الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

مجاعة قادمة واهدار الطعام لايزال مستمرا

 بعد ان دخل العالم في الموجة الثانية لفيروس كورونا، فان مخاوف وتحذيرات المنظمات الدولية تتوالى من خطر حدوث نقص في المواد الغذائية بالسوق العالمية بفعل الاضطرابات في التجارة الدولية وتأثيرها على الإمدادات الغذائية.


تتنامي هذه المخاوف مع وجود 821 مليون إنسان يعانون من الجوع على مستوى العالم، منهم 135 مليونا يعانون من الجوع الشديد أو الفقر المدقع، وفقا لبيانات برنامج الغذاء العالمي.

ويقف عالمنا العربي على المحك بشان نقص الغذاء خاصة، وان الكثير من الدول يعتمد على استيراد غذائه الاساسي مثل دول مجلس التعاون الخليجي، والبعض الاخر انهكته الحروب والصراعات الداخلية والفقر مثل اليمن و العراق والصومال والسودان وسوريا وفلسطين، أو انهكته أزماته الاقتصادية الخانقة مثل لبنان ومصر والاردن.

وفيما يقدر البنك الدولي أن من 40 إلى 60 مليون شخص آخرين سيعيشون في فقر مدقع خلال جائحة كورونا، فان حجم الخسائر الناتجة عن هدر الطعام في العالم يقدر بنحو تريليون دولار سنويا.

فان الدول العربية تتقدم جميعها الغنية والفقيرة في قائمة الدول الاكثر هدرا للطعام بسبب كثرة الشراء والمفاهيم الاجتماعية للكرم والتباهي والتفاخر باقامة الولائم الفاخرة بالمناسبات الاجتماعية كالافراح والاعراس والاعياد وغيرها، اوتلف المحاصيل خلال مراحل حصادها و نقلها وتخزينها وسوء تعبئتها.

للأسف، فان سلوكنا الغذائي مرتهن بالتقاليد الاجتماعية وليس بالمفاهيم الدينية الوسطية، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من زوال النعمة بالاسراف فيها، ومن دعائه عليه الصلاة والسلام: "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك".

فقد دعانا النبي صلى الله عليه وسلم، أن نقتصد في الطعام، شكرا لله على نعمته، وأن نتجنب الإسراف، تحقيقا لقول الله تعالى في محكم كتابه: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين". فالاسراف والبذخ في الطعام تسبب معاناة مليون عربي من نقص التغذية بما يعادل 13% من السكان، ومثلهم تقريبا يعيشون تحت خط الفقر.

ويعد رمضان شهر الصوم هو اكثر الشهور اهدارا للطعام ويواكبه ارتفاع حجم الانفاق بنسبة50 في المئة مقارنة بباقي شهور السنة، خاصة في دول الخليج.

فالفرد بالمنطقة العربية بحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ( فاو )، يهدر متوسط 250 كيلوغرام سنويا من الغذاء، وإن هذا الهدر يزيد في رمضان ليصل إلى 350 كيلو غرام.


الأحد، 20 ديسمبر 2020

العنف في الريف والحضر والصحراء

 يمثل العنف سلوكا حادا في كل المجتمعات وهو بوابة للانحراف والضلوع في ارتكاب الجرائم، ولكن مع انتشار العنف في كل دول العالم، ودولنا العربية الا ان نسب اقترافه وتاثيره من حيث القوة والضعف يتباين من مجتمع الريف إلى مجتمع الحضر حيث تتعدد مشكلاته وتتشابك بما بقود للانحراف والجريمة والعنف بأشكاله المتعددة كالانتحار، السرقة، البغاء، القتل، الضرب، الاغتصاب، ومعدلات أعلى في إدمان الخمور وتعاطي المخدرات والانتحار وغيرها .


وان كان مجتمع الريف يعاني من ظاهرة العنف فان تأثيره السلبي يقع على المرأة بشكل أكبر من الرجل ، بينما تكاد تتساوى نسب العنف الواقعة في المدينة بين فئات المجتمع رجل وامرأة وطفل .

والملاحظ للسلوك البشري سلما او عنفا يجد انه يتأثر بعوامل عديدة تمثل دوافع رئيسة لسلوكه ومنها محيطه البيئي الطبيعي الذي يعيش في كنفه ويؤثر في تشكيل مزاجه وهويته .

تأثير البيئة
ذهبت بعض النظريات الاجتماعية إلى تأكيد التأثير البيئي على سلوك الانسان ، حيث اكتشف علماء الاجتماع أن سكان البادية والمناطق الجبلية يتأثرون بقسوة الطبيعة وخشونة الطعام مما يكسبهم قسوة في الطباع وخشونة وجلدا وشدة لا يتصف به سكان الحضر الذين يميلون غالبا إلى النعومة والدعة والرقة واللين تبعا لتأثير المكان والمسكن والمأكل ، في المقابل رصدوا سهولة طباع أهل السهول والمناطق الساحلية وتفاعلهم مع الغريب في لين بعيدا عن الشدة والعنف. بينما غلفت الطبيعة الجبلية لسكانها حرارة طبع.

وحقق استقرار الفلاحين على ارضهم توازنا في السلوك مثل الريف المصري و الاردني و العراقي ، بينما اكتسب سكان جبل لبنان جبل كوردستان طبائع القوة و تحمل القسوة.

وفيما يغلب الطقس الحار على سكان الخليج فان مزاجهم يميل للعصبية ، فان الطقس البارد كما في أيسلندا أو السويد أو النرويج وغيرها من الاصقاع الباردة فانه نادرا ما يميل السكان للاستثار والغضب الانفعالي.

واستعاد علماء الاجتماع مقولة لأرسطو التي يذكر فيها ( أن الناس الذين يعيشون فى مناطق المناخ البارد يكونون أكثر شجاعة ولكنهم ضعفاء برغم ذلك) ..

بينما الناس الذين يعيشون فى مناطق المناخ الدافئ يكونون أكثر عمقاً فى التفكير ولكن بدون نشاط أو حيوية .

كما المؤرخ العربى إبن خلدون بين بلادة الحس ونقص الحيوية فى سكان مناطق المناخ البارد والطبيعة الإنفعالية والاستعداد للاستسلام لمشيئة الطبيعة التى يتميز بها سكان المناطق الدافئة .

مقارنات
ويرجع علماء الاجتماع انتشار العنف والجريمة في المدينة الي ضعف العلاقات والروابط الاسرية والاجتماعية ، والى ضعف صلات القربي الذي يتيح للفرد الانتقال من الحياة الجماعية إلى الحياة الفردية .

وفي المقابل ،فان الحياة في المجتمع الريفي اكثر تماسكا وترابطا اسريا بما يقلل من حدة العنف والجريمة نسبيا مقارنة بالمدينة ، وهو ما ذهب اليه عالم الاجتماع دوركايم في ذلك : "المجتمع الريفي يتسم بعلاقة التماسك حيث يتعامل أفراده بطريقة بسيطة تلقائية و يستجيبون لبعضهم ميكانيكيا عكس المدينة ، فالعلاقة فيها هي ذات طابع عضوي" .

ويربط علماء الاجتماع بين العنف والوسط الحضري ، حيث أن ظاهرة العنف أو الانحراف بمختلف أشكاله ترتبط بالوسط الحضري أكثر من ارتباطها بالوسط الريفي ، بل إن عدد الانحرافات والجرائم يتضاعف كلما انتقلنا من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية من جهة وكلما زاد حجم المدينة من جهة ثانية وباختلاف الأحياء في نفس المدينة من جهة ثالثة، حيث يرتفع عدد الجرائم في الأحياء التي ترتفع فيها نسبة من حالات اجتماعية معينة حياة الأفراد بمعزل عن عائلاتهم ، الولادات غير الشرعية،الحراك الاجتماعي الذي يصاحبه حالات عدم الاندماج الاجتماعي .

كما يرى العلماء ان العنف والانحراف في الوسط الحضري يتربط بمؤسسة الأسرة التي تفتقر للترابط فيما بينها كما يغيب الاب بحثا عن المال والسلطة كما يغيب عن دوره الرقابي وغيره من الادوار .

وعموما فان العنف في مجتمع المدينة يبدو متباينا من فئة لاخرى ، فهناك عنف تجار المخدرات ومستهلكيها، وجرائم القتل وتفجير القناب، و اعتداء الأزواج على زوجاتهن وعنف الشاب نتيجة البطالة و تعبيرا عن أوضاعه الاقتصادية ، واعتداء التلاميذ على أستاذتهم أو مدرائهم، اعتداء الأبناء على اخوتهم ،واعتداء التلاميذ على بعضهم البعض، بجانب عنف الأساتذة على تلاميذهم.

فيما يأخذ العنف أشكالا متعددة مثل ،القتل، السرقة، الضرب، الاغتصاب، تعاطي المخدرات، و تعاطي المحضور، و الانتحار.

عوامل العنف:
ويرصد الباحثون المتخصصون العديد من الاسباب المحفزة للعنف منها :

ضمور و ضياع علاقات القربى والمودة في الحياة الاجتماعية على مستوى الأشخاص والتي كان بإمكانها أن تساهم في تثقيف الفرد الثقافة المضادة للعنف.

وضمور الرعاية الأبوية ، في مقابل ضعف دور المرأة أو الأم كأفضل وسيط بين الطفل ، الشاب، الشابة، والمجتمع.و استعمال أساليب تربوية تعتمد على الضرب أو العقاب البدني. واستعمال أساليب تربوية تعتمد على التسلط والتلقين والتحيز لرأي أحادي.

كما أكدت الدراسات أن العنف تزيد نسبته عند الانتقال من الريف إلى المدينة، حيث يتميز سكان الريف بأنهم أكثر تجانسا أي تماثلا وتشابها وذلك في السمات العنصرية أو السيكولوجية أو الاجتماعية مثل: اللغة، المعتقدات، الآراء،أنماط السلوك.كما ان مجتمع الريف لا يعاني من مفهوم الطبقية بينما يظهر بوضوح في المناطق الحضرية.

وبينما يتصف الريف بقلة تنقل سكانه ماعدا الهجرة من الريف إلى المدينة بسبب الكوارث الطبيعية التي تحدث الأزمات الاقتصادية بينما تتميز المدينة بالتنقل الاجتماعي الكثيف لسكانها.

تكون التفاعلات في الريف على مستوى ضيق ولكن بدرجة ملحوظة ،واضحة وعميقة، بحيث يتميز بالبساطة والمودة و الإخلاص فالتفاعل يحدث من الزاوية الإنسانية أساس.

أما في المجتمع الحضري ، فيتميز بكثرة الاتصالات و لكن مع ذلك تسود المدينة العلاقات الشخصية التي تتسم بالسطحية و القصيرة المدى و التعقيد والشكلية والنفعية، فالإنسان يتفاعل في المدينة كرقم وكعنوان.

بينما يمتاز المجتمع الحضري بضعف علاقات القرابة و انهيار الأهمية الاجتماعية للأسرة و اختفاء علاقات الجيرة، كما تتجه معظم النساء إلى العمل ويميل الناس إلى تأجيل الزواج وتتميز الأسرة بأنها أصغر حجما من الأسرة في الريف ويميل الإنسان الحضري إلى الارتباط بالأشخاص ممن لهم مصالح مشتركة.

يسود في المدينة الضبط الاجتماعي الرسمي المتمثل في القانون و أجهزته مثل الشرطة،الدرك ومختلف أنواع الأمن بينما يسود في الريف الضبط الاجتماعي غير الرسمي الذي يتمثل في العادات و التقاليد و العرف وتلعب الشائعات دورا مهما في الرقابة على سلوكات وتصرفات الأفراد.

الانحراف
يرتبط الوسط الحضري بأشكال عديدة للانحراف ، كما يشير "هالبواشHalbwachs مؤكدا أن الحياة الحضرية تفوق الحياة الريفية في نسبة الانحراف وتتمثل عادة في الضعف ،كما أن عدد الجرائم يزيد كلما زاد حجم المدينة. حيث يتلقي في الريف قيم احترام العمل، تقدير الأسرة ، السعي إلى الارتقاء بها و بقائها، ويكافح في الأرض و المحصول لتأمين احتاجاتها،و يجد سعادته في الحياة الهادئة واتحاده مع أسرته وفي استجابته للتقاليد المتعارف عليها فينعدم الحافز إلى الانحراف إلا إذا وجد ما يهدد استقراره مثل: إتلاف المحصول.
ويمتاز رب الأسرة في الريف بأنه أكثر رعاية لأسرته و أولاده بينما سكان المدن يختلفون اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا .

اما السلوك الأبوي في المدينة يقود بالضرورة للعنف ، نتيجة نقص التربية الدينية ، ونقص الرقابة الأبوية أو عدم انتظامها ، استعمال الضرب كطريقة تربوية مع فئة المراهقين أو الشباب أو الأطفال دون العاشرة يؤدي إلى انحراف أو جنوح أو عنف الشباب أو الأبناء.
ووجد العلماء علاقة ارتباط عضوية بين أمية الوالدين بجنوح الأبناء كان أقوى في المناطق الحضرية منه في المناطق الريفية ، فالآباء الأميون و خاصة في المناطق الحضرية حيث الحياة معقدة في علاقاتها و طريقة حياة الشباب متغيرة لا يستطيعون في كل الحالات فهم احتياجات أبنائهم ومطالبهم النفسية و الشعورية ،و بالتالي فالوسائل التربية التأديبية المستعملة تجاههم يمكن أن تكون غير ملائمة في جعلهم مواطنين صالحين

العنف ضد الأنثى
ولكن العنف ضد الانثى في الريف يعد الاعلى والزواج في سن صغير بنسبة كبيرة مقارنة بالحضر ، ويبدأ العنف ضد الانثى بالاجبار على الزواج ، بل ان العنف ضد الانثي يبدأ وهي طفلة من خلال ظاهرة الختان المنتشر في الريف المصري و السوداني بالعادات والتقاليد الموروثة ، بل أن مصر مازالت هى الأعلى عالميا فى حالات ختان الاناث، على الرغم من اعلان الامم المتحده فى 6 فبراير 2005 اليوم العالمى لمناهضة ختان الاناث وصدور قانون 2008 فى مصر لتجريم عملية الختان إلا ان هذا القانون فتح المجال ان تتم عملية الختان فى سريه بعيدا عن أعين القانون وتتم عن طريق الداية أو الممرضة واحيانا حلاق الصحة.

و بالرغم من كل الجهود المبذوله وتغليظ العقوبه فى القانون المصرى وتحويلها من جنحه الى جنايه فإن القضية مازالت فى حاجة الى زيادة حملات التوعيه والتثقيف الجنسى والصحى للمرأة فى الريف والحضر سواء، وعلى كل منظمات المجتمع المدني التكاتف والتعاون للحروج من هذا المنعطف الخطير الذى يعد اول خطوات تدمير الانثى نفسيا وخلق مرأة ضعيفة محطمة.

العنف في البادية
كانت المرأة في البادية قديما اكثر الفئات اجتماعية تعرضا للعنف الاجتماعي مما كان يودي بها الى الوأد، ولكن مع التطور الزمني والثقافي ، فان النظرة الدونية للمرأة البدوية قد تقلصت الي حد بعيد ، وصارت المرأة البدوية الاقل تعرضا للعنف مقارنة بنساء الريف والمدينة.

وقد ابرز هذا التطور الاجتماعي بحث ميداني في المجتمع المغربي عام 2011 حول انتشار ظاهرة العنف ضد النساء وجاءت النتائج لتعلن زوال الصورة النمطية للإنسان البدوي الذي ارتبطت به ممارسة العنف كتقليد وثقافة وقيمة ، ولتصحح ، في الوقت نفسه ، نظرة المجتمع والباحثين إلى هذه الفئة المرتبطة بالنشاط الفلاحي والرعوي .

فالنتائج التي أسفر عنها البحث تؤكد أن المرأة تتعرض للعنف في الوسط الحضري بمعدل يزيد ب 7،12 في المائة عن المرأة في العالم القروي في ما يخص العنف الجسدي في الحياة الزوجية، وبـ` 4،35 في المائة في ما يخص العنف الجنسي وب` 8،7 في المائة في ما يخص العنف النفسي.

بينما جاء اللجوء للعنف ضد النساء في البادية أقل بكثير مقارنة مع المدينة ، وهو تطور ثقافي واجتماعي يستحق التقدير والدراسة لنبني عليه وتستفيد من نتائجه كل المجتمعات في الريف والحضر علي حد سواء و كوني ابنة قبيلة و اعايش بشكل مباشر ظروف العنف في القبائل فاني ارى ان العنف في البادية بعيد كل البعد عّن المراة التي يتم تكريمها و احترامها و غزل القصائد و التكنيبصفاتها انما يتمحور العنف في البادية في مسائل الثأر و الغزوات و الغارات بين القبائل و المعارك المتمحورة على النفوذ و فرض السطوة و السلطة و الانتفاع من الماء و الارض و تطورت هذه الاسباب مع الزمن لعنف هدفه التمثيل السياسي و السلطة في الدولة مع قيام دول القانون في المنطقة العربية .

الجمعة، 11 ديسمبر 2020

إياك وطائر الوقواق !!!

 اللؤم والخبث واستغلال الاخرين صفات بشرية مذمومة لدى بني الانسان في كل زمان ومكان لانها ركائز على خبث الانفس وسوء الاخلاق التي تضر بالبشر جميعا وتؤذيهم أيما أذى.


وقد تبارى الحكماء والمفكرين في مختلف الحضارات في التحذير من الشخصيات اللئيمة لتجنب الوقوع في فخاخها المدمرة وأنانيتها المهلكة واستغلالها للآخرين كي تعيش وترعرع.

ومن ذلك الحكمة اللاتينية التي تقول: لطالما أسرفت في لوم نفسك عندما منحت احد الاصدقاء ثقة لا يستحقها وكرما دفعه للتمرد، إذ ليس صحيحا أن الناس جميعهم يتأثرون بكرم الاخلاق وينتهجونها في التعامل معك.

فاللئيم لا يعرف سوى نكران الجميل، ولذلك حذر منه شاعرنا الحكيم  أبو الطيب المتنبي في بيته الشعري الرائع: إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكتهُ وإنْ أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تمردا.

وهكذا ايضا يُعرف طائر الوقواق بأنانيته واستغلاله للطيور الأخرى، حيث لا يكلف الأبوين نفسيهما عناء بناء عش لوضع البيض فيه، بل تقوم الأنثى بوضع بيضها في عش طيور أخرى لتكون حاضنة للبيض، وعادة ما يفقس بيض الوقواق قبل بيض الطائر الأصلي فيقوم بمحاولات مضنية وهو مجرد قطعة لحم ضعيفة لدحرجة بقية البيض خارج العش حتى يستأثر وحده بالطعام الذي يحضره الأبوان الحاضنان اللذان لا يميزان بين صغارهما وصغار الوقواق، وهو مايعكس دناءة فراخ الوقواق تأثرا في جيناته وسلوكه بوالديه الحقيقيين.

فالاستغلال والخيانة والخديعة والمكر من أبرز ما يميز هذا الطائر في تسلقه على حياة الاخرين، ولذلك فان الأوربيين يطلقون تسمية الوقواق بالفرنسية (Cuckold) على الرجل الذي تشتهر زوجته بخيانتها له.

فالكثير من الحيوانات تشبه بصفاتها وسلوكها الكثير من البشر لهذا نقول على هذا ذئب وعلى هذا اسد ونشبه الشريرة بالحية والتحتانية بالحرباء المتلونة والتي تلدغ بالكلام العقربة واللطيفة بالقطة والجميلة بالغزال او الفرس والرقيقة بالفراشة وللأسف، فاننا قد نصادف الكثير من البشر خاصة في زماننا الذي اختلت فيه موازيين القيم الاخلاقية، يشبه طائر الوقواق في سلوكه ولؤمه وخياناته.

فالام التي تترك صغارها عند والدتها لكي ترعاهم بدلا منها تمارس اقصي درجات الانانية والتخلي عن المسئولية حتى تتفرغ لعلاقاتها مع صديقتها للفسح والتنزه، كذلك الزوج الذي يترك زوجته دون رعاية واهتمام ليفرغ الي لقاء الاصدقاء بالنوادي والكافيهات  والمقاهي بل ان كثيرا من المديرين الذين يلقون بأعباء مسؤولياتهم على صغار الموظفين مع توبيخهم وتقزيم جهودهم، وعندما ينجح العمل بجهدهم ينسب هذا النجاح لنفسه. وحتى في مجال الحروب نجد الجنود هم الذين يقاتلون بشراسة وقد يدفعون حياتهم الغالية ثمنا لشرف الجندية وقد ينسب الضباط وكبار القادة العسكرين هذا الشرف لانفسهم.

فاللئيم بطبعه دخيل نعمة يملؤه الكبر والغرور والتعالي على الاخرين مما يعكس مركبات النقص لديه، ومليء بالجحود والنكران للمعروف، بل ان خبث نفسه يقوده الى ايذاء من مد له يد العون وقت الشدة.

فاللئيم يحسب كل شيء بميزان مصلحته الشخصية الضيقة ولا يتوقف طوال الوقت عن الاستغلال والابتزاز العاطفي لمن يحيطون به، ولذلك فان علاقاته الانسانية سواء الزوجية او الصداقة لا تستمر كثيرا، فهو اذا تضاربت مصالحه الشخصية مع احدى هذه العلاقات فانها سرعان ما يدمرها ويعمل على تشويه صاحبه او زوجته او حتى زملائه بل يقاطعهم دون ان يشعر بتأنيب الضمير.

والحقيقة ان اللئيم سواء كان رجلا او أمراة، قد يتذاكى على الاخرين ويظهر عبقرته عليهم، فانه من أغبى انواع البشر لانه يعيش لنفسه فقط ويستثمر فيها دون ان يستثمر في اهله واسرته او مجتمعه، لذلك فهو يشكل خطرا على الاسرة والمجتمع معا لانه يحقق اهدافه من خلال استغلال الاخرين وعندما يفشل في تحقيق أهدافه ينسى فضل الناس عليه بل ويخون من عاهده ويفشي اسراره ويفضحه وينسى اي معروف بينهما.

يبقى علينا ان نكون متيقظين في التعامل مع اللئيم اذا ظهرت فيه عدة خصال منها الوداعة الظاهرية والتي تتطور لاحقا الى ان يكون مستلكا لا يقبل آراء الاخرين ويفرض رأيه عليهم بالقوة ويجد نفسه وحده على صواب ولا يحب النجاح الا لنفسه ويستغل الاخرين وينكر فضلهم ومعروفهم، وعلينا جميعا ان نتجاهل اللئيم ولا نصحابه الا اضطرارا، وننكس اعلام زيفه.

في هذا المجتمع الذي يسري الى الهاوية الاخلاقية كم من وقواق ووقواقة بيننا سواء من الاهل و المحيط والأصدقاء والمعارف والزملاء والمدراء الى آخره ممن يظهرون امام الناس احيانا بمظهر البريء اللطيف و احيانا يتباهون و يجاهرون بوقواقيتهم وهم الخبثاء الذين يحفرون لك كل يوم لاذيتك ومحاربتك في حياتك الخاصة و العامة و العمل و محاولة تشويه سمعتك و صورتك وترويج الاكاذيب و تلفيق القصص و اخذ حقك و الغيرة منك و تقليدك بحسد وليس بغبطة كم نعاني منهم و هم يدعون المحبة امام الناس و في الباطن هم وقاوق عافانا الله واياكم منهم ومن الوقواق الطائر .

الأحد، 15 نوفمبر 2020

تغيير قانون الاحداث اصبح ضرورة

 يولد الطفل صفحة بيضاء نقية ذكية على الفطرة، ولكنها سرعان ما تتلوث خاصة في زماننا نتيجة اهمال الاسرة في تنشئة الصغار على القيم الاخلاقية والدينية، مما تتسبب في ضياع براءة الاطفال وطهارتهم، بل انهم تحولوا مع مرور بضعة سنوات الى مجرمين يهددون سلامة المجتمع وأمنه واستقراره.


فكما تشير العديد من الدراسات في العالم شرقا وغربا، فان معظم جرائم الاغتصاب يرتكبها أطفال عمرهم لا يتجاوز 17 عاماً، ناهيك عن جرائم سرقة السيارات وخطف حقائب السيدات بل وقتلهم.

فأطفال اليوم يتسربون من المدارس ويجلسون على المقاهي ويشاهدون الافلام غير اخلاقية والعنف والجريمة ويدخنون، بل وبعضهم يتعاطى المخدرات في سن صغيرة وقد يتحول البعض منهم للاتجار في المخدرات، ناهيك استغلال الجماعات المتطرفة كداعش وغيرها للاطفال في أعمالهم الاجرامية لهدم الدول العربية.

فجرائم الاطفال هي القضية الرئيسية التي يجب ان ينتبه اليها المجتمع العربي كله لان الاطفال هم المستقبل، فكيف يصنعون مستقبل اوطانهم في ظل انحرافهم السلوكي المبكر، والذي يتجاوز سقف الخطأ الى الجريمة الفاحشة والنكراء؟!

ولا شك ان الأسرة هي المسؤولة مسئولية مباشرة عن تنامي ظاهرة جرائم الاطفال، لانها انشغلت عن رعاية الصغار وحمايتهم من شرور الخلق، فالام قد تنشغل بعملها او صديقاتها او متابعة الفيس بوك عن مراقبة سلوك طفلها وتوجيهه وتتركها فريسة لمتابعة الافلام والمواقع المخلة، وقد تتركه يلهو مع قرنائه دونما مراقبة.

كذلك قد ينشغل الاب بعمله بشكل مفرط يستنفذ معه وقته ويومه دون ان يجد وقتا للقيام بدوره الرئيسي في الاسرة كربان للسفينة المسؤول عن حمايتها من الغرق، ناهيك عن الاباء الذين ينشغلون  بالعلاقات النسائية خارج مؤسسة الاسرة، والاخرين الذين يتخلون عن دورهم كاملا عندما يطلقون زوجاتهم  فتنهار المؤسسة الاسرية.

والنتيجة اننا بتنا نرى الاطفال أكبر من سنهم نتيجة ما تشربوه مبكرا من سلوكيات منحرفة اخلاقيا وروحيا، وبعضهم يعرفون ويفهون امورا  لا افهمها انا، وهذا ناتج اما عن الفقر المدقع الذي جعلهم عرضه للشارع والتجارب القاسية وحملهم الهم والمرمطة فكبروا قبل أوانهم، أو انهم ينتمون لطبقة المترفين من حديثي النعمة الذين تركوا اطفالهم دون رقابة فكبروا قبل اوانهم واصبحوا يجالسون الكبار او يفعلون مثل الكبار الفاسدين من خمر ومخدرات وعلاقات مع الجنس الاخر محرمة.

كذلك التفسخ الاسري بانفصال الابوين وما يترتب عليه من تعرض الطفل لصدمات نفسية تكسر ثقته بنفسه، فينضم الى مجموعة تعيد له ثقته بنفسه مما قد يدفعه الى الانحراف السلوكي ليثبت لنفسه وللاخرين انه اقوى من الانكسار الداخلي الذي يعيشه، وهذا ما يدفعه إلى تكوين خبرة سلوكية مما يتعرض له يومياً، وعندما يتقدم فى العمر، يتحول بسهولة إلى مجرم معتاد الإجرام نظراً لخبراته السابقة، بحسب ما يؤكده خبراء علم النفس.

فالخبرات المؤلمة تنتج عن الحرمان العاطفي الذي يصدم الطفل، عبر سوء معاملة الأهل أو الحرمان من أحد الأبوين، يجعله يميل إلى محاولة تعويض هذه الحالة من خلال السيطرة أو ارتكاب الجرائم.

وأظن اننا قبل ان نطالب الاطفال بتعديل سلوكهم عبر مؤسسات، فان الاباء بالضرورة هم الاكثر مطالبة بتعديل سلوكهم هم اولا، لان الاطفال يقلدون ابائهم، على ذلك فانه كلما كان الاباء  قدوة طيبة، فلن يكتسب الطفل سلوكيات عنيفة. عليهم مسؤولية كبيرة فى تكوين سلوكيات الأبناء.

وبالنهاية سواء هذا النوع او ذلك السبب هو اهمال الاهل وتعريض اطفالهم للتربية السيئة التي تتحول الى وبال على المجتمع بأسره.

فكم من الجرائم الشنيعة التي ارتكبها الاطفال والاحداث دون تعرضهم للعقاب القانوني والمحاسبة بدعوي انهم دون سن ال 18 وذلك وفقا للقوانين الوطنية والمستقاة من وثيقة حقوق الطفل العالمية، ولكني أرى ضرورة من تعديل القوانين الوطنية في اوطاننا العربية حماية للارواح البريئة التي تزهق او التي تغتصب وتقتل وتسرق وتتعرض للتعذيب على أيدي المتوحشين من الاحداث بعد تسرب الاجرام الى نفوسهم.

وانني أدعو المؤسسات التشريعة والقانونية في بلادنا العربية الى الاسراع في  تعديل سن الحدث الخاص بالمسئولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبها أطفال تحت سن الثامنة عشرة، ويهربون من العقاب الجنائي، وعندما يحاسب الاحداث جنائيا على جرائمهم البشعة فان ذلك يمثل ردعا للأسر ويدفعم الى اعادة تربية ابنائهم على قيم الاخلاق والفضيلة.

ولا يمكن ايضا اعفاء الاسرة من المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبها ابنائهم الصغار، بل هم مسؤولون ومشاركون في هذه الجرائم بسبب تخليهم عن تربية ابنائهم وحمايتهم من الانحراف السلوكي والاخلاقي ومن ثم يجب محاسبة الاهل عن الجرائم محاسبة قانونية بحيث يتم حبس الاهل بدلا من الصغار، وهو ما يتطلب ثورة تشريعة وقانونية لتعديل القوانين الخاصة بالمسئولية الجنائية للاحداث الاقل من 14 عاما بحيث توقع العقوبة بالاب الذي اهمل تربية صغاره.

وللأسف، فان  بعض الاسر قد تحرض صغارها على ارتكاب الجرائم من سرقة واعتداء جسدي بل وقتل حتى يفلتوا هم من العقاب الجنائي، من هنا فان الحاجة الى تعديل القوانين الجنائية للصغار والاحداث وذويهم سيردع الكبار المجرمين عّن دس الاطفال بجرائمهم حتى لا يتم معاقبة أحد.

وينسحب ذلك أيضا التنظيمات الارهابية كداعش وخلافها التي دست الاطفال لنفس الغرض وضيعت مستقبلهم وهددت امن المجتمعات، وهو ما تنبهت اليه بعض الدول العربية مؤخرا مثل مصر التي تعد مشروع قانون منذ العام الماضي 2019 لتعديل المادة 111 من قانون الطفل ليتضمن تغليظ العقوبة على الجرائم التى يرتكبها الطفل الذي يتجاوز عمره 15 عاما، حيث ينص التعديل على أنه إذا ارتكب الطفل الذي تجاوز سنة خمسة عشرة سنة، جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد حكم عليه بالسجن مدة لا تزيد عن 25 سنة، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن المشدد يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن عشرين سنة، وإذا كانت الجريمة عقوبتها الحبس يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن سنة
فأرجو من دولنا العربية كافة وخاصة التي تكثر بها الجرائم و تحديدا مما يرتكبها الاحداث من تعديل القانون لضمان ردع المجرم الحدث واهله بسجنه او عقابه هو ان كان فوق 14 سنة وسجن اهله ومعاقبتهم استنادا على التحريض او سوء التربية و الاهمال و هذا نداء الى مشرعي القوانين في العراق و الاردن و مصر و لبنان و السعودية والمغرب كافة الدول العربية حرصا على امن و سلامة الافراد فمن أمن العقاب اساء الادب خاصة و ان الطفل في هذا الزمن لم يعد طفلا في ضل انفتاحه و انكشافه على كافة الامور

و قد كنّت محتارة جدا قبل كتابة هذا المقال كيف اوزن دفاعي عّن حقوق الطفل و حسن تربيته و ارشاده و التسامح في تقويمه وبين الشدة في العقاب الذي انادي به هنا فوجدت ان لكل حالة من الحالات وضعها الخاص الذي يمكن للقاضي بالتعاون مع الاطباء النفسيين و المرشدين التربوين الحكم على الحالة بالاصلاح و العقاب.

الاثنين، 2 نوفمبر 2020

تنوعت الجرائم و الوأد واحد

 قتل الاطفال جريمةعالمية تتطلب تشريعات


موحدة للعقاب وثقافةجديدة في التنشئة

الامومة غريزة أودعها الخالق العظيم في قلب الأمهات لتفضن كالأنهار بالحب على صغارها فيشعرون بالأمان والطمأنينة والسكينة والحنان وتتشبع أرواحهم الطاهرة بالبراءة فيشبون مع مراحل عمرهم أسوياء ورحماء دونما عنف.

وعرفت بالمرأة وفق فطرة سوية فطرها عليها الله بالقدرة على الصبر وتحمل المشاق لرعاية اطفالها و السهر عليهم و تلبية احتياجاتهم النفسية و التربوية و الحياتية

غير ان هذه المفاهيم عن المرأة قد تبدلت وتغيرت فطرتها من الرحمة الى القسوة ومن الرأفة الى الوحشية والانتقام، ومن التضحية الى الانانية ومن الايمان بعطية الله لها بالاطفال الى كفران النعم وازهاقها حتى الموت، وربما يعكس ذلك يأسا من الحياة يقود الى الاكتئاب، وقد يرتبط بظروف العراق وما عاناه من عنف وحروب ودواعش جعلت الانسان العراقي اكثر عنفا وبطشا بل وتجرد من الانسانية في بعض الاحيان.

فلماذا تبدلت فطرة المرأة من الرقة والعطف والرحمة الى القسوة الأشد من الحجارة، بل ان من الحجارة لما يتفجرمنه الانهار؟

صدمني فيديو كما صدم كل ذي انسانية ورحمة ـ لمشهد أب مكلوم على طفليه التوأم بعد ان غدرت بهما أمهما وأغرقتهما في تانك أو برميل المياه، وبعدها أخذ الاب يبحث عنهما حتى عثر عليهما طافين غرقى داخل التانك، فليصبره الله وليربط قلبه، ولكني أقف مفزوعة من تجرأ أم على انتزاع الرحمة من قلبها في لحظة تحولت فيها لوحش كاسر وشيطان مارد يفتك بتوأمين رضيعين لاحيلة لهما الا أمهما.

هذه الفاجعة نبهتني الى محاولة قراءة النماذج الوحشية التي تعرض لها الاطفال الابرياء والرضع بالعراق او بالدول العربية او بالعالم، فوجدت العجب الذي يدمي القلوب ويسرق النوم من العيون، ونقف امامها عاجزين عن فهم هذا السلوك الاجرامي، لكني وجدت في كتاب الله تعالي من يؤكد حقيقة فجور الانسان الذي ما تخلى عن انسانيته ومن ايمانه، كما في قوله تعالي:" بل يريد الانسان ليفجر أمامه ".

فقد شاهدنا امرأة عراقية تفجر نفسها، وهى تحمل طفلها على كتفها، بعد أن دبرت حيلة للهروب مع النازحين للقيام بعملية انتحارية وسط عددا من الجنود العراقيين، وتتجرأ على حرق فلذة كبدها بالنيران ويتمزق جسدهما الى أشلاء، بينما ترمي امرأة عراقية أخرى طفليها في نهر دجلة من فوق أحد الجسور وسط بغداد في جنح الظلام.

وبينما يقدم أب في كربلاء على حرق أطفاله النيام انتقاما من زوجته، فان زوجين من أصول عراقية تحكم عليهما محكمة بالدنمارك العام الماضي بالسجن 14عاما بعد إدانتهما في قتل طفلتهما الرضيعة، وذلك لـكونها فتاة وليست ولداً، حيث قاما بالضغط على أضلع الرضيعة وكسرا لها 31 ضلعا، وان أحد الأضلع المكسورة ثقب جزءاً من رئة الرضيعة وكسر آخر ثقب الجزء الآخر، في سابقة اجرامية لم تعرف من قبل.

العام الماضي تجرد أب أردني من أبوته خلال انتقاله مع زوجته للعيش في تايلاند واخذ طفله عمر ابن السنتين من أمه ليشتري له حلوى، واذا به يربطه بعربة الاطفال ويلقي به في البحر لانه يرفض ان يعيش حياة الابوة.

وشهدت مصر بين عامي 2018 و2019 جرائم قتل للاطفال مفزعة وتم بعضها وفق حبكات شيطانية تحير كتاب الدراما، ما بين أم تشنق طفلتها في الاسكندرية، وأخرى تلقي بطفليها في بحر يوسف بالمنيا، وثالث يلقي بطفليه في نيل الدقهلية.

وتعددت أسباب هذه الجرائم ما بين الفقر والخوف عليهم من الجوع والمستقبل المجهول، وقد تكون الدوافع منعدمة لوقوع هذه الجرائم، ففي قرية شرمساح التابعة لمركز الزرقا بمحافظة دمياط،، ذبح سائق توك توك زوجته ووضع السم لأبنائه الأربعة ثم تناول السم ومات، بسبب مروره بأزمة مالية.

سكين وغرق سموم لقتل الاطفال

وذبحت ربة منزل بمنطقة جزيرة البداري البحرية بمركز البداري بأسيوط طفليها اللذان يبلغان من العمر4 و6 سنوات "عمر.م.ح، و"زياد.م.ح"، باستخدام سكين مطبخ.

وقتلت أم أطفالها الثلاثة خنقًا بالماء بينهم طفل رضيع لما يتجاوز عمره شهرا، وألقت بجثثهم في مصرف بالقرب من مسكنها، وذلك استجابة منها لرغبة ضرتها ومن أجل أن يحصل زوجها من ضرتها على شقة وسيارة.

وقبيل انطلاق مدفع الافطار، قامت أحد الامهات بتعذيب ابنها وخنقه والقائه في البحر بشرم الشيخ والتقطت كاميرات المراقبة صور الجريمة كاملة. وكشفت التحقيقات انها تخلصت من طفلها بسبب خلافات مع طليقها والد الطفل الذي هدد بأخذه منها.

بينما تجردت طبيبة صيدلانية من أمومتها وأقدمت على قتل طفلتها ذات الستة أعوام باستخدام عقار للعلاج النفسي وضعته لها في كوب عصير، وتلقي مصرعها.

وتعددت جرائم قتل الاطفال الرضع في ربوع عالمنا العربي خاصة اطفال السفاح في تكتم شديد، وبعيدا عن ابلاغ الشرطة او معرفة المجتمع المحيط بالضحايا.

جريمة عالمية
كما تنتشر جرائم قتل الامهات لاطفالهن في مختلف دول العالم، فقد وثقت كاميرات مراقبة في إحدى الحدائق الأمريكية في مدينة ميامي بولاية فلوريدا هذا العام جريمة قتل نفذتها أم في حق طفلها الصغير المصاب بالتوحد، واكتشفتها الشرطة الأمريكية، بواسطة كاميرات المراقبة وهي تلقي بطفلها في مياه قناة مائية.

وفي روسيا تحاكم عشرات الأمهات كل عام بسبب قتلهن أطفالهن، رغم تنوع خلفياتهن الاجتماعية من ربات منازل وسيدات أعمال ناجحات إلى معلمات وغيرها.

اسباب ونتائج
يرجع خبراء علم النفس والاجتماع جريمة قتل الأطفال الى نتيجة ضغوط اجتماعية أو نفسية أو غيرها، كالخلافات الأسرية أو لتبول الطفل لا إراديا أو بكائه المستمر، أو التخلص منه نتيجة لإنجابه من علاقة آثمة وخوفا من الفضيحة، أو بسبب الخيانة الزوجية، وهناك بعض الأشخاص يكون لديهم ميول للخيانة فيقومون بقتل أبنائهم للتفرغ لشهواتهم الخاصة.

وقد تسعى الام للانتقام من الاب بسبب عنفه وقهره بحقها، بينما قد تتعدى الأم بالضرب على طفلها حتى الموت بهدف تأديبه، أو صعوبة الإنفاق عليه أو لارتكابه جريمة السرقة، تكرار التغيب عن المنزل أو الاحتفاظ بالأبناء بعد الطلاق من جانب الأب رغم حضانتهم للأم.

ويؤكد علماء الاجتماع في الصدد على ان ما يعرف بدائرة القهر الجهنمية، تقود في النهاية لمنظومة القتل، وتتمثل هذه الدائرة فى عنف الرجل ضد المرأة يليه رد فعل تقهر فيه المرأة لأطفالها ويكون رد هؤلاء الأطفال فى استخدام العنف فى الأصغر منهم والأصغر منهم ضد الحيوانات، وينتج عن هذا العنف، الجرائم الأسرية البشعة التي بتنا نعيشها يوميا.

ولاشك أن التنشئة الاجتماعية الخاطئة وراء هذه الجرائم، فالرجل يتربى على مفهوم العنف والضرب من جانب الاهل بدعوى تقوية عظامهم وتعويدهم على التحمل في الحياة ومشاقها، وعندما يكبر يستخدم نفس التربية الخاطئة مع أولاده وتصبح دائرة الضرب والتعذيب مستمرة وينعكس ذلك على المرأة والاطفال.

انقاذ سريع
مع تزايد جرائم قتل الاطفال، فان هذه الظاهرةالعالمية تستدعي خطة عمل دولية تتعاون فيها جهود اليونسيف مع منظمات المجتمع المدني لسبل تهيئة الفتاة الصغيرة على الزواج والتربية وتوعيتها للتعامل مع اطفالها، وذلك من خلال دورات تثقيفية بالمدارس مستمرة حتى لوكانت خلال منهج دراسي، وكذلك وضع مناهج تربوية بالمدراس لتنشئة وتوعية النشىء بأدوراهم الاسرية على قاعدة من التفاهم والتراحم الاسري والتعاون في التنشئة السليمة للصغار.

تبقى أدوار الاعلام والمؤسسات الدينية أكثر اهمية في تكريس الوعي بقيمة التراحم داخل البيت ، مع محاربة كل اشكال الفنون التي تؤدي الى انتشار ثقافة العنف في المجتمع من مسلسلات درامية او افلام سنمائية او العاب اطفال الكترونية.

كما ان الثقافة بشكل عام و بكافة مناحيها و انواعها بنظري هي المنقذ الحقيقي للمجتمع بالتوعية الاخلاقية و التربوية لخلق مجتمع سليم خال من العنف الاسري و التفكك و الانهيار حيث انني لا اميل الى تصديق حجج الامراض النفسيه و العصبية اغلب الاحيان
فانني اذكر فيلم بعنوان توت توت كانت قصته عّن امرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة اعتقد اعاقة ذهنية جسدت الدور الفنانة نبيلة عبيد حيث اظهرت الفطرة السليمة للامومة بالغريزة رغم انها كانت غير طبيعية صحيا و عقليا الا ان قلبها كان سليم (قلب الام ) الذي اودعه الله في كل امراة لتكون مصدر الحنان و الامان و الطيبة

كما انني اؤكد ان الظروف الاقتصادية لا يمكن ان تكون مبرر لمثل هذه الافعال

وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)

الا انه ربما تراكمات العنف و القهر و سوء التربية و غياب القدوة و الوازع الديني و الاهم من هذا كله الثقافة التي تجعل البسيط و العظيم الغني و الفقير لديه حكمه و رؤية للتعامل و التعاطي مع الامور بوعي و ادراك تام فالوعي المجتمعي المستمد من الثقافة و ما تبثه وسائل الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي هو طوق النجاة

ومما لاشك فيه ان اقدام الام او الاب على قتل اطفالهم يتطلب تغليظ العقوبة القانونية والجنائية بحقهم حتى يكون في ذلك ردع عملي لهذه الجرائم الوحشية بحيث تتم معاقبة قتلة صغارهم بالاعدام او المؤبد وفقا للقوانين الجنائية.

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

على طريق السلط ياما مشينا .. متى يمشي معنا التراث العالمي

 يعد قطاع السياحة بالاردن رافدا اساسيا من روافد الاقتصاد الوطني، وطوق نجاة للشباب العاطل عن العمل وقت الازمات الاقتصادية، وجسرا ثقافيا تعبر عليه حضارات الشرق الى الغرب.


لكن هذا القطاع السياحي ـ بالمقابل ـ يحتاج للمزيد من الجهود لتطويره وابراز كنوزه التراثية، واعادة الاستثمار فيه لتحقيق المزيد من المميزات التنافسية في حلبة السياحة العالمية.

وتشكل السياحة بالبلاد حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي وتتجاوز مدخولاتها النقدية ما يزيد عن 4 مليارات دولار سنويًا، وتوفر نحو 55 ألف فرصة عمل. وذلك نتيجة طبيعة لعناصر الجذب السياحي.

فالأردن يمثل متحفا تاريخيا متنوعا يحفل بالآثار الرومانية والبيزنطية والمسيحية والإسلامية وأضرحة الصحابة والمواقع التاريخية؛ التي تجذب السياح إليها من كلِّ مكان في العالم، كالقلاع والقصور والفسيفساء والمدرجات الرومانية والمسارح والمعابد وغيرها التي خلفتها الحضارات والإمبراطوريّات التي عاشت على هذه الارض الطيبة، بجانب طبيعتها الخلابة مما جعلها مقصدا من أبرز المقاصد السياحية بعالمنا العربي.

ولعلي أجدد الدعوة للمسؤولين لدفع القطاع الخاص بالاردن على زيادة الاستثمار في حقل السياحة بما يعود بالنفع العميم على الجميع، خاصة وأن الأردن غني جدا بمواقعه التراثية والتي يبلغ عددها نحو مئة ألف موقع سياحي، منها خمسة مواقع مسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، ومحميات طبيعية، بجانب تمتع الاردن بالسياحة العلاجية، ويحتل المركز الخامس في العالم في هذا المجال، ناهيك عن السياحة الثقافية والترفيهية وسياحة المغامرات و السياحة العلاجية و الطبية و سياحة المؤتمرات و الندوات و سياحة الطلبة و التعليم الذي تكون بطرق غير مباشرة.

وهناك العديد من المواقع الأثرية المهمة التي لا تحظى بالاهتمام الكافي مما يعرضها للعبث ويمحي قيمتها الأثرية، وتحتاج الى قيام القطاع الخاص بدوره للاستثمار فيها لكي توضع على خريطة المسارات السياحية وتحويلها من مواقع مهملة إلى مواقع أثرية حيوية ومقاصد سياحية.

ربما تكون هذه المقدمة عّن السياحة بسبب زياراتي المتكررة لمدينة السلط فهذه المدينة العريقة سعت حكومة الاْردن منذ عام 1994م الى ادراجها في قائمة التراث العالمي باليونسكو، ولكن في2017م تم تأجيل القرار ، ومنحت لجنة التراث العالمي الأردن فرصة جديدة لمعالجة بعض النقص في ملف هذه المدينة.

لعلي اتساءل ويتساءل غيري لماذا لم يتم ادراج السلط بقائمة التراث العالمي ، والاقناع بأهميتها التاريخية وتراثها؟

هذه المدينة التاريخية عرفت منذ العصر الحجري ـ كما يقول المؤرخون ـ، وخضعت المدينة لسيطرة العديد من الاجناس منهم الهكسوس، والعمونيون في العام الالف ما قبل الميلاد، والبابليون، والاشوريون والكلدانيون، ثم الفرس واليونان، كما دخلت تحت حكم الرومان، ومن ثم دخلها البيزنطيون، وصولا الى جيوش الفتح الاسلامي.

تضم المدينة اكثرمن 700 مبنى تراثي يصل عمر بعضها الى اكثر من 400 عام وتراوح عمر بعضها الاخر بين 100 و200 عام، كما يتميز بعضها بطراز البناء التجاري بوصفها مركزا تجاريا لتجار بلاد الشام.

وعمل الحكم العثماني في القرن ال16 للميلاد على تنشيط حركة العمران في المدينة، حيث كانت تابعة للواء نابلس متأثرة بطرازه المعماري، لكنها تميزت عن المعمار الفلسطيني باستخدام الحجارة، كما حافظت السلط علي طابعها العربي الثقافي والحضاري، حيث تضم أقدم المدارس الاردنية التي خرجت معظم ساسة الاردن من العهد القديم.

كانت السلط قاعدة ادارية اقليمية للدولة العثمانية وزاد عدد سكانها وكثرت ثرواتهم وبنوا فيها منازل رائعة ما زالت ماثلة حتى يومنا هذا، كما كانت السلط مركزا لأسقفية تابعة لمدينة البصرى أولاً ثم لمدينة البتراء في العصر البيزنطي. وفي زمن الصليبيين فرض ملك القدر بودوان الأول الضريبة على جبل عجلون وعلى مدينة السلط وضواحيها. وقد احتل المغول المدينة ودمروا قلعتها فأعاد بيبرس بناءها سنة 1266 ثم دمر إبراهيم باشا العثماني القلعة مجددا عام 1840 ولم يبق إلا القليل من أساس بنائها.

وإلى الجنوب من مدينة السلط مرتفع يعرف باسم تل الجادور وتتدفق إلى جنوبه عين جادور وتتدفق عيون أخرى في المنطقة.

وهناك مغارة مخصصة ككنيسة للأموات في العصر البيزنطي تحمل جدرانها رسومات دينية. واكتشفت قبور رومانية أخرى بالجنوب الشرقي من مدينة السلط وباب حجري ضيق.

أما ضواحي السلط تضم أماكن أثرية مثل خربة السوق وهي على بعد أربعة كيلو مترات جنوب مدينة السلط، وخربة أيوب وخربة حزير وخربة الدير ومسجد النبي يوشع الذي يقع إلى الشمال الغربي من مدينة السلط، ويعود تاريخ المسجد الى ثلاثة أو أربعة قرون فقط، بجانب قصر أبو جابر، والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن ال 19 فترة حكم العثمانيين، ويتميز بسقوفه الجدارية الجميلة ونوافذه الطويلة ورسوماته على يد فنانين إيطاليين، كما يعود تاريخ بناء قلعة السلط إلى القرن الثالث عشر، والتي قام ببنائها ابن شقيق صلاح الدين الأيوبي.

ويضم متحف السلط قطع أثرية تعود إلى العصر الإسلامي، وقطع أثرية مُتعلقة بتاريخ مدينة السلط، بجانب عروض مختلفة للأزياء التقليدية والفلكلور الشعبي الأردني.

أما مباني هذه المدينة الرائعة فهي مصنوعة من الحجر الرملي الملون باللون الأصفر، وتتكون المنازل من أسطح على شكل قبة وساحات داخلية كبيرة ونوافذ طويلة مقوسة من الأعلى. كما تضم المدينة المقابر الرومانية التي تعود إلى فترة الحكم الروماني في السلط.

ومن أهم الشوارع السياحية في وسط مدينة السلط شارع الحمام والذي يمثل حلقة الاتصال بين الدين الاسلامي والمسيحي حيث تجد فيه الكنائس تنتشر جنبا الى جنب مع المساجد، كما تنتشر فيه المحلات التجارية.

كما تقع منطقة وادي شعيب بالقرب من السلط وهي قرية صغيرة تشتهر بطبيعتها الخلابة و اشجار الليمون والزيتون والتي جعلت من البلقاء محطة هامة تصل بين الاردن ومدينة القدس والبحر الميت مما يضيف الى جاذبية تلك المنطقة. وتحتوي على ضريح النبي شعيب والذي أكسب الوادي اسمه واهميته الحضارية والدينية.

أظن ان هذه القراءة التاريخية والاثرية لمدينة السلط تؤهلها للادراج بقائمة التراث العالمي خاصة فيما يتصل بتراثها المعماري، وبحسب ملف العمارة الانتقائية لمجموعة مباني السلط في الفترة ١٨٦٥- ١٩٢٥ المقدم لليونسكو، فان خبرائها لم يقتنعوا بتفاصيل هذا الملف، والذي يحتاج منا بذل المزيد من الجهد لابراز القيمة الحضارية لهذه المدينة ومبانيها المقامة على سلسلة تلال والمشيدة بحجارة صفراء وأسقف مقببة ونوافذ مقوسة.

لاشك ان هذه المباني بحاجة الي ترميم وصيانة بطرق تحافظ على قيمتها التاريخية وتبرز جمالها لدى خبراء اليونسكو، وهذه الجهود تحتاج الى دخول القطاع الخاص للقيام بدوره في هذه الاعمال بجانب القيام بدور اعلامي اكبر يبرز اهمية المدينة التاريخية والتراثية.

فالسلط من أقدم المدن الأردنية وأنشئت فيها أول بلدية قبل قيام الدولة الأردنية، كما كانت مركز قائم مقامية الحامية العثمانية في الأردن وأُنشئت فيها أول غرفة تجارية وأول مدرسة ثانوية مما جعلها مدينة الأوائل.

وفي عام ١٩٢٠، توجه المندوب السامي البريطاني في فلسطين هربرت صموئيل إلى مدينة السلط ليلقي خطاباً يوضح فيه السياسات البريطانية في شرق الأردن بعد شهر من سقوط المملكة العربية السورية وتقسيم بلاد الشام بين فرنسا وبريطانيا.

حضر مؤتمر السلط قرابة٦٠٠ شخص من وجهاء السلط وبعض المدن الشرق أردنية المحيطة، حيث أعلن صموئيل عن إبقاء منطقة شرق الأردن منفصلة عن الإنتداب البريطاني في فلسطين؛ وإيفاد ضباط بريطانيين من أجل المساعدة في تأسيس حكومات محلية؛ وقيام بريطانيا بتأمين شرق الأردن بما تحتاجه من بضائع؛ والسماح بالتجارة الحرة بين شرق الأردن وفلسطين.

كما ان السلط تتميز بأن اماكنها التاريخية مازالت مأهولة و مسكونة ومستخدمة اغلبها غير مهجور فتتوالى عليها الازمنة وهي مأهولة.

اذكر انني استضفت لعمل ندوة ثقافية بالتعاون مع اصدقاء بلدية السلط في مقهى الاسكندراني في شارع الحمام الذي يعتبر من اقدم المقاهي ولاحظت الاقبال الشديد من اهالي مدينة السلط لحضور الندوة مما يؤكد حرص ابناء السلط على الثقافة و الادب و الشعر و الفنون.

وقد قمنا في زيارة اخرى مع جماعة عمان لحوارات المستقبل للتعرف اكثر على مدينة السلط بآثارها و جمالها و موقعها المطل على فلسطين واطلالة شارع الستين الرائعة حيث تقع المدينة على الطريق الرئيسي القديم الذي يصل عمان بالقدس.

ولاشك ان جهودا بذلتها الجهات المتصلة للحفاظ وتطوير مدينة السلط ومنها الجهود التي قام بها رئيس بلدية السلط المهندس خالد الخشمان، حيث قضى على مديونية البلدية التي كانت قبله ١٠ ملايين دينار وعمل مواقف مجانية وباصات شتل وأنشأ مواقع سياحية و فنادق في بيوت قديمه لها طابع ريفي شبه فنادق قرى ايطاليا.

فهذا الرجل يعرف كل شي عّن المدينة، وهو الذي سعى بادراج المدينة بمجهود شخصي.

والأردن له حاليا خمسة أماكن مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي بينها مدينة البتراء، ومنطقة وادي رم وقصر عمرة أو قصير عمرة وهو قصر صحراوي أموي يقع في شمال الصحراء الأردنية في منطقة الأزرق في محافظة الزرقاء، ونأمل ان تكلل جهود المسؤولين لانضمام السلط لقائمة التراث العالمي اسوة بباقي المواقع الأردنية.

الجمعة، 9 أكتوبر 2020

ضرب الأزواج سلوك ام انتقام ..

 "القوارير" بوصف المصطفى صلى الله عليه وسلم ، كلهن رقة وانوثة وعذوبه خلقهن المولى عز وجل بفطرة الحنان والتحنان والحب الذي يملك القلوب ويهدهدها .


هكذا كانت المرأة بالفطرة قادرة على ان تضرب الرجل في مقتل ولكن بلحظ العين الذي يخترق بسهام كيوبيد الافئدة ويطويها تحت جناحاته.

واليوم فان الكثير من النساء تخلين عن فطرتهن وصرن اكثر عنفا وصولا الى ضرب الزوج . ففي الماضي كان الرجل يضرب زوجته وهي تردد "ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب " اما حواء اليوم لم تعد تحتمل اهانة زوجها وفاض بها الكيل الى مبارزة الزوج وضربه واهانته، بل ان بعضهن صرن يذبحن القطة للزوج حتى يخشى زوجته ولا يفكر في السيطرة عليها. !

والغريب ان الكثيرات من نساء القرن الحادي والعشرين في مشارق الارض ومغاربها ومن كل الطبقات الاجتماعية يمارسن العنف ضد ازواجهن بما في ذلك الضرب حتى صارت ظاهرة محيرة تستدعي بذل المزيد من الدرسات النفسية والاجتماعية لعلاجها .

علامات استفهام عديدة تطل برأسي حول تحول المرأة من الرقة الى العنف والخشونة، فهل فيما تتناوله المرأة العصرية من طعام يؤثر في ادائها السلوكي؟ وهل تغيرت جينات المرأة في الالفية الثالثة عن نظيراتها في القرون الماضية؟ أم ان المرأة العصرية تواجه ضغوطا ومسئوليات فوق طاقتها على التحمل فنتفجر بالغضب والضرب متخلية ـ بذلك ـ عن فطرتها الهادئة والحنونة؟

دراسات علمية

الغريب أنه لا يخلو مجتمع شرقي او غربي وأيا كانت عقائده وايدلوجياته الفكرية من ظاهرة ضرب الزوجة لزوجها، غير ان المرأة المصرية لها نصيب الاسد في نسب ضرب الزوج على المستوى العالمي وفقا للدراسات الاجتماعية ومنها دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية المصرية كشفت عن أن نسبة النساء اللواتي يقمن بضرب أزواجهن بلغت 28%من مجموع النساء المصريات مقارنة بالأمريكيات اللاتي جئن في المركز الثاني بنسبة 23%، والبريطانيات بنسبة 17% ثم الهند بنسبة 11%.

وفي دراسة للدكتور السيد عوض أستاذ علم الاجتماع بآداب جامعة قنا، أن اوضحت ان أكثر من نصف الرجال المتزوجين في مصر معرضون للضرب من زوجاتهم، ووصلت نسبة عنف الزوجات ضد أزواجهن إلى 50.6 % من إجمالي عدد المتزوجين في مصر.

بينما يرجع د. محمد المهدي رئيس قسم الطب النفسي جامعة الأزهر ضرب الزوجة لزوجها إلى حالة الانتقال من مرحلة تحريرالمرأة إلى مرحلة تمكينها مما أدى إلى استيقاظ عقدة التفوق الذكوري لدى الرجل فراح يمارس عدوانا سلبيا ضدها فهبت هي لتؤدبه مستخدمة العنف.

وفي الكويت أكدت دراسة علمية حديثة أجريت على شريحة من النساء كشفت عن أن 35 % من نساء الكويت شعرن بالمتعة بعد ضربهن وتعذيبهن لأزواجهن.

لقطات حية

تتعد مظاهر ضرب الزوجة لزوجها كما تتعدد الاسباب التي دفعت المرأة لهذا السلوك العدواني . ففي مصر تقول رشا م .. س" محامية ضربت زوجي بعد ان استفزت طاقتي على تحمل بخله وأنانيته فهو لا شعر الا بنفسه ولايفي باحتياجات الاسرة المادية ولا باحتياجاتي الانسانية فهو يعيش لنفسه مع شلة الاصدقاء والخليلات، اما البيت فهو " لوكاندة " يأتيها فقط ليستريح وينام دون اي مسئولية .

اما " أسماء ش م " مهندسة ، فتروي ان زوجها يبدو ظاهريا طيبا لكنه شديد العند والسيطرة وعصبي المزاج سرعان ما يثور لأتفه الأسباب الى حد انه حول حياتي وحياة اولادي الى جحيم لا يطاق حيث في أيام الأعياد والمصيف، وانا بطبعي هادئة وساكنة لكنه انطلق لساني بعصبيته وعناده كما اطلق يدي لتلقي على وجهه طبق المكرونة ساخنا .

بينما " شكرية ث. م " ربة منزل انها مدت يدها على زوجها وضربته بالمقشة بعد سنين طويلة من العذاب والضرب والاهانة والتخلي عن المسئولية وفي النهاية ترك عمله وطلب منى العمل للانفاق على الاسرة فاضطرت للعمل في البيوت لأكمل تعليم أبنائي .

ووصل عنف الزوجات للسعودية ، فتقول " سكينة . ب ك " كنت في بيت اهلي هادئة ورقيقة ومطيعة لكن عنف زوجي واهانته وضربه لي، بل ومحاولات كثيرة لطردي من المنزل جرأني عليه واستفز كرامتي الانسانية فاندفعت للدفاع عن نفسي ورد الاهانة اليه بالضرب والسب.

وفي الكويت نشرت جريدة "القبس" أن زوجاً لم يصمد أمام ضرب زوجته المبرح ونقل للمستشفى بعد أن كسرت إحدى يديه وأصيب برضوض في أنحاء متفرقة من جسده نتيحجة ضربه بعصا غليظة . اما الزوجة فقد بررت قيامها بضرب الزوج انه لم يعدل بينها وبين زوجته جديدة تزوجها حديثاً، حيث كان يقضي عندها ثلاثة أيام متواصلة، فيما خصص يوماً واحداً للزوجة القديمة ما أثار غضبها وأدى إلى قيامها بالاعتداء عليه.

المرأة والساطور

يعد العنف بالضرب من جانب المرأة ضد زوجها من السلوك الانساني الشاذ الذي تأباه الفطرة الانسانية، خاصة وانه قد يتطور الى القتل كما شاهدنا في فيلم " المرأة والساطور" الذي تحول سخط المرأة على الزوج الى ضربه وقتله بدافع الانتقام.

ويرجع علماء النفس والاجتماع ضرب النساء لازواجهن لعوامل عديدة منها، ان الضرب يكون كرد فعل ضد عنف الرجل، او نوع من التنفيس النفسي للمرأة لما عانته في طقولتها ونشأتها في بيئة عنيفة . كما يرى العلماء ان ضعف شخصية الزوج وعدم قدرته على تحمل المسئولية الاسرية في تربية الابناء وتصريف شئون المنزل والقاء هذه المسئوليات على عاتق المرأة دافعا لها للانفعال وعدم القدرة على ضبط السلوك فتتجه لضرب الزوج تنفيسا عن الضغوط الشديدة التي تعيشها.

ويضيف العلماء بعدا آخر لعنف المرأة وهو صدمتها في حياتها الزوجية وعدم قدرة زوجها على احتواء أحتياجاتها الانسانية فتتحول للعنف دون ان تدري لماذا تولد بداخلها هذا الاتجاه وتطوره فيما بعد الى الضرب .

كما رصد العلماء احوال اللواتي يتعاطين المخدرات والمسكرات وكيف ان هذا التعاطي يبدل طبيعتهن الانثوية الى طبيعة عنيفة قد تتطور الى الضرب المبرح للزوج .

أسباب ونتائج

ولخصت المراكز البحثية المتخصصة في مجال المرأة والطفولة الأهداف التي تتحقق للمرأة عندما تماس العنف ضد زوجها وضربه في العديد من الدوافع النفسية ومنها : التنفيس عن الكبت الزائد في داخلها مما يريحها انفعاليا، الانتقام من الرجل عندما يؤذيها بشكل لا تتحمله، وكذا الانتقام لكرامتها عندما تشعر بخيانة الرجل لها. كما تسعي المرأة الى اشعار الرجل بأنها مساوية له حتى لا يتجرأ عليها مستقبلا، اشباع نزعة العدوان لديها لأسباب نفسية مرضية.

فالمرأة التي تمارس ضرب زوجها تشعر بالراحة نتيجة الثأر من الرجل.. وهدوء اعصابها بعد الغليان بسبب ايذاء الرجل لها.. اضافة الى اشباع الحالة المرضية في داخلها اذا كانت عصبية أي تعاني من مرض نفسي.

حكمة الفاروق

هذا العنف والضرب المفضي الي تكسير العظام و ربما الى القتل الخطأ وغير الخطأ هو محصلة نهائية لتغير فطرة المرأة ونتاج لظلم ما قد وقع عليها استمر لسنوات وتجدد في أشكال مختلفة دون أن يجد من يوقف ألسنة نيرانه أو يهب لتقديم لحظة سعادة وحنان لنفس أعياها القهر حتى مرضت نفسيا .

لعلنا نرى الرحمة في قلوب من اتصفوا بالرحمة والتجاوز وعاشوا حياتهم بمنهج العدل وعلى رأسهم بعد رسول الله " صلى الله عليه و سلم " الفاروق عمر بن الخطاب، باب مدينة عدل رسول الله، وكيف أوصله العدل الي الحكمة التي هي ضالة المؤمن ومفتاح السعادة .
فيروي في كتاب النسائي باب عشرة النساء، ان رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو له خلق زوجته فوقف على باب عمر ينتظر خروجه فسمع امرأة عمر تستطيل عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت لا يرد عليها فانصرف الرجل راجعاً؟ فخرج عمر فرآه مولياً عن بابه فناداه وقال ما حاجتك يا رجل فقال: يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك سوء خلق امرأتي واستطالتها على فسمعت زوجتك كذلك فرجعت وقلت: إذا كان حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي فقال: عمر يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي إنها طبَّاخة لطعامي خبَّازة لخبزي غسَّالة لثيابي مُرْضِعة لولدي وليس ذلك كله بواجب عليها ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك . فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي قال عمر: فاحتملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة ..

طريق الحب

بقدر ان غضب المرأة وعنفها وتطاولها على زوجها بالضرب لا يقبله انسان سوي، لكنه في النهاية سلوك انساني معوج لا يصلحه الا المنهج الالهي الذي جعل في الزواج مودة ورحمة، فمتى وفر الزوج لزوجته مشاعرالمودة والرحمة فان القلوب العنيدة تهتدئ وتشع باللين، فيأيها الزوج الغاضب قم بدورك وشن حملة لاصلاح قلب زوجتك واقتحم مكامن سريرتها بالحب والرحمة لتنطفئ نيران الغضب بينكما ويعود الوئام والسلام.