانية و اليأس الذي يسيطر على الناس من فشل سابق فيجرون اذيال الخيبة معهم في كل مكان فلا هم أطلقوا الماضي و لا عاشوا الحاضر و لا تطلعوا للمستقبل فقدوا كل شيء، على عكس روح التحدي و الشجاعة التي كان يتمتع بها الأجيال السابقة فلا يعرفون الوقوف عند الفشل بل المثابرة و المواصلة ، أما اجيالنا فتقع من اول مطب و لا تنهض تبقى في مكانها تندب الحظ و تلعنه متناسين أن الإنسان هو من يصنع قدره وهو من يبني بيته وهو من يوهم نفسه أو يوقظها من سباتها.



الحب الحقيقي ليس شعور اجوف أو بطر أو وقت زائد

الحب الحقيقي معناه نواة البيت و الاسرة المكون للمجتمع أي الشعب و الوطن

فما بني على حب بني على حق و طريق مزروع بالعمل والأمل