السبت، 23 ديسمبر 2017

تفكيك الجيوش العربية لصالح من؟


لا شك ان جيوشنا العربية هي حصن الأمان لحدودنا وأرضنا وشعوبنا وسلامتها من جراء أي اعتداء خارجي، وهي جيوش وطنية في تشكيلها لأنها تعتمد على نظام الخدمة الإلزامية، ومن ثم فقد ترعرعت عقيدتها القتالية على حماية الأوطان من الاعتداءات الخارجية وعلى الولاء الوطني.
ولكن ما ان اندلعت ثورات الربيع العربي، حتى تفككت أربعة جيوش عربية وهي العراق فبل ان يستعيد الجيش العراقي قوته وليبيا واليمن وسوريا. ومن الملفت للنظر ان هذا التفكيك للجيوش العربية جاء عقب انتشار الفوضى الخلاقة التي دعت اليها كونداليزا رايس وزيرة الخارجية، ومستشارة الامن القومي الأمريكي.
صاحبة دعوى الفوضى الخلاقة اعترفت في إحدى محاضراتها مؤخرا بمعهد بروكينغ الأمريكي، بان الولايات المتحدة لم تذهب الى غزو أفغانستان عام 2001، والعراق عام 2003 من اجل تحقيق الديمقراطية، بل للإطاحة بحركة طالبان التي وفرت ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة، وللاطاحة بحكم الرئيس العراقي صدام حسين، الذي كنا نظن انه كان يعيد بناء ترسانة من أسلحة الدمار الشامل. و لكن هل كانت الإطاحة بنظام الديكتاتور صدام حسين تبتغي تدمير البلد بكامل اجهزته ذاك الوقت ام كان بالإمكان تغيير النظام دن هذا الدمار و التمزق الذي مر به العراق طوال السنوات الماضية رغم محاولات بعض الوطنيين من المواطنين و الساسة و المفكرين الحفاظ على الوطن من سموم الطائفية التي زرعها الأعداء للسيطرة على العراق و ثرواته و تاريخه و قوته 
ولكن لم ينتبه قادة العالم العربي بعد احتلال بغداد للكوارث اللاحقة بباقي الدول العربية وأنظمتها العسكرية، وان عمليات التدمير قادمة لا محالة فكل عرق و كل طائفة ذاقت ما ذاقته من عمليات التطهير العرقي و الديني و التهجير و القتل و الترويع لاحقا على أيدي داعش و قبلها ايام الحروب الطائفية في ظل اصرار الدول العربية على امتلاك القوة العسكرية في مواجهة تحركات اسرائيل وأطماعها في اقامة دولة من النيل الى الفرات.
فقد عمدت القوى الكبرى على استخدام شماعة حقوق الانسان والديمقراطية للضغط على الحكومات العربية لإضعافها، وهو حق يراد به باطل، في الوقت الذي تحت هذه الشماعة جانبا لبعض الوقت، وعمدت الى استغلال ضعف ووهن الدول العربية في ازكاء النعرات الطائفية والمذهبية ومشكلات الحدود بين الدول العربية لإنهاك الجيوش العربية من ناحية، ولإبراز ضعفها أمام قوى المنظمات الارهابية وقدرتها على خوض حروب الشوارع والعصابات، بينما الجيوش العربية معدة ومجهزة بالأساس لخوض الحروب النظامية.
ولا شك ان القرار' القاتل ' للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة عاصمة بلاده إلى القدس، يمثل أعلى درجات الاستثمار لفرصة ضعف العرب وانقسامهم، ويعد تتويجا لجهود تفكيك الجيوش العربية وتقسيم شعوبها وأراضيها، وتفويت أية فرصة لإعادة اللحمة العربية مجددا.
رغم ان المشكلة الفلسطينية ليست مشكلة حدود بقدر انها مشكلة وجود فالتطاحن الداخلي بين فصائل والمكونات السياسية والدينية داخل الدول القطرية العربية قد زكتها بالأساس الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها لتحقيق فوائد جمة منها ترويج بضائعها الراكدة من السلاح وتغطيتها أزمتها الاقتصادية، والأهم أيضا هو بيع السلاح للعرب كي يقتل أخيه العربي داخل القطر العربي الواحد مثلما حدث في سوريا واليمن وليبيا والعراق في حروب داخلية لا يعلم مداها الا الله تعالى،

أزمة مصالح
وبحسب محللين عسكرين وخبراء في الشئون الاستراتيجية، فان الجيوش النظامية لهذه الدول الاربعة التي تفتت كانت تحمل في طياتها مقومات انهيارها، لان حكام هذه الدول وظفوا هذه الجيوش لحماية أمنهم الخاص ومصالحهم الشخصية وليس لحماية وأمن وسلامة شعوبهم فالرئيس الراحل معمر القذافي أهمل مؤسسة الجيش لصالح كتائب في الجيش الليبي يشرف عليها أبناء القذافي، و بعد ثورة الربيع العربي انقسمت القوات النظامية في ليبيا لأقسام مفتتة لا أحد يدري الى أين ستصل في نهاية المطاف.
أما الجيش اليمني بحسب ساسة نشطاء يمنيون، فقد وصف بأنه جيش عائلي وطائفي عمال خدمة يخدم مصالح الرئيس الراحل على عبدالله صالح وأسرته على مدار 3 عقود، بينما تشهد الساحة اليمنية عدة تشكيلات عسكرية، أولها الحرس الجمهوري ويقوده الآن نجله أحمد على عبدالله صالح، ويضم 24 لواءً، والفرقة الأولى ، وثالثاً الأمن المركزي وعدة تشكيلات أخرى، بجانب جبهة الحوثيين المسلحة.
كذلك الوضع بالنسبة للجيش السوري، و العراقي

تجليات الصورة
وامام هذه القراءة لواقع الجيوش العربية التي تفتت، والخنجر المسموم الذي ضرب الرئيس الامريكي دونالد ترامب به ظهر وقلب العالم العربي باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، فان الحقيقة بانت واضحة للعيان وهي من المستفيد الاول والأخير من قتل الجيوش العربية ؟، وأن نشر الطائفية والمذهبية كانت ورائه جهود مخابرات عالمية خبيثة زرعت داعش وغيرها في بلادنا لتحقيق اهدافها المسمومة لتغيير خارطة الشرق الاوسط وتقسيم دولنا العربية الي دويلات لتظل اسرائيل هي القوة الوحيدة المتماسكة في هذا المحيط العربي الشاسع.
وعلينا ان نقر بحقيقة شديدة المرارة وهي أن القضاء على محور الشر الذى أعلن عنه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في عام 2001 بعد احداث 11 سبتمبر، وكان يقصد وقتها العراق وايران وسوريا قد نجح للأسف في تحقيق اهدافه الشيطانية.
‎حيث استطاع البنتاجون الأمريكي ان يضع خططه من اجل الوصول لذلك الهدف من خلال تدمير الجيوش العربية بدءا بتدمير قوة الجيش العراقي بسلاح الفتنة الطائفية والمذهبية ودخول العراق في أتون الصراع مع التنظيمات الارهابية كالقاعدة وداعش.
وسنحت الفرصة مجددا للولايات المتحدة لاستكمال مخططها الخبيث لتدمير الجيش السوري من خلال تسليح المعارضة وادخال البلاد في حرب اهلية وثورة دموية يقتتل فيه الجانبان، وتتدمر سوريا وجيشها واقتصادها ومستقبلها.
‎كذلك فعل حلف الناتو مع ليبيا حين قام بتسليح المعارضة، لتظهر الصراعات القبلية ، وفي النهاية قد يلجأ الليبيون الي الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب ليتم تقسيمها الى دويلات صغيرة 
.الا ان العراق استعاد مؤخرا قوة جيشه الذي اتحد للقضاء على الاٍرهاب و انتصر على داعش و أعاد للعراق هيبته الدولية و لا ننسى ايضا دور البيشمركة المشرف في مكافحة الاٍرهاب و النصر على داعش

كلمة أخيرة
فان اسرائيل ومن يقف ورائها من قوى استعمارية كبري لم تكن تسطيع تحقيق احلامها ومخططاتها في تدمير اوطاننا وتفتت بمعزل ضعفنا الداخلي واطماعنا الشخصية وتخاذلنا عن تحقيق حلم الوحدة والتعاون فيما بيننا على حماية أمننا الوطني والقومي معا.
فمنذ ان تخلينا عن مفهومنا للوحدة و المحبة و التعاون، واهتمت كل دول عربية بمشاغلها القطرية الداخلية، حتى أصابنا الوهن ونخر سوس الطائفية في أوطننا فأنهكها وقضى على الكثير من عناصر قوتها. واليوم فان الاتحاد قوة كما تعملنا منذ الصغر، ولا سبيل امام الوطن العربي للخروج من مخطط التقسيم سوى بالتخلي عن المصالح القطرية الضيقة ونبذ الخلافات السياسية جانبا، واستعادة بناء الجيوش الوطنية مجددا.
و لم أكن يوما من محبي القتال و مؤيدي النزاع بل لطالما كنت من مناصري السلام و المحبة و لكن لا احد يبقى مكتوف الايدي اذا اعتدي عليه فما بالك بمسؤولية أمن وطن و الحفاظ على كيان الدولة
و برقبتك حماية الارض و الشعب و العرض كجيش دفاع و ليس اعتداء او هجوم
و يجب ان لا ننسى ان الاتحاد ليس فقط بتجييش الجيوش بمعارك لا نهاية لها..استخدم نفس سلاح عدوك الفكر والاقتصاد و النهضة والاتحاد لنكون سلطه نقضي بها على أي مخططات ومطامع تضر بأمتنا
فليس كل الحروب تحتاج الى سلاح من النار فهناك حروب تحتاج سلاح المحبة و الفكر و العقل و التخطيط

وامام تسارع الخطى الخبيثة لتدمير الوطن العربي، وان العدو يتربص بنا في كل لحظة لينقض علينا بشراسة، فان هذا التحدي يفرض سرعة تسوية الصراعات الداخلية القطرية والعربية معا واعلان الوحدة القطرية والقومية مجددا عملا بقول الله تعالي: ' وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ' .

الاثنين، 4 ديسمبر 2017

زواج الأطفال في بلاد حضارات الآلاف السبع عار وسبع آلاف عار

و رحم الله المرأة العراقية في التاريخ الحديث ليس حديث جدا ولكن
بعد تشكيل الدولة العراقية حيث بدأت المرأة تشارك في الحياة السياسية في مطلع الأربعينات من خلال اللجنة النسائية لمكافحة الفاشية ثم تخرجت نخبة من النساء من كلية القانون وعملن في سلك المحاماة، كما كان لها الدور البارز في وثبة يناير عام 1948 ميلادية لإسقاط معاهدة بورتسموث، وشاركت في انتفاضة أكتوبر عام 1952 حيث تعرضت 150 امرأة للاعتقال. 
و مر على تاريخ العراق سفيرات ووزيرات و كاتبات و مهندسات و ناهضات نسوية و شاعرات و رائدات في كافة المجالات أمثال نازك الملائكة و نزيهه الدليمي و امينة بغداد سعاد العمري و اسيا توفيق وهبي و حفصه خان النقيب و مارجريت بشير سرسم و ماهرة النقشبندي و وداد الاورفلي و اديبه طه الشبلي و بولينا حسون و غيرهن كثيرات لا يسعني ان اذكرهن جميعا
و بعد هذه المقدمة الطويلة للتمهيد لموضوع معاصر رأيت أن مقارنته بنصور سابقه سيرثنا الخجل و الشعور بالغثيان من تردي حالنا من أبناء حضارات عظيمه كانت قدوة و منارة بل ام الحضارات التي تبعتها و لحقتها الى عصرنا الحالي الجاهلي و لا اقصد فقط موضوع المقال لزواج القاصرات و الأطفال و إنما لمواضيع كثيرة أخرى
و بالعودة لموضوعنا 
بالرغم مما حققه وطني العراقي الغالي من انتصار عسكري مشهود له اقليميا وعالميا على داعش وما يعنيه ذلك من استعادة العراق لاستقراره الأمني والسياسي، غير انه لم يحقق حتى الآن سلاما اجتماعيا يحفظ للكائنات الضعيفة والمهمشة حقها الانساني في الاختيار والكرامة وعلى رأسها المرأة والطفل.
وللأسف، فانه حتى الآن، لم ينجح العراق بعد في معركة الانتصار لحقوق الطفولة والمرأة ولم يقض الرواسب العطنة لفكر داعش خاصة فيما يتصل بالمرأة ونظرته الدونية كسبية او جارية تباع في أسواق النخاسة، ولعله من أكبر البراهين على ذلك محاولات تمرير قانون زواج القاصرات بمجلس النواب والموافقة المبدئية عليه وسط غضب جم من الشارع العراقي اليقظ لمخاطر هذه الجريمة التي تعيد المرأة لعصر الاسترقاق والعبودية مجددا بعد ان تحررت منه.
فلا يتصور أي عقل ان يوافق مجلس النواب على قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي يتيح الفرصة لتزويج الطفلة الأنثى عند عمر لا يتجاوز التسع سنوات مبرئا ذمته امام الله ـ بالزعم بموافقة ولي الأمر، في انتهاك صارخ لحقوق الطفولة، وكأن من وضع مثل هذا التشريع يتفق اتفاقا فكريا وفقهيا مع فكر الدواعش الذي ينال من حقوق الطفولة البريئة والمرأة في الذود عن حقها الاساسي الذي كفتله الشريعة الاسلامية باختيار الزوج.
فمشروع هذا القانون في اجازته تزويج الطفلة بعمر 9 سنوات يمثل انتهاك صارخ للدستور العراقي نفسه، الذي يحفظ كرامة المرأة وحقوقها الانسانية وهويتها، كما أنه يتناقض مع قرارات الأمم المتحدة التي تحث على حقوق المرأة وكرامتها، وهو بالنهاية في تقديري الشخصي نوع من الاتجار بالبشر تحت غطاء قانوني. 
فكيف يمكن للمجتمع العراقي ان يعيد بناء طاقته الروحية والحضارية وهو ينتهك بالقانون روح الطفولة البريئة؟ ! فمثل هذا القانون اللاإنساني يعيدنا الى أزمان الجاهلية حيث وأد البنات، ولكنه وأد هذه المرة مشرع قانونيا، وكأن العراق بمثل هذا المشروع المشئوم يعود للخلف حيث التخلف والرجعية وانعدام الاخلاق والرحمة الانسانية بدلا من أن يخطو خطوات للأمام في سياق النهوض بأفراده صغار وكبارا نحو مزيد من التطور الحضاري الذي صنعته الأجيال السابقة.

تاريخ .. وأزمة حاضر
فقد صدر أول قانون للأحوال الشخصية المدني في العراق العام 1959 مستندا الى أحكام مأخوذة من تشريعات دينية وقوانين مدنية، ومازجا بين المذاهب والأديان دون تحيز. فالقانون الساري المفعول منذ زمن الرئيس عبد الكريم قاسم، يمنع تعدد الزوجات وزواج القاصرات إلا بشروط معينة، ويمنح الأم الحق في حضانة صغارها، ويعطي الحق للزوجة بأخذ إرث زوجها في حال الوفاة على خلاف بعض الآراء الفقهية الدينية اليوم التي لا تورث الزوجة في العقارات والأراضي وتميل إلى منح الحضانة للأب.
وبعد سقوط الرئيس صدام حسين و دخول القوات الأميركية البلاد، ألغى الحاكم هذا القانون وأصدر القرار رقم (137) ليعيد العمل بالقضاء المذهبي، إلا أن القرار ألغي بعد صدوره بفترة وجيزة في عام 2004 بعد تظاهرات حاشدة شعبية وضغوط مدنية طالبت بإلغائه.
ولكن كما يبدو أن الاحزاب الاسلامية الشيعية والسنية قد نجحت هذه المرة في اعادة العمل بالقضاء المذهبي عبر تمريره بموافقة مبدئية داخل أروقة مجلس النواب، ولكن في المقابل،
وكما ـ يقول القانونيون ـ فان تعديل القانون حسب رغبة الاحزاب الاسلامية يتضمن مخالفات دستورية وقانونية خطيرة، اذ ان تعديل قانون الأحوال الشخصية الوارد في الدستور هو ضمن البنود التي اتفقت الكتل السياسية عليها منذ سنوات، وينبغي حسم التعديلات قبل تشريع القانون الجديد.
حيث تنص المادة (41) من الدستور على ان “العراقيين احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون.
ويوضح القانونيون مأزقا أخر في مشروع التعديلات الأخيرة ، وهو ان القانون المقترح يحيل قضايا الزواج والطلاق والحضانة والميراث الى هيئة الاوقاف الدينية التابعة الى الحكومة وليس الى المحاكم المدنية التابعة الى القضاء، وذلك يعني حقيقة تعارضه مع مبدأ الفصل بين السلطات، بجانب اشكالية مبادئ حقوق الانسان والقوانين الدولية المعنية بحماية حقوق المرأة، حيث أن تنظيم مثل هذه القضايا يجب ان يكون من صلاحية المحاكم وليس السلطة التنفيذية عبر دوائر الاوقاف الدينية السنية والشيعية وباقي الأديان.

أسباب ولكن ...
لاشك ان الحروب الطاحنة التي شهدها العراق وفقدان الكثير من الأسر لعائلها وانتشار الفقر في أوساط العراقيين، وعدم توافر فرص العمل للمرأة التي فقدت عائلها قد دفع بعض الأمهات الى تزويج أطفالهن للتخلص من أعبائهن الاقتصادية، بينما وقف المجتمع العراقي ـ وهو مسئول كل المسئولية عن هذه الجريمة النكراء ـ دون ان يحرك ساكنا او يبحث عن فرص عمل لهؤلاء النسوة اللواتي فقدن مصدر للرزق وعجزن عن توفير المأكل والملبس لصغارهن، ولم يجدن أية رعاية اجتماعية من الحكومة او حتى بعض المؤسسات المدنية والدينية.
والنتيجة المؤسفة أن تزويج الصغيرات قبل سن ال 18 عاما قد أخذت في النمو والتزايد المضر يوما بعد يوما، وبدلا من أن تسهم الحكومة في ايجاد حل يقتلع ظاهرة تزويج القاصرات، ريحت دماغها وسارعت الي تقنينه بتشريع قانوني يمثل كابوسا لأوضاع الطفلة والمرأة اليوم وغدا.
فقد انتشرت عقود زواج القاصرات بمكتب السيد، وقضاياها تحتل ساحات محاكم القضاء العراقي، وسط صمت الجهات المسئولة وعجز الحكومة والبرلمان والمؤسسات القانونية والقضائية عن تعديل قانون الأحوال الشخصية بما يمنع من زواج القاصرات.
وتبدو ظاهرة تزويج القاصرات في كوردستان ايضا تحت مزاعم موافقة ولي الأمر يشكل كارثة انسانية بكل المقاييس، خاصة وانه لم تفلح جهود النشطاء والحقوقيين في مكافحتها وتعريتها والضغط على الحكومة لمنعها بوصفها جريمة اتجار بالبشر.
وللأسف الشديد، فان الكتاب والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني لم يدشنوا حملات التوعية والتثقيف والتجمعات والتظاهرات لوقف هذه المهزلة الانسانية بحق الطفولة البريئة، بينما المؤسسات الدينية لم تمانعها بل اطلقت بها مشروع هذا القانون الكارثي لتزويج القاصرات دون النظر الي حقوقهن الانسانية.

جريمة اغتصاب
كما هو واضح للعيان، فان تزويج القاصرات في سن التاسعة يمثل جريمة اغتصاب مكتملة الاركان، وهذا القانون يخالف اتفاقية سيداو الخاصة بحقوق المرأة، عندما اجاز القانون زواج القاصرات في سن التاسعة هو بذلك مخالف للمادة 14 من الدستور العراقي التي ساوت بين العراقيين من حيث الدين والمعتقد والمذهب، كما أن القانون منع خروج المرأة الا مع محرم وهو يخالف حقوق الحرية الفردية.
وفي تقديري، ايضا ان هذا القانون ' العار' سيشجع اكثر الاسر الفقيرة من المذاهب الاسلامية الأخرى على تزويج اطفالهن الصغار بما يؤدي الى انتشار الطلاق و الموت و الأمراض لهذه الأطفال مما يشل حركة المجتمع في الانضباط أو تحقيق أي سلام اجتماعي.

خط أحمر
ومما يثير الدهشة، الاستعجال بتمرير مثل القانون بالنواب دون محاولة عمل رأي المجتمع المدني بشأنه، ولكن رفض أصحاب الضمائر الحية في بلادنا لمشروع هذا القانون قد أزاح بعض الهم من قلبي، اذ انه قد يفتح الباب امام جهود الغاء هذا القانون الداعشي من وجهة نظري، بل انني أشد على أيدي الناشطين في مجال حقوق الانسان والمدافعين عن المرأة والطفل في بلادنا لمواصلة الجهود من أجل عدم تمريره بمجلس النواب.
ولعل النجاح السابق الذي حققته جهود المجتمع المدني في مواجهة القضاء المذهبي والغائه عام 2004 ، يحفزنا نحن كل العراقيين لإعادة هذه التجربة الناجحة بشن حملات توعية في الاعلام والمراكز الرياضية ضد مشروع تزويج القاصرات، وعلى كل كاتب ومبدع عراقي ان يسهم بما يستطيع لانجاح هذه الحملة.
أما مؤسسات المجتمع المدني بكل اطيافها وشبكاتها الحقوقية مطالبة بالضغط علي الحكومة والبرلمان بكل السبل لإلغاء التصويت على هذا القانون العار علي جبين العراق الحضارة والانسانية، وابراز الحقيقة المؤلمة والمفزعة بإن مشروع قانون تعديل الاحوال الشخصية يعد احد اساليب العنف والتمييز ضد المرأة .
ولابد ان تحتشد كل جهود المجتمع المدني واصحاب الضمائر الحية في بلادنا لإعلان حملة 'القاصرات خط أحمر' نوضج فيها بكل السبل الجريمة التي ترتكب بحق هذه الطفلة البريئة التي تسحق براءاتها عند تزويجها بكهل من اجل المال في جريمة استغلال جسدي تخالف المواثيق الدولية، وابراز المخاطر الصحية التي تتعرض لها اذا ما تعرضت للحمل في السن الصغيرة واحتمال تعرضها للوفاة المبكرة.
والدعوة الجادة لوضع تشريعات قانونية تجرم اجراء الزواج بعيدا عن المحاكم الشرعية، والعمل على اغلاق المكاتب الشرعية التي تتخذ من هذا العمل تجارة رائجة.

وللأسف الشديد، فان الكتاب والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني لم يدشنوا حملات التوعية والتثقيف والتجمعات والتظاهرات لوقف هذه المهزلة الانسانية بحق الطفولة البريئة، بينما المؤسسات الدينية لم تمانعها بل اطلقت بها مشروع هذا القانون الكارثي لتزويج القاصرات دون النظر الي حقوقهن الانسانية.

جريمة اغتصاب
كما هو واضح للعيان، فان تزويج القاصرات في سن التاسعة يمثل جريمة اغتصاب مكتملة الاركان، وهذا القانون يخالف اتفاقية سيداو الخاصة بحقوق المرأة، عندما اجاز القانون زواج القاصرات في سن التاسعة هو بذلك مخالف للمادة 14 من الدستور العراقي التي ساوت بين العراقيين من حيث الدين والمعتقد والمذهب، كما أن القانون منع خروج المرأة الا مع محرم وهو يخالف حقوق الحرية الفردية.
وفي تقديري، ايضا ان هذا القانون ' العار' سيشجع اكثر الاسر الفقيرة من المذاهب الاسلامية الأخرى على تزويج اطفالهن الصغار بما يؤدي الى انتشار الطلاق و الموت و الأمراض لهذه الأطفال مما يشل حركة المجتمع في الانضباط أو تحقيق أي سلام اجتماعي.

خط أحمر
ومما يثير الدهشة، الاستعجال بتمرير مثل القانون بالنواب دون محاولة عمل رأي المجتمع المدني بشأنه، ولكن رفض أصحاب الضمائر الحية في بلادنا لمشروع هذا القانون قد أزاح بعض الهم من قلبي، اذ انه قد يفتح الباب امام جهود الغاء هذا القانون الداعشي من وجهة نظري، بل انني أشد على أيدي الناشطين في مجال حقوق الانسان والمدافعين عن المرأة والطفل في بلادنا لمواصلة الجهود من أجل عدم تمريره بمجلس النواب.
ولعل النجاح السابق الذي حققته جهود المجتمع المدني في مواجهة القضاء المذهبي والغائه عام 2004 ، يحفزنا نحن كل العراقيين لإعادة هذه التجربة الناجحة بشن حملات توعية في الاعلام والمراكز الرياضية ضد مشروع تزويج القاصرات، وعلى كل كاتب ومبدع عراقي ان يسهم بما يستطيع لانجاح هذه الحملة.
أما مؤسسات المجتمع المدني بكل اطيافها وشبكاتها الحقوقية مطالبة بالضغط علي الحكومة والبرلمان بكل السبل لإلغاء التصويت على هذا القانون العار علي جبين العراق الحضارة والانسانية، وابراز الحقيقة المؤلمة والمفزعة بإن مشروع قانون تعديل الاحوال الشخصية يعد احد اساليب العنف والتمييز ضد المرأة .
ولابد ان تحتشد كل جهود المجتمع المدني واصحاب الضمائر الحية في بلادنا لإعلان حملة 'القاصرات خط أحمر' نوضج فيها بكل السبل الجريمة التي ترتكب بحق هذه الطفلة البريئة التي تسحق براءاتها عند تزويجها بكهل من اجل المال في جريمة استغلال جسدي تخالف المواثيق الدولية، وابراز المخاطر الصحية التي تتعرض لها اذا ما تعرضت للحمل في السن الصغيرة واحتمال تعرضها للوفاة المبكرة.
والدعوة الجادة لوضع تشريعات قانونية تجرم اجراء الزواج بعيدا عن المحاكم الشرعية، والعمل على اغلاق المكاتب الشرعية التي تتخذ من هذا العمل تجارة رائجة

السبت، 25 نوفمبر 2017

العرب و الدفاع المستميت عن سايكس بيكو

العرب بدفاعهم المستميت عن سايكس بيكو فلا هم اتحدوا و اخترقوا هذه الاتفاقية التقسيمية التي جزأت الوطن العربي الى دويلات متصالحة بالعلن متنازعة بالخفاء حتى ذهب الحياء و اصبح العداء فخرا و الإخوة جفاء فتنازعوا و سالت الدماء و كأنها ماء ، و كما يردد الناس في الشارع العربي اتفق العرب على ان لا يتفقوا الا انهم فعليا اتفقوا في مرات قليلة منها تطبيقهم سايكس بيكو و المرة الثانية سكوتهم عن وعد بلفور اذا استثنينا عبارات شجب و ادان و امتعض و امتغص و اصابه الغثيان و كانه كفيف و صُم الاذان ، و بما اننا في هذه الأوقات تمر علينا ذكرى مرور مئة عام على وعد بلفور الذي من المؤكد ان كثير منا لا يعرف ما هو لان جزء من شعوبنا نائمه وجزء لا يقرا و جزء لا يهتم و جزء قابض الثمن و جزء منتفع مباشر و جزء منتفع غير مباشر و كأنها شهادة اسهم للأسف و جزء لا حول له و لا قوة و لهؤلاء جميعا اذكر وعد بلفور هو وعد بريطانيا تأسيس 'وطنا قوميا للشعب اليهودي' في فلسطين. 

وبينما يعتقد العديد من الاسرائيليين أن وعد بلفور يعتبر حجر الأساس لدولة اسرائيل والذي على ضوئه انتقل ١٠٠ الف يهودي بداية الامر الى فلسطين و استمروا بالتزايد حتى وصلوا الى ما وصلوا اليه بمساعدة الظلم الذي وقع على اليهود العرب في تلك الآونة التي أجبرتهم على الرحيل من بلادهم و ترك مصالحهم و بيوتهم و اموالهم بل ترك وطنهم و تاريخهم و اهلهم و جيرانهم و لا أنكر تعاطفي مع اليهود كديانة و ما تعرضوا له من ظلم و خاصة العرب منهم لأنني اؤمن بالمواطنة بعيدا عن الأديان و الطوائف و التساوي بالحقوق و الواجبات الا ان بعض الحكومات و بعض الشعوب ساهمت في ترحيل اليهود الذين هاجر أكثرهم الى اسرائيل و قله منهم الى اوروبا و أمريكا منا خدم بلفور كما فعل هتلر بقتله لليهود بمجازر مأساوية لا انسانيه رغم قساوتها و جبروتها كان لها الأثر في تعاطف الناس مع مظلومية اليهود ولو عدنا لعام ١٩١٦ قبل بلفور الى سايكس بيكو الاتفاقية الشهيرة التي على اثرها طهرت دول و اختفت اخرى كبرت دول و صغرت اخرى ما شاء الله مر عليها ١٠١ عام و نحن سمعا و طاعه لم يظهر عبقري بيننا مثل الانجليزي مارك سايكس و الفرنسي فرانسوا جورج بيكو ليكون لهم رأي اخر او حتى تعديل طفيف على ما أقرته علينا دول الانتداب البريطاني و الفرنسي بإشراف روسيا و تخاذل العثمانيين آنذاك و الاجمل من هذا كله ان عصبة الامم التي مازال العرب يتبجحون بها و يعتبرونها العم الأكبر هي نفسها مجلس عصبة الأمم التي اقرت وثائق الانتداب على المناطق المعنية في الاتفاقية في 24 حزيران 1922 و بما اننا نستعرض الخيبات فلا بد ان نذكر معاهدة لوزان التي تم بموجبها التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا إضافة إلى بعض المناطق التي كانت قد أعطيت لليونان في معاهدة لندن السابقة.
يعني احتلال و انتداب و توزيع خيرات و تقرير مصير و ترسيم حدود و توزيع اراضينا هدايا على اليهود تارة و الأتراك تارة اخرى و اليونان مرة و الي يحب يتفضل ما هو العربي مشهور بالكرم لكن للأسف هذه المرات العطاء ليس قراره بل رضوخه و موافقته و من ثم تعوده و قبوله و رضاه هذه هي تدرجات وضعنا الحالي و المراحل التي مر بها آباؤنا و اجدادنا يا سلام روعه والله
والنتيجة ان هذه الاتفاقية قسمت سوريا الكبرى أو المشرق العربي إلى دول وكيانات سياسية كرست الحدود المرسومة بموجب هذه الاتفاقية والاتفاقيات الناجمة عنها

وطبعا بعد انتهاء مدة الانتداب البريطاني على فلسطين أعلنت دولة اسرائيل يوم ١٤ أيار ١٩٤٨

طبعا صاعقة دولة اسرائيل أنست العرب مصائبهم في الحدود و الانتداب و نهب الثروات و عطايا عصبة الامم لتركيا و اليونان فكما يقول المثل لتنسى وجع راسك اخلع ضرسك و هذا ما حصل و بقي العرب في حروب و صراعات مع اسرائيل أنستهم ليس فقط الاتحاد و الإخوة و التعاون و المحبة بل أنستهم ايضا فتح جسور التعاون الاقتصادي و التنموي و السياسي بين الدول العربية على غرار الاتحاد الاوروبي و زجت بهم في ظلمات الخلافات و التقسيم الاجتماعي و الطائفي و الديني و النزاع السلطوي و القبلي و دوخيني يا ليمونه كما يقول المثل المصري
بصراحة شي بيرفع الرأس. 
و بالعودة لترسيم الحدود بالدول العربية طبعا ترسيم الحدود معناه الخط الذي يفصل بين دولة و اخرى كل دولة لها خصائص تجمعها من الارض الى اللغة و العملة و لأفكار و الثقافة و التاريخ 
هذا ما هو متعارف عليه بالأغلبية رغم انني اجد الكثير من التنوع و التباين في الدولة الواحدة من ناحية اللغة و الدين و الثقافة و التقاليد على سبيل المثال عرب تركمان شركس أمازيغ كورد ولغات مختلفة مثل شيشاني و ارمني و نوبي في مصر و اشوري في العراق و ديانات مثل الاسلام المسيحية اليهودية الصابئة و اليزيدية و الإبراهيمية و الأمثلة كثيره ولكن لا بد انهم وجدوا اشياء تجمعهم في وطن واحد مما نجد قبائل مختلفة و متنوعة تعيش في منطقه واحده و بالرغم من الجيرة نجد اختلاف في العادات و التقاليد الا ان المصالح المتبادلة جمعتهم حول الخلاء و الماء و التجارة و طرق التجارة و تبادل السلع و المصير المشترك فهل التنوع في كل دولة على حدى ليس كمثل التنوع من دولة الى اخرى حتى يستصعبون الوحدة و انا أتكلم عن الوحدة العربية الفدرالية مع الحفاظ على خصوصية و خصوصيات كل دولة على حدى و لندرس الوحدة يجب ان ندرس الحدود و تذكرت انني قرأت عن معايير تخطيط حدود الدولة
المعيار الطبيعي، الجغرافي حسب التضاريس.
المعيار القومي، وهو ما يتعلق بتأثير الحدود على الأمن القومي للبلاد.
المعيار التعاقدي.
المعيار الهندسي، أي شكل الحدود من الناحية الهندسية.
معيار القوة. وو الحدود انواع بحريه و برية و حضارية إثنوغرافية
و في هذه الحدود التي رسمها الغرب و الامم المتحدة نجد الكثير من الثغرات التي من الممكن إشعال فتيلها كفتنه تنتظر امر ممن دسها
وعلى سبيل المثال مشكلة العراق والكويت مثلاً عام 1990م الم تكن حدودية بأساسها كما حدود مصر والسودان، قطر والبحرين، السعودية واليمن ودول المغرب العربي فقد قالها و صدق (وينستون تشرشل) (إننا تركنا وراءنا آثاراً لا تزول بمائتي سنة)
وعام 1600م كان تعداد سكان العالم 400 مليون نسمة فقط، ثم كانت حرفة الإنسان تجبره على التنقل، مثل التبادل التجاري و الصيد البحري و الصيد البري و الرعي فكانت الحدود بلا عوائق حتى وضعت في القرن السابع عشر اول حدود عرفها التاريخ على يد (شارلمان) عندما وزع ملكه على أولاده



مع بداية ظهور الإسلام كان الوطن العربي مقسماً لثلاث مناطق، الأولى كانت تخضع للدولة البيزنطية وتضم الشام ومصر وشمال أفريقيا. الجزء الثاني كان تابعاً للدولة الفارسية ويضم العراق. الجزء الأخير كان شبه الجزيرة العربية والذي كان عبارة عن قبائل متناثرة تدور بينها الحروب وتتواصل من خلال التجارة حيث بدأ الإسلام يظهر في منطقة الحجاز ويتوسع تدريجيًا منذ عام ٦٣٣م.
عهد الخلفاء الراشدين، أي حوالي عام ٦٥٥م، انصهرت كل من الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر وليبيا في كيان واحد ودولة واحد لا يخفى على احد ان الاستعمار غَيّرٓ ملامح الحدود العربية لو اخذنا حقبة العثمانيين مثلا الدولة العثمانية حيث اقتطعت سيناء بالكامل من خريطة مصر، وضمتها للسيطرة التركية، عام 1892
اما بريطانيا فعملت على جعل الحدود بين مصر والسودان، غير محدده فاتحه للفتن
اما فرنسا فعملت على ألفتن بين الجزائر والمغرب، بالترسيم الغير دقيق للحدود. حيث أخذت فرنسا منطقتي 'الحاسي البيض' و'كولومب بشار' الغنيتين بالنفط والثروات الطبيعية لحدود الجزائر، فطالبت المغرب بعد استقلالها عام 1956، باستعادتهما، ولكن الجزائر رفضت. عام 1963 اندلعت حرب الرمال بين البلدين، وقطر والبحرين عام 1930 على جزر حوار التي تسيطر عليها البحرين، السعودية وقطر على منطقة خوفوس البرية الغنية بالنفط، وبين عمان والإمارات والسعودية حول قرى واحة البريمي. و في الإمارات طنب الصغرى و الكبرى و ابو موسى و هذا فيض من غيض ترك الاستعمار ثغرات في الحدود لاستخدامها لاحقا لزرع الفتن و المشاكل بين الإخوة في الدول العربية و بالعودة الى التغيرات التي طرأت على الحدود بين الدول العربية و الشرق الأوسط خلال ال ١٢٠ سنه الاخيرة كالتالي و اخيرا اتعجب كل العجب من اصرار العرب على الإبقاء على تلك الحدود التي رسمها الاستعمار و الحرص على عدم تغيير اي منها حتى لو كان بهدف الاتحاد او الانفصال او حتى وحدة الدول العربية كاملة لا يهم و إنما المهم سايكس و بيكو ان يكونوا بخير.
سارة السهيل

الأربعاء، 25 أكتوبر 2017

الطلقات النارية تحوّل افراحنا إلى مآتم

البحث عن السعادة وعن لحظة فرح يجتمع عليها الأهل والأحبة والاصدقاء، يمثل سعيا دائما للإنسان في كل مكان كي يجدد حيويته وطاقته الروحية في مواجهة تحديات الحياة اليومية، ولكن تعبيرنا عن هذا الفرح في عالمنا العربي بصفة خاصة يأخذ مظاهر ليست سلبية فحسب، بل خطيرة قد تودي بحياتنا وتقلب أفراحنا إلى مآتم وتحيل سعادتنا إلى حزن دفين.

ونحن نبحث عن السعادة ودفء الاسرة ولمة الاصدقاء تباغتنا الأقدار بدعوة لحضور دعوة لاحد الافراح، نسعد ونرتدي الملابس المبهجة منتشين بسماع الزغاريد، واغاني الاعراس ورقص الشابات والشباب علي ايقاعات مبهجة، وفجأة نسمع دوي طلقات الأعيرة النارية وهي تطلق في الهواء الطلق، فنشعر بإزعاج يفسد لحظة الانتشاء بالموسيقي، ويصاحبه شعور بالقبض والخوف من وقوع حادث ما، وفجأة نسمع صراخا اما بمصاب بالطلق ينازع الموت روحه، او مصابا ينزف ويحتاج إلى سرعة نقله للمستشفى لإغاثته وتطبيبه، فورا تتوقف الموسيقي وتهوي الزغاريد ويعلو صوت الصراخ والعويل، وبدلا من ان ننشر صور فرحنا بالصفحات الاجتماعية بالصحف والمجلات، يتم نشرها في صفحات الحوادث والجريمة!

فسلوكنا في العالم العربي عند التعبير عن الفرح ينحرف كثيرا عن العقل والتعقل الى الاندفاع والمبالغة والافراط الذي يتجاوز حدود العقل الى الجنون والنتيجة خسارة الارواح وذهاب الافراح وطغيان الاتراح، كما ان استخدام هذه الطلقات النارية يمثل عنفا واعتداء على حريات الآخرين وانتهاكا صارخا لأوقات راحتهم ويفتقر إلى أدنى درجات الشعور بأحاسيس الآخر واحترام خصوصيته.

وكم سجلت الصحف العربية العشرات من المآسي التي نتجت عن هذا الانحراف السلوكي عبر استخدام الأسلحة النارية وإطلاق أعيرتها في صفوف المدعوين لإظهار البهجة، دون اعمال العقل ولو لحظة على مخاطرها على حياة الانسان وروحه الغالية، وفي مناسبات اجتماعية عديدة منها ليلة الزفاف والصباحية وعند نجاح الولد في التوجيهي (الثانوية العامة) وربما عند عودة الحاج من الاراضي المقدسة، وقد تمتد الى حفلات أعياد الميلاد الشخصية، وكذلك في ليلة رأس السنة الميلادية.

مشكلة إطلاق العيارات النارية بالمناسبات الاجتماعية مشكلة ولها جذور اجتماعية وثقافية في مجتمعنا، ورغم التحذيرات التي تطلقها الحكومات وما تتخذه من اجراءات لردعها، الا ان ظاهرة إطلاق العيارات النارية بالمناسبات الاجتماعية تظل مشكلة مستمرة رغم التنويه بمخاطرها على عمر وصحة الانسان وأمنه وسلامته.

ولما كانت الأعيرة النارية من احدى أدوات الحرب، فكيف ننقل اجواء الحرب من ازعاج وضوضاء وقتل وخراب ودمار واهدار دماء بريئة الى الأفراح خاصة في الزواج؟!

وللأسف فان، ظاهرة إطلاق الرصاص في الأعراس كانت منتشرة في البوادي والأرياف البعيدة عن المدن فقط، ولكنها انتشرت في المدن بأشد مما هي عليه في الأرياف، وأصبح أصحابها يتفاخرون بالسلاح وأنواعه، وكثرةِ ما يطلقون من الرصاص وأي أسلحة تستخدم، حتى رأينا من يستخدم الأسلحة المتوسطة كالمعدات بعد عقد القران أو في منتصف الليل في زفة العرسان.

حكايات ومآسي

ففي عام 2015 تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي حادثا مأسويا لطفل في السادسة لقي حتفه من جراء طلق ناري طائش في أحد الأعراس وأصيب 25 آخرون، وكأن لا يمكن الاعتراف بالفرح في الأردن الا من خلال الطلق الناري الذي يودي بحياة الأبرياء.

ويبرر بعض المواطنين المتمسكين بعادة إطلاق النيران لجوئهم لذلك إلى انها جزء من تقاليد أجدادهم، كما أن من لا يطلق الرصاص في الهواء تعبيرا عن فرحه يغتابه الناس بالبخل!

غير ان هذا الحادث المؤلم للطفل آثار غضب جلالة الملك عبد الله الثاني، وقال الملك في لقطات مصورة إنه لن يكون هناك تسامح مع إطلاق النار أثناء الاحتفالات، كما أصدر الأمن العام في الأردن قرارا بمنع إطلاق العيارات النارية في جميع المناسبات وقال مدير الامن العام ' ان العريس سيقضي شهر العسل في السجن في حال إطلاق العيارات النارية في فرحه'، مع رفع شعار حملة لا تقتلني بفرحتك.

وفصل الصيف في تونس يعد موسما للأعراس والأفراح، ويقوم بعض الفرسان بإطلاق الأعيرة النارية في الأعراس بواسطة بندقية الصيد التقليدية التي تسمى «المقرون» أو «المكحلة» فهذه يتم ملؤها بنوع من البارود اسمه «الكسكسي» وتطلق عاليا في الفضاء تحت زغاريد النسوة.

ولما كانت بنادق الفرسان مرخصة من الجهات الحكومية باعتبارها بنادق صيد يطلقها الفارس وهو على جواده وهو يجري في سباق فني، وفجأة قد تنفجر البندقية في يد مستعملها، وتبتر يده ، بينما يصيب فارسا أخر عين أحد الاطفال ويجعله أعور لأنه صوّب تحت على التراب.

وتشهد الجزائر، العديد من حكايات الموت، وانقلاب الفرح لحزن ومأتم، فهذي طفلة بالغة من العمر 11 عاماً تتلقى رصاصة طائشة قاتلة على مستوى الرأس خلال حضورها حفل زفاف جماعي، فيما أصيبت والدتها ومدعوان اثنان بجروح، بمسدس تعود ملكيته لأحد أفراد الشرطة قام شقيقه باستخدامه في العرس.

بينما لقيت سيدة في الـ35 من عمرها وأم لثلاثة أطفال، حتفها برصاصة طائشة هي الأخرى بمدينة قايس عندما كانت تراقب موكب عرس من شرفة منزلها.

وتفيد التحقيقات الأمنية بالجزائر، أن الأعراس التي تشهد أكبر حالات إطلاق للرصاص العشوائي يكون إما العريس ينتمي لأحد أجهزة الأمن، حيث يعبر أصدقاؤه من المدعوين عن ابتهاجهم بإطلاق الرصاص من مسدساتهم الآلية، أو يكون أحد أقربائه، إضافة إلى العرسان من الوسط المعروف بالنفوذ والمال والسلطة، وكذا أصحاب المسؤوليات والمناصب والوظائف المميزة.

ليلة زفاف في السجن

وفي مصر خاصة في مناطق الصعيد يعتبر إطلاق النار الغزير في مناسبات الأفراح عادة قديمة وما زالت دليل الوجاهة والعزوة، وتكشف سجلات الشرطة المصرية في محافظات الصعيد العديد من المآسي لهذه العادة، حيث لا يفرق الرصاص العشوائي بين طفل وامرأة ورجل.

وترتبط هذه الظاهرة في مصر بطابع يحاول البعض من خلالها ابراز التفاخر بالنفوذ والمال، وان امتلاكهم للسلاح بمثابة استعراض للقوة.

ولكن هذه القوة والنفوذ لم تحمي عريسا يقضي ليلة عرسه في سجن قسم الشرطة بمصر، بعد ان احتفى بزفافه واطلق بكل جنون الطلقات النارية في الهواء مصيبا أربعة مدعوين بجروح من بينهم طفل، وبدلا من ان يزف العريس على عروسه، تم اقتياده لقسم الشرطة وقضى ليلته هناك!

وتستقبل المستشفیات العراقية عشرات الاطفال المصابين بحروق شديدة و اصابات بالغه من جراء استخدام الأعيرة النارية و الرصاص من المسدسات و الكلاشنكوفات في الافراح والمناسبات الاجتماعية و الأتراح و العزوات و ايضا عند استقبال الضيوف من امراء القبائل و الشيوخ و والوجهاء فهل ينقصنا ضحايا و حروب واصوات بنادق الا تكفي الحروب و المجازر في حق اهلنا التي تخطف كل يوم أرواح الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ و الشباب الذي يضحي بدمه من أجل وطنه فهل نكمل الآلام و الفقد بالأفراح ايضا الا يستحق الناس قليلا من السلام قليلا من الفرح و راحة البال فتجد الرصاص في كل المناسبات و الطلقات الطائشة تودي بحياة المواطنين الأبرياء في المآتم و الاعياد و الأعراس تماما كما تخطف أرواحهم بالحروب و القتال.

ويعاني أهلنا في لبنان من اطلاق العيارات النارية في الهواء من مختلف أنواع الاسلحة في الأفراح والأتراح وغيرها من المناسبات، متجاهلين أهمية أمن الناس وما يشعرون به من قلق وذعر في نفوس المواطنين خاصة الاطفال والعجزة والمرضى .

وهذه العادة السلبية تنتشر في لبنان مخلفة ورائها العديد من الحوادث والضحايا، فالشباب يستخدمون مواكب سيارة ونوافذها ليطلقوا النار بـ'رشاش' طوال مرافقتهم لموكب العريس او في حال مرور جنازة ما.

وفي اليمن كانت عادة اطلاق الأعيرة النارية في الأعراس مقتصرة على بعض الأرياف لكنها مع الوقت امتدت للمدينة، وضحاياها في ازدياد، فقد يعثر البعض على زوجته او أحد أفراد عائلته وقد لقي حتفه من جراء رصاصة طائشة خرجت من طلقات أحد الاعراس ودخلت منزله، ودون معرفة من أطلقها، وبذلك تصبح الطلقات النارية مصدرا لحصد ارواح الناس ومبعث للحزن لا للفرح.

ولا تكاد تخلو دولة عربية من ظاهرة اطلاق الأعيرة النارية في الافراح والمناسبات بدواعي اجتماعية مغلوطة أو الفخر المكذوب والتباهي بهدف التعالي على الاخرين واظهار العظمة وهو أمر من ا لمنظور الشرعي منهي عنه، كما ان الشرع نفسه يحرم أذية الناس والجيران بأي شكل من أشكال الضرر، وناهيك عن أية ضرر هنا، انه حياة الانسان التي تنقضي بطلقة طائشة قد تيتم طفلا، وترمل زوجة وتقضي على أمان عجوز، وفرحة عروس.

وفي تقديري ان عادة اطلاق الرصاص في المناسبات والأفراح عادة جاهلية لأنها لا تراعي حرمة الانسان وحياته، ولا تلتزم بحقوق الانسان في الأمان والسلامة الاجتماعية، ولذلك أرى فيها جاهلية وابتعاد كلي عن التحضر والانسانية، وأي عمل يحول أفراحنا الى مآتم، لهو عمل همجي وغير اخلاقي وغير ديني وقد نهانا رسولنا الكريم محمد صل الله عليه وسلم عن ترويع الآمنين كما في حديثه الشريف : 'لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا'

طبعا و غير مسلم و كما دعا يسوع المسبح الى السلام و المحبة و عدم أذية الناس حتى امتد سلامه لأعدائه. 
فكم أطفال فزعوا من الصوت المدوي لطلقات الرصاص، وكم من كبار السن الذين قد يستيقظون مذعورين من صوت الرصاص،؟ وكم من مريض اشتد عليه الألم عندما فزعه صوت الرصاص؟

ولذلك فقد نهى النبي - صل الله عليه وسلم - عن الإشارة بالسلاح إلى غيره خشية أن تزل يده بنَزْغٍ من الشيطان الرجيم، كما في حديثه الشريف : 'لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنْ النَّار'

مكافحة مجتمعية

وفي تصوري، ان ظاهرة العيارات النارية تعد مشكلة اجتماعية لها ظلالها الأمنية الخطيرة، ولذلك فان مكافحتها أمنيا بحملات على الاسلحة المرخصة وغير المرخصة، بقدر ما هو ضرورة، وكذلك تغليظ العقوبات الرادعة وأهميتها، لكن يبقي دور المجتمع نفسه في المواجهة والمكافحة باعتباره الممارس لهذه العادات الاجتماعية السخيفة وهو ايضا الذي يعاني من مخاطرها.

فهذه الأعيرة النارية تعد مظهرا اجتماعيا وثقافيا للتباهي والتفاخر، وهو ما يعني ان المؤسسات الثقافية والاعلامية والدينية والمجتمع المدني مطالبة بوضع خطط عملية لنشر الوعي بمخاطر هذا التباهي الاجتماعي وتغيير هذه المفاهيم المغلوطة الثقافية والاجتماعية للتفاخر بين الناس، مع ابراز مخاطرها الصحية والأمنية على الفرد والمجتمع معا.

غيران هذه الحملات لابد وان تنطلق في وقت واحد من جانب هذه المؤسسات وان تستمر لفترة من الزمن حتى تنجح في تحقيق رجع الصدى المرجو منها وهو تنفير الناس من استخدامها حتي تتلاشي وتختفي من المجتمع تدريجيا وتصبح في حكم العدم.

الأحد، 15 أكتوبر 2017

الرياضة العنيفة و حياتنا

تلعب الرياضة دورا مهما في تقوية صحتنا الجسدية والنفسية، فضلا عما تحققه من تسلية وبهجة وتشبع في النفس حاجات مهمة للمغامرة والاكتشاف، وما تخلقه من قيم الانتماء والترويج لقيم التعايش الحضاري بين الشعوب ، رغم ما تتطلبه من روح المنافسة.
ولكن هناك أنواعا عديدة من الألعاب الرياضية التي تحرض على العنف، وتكرس للاعتداء على الأخرين، والبعض منها يودي بحياة الانسان مثل الملاكمة والمصارعة الحرة ومصارعة الثيران وغيرها ، بل أن بعضها ينتمي للرياضة الخطرة التي تودي بحياة الانسان في غمضة عين!
فالرياضة ممتعة ومثيرة ولكن حياة الانسان أغلى من أن يفقدها في لعبة خطرة، أو ان تنمي بداخله ثقافة العنف أو ان تفقده عافيته أو عمره في ثانية. 
وقد أطلقت على الرياضة العنيفة مسميات عديدة منها: الرياضة الحرة، رياضة الإثارة، ورياضة المغامرات. وكلها مصطلحات تعبر عن أنشطة رياضية تنطوي على درجة عالية من الأخطار المحدقة بممارسها.
وللأسف فان الكثيرين يلجأون لممارسة الرياضة العنيفة ظنا منهم في قدراتها على استعادتهم لعافيتهم ومساعدتها لهم في التخلص من مشكلات الوزن الزائد واشباعها لروح المغامرة لديهم.
وتؤثر الرياضة البدنية العنيفة بالسلب على الفتيات، ومنها الركض مسافة طويلة، ولعب الجمنازيوم، حيث تؤدي الى اصابتهن بحالات القمة العصبي، وتؤخر البلوغ لديهن، كما قد تسبب الرياضة البدنية العنيفة كسباق الماراثون، والجمنازيوم في الاصابة بنوبات قلبية حادة والموت المفاجئ، خاصة لدى الذين يعانون أمراضا في القلب مثل قصور قلبي إكليلي، والمدخنين الذين يعانون ارتفاعا في كوليسترول الدم، وتصلب الشرايين.
وترجع أستاذة الصحة الجسدية بجامعة 'فولدر' بفرانكفورت، تأثير الرياضة العنيفة والاصابات بالأمراض، الى إن التمارين الرياضية تستهلك كميات أكبر من الأكسجين؛ مما يضاعف تأكسد الخلايا وتؤدي إلى الوصول لمرحلة الشيخوخة المبكرة، فضلا عن أن الرياضات العنيفة تضعف جهاز المناعة لدى الرجال. أما بالنسبة للنساء، فتؤدي إلى انخفاض هرمون 'الأستروجين' وانقطاع الطمث.
ورصد المتخصصون العديد من الرياضات الخطرة ومنها سباق السيارات الفـورمــولا1 التي ينتج عنها حوادث خطيرة تودي بحياة متسابقيها بسبب ما تتطلبه من سرعة فائقة في السباق، فيما يدخل سبــاق الـراليـات في سياق هذه الرياضيات الخطرة بسبب ما تحتاجه ايضا من سرعة فائقة وقدرة على التحمل.
ولا يمكن استثناء رياضة الهوكي من مظاهر العنف، فهي بالرغم من كونها رياضة جميلة, وحماسية ولكن ملاعبها تشهد العديد من الاصابات نتيجة الاحتكاك الشديد والعنف الكبير في معطيات اللعبة نفسها.
أما تسلق الجبال وما تحققه هذه الرياضة من متعة وتفاعل حي مع الطبيعة، فان خطورتها تذهب بحياة الانسان في لحظة واحدة كما حدث مع متسلقة الجبال المصرية هبه الحسيني التي لقيت مصرعها أثناء ممارستها رياضة تسلق الجبال بمدينة مراكش المغربية، بعد أن انزلقت قدمها عقب وصولها قمة جبل طوبقال والذي يعد أعلى قمم جبال الأطلسي الكبير بالرباط، وانزلقت في فجوة يبلغ عمقها نحو 400 متر بمنطقة شديدة الوعورة.
وتمكنت السلطات المغربية من انتشال جثتها بعد مجهودات مضنية في استخراجها مستخدمة طائرة هليكوبتر وقوات متخصصة.
ورغم أهمية رياضة الفروسية في تقوية الجسم و رغم اعجابي بها و انحيازي لها دوما الا أنها تدخل ضمن الرياضة العنيفة لأن الفارس يتعامل مع الخيل وهو كائن قوي وقد يصعب السيطرة عليه وترويضه بما يؤدي الي وقوع العديد من حالات الوفاة خلال اجتياز الحواجز.
بينما تبقي مصارعة الثيران رياضة انتحارية، لأنها تعتمد على مصارعة المتسابق لثور شرس يسعى المتسابق للانتصار عليه بعد استفزازه وضربه بالسهام والرماح التي في يديه وطعنه في ظهره بما يؤدي الى هياج الثور وغضبه وظهور شراسته في صورة طعن المتسابق بقرنيه فيصرع فاقدا عمره الغالي في طرفة عين ، و بالكف الثانية تعتبر هذه الرياضة عنف ضد الحيوان الذي يتم زجه رغما عنه في لعبة خطرة لأذيته و قتله أحيانا ، و هذا امر غير انساني وغير أخلاقي .

مخاطر كبرى
ذهبت معظم الدراسات العلمية الى تأكيد أن ممارسة جرعات زائدة من الرياضة تسبب إجهادا للقلب لضخ كمية أكبر من الدم، مثل سباق الماراثون وتدريبات الترياثلون (سباق ثلاثي، يبدأ بالسباحة ثم ركوب الدراجات، وينتهي بالجري) أكثر ضررا بالقلب.
بينما ربطت إحدى الدراسات العلمية بين الموت المفاجئ نتيجة الإصابة بنوبة قلبية وبين التمارين الرياضية العنيفة حيث يمكن أن يصاب الشخص بنوبة قلبية خلال هذه التمارين أو بعدها بفترة قصيرة وهذا ما يسمى بالموت المفاجئ .
كشفت احدى الدراسات التي شملت أكثر من 21000 طبيب تتراوح أعمارهم بين ال40 و 84 عاما، وجرت متابعتهم صحيا وبعد 12 عاما كشفت السجلات أن 122 منهم قد توفي فجأة نتيجة أسباب لها علاقة بالقلب و 23 منهم توفوا خلال ممارستهم للتمارين العنيفة أو خلال نصف ساعة بعد هذه التمارين.
وعلق العلماء على هذه الأرقام بأنها كانت أكثر مما كان متوقعا، وهو ما يؤكد خطورة التمارين الرياضية العنيفة خاصة على الذين لا يمارسون الرياضة إلا في أوقات متباعدة وغير منتظمة الخطورة فيواجهون الموت المفاجئ، بينما تقل هذه الخطورة نسبيا لدى الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام.
في اعتقادي ان احتكامنا للعمل يحفظ حياتنا من ان تضيع هباءً في لعبة هنا او هناك، والعلم يثبت لنا حقيقة أن ممارسة الرياضة بدون انتظام أو بطريقة غير صحية، تؤدي إلى تزايد نسبة حدوث الذبحات والسكتات القلبية وحدوث إصابات في المفاصل، وقد تؤدي إلى توقف القلب المفاجئ.
فالرياضة الغير منتظمة والعنيفة تؤدي الي تراكم الشحوم في أطراف الجسد و في الشرايين، وتزيد من نسبة التعرض للجلطات، كما انها يمكن ان تؤدي الى الاصابة بالاكتئاب وتقلب سريع في الحالة المزاجية.
بل ان ممارسة الرياضة المكثفة لفترات طويلة ـ بحسب إحدى الدراسات المنشورة بصحيفة 'ديلي ميل' البريطانية ـ قد تعمل على تغير تكوين بكتريا الأمعاء لدى الإنسان مما يسبب عددا من المشكلات الصحية.
هذه الدراسة اعتمدت على فحص الجنود المشاركين في برنامج مكثف للتدريب ووجدوا أن ممارسة الرياضة لفترات طويلة تسببت في جعل حاجز الحماية في الأمعاء قابل للاختراق.
وأوضح الباحثون أن ذلك يعني أن ممارسة الرياضة المشددة لفترة طويلة يسبب 'متلازمة الأمعاء المتسربة' وهي حالة تسمح للمواد الضارة بالتسرب إلى مجرى الدم، وهو ما قد يزيد مخاطر الإصابة بالعديد من أنواع الأمراض.
أخيرا، فإننا اذا كنا نؤمن بأهمية العلم في حياتنا، ونؤمن بأن حياتنا أغلى ما نملكه فعلينا ان نحافظ عليها ولا نهدرها في طرفة عين اشباعا للحظة مغامرة او تنفيس. واحتكاما للعلم فإننا يمكننا اشباع هوايتنا بممارسة الرياضة الخفيفة بشكل منتظم لما لها من تأثير صحي وإيجابي على الجسم البشري، خاصة بالنسبة للمبتدئين الذين يجب أن يبدأوا تدريباتهم لفترة قصيرة من الزمن تزداد تدريجيا دون ان يتجاوز مدة 45 دقيقة في مدة التمرين الواحد كما ينصح أهل الاختصاص.

الخميس، 28 سبتمبر 2017

الأطفال ضحايا مافيا الرقيق الأبيض وتجارة الأعضاء

افتقر بنو البشر في ألفيتنا الثالثة من عواطفهم وتجردوا من انسانيتهم، فحولوا العالم الى ساحات للخراب والدمار عبر افتعال الأزمات والحروب ولم يعد يكفيهم تجارة السلاح المدمرة وتجارة المخدرات التي تذهب العقول، والتجارة بالرذيلة المحرمة الرخيصة، بل تعداه الى الاتجار بالبشر في سوق نخاسة جديد يعيد البشرية الى جاهليتها الأولى، بعد ان تحرر الانسان من الرق.

في سوق النخاسة العصري كل شيء مباح ومتاح جملة ومفرق، فإن رغبت في شراء بشر كامل الأهلية فهو متاح، وان أردت جزءا من جسده ( قرنيته ـ كليته ) فيمكنك ذلك عبر ما عرف بالاتجار بالأعضاء البشرية ، الذي بات ظاهرة كارثية يندي له الجبين العالمي دون ان يحرك ساكنا بمنظماته الدولية والحقوقية.
والأنكى من ذلك ان سوق النخاسة العالمي لم يرحم الأطفال الصغار وحتى الرضع من تجارته الشيطانية الخبيثة، فاستغل مناطق النزاعات والحروب والمناطق الفقيرة في العالم ، لتجارة الرقيق من الاطفال الابرياء، وبعضهم يجلب اما بالبيع والشراء من الأهل العاجزين عن توفير المأوى والطعام لصغارهم، او بالخطف لهم من الاسواق والشوارع، بينما يتم خطف الاطفال الرضع من المستشفيات.

وهذه الطفولة البريئة تتولاها مافيا الاتجار بالبشر فيبيعونهم للأثرياء في العالم المحرومين من الانجاب، او استخدامهم قطع غيار بشرية لمن يدفع أكثر في جريمة شيطانية تبشر بزوال العالم ، ما لم يفيق على خطورة جرائمه ويحاربها كما يحارب الارهاب.

أرقام مفزعة
تشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن تجارة البشر من الأطفال تتعدى ثلاثة ملايين حالة سنويا، يشكلون مادة تجارة الرقيق ، سواء باستخدامهم للتبني أو في أعمال السخرة والاستغلال الجسدي، وتجارة الأعضاء البشرية.
وتشير الإحصائيات أن شبكات التجارة بالأعضاء البشرية تقضي سنويا على أرواح آلاف الأطفال سواء بالقتل العمد أو العمليات الجراحية لنزع بعض أعضائهم في ظروف غادرة.
وتؤكد المنظمات الدولية ان وراء هذه الجريمة عصابات مافيا دولية تحقق مكاسب باهظة تقدر سنوياً بمليارات الدولارات، حيث تستخدم الاعضاء البشرية للأطفال المخطوفين بعمليات نقل الاعضاء المختلفة، أما البقايا وبعض الأعضاء الاخرى فإنها تباع الى شركات الادوية التي تستخدمها في تصنيع بعض مستحضرات التجميل والمستحضرات الدوائية مرتفعة الثمن.
كما أكدت المؤشرات الدولية عن وجود اكثر من 150 دولة متورطة في تجارة البشر ويبلغ ضحاياها 27 مليون نسمة في العالم ، وأن هذه التجارة التي يقدر حجمها بما بين 152 مليون دولار الى 228 مليونا تشهد تدفقا سنويا.
بينما تؤكد دراسة لجمعية حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، بيع 20 مليون طفل على مستوى العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، ليعيشوا طفولتهم في ظروف معيشية قاسية، كما فقد 12 ألف طفل من البوسنة أثناء الحرب، نتيجة تعرض أهاليهم للخداع من جانب عصابات الجريمة المنظمة وخدعت الأهالي أثناء الحصار بأنها تريد توفير أماكن آمنة للأطفال خارج البوسنة، وأنها ستعيدهم إلى ذويهم بعد ذلك، ولكن تم بيعهم لعائلات في أوروبا.

كارثة عربية
ورغم اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الطفل في عام 1959 ، واتفاقية حقوق الطفل في عام 1989، وتحدد الاتفاقية وهي المعاهدة الدولية التي صدق عليها كأحد اتفاقيات حقوق الإنسان، عددًا من حقوق الطفل، ومنها حقوق الحياة والصحة والتعليم واللعب، وكذلك الحق في حياة أسرية، والحماية من العنف، وعدم التمييز.
فإن الطفل العربي يعيش في مجتمعات تمر بظروف سياسية واقتصادية غير آمنة وغير آدمية؛ فهناك أكثر من 15 مليون طفل عربي يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، ويواجهون أخطارًا عدة بسبب الحروب والكوارث وصار معظمهم عرضة للاتجار بالبشر.

عصابات دولية
انتقلت الجريمة المنظمة وعصابات المافيا المتخصصة من تجارة المخدرات والسلاح الى تجارة البشر، خاصة تجارة الاطفال عن طريق عصابات منظمة محلية وعالمية ويتخذها البعض اما للاتجار بالأطفال بالبيع والشراء أو استخدامهم الطرق الغير مشروعة مثل التسول والتحرش والسرقة، وتتخذ بعض العصابات قتل الاطفال والتجارة في اعضائهم البشرية او عن طريق التبني الغير القانوني حيث يتم استخدامهم بما يهدر قيمتهم الانسانية.
ووثقت الصحف العربية العديد من الجرائم الخطيرة لخطف الاطفال والاتجار بهم في العالم العربي، كاشفة عن النشاط الواسع لعصابات اختطاف الاطفال في مناطق النزاع في العراق وباكستان والسودان، ويورد مقال بصحيفة الجمهورية القاهرية عام 2007 محاولة اختطاف 130 طفل سوداني من منطقة دارفور لاجئين في تشاد ونقلهم الى فرنسا عن طريق منظمة إنسانية فرنسيه لاستخدامهم كقطع غيار بشرية.
وقد أوردت مجلة الحرس الوطني السعودية عدد يونيو ويوليو 1996 مقالاً معنونا ب ' أغرب تجارة في التاريخ ' حول تقدير المنظمات الدولية لحجم تجارة الاطفال بأنها وصلت الى ثلاثة مليارات من الدولارات عام 1993 وان عدد الوكالات التي تخصصت في شراء الاطفال لاستعمالهم كقطع غيار بشرية وصل الى اكثر من 75 وكالة.
كما تقدم بعض شركات الأدوية دعما لتجارة قتل الاطفال من خلال شرائها للأعضاء والأجزاء الزائدة وكذلك شراء الأجنة المجهضة لاستخدامها في بعض المستحضرات الطبية.

سوق اليكتروني
تفتق ذهن شيطان العصر إلى استخدام الانترنت في بيع الاطفال، فالراغبون في تبني طفل عليهم اختيار صورة الطفل المطلوب من بين الأطفال المعروضين حول العالم، عقب المرور بعدة خيارات مثل جنس الجنين ولونه وبلده الأصلي، لتظهر صورة أقرب طفل للمواصفات المطلوبة، وبجانبه المبلغ المطلوب ثمنا له.
وفي مصر تم اكتشاف، شبكة لبيع الأطفال الرضع عبر الإنترنت مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 15 و50 ألف جنيه (1500 و5000 دولار)، من خلال موقع “سوق العرب”، بما دفع المجلس القومي للأمومة والطفولة الى تقديم بلاغ إلى النائب العام قبل أن تتحول إلى ظاهرة.

اليمن منشأ للاتجار
أما في اليمن الذي يعاني الانقسام والحروب وتداعياته من فقر مدقع ومجاعة، فإن بعض الأسر تضطر لدخول صغارها ( 14 ـ 15 عاما ) مجال التجنيد بميدان القتال لعجزها عن توفير متطلبات الحياة مقابل راتب يعينهم على توفير مستلزمات المعيشة. والبعض منهم تحت سن الثماني سنوات يتم استغلاله من جانب عصابات منظمة في عمليات تهريب عبر الحدود اليمنية السعودية لتهريب القات إلى المملكة.
وصنفت منظمات متخصصة ' اليمن ' كمنشأ للإتجار بالبشر وممرا له إلى دول الجوار. وفي تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية حول الاتجار بالبشر أوضح أن اليمن لا تزال تحتفظ بتصنيفها ضمن ' الفئة الخاصة' التي لم تبذل فيها الحكومة أية جهود لمكافحة الاتجار بالبشر خصوصا في تجنيد الاطفال وسياحة الرذيلة.
وكشف التقرير الامريكي عن تورّط سعوديين وإماراتيين بـتجارة الرذيلة والعمالة القسرية، وأن أطفال يمنيين تعرّضوا للإتجار الجسدي داخل البلد وفي السعودية. ناهيك عن استغلال الفئات المتنازعة للأطفال وتجنيدهم.
ويجري اصطياد الضحايا من اليمن وتصديرها لدول الجوار كمصر والسعودية ، وكذلك الاتجار بالأطفال الى السعودية ودول الخليج باعتبارها دول مستوردة واليمن بلد مرور ومصدر.
واشتهرت منطقة حرض الحدودية مع المملكة السعودية كمنطقة تستوطنها عصابات التهريب خلال الفترة الماضية- ما قبل الحرب- على مرئ ومسمع من السلطات الرسمية نفسها التي اتهمت حينها بالتواطؤ مع عصابات التهريب والاتجار بالبشر.
غير أن تجنيد الاطفال كنوع من أنواع الاتجار بالبشر ازدهر خلال الحرب بنسبة تتجاوز 800% حسبما ذكر رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة ارتباطا بتزايد معدلات الفقر والنزوح والبطالة غير مسبوقة، وتركيز الاهتمام الدولي والاقليمي والمحلي على توفير المساعدات المنقذة للحياة كالغذاء والمياه والدواء والمأوى مقابل تدني كبير في خدمات الحماية الوقائية.

ضحايا سوريا
وتنعش تجارة الاعضاء بين السوريين الفارين من مناطق النزاع كلاجئين مشردين يضطرون لبيع اعضائهم، بينما قام تنظيم داعش ببيع أطفال سوريا الرضع بعد تهريبهم الى تركيا الى مافيا إسرائيلية تتولى بيعهم للأسر المحرومة من الانجاب.
ولفتت مصادر اعلامية عن تورط جهات عديدة في إنعاش سوق بيع الأعضاء والتجارة بالأطفال
كما يجري بيع الأطفال عن طريق نقل نساء حوامل إلى لبنان وتوفير ظروف ولادة مريحة لهن، وأخذ الأطفال بعد الولادة لبيعهم لعائلات أخرى. وقد تم تداول عدة قصص بتقارير صحفية سابقة تتحدث عن وجود مسلحين داخل المستشفيات والمراكز الطبية تتجول بحثاً عن مرشحين مناسبين لبيع أعضائهم.
وبفعل الحرب بسوريا فقد زادت حوادث اغتصاب النساء والحمل غير الشرعي، في السنوات الأخيرة، ودفعت الجهات المتورطة لاستهداف هؤلاء النسوة لدفعهن لإجهاض الجنين بعد مرور شهور على الحمل من أجل استخدام أعضائه وبيعها.

أطفال العراق
رغم اعلان لجنة المرأة والاسرة والطفولة البرلمانية بالعراق، في سبتمبر الجاري (2017) عن إن بيع الأطفال في العراق يقع ضمن الحالات الفردية وليست ظاهرة عامة، نتيجة الوضع الاقتصادي السيء لتلك العوائل، فإن الواقع العراقي يشي بالكثير من الجرائم التي تقع بحق الطفولة والتي تتعرض للبيع تحت وطأة ظروف أمنية وسياسية واقتصادية قاسية.
ففي 2013 حذرت منظمات حقوقية دولية من نتائج التقرير الذي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية عن أن 150 طفلاً على الأقل يُباعون كل عام في العراق بثمن يتراوح بين (نحو 286 دولارا أميركيا) إلى 4000 جنيه استرليني (نحو 5720 دولارا) لكل واحد منهم إلى عصابات الاتجار بالبشر التي تستغل العوائل الفقيرة وانتشار الفساد في دوائر الحكومة العراقية.
وكشفت الصحيفة عن أن الدول الرئيسية التي يتم على أراضيها بيع الأطفال العراقيين هي، تركيا وسورية ودول أوروبية من بينها سويسرا وإيرلندا وبريطانيا والسويد. ونسبت إلى العقيد فراس عبد الله من قسم التحقيق في الشرطة العراقية قوله “إن عصابات الاتجار بالأطفال تستخدم وسطاء يتظاهرون بأنهم يعملون لصالح منظمات اغاثة غير حكومية، ويتفاوض هؤلاء الوسطاء مع عائلات الأطفال بإعداد الوثائق المطلوبة مثل شهادات الولادة وتغيير اسماء الأطفال واضافتهم إلى جوازات سفر الوسطاء أو أي شخص آخر دفعت له أموالاً لنقل الأطفال خارج العراق إلى سورية من ثم يتم نقلهم إلى أوروبا أو دول أخرى في الشرق الأوسط.
ونقلت الغارديان عن أحد المتورطين في تجارة تهريب الأطفال العراقيين قوله “إن تهريب الأطفال من العراق هو أرخص وأسهل من أي مكان آخر بسبب استعداد موظفي الحكومة للمساعدة على تزوير الوثائق مقابل المال بسبب قلة رواتبهم، وتقوم بدراسة الظروف المعيشية لأي عائلة قبل أن نتفاوض معها وحين نشعر أنها تعاني من البطالة ولا تقوى على إطعام أطفالها نتصل بها على أساس أننا عمال اغاثة ونعرض عليها شراء أطفالها بعد أن نحوز على ثقتها ونقدم لها بعض الطعام والملابس.
وسجل مواطنون عراقيون لبعض الصحف حالات عديدة اضطرت فيها بعض العوائل النازحة الى بيع أطفالهم لسد الفقر الشديد والجوع ، وان الكثير منهم لم يجدوا ثمن الحليب لأطفالهم الرضع، وان بعض هذه العوائل لجأت الى بيع أطفالهم رغبة منهم بأن يجدوا عائلات ترعى أطفالهم في أجواء ملائمة بعد أن وصل بهم الحال إلى أعلى مستويات الفقر على خلفية تهجيرهم من مناطقهم.
ورصدت حالات عديدة في مخيمات اللجوء مات أطفالهم بسبب الجوع والعطش وتفشي الأمراض مما دفع بعض العوائل لبيع الاطفال حماية لأرواحهم من الموت.
بينما كشفت دوائر من المجتمع المدني عن أن بعض النساء وخاصة المدمنات ينجبن أطفالاً لبيعهم على الوسيط بهدف الحصول على مبالغ قليلة جداً بين 500 إلى 750 دولاراً رغم أنهن يعانين من الإرهاق والضعف الجسمي الحاد لأسباب كثيرة وهو ضعف الحالة المادية أو تعاطي المخدرات.
ورصدت البحوث الاجتماعية، وجود وسطاء في سوق بيع الأطفال بين فئات العائلات الفقيرة والنازحة أو المنحرفة أخلاقياً وتحضهم على إنجاب الأطفال ويتفقون معهم على السعر مسبقاً الذي يتراوح بين 500 إلى 700 دولار، لكنهم يحصلون على مبالغ ضخمة من هذه التجارة.
وبحسب وكالة الانباء الالمانية، فإن الوسيط يجني أرباحاً تتراوح بين 3000 إلى 5000 دولار لكل طفل يتم بيعه، حيث يختار الوسيط ضحاياه من العائلات التي هربت بالنزوح خوفاً من المسلحين أو العمليات العسكرية، وكذلك من النساء اللائي يعانين من مشاكل عائلية كبيرة ويردن التخلص من الجنين، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

ثغرة قانونية
والطامة الكبرى بحسب ما يؤكد خبراء القانون، ان قانون العقوبات العراقي لا يشمل عقوبات لمن يعلن بيع أطفاله، بينما يمكن تسجيل الأطفال الذين يباعون، بأسماء المشترين بعد الادعاء بأنهم بلا دين.

جهود في الهواء
ورغم بعض الجهود الامنية لمنع خطف الاطفال والاتجار بهم في عالمنا العربي وجهود بعض المنظمات العربية كالجامعة العربية ومؤسسات المجتمع المدني في فضح هذه الجريمة الانسانية، فإن الجهود تتبعثر في الهواء دون ان يجمعها رابط واحد لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة والمشينة بحق الانسانية.
فقد دعت جامعة الدول العربية، المنظمات العربية والاقليمية والدولية ومؤسسات المجتمع المدني الى ضرورة وجود رؤية وتعاون مشترك للعمل على حماية الأطفال والفتيات والسيدات والشباب خاصة في مناطق الصراعات والحروب لأنها عامل رئيسي لانتشارها.
وأكدت الجامعة على وضع استراتيجية عربية و شرق أوسطية موحدة تنفذ من خلال الدول الأعضاء لمكافحة تلك الظواهر بكل الطرق ، وضرورة التعريف بخطورتها على جميع المستويات وتأثيرها على السلم والأمن.
ولكن تبقى هذه التوصيات حبرا على ورق ما لم تجد لها تفعيلا على أرض الواقع.
ويبدو ان تجار البشر باتوا أقوي في تأثير مصالحهم الاقتصادية من أية منظمة دولية من شأنها ان تجرم الاتجار بالبشر وبالطفولة البريئة.
وأمام سطوة مافيا تجارة الأعضاء البشرية، لابد من اطلاق حملات ثقافية واعلامية ودينية مؤثرة توقظ الضمير العالمي لينهض في مكافحة هذه الجريمة.

أما أقطارنا العربية فهي في أشد الحاجة الى وضع تشريعات قانونية مشددة بحق كل من يثبت تورطه في هذه الجرائم بالمستشفيات والاسواق. أما الأجهزة الشرطية فهي مطالبة بجمع المعلومات والتحريات المستمرة بحق من يباشر هذا الجريمة وشن حملات مداهمة مستمرة ايضا في ملاحقتهم.
ويبقي دور رئيسي في اقامة جسور التعاون الامني بين الأجهزة الأمنية بالعالم العربي و الشرق الأوسط لتبادل المعلومات بشأن مافيا هذه التجارة خاصة وان من يعملون بها يمثلون جنسيات متعددة، والتعاون فيما بينهم يشكل أرضية مهمة للإجهاز عليهم.

وبرأيي ، فإن الحكومات العربية لابد وان تبذل جهودها للقضاء على أسباب ازدهار هذه التجارة، بتوفير الأمن والاستقرار بالبلاد وتوفير فرص العمل التي تؤمن القوت والرعاية الصحية لمو اطنيها حتى لا يضطرون لبيع فلذات أكبادهم