السبت، 28 ديسمبر 2019

ميراث العلماء يعمر الكون ويقهر ظلمات الجهل والخرافة

ميراث العلماء يعمر الكون ويقهر ظلمات الجهل والخرافة   بقلم / سارة السهيل العلم هو سلاح الانسان في كل الازمنة لضمان رجاحة العقل وحسن التفكير والتدبير وانجاز الابداع، والعلماء هم بناة الاخلاق والحضارات، وجنود الله في قهر ظلمات الجهل والخرافة، لذلك أكد على مكانتهم في اثبات ألوهيته  وقدرته وعزته في قوله  تعالى" {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} والعلماء هم اكثر خلق الله تعالى خشية له لما عرفوا من تجليات صنعه في الكون بدقة وحكمة واقتدار، ولذلك وصفهم بذلك في قوله تعالي: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ). فعلماء الفلك والطبيعة الكيمياء والنبات والطب والهندسة والجيولوجيا واتصالات تكنولوجية، وعلماء الحيوان وغيرهم هم الذين يخشون الله تعالي، واتماما لقيمتهم فقد وصفهم رسول الله صلي الله عليه وسلم بانهم ورثة الانبياء في حديثه الصحيح: " إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلم  فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافر". فالعلماء يتوارثون العلم  ويطورونه ويسلمونه للاجيال اللاحقة عليهم ليستفيدوا به  ويكملوا مسيرة استحداث الأدوات واكتشاف الكنوز  وتوالي الاختراعات التي تفيد الناس وتسهل عليهم حياتهم. والعلماء بهذا المعني هم الذين يقيمون الحياة، وبدونهم تصبح موتا وعدما، كما عبر ذلك الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه في أبياته الرائعة: ما الفخر إلا لأهل العلم إنهــم ....... على الهدى لمن استهدى أدلاّء وقدر  كلّ امرئ ما كان يحسنه ....... والجــاهــلون لأهل العلم أعداء ففــز بعلــم تعــش حياً به أبـداً ....... الناس موتى وأهل العلم أحيـاء لذلك نجد انه لم يخلوا عصر من العصور والحضارات قديما وحديثا، الا  وبرز فيه علماء عباقرة اخترعوا الألات واكتشفوا الكنوز في السماء والبحار وباطن الارض وسخروها لخدمة الانسان واسعاده  ووجدوا بعلومهم حلا لكل مشكلة وعلاجا لكل داء. فقد كان الفراعنة الأوائل اول من اهتم بعلم الفلك واول من توصلوا الى وسائل قياس الزمن  مثل الساعة المائية التي يقاس بها ساعات الليل والنهار وقد قيست ساعات النهار التي اعتمد بعضها على الظلال بتحديد اتجاهها أو طولها. كما كان الوزير الفرعوني إمحوتب أول طبيب في العالم، عالج  اكثر من مائتي مرض، فوضع علاجا لخمسة عشر مرض باطني، وأحد عشر علاجا  لمرض في المثانة، وعشرة علاجات لمرض المستقيم. كما اكتشف حوالي 29 مرض للعيون ووضع علاج لهم، واكتشف علاج لما يقارب 18 مرض من أمراض الجلد، واكتشف علاجات لامراض الشعر والأظافر اللسان. كما تعامل الطبيب أمحوتب مع مرض السل، كما عالج مرض حصى المرارة، وعلاج مرض التهاب الزائدة الدودية.   بابل وآشور  أما في الحضارتين الاشورية والبابلية فقد اشتهر الطب ايضا وكان لدي الاطباء الادوات لمعالجة المرضى، مثل المشارط والمنشار الطبي والملاقط والعدسات الطبية لضعاف البصر والمبارد الصغيرة والشاش وجبائر جاهزة وضماد وغيرها، وتوسع الاطباء  في تدليك الارجل والصدر والظهر ودهن العضلات بمراهم مختلفة مع النصح بممارسة التمارين الرياضية. وذاع صيت هؤلاء الاطباء  الآشوريين والبابليين في بلاد  المشرق القديم، ولذلك كانوا يدعون من قبل ملوك البلاد مجاورة مثل مصر وبلاد الحيثيين وغيرها لمعالجتهم. وتكشف النصوص الاثرية والتاريخية ان أقدم النصوص البابلية في الطب تعود إلى فترة بابل القديمة في النصف الأول من الألفية الثانية قبل الميلاد، واشهرها الدليل التشخيصي الذي كتبه الطبيب ايساجيل- كين- ابلي من بورسيبا، خلال عهد الملك البابلي أداد - ابلا- ادينا (1069-1046 قبل الميلاد). أما العالمة الكيميائية العراقية " تابوتي " فكانت أول كيميائية في العالم وعرفت عبر الألواح المسمارية التي خلدتها سنة 1200 ق.م في بابل.   علماء المسلمين أنجبت الحضارة الاسلامية علماء افذاذا اشتهروا بالعلم الموسوعي الذي يضم في جنباته اكثر من علم في وقت واحد ن ومن هؤلاء، ابن رشد  كفيلسوف وطبيب وفقيه وقاضٍ وفلكي وفيزيائي عربي مسلم أندلسي. اصدر مؤلفات عديدة في الطب  خاصة في مجال علم التشريح كما في كتابه "الكليات"، وقدم للعالم تفسيرًا جديدًا لنظرية فلكية جديدة سميت "اتحاد الكون النموذجي" واكتشف نجماً لم يكتشفه الفلكيون الأوائل. وامام فكره علومه والموسوعية كانت مؤلفات ابن رشد تدرس في الجامعات الغربية بالعصور الوسطى، و ظلت المدرسة “الرُّشدية” الفكر المهيمن في أوروبا إلى حدود القرن السادس عشر الميلادي. أما الفارابي الفيلسوف الاسلامي والملقب بالمعلم الثاني بعد ارسطو، فقد توسع في العلوم المختلفة بدءا من الفلسفة والمنطق، مرورا بالموسيقى، وعلم الطبيعيات والرياضيات والطب والفيزياء، وتتجلى أهم إسهاماته العلمية فى كتابه «إحصاء العلوم» الذى وضع فيه المبادئ الأساسية للعلوم وتصنيفها. وطور الفارابى آلة القانون الموسيقية، وكان أول مَن قدم وصفا لآلة الرباب الموسيقية ذات الوتر الواحد، والوترين المتساويين فى الغلظة، ولعل من أهم كتبه: الموسيقى الكبير والمدخل إلى صناعة الموسيقى. بينما جمع ابن سينا عدة علوم  بجانب الشعر، وأصدر أكثر من 240 كتاب في علوم الفلك والنبات والحيوان والأرصاد الجوية، وعلم النفس والطب، منها كتابه الشهير " القانون في الطب "، و"كتاب الشفاء" وهو موسوعة علمية تغطي مجالات المنطق، والعلوم الطبيعية، وعلم النفس، والهندسة، وعلم الفلك، والحساب والموسيقى. اما  محمد بن موسى الخوارزمي فقد تَشعبَ علمه ومعرفته في مجالات الفلك، والرياضيات، والجبر، وعلم الجغرافيا الذي اشتهر به خلال الخلافة العباسية ببغداد، بجانب اسهاماته في علم الجبر والرياضيات، حيث قدَمَ الخوارزمي الأرقام الهندية، وأَدخل نظام العدّ العشري، وقد كان كتابه المختصر في حساب الجبر والمقابلة أول كتاب يتناول كيفية حل المعادلات الخطية والتربيعية ؛ وترجم الكثير من أعماله لعدة لغات. ويُعَدّ  الصيدلي " ابن البيطار" من اشهر علماء النباتات وقدم للعالم كتابه (الجامع في الأدوية المُفردة) باللغة العربيّة، ثمّ تُرجِمَ إلى التركيّة والألمانيّة والإغريقيّة، والفرنسيّة وكذلك  كتابه المُغني في الأدوية المُفردة. وفي علم الجغرافيا برع من علماء المسلمين الادريسي وهو محمد بن محمد الإدريسي، أحد مؤسسي علم الجغرافيا له عدة كتب شهيرة اهمها "برهة المشتاق في اختراق الآفاق"، والذي كان يُطلق عليه اسم الكتاب الروجري، وطور رسم الخرائط، وشرح اختلاف الفصول بين الدول، واستخدمت خرائطه ومصوراته في جميع كشوف عصر النهضة الأوروبية. وجابر بن حيَّان، من أعظم العلماء في القرون الوسطى، الملقب بأبي الكيمياء، حيث وضع أسس الكيمياء الحديثة. وألف أكثر من مئة كتاب متنوعا اهمها كتابه السَّبعين؛ الذي جمع فيه سبعين مقالاً عن أحدث ما وصلت إليه الكيمياء في عصره، وكتاب السُّموم ودفع مضارها. أما الفيلسوف العربي الكوفي، أبو يوسف يعقوب بن الكندي فقد ابدع في مجالات كثير منها علم الحساب واستفادت من رسائله العلمية أوروبا، ومنها  كتاب فى مبادئ الحساب، مخطوطة فى علم الأعداد، كتاب فى استعمال الحساب الهندى، رسالة عن علم الهندسة الكروية، رسالة عن كروية الأرض، رسالة فى الهندسة المستوية، كتاب فى تسطيح الكرة، بجانب كتابه " المدخل إلى الموسيقا "، حيث كان الكندي أول من وضع قواعد للموسيقى في العالم العربي والإسلامي واقترح إضافة الوتر الخامس إلى العود. ووضع الكندي سلما موسيقيا ما زال يستخدم في الموسيقى العربية من اثنتي عشرة نغمة. أما أبو الوفاء البوزجاني فهو أحد علماء الرياضيات والفلك المسلمين، ساهم في علم الفلك الرصدي وفي  علم المثلثات التي مهدت لحسابات فلكية دقيقة، بجانب كتابه في علم الإنشاءات الهندسية.   عرب معاصرون وفي عالمنا الحديث، واصل علماؤنا العرب رحلة الابداع العلمي، ومنهم، سميرة موسى عالمة الذرة المصرية التي بذلت جهودها العلمية في علم الذرة والتسلح النووي وكانت تري فيه دربا لتحقيق السلام، وكانت تأمل في استخدام الذرة بالمجال الطبي، وعلاج الأمراض خاصة السرطان. لكنها لم تحقق احلامها نتيجة اغتيالها. والعالم المصري أحمد زويل الذي توصل الي الفيمتوثانية، وهي وحدة قياس زمينة سريعة يتم بها التقاط الصورة بالليزر، وساعدت في تصوير التفاعلات الكيميائية لحركة الذرّات والجزيئات.   والعالمة المغربية لطيفة الودغيري، التي عملت مع فريق بحث في مختبر توماس جيفرسون بالولايات المتحدة توصلوا الى قياس كيفية توزيع الضغط داخل البروتون. وكذلك نضال الزعبي، العالم النووي الأردني، الذي تخصص في تصميم وهندسة المفاعلات النووية وإدارة الوقود النووي. شغل الدكتور نضال الزعبي منصب مفوض دورة الوقود النووي في هيئة الطاقة الذرية الأردنية، وقد كان مؤسس أول قسم هندسة نووية في الأردن، وقد قام خلال السنوات الماضية بتخطيط وبناء العديد من المشاريع والمرافق النووية. أما لبنى حامد توفيق تهتموني، فهي عالمة أردنية من اربد في مجال علم الأحياء النمائي ولها أبحاث في السرطان. ترأس قسم الأحياء والتكنولوجيا الحيوية في الجامعة الهاشمية. ويعد الدكتور زيد الكيلاني مؤسس الجمعية الأردنية للخصوبة والوراثة الذي طور جهاز طبي لنقل الأجنة الصعبة، يصنع في شركة ستورز بألمانيا ويسوق للعالم تحت اسم Jordan-Kilani ، وكان اول من ادخل تكنولوجيا الإخصاب  المختبر أو أطفال الأنابيب إلى الأردن والشرق الأوسط سنة ١٩٨٣.   علماء الغرب قدمت الضارة الغربية العديد من العلماء الذين نهضوا بالعلم واكتشفوا اسرار الطبيعة وتوظيف دقائق اسراها في تطوير الكون وخدمة الإنسان، ومن هؤلاء العلماء : ** "السير إسحق نيوتن" من أهم علماء الفيزياء والرياضيات على مر التاريخ، ساهمت أبحاثه ومؤلفاته في الكثير من الإنجازات العلمية. ولعل أهم مساهماته صياغة قوانين الحركة والجذب العام، فضلاً عن قانون الجاذبية. ** "ماري كوري" عالمة في الفيزياء والكيمياء، هي أول امرأة حصلت على جائزة نوبل، كما أنّها الوحيدة التي حصلت على جائزتي نوبل في مجالين مختلفين، في الفيزياء والكيمياء، من خلال أبحاثها وسعيها الحثيث مع زوجها بيير كوري اكتشفت ماري عنصري البولونيوم والراديوم وطورت بعد ذلك استعمال الأشعة السينية. ** "آلبرت أينشتاين" فيزيائي حائز على جائزة نوبل، وأكثر المؤثرين في عالم الفيزياء في القرن العشرين. يعود له الفضل بوضع نظريتي النسبية العامة والخاصة. ** "لويس باستو" هو عالم  الاحياء والكيميائي الذي اشتهر باختراع معالجة الأغذية بالبسترة والتي نُسبت تسميتها إليه، ويُطلق عليه والد النظرية الجرثومية، وعُرف أيضًا بتطويره للقاحات لأمراض مثل الجمرة الخبيثة وداء الكلب. ** "جاليليو جاليلي" وهو عالِم فلكى وفيلسوف وفيزيائى إيطالى، واشتهر باختراعه التليسكوب الفلكي . اكتشف 4 أقمار لكوكب المشتري، وسميت هذه الأقمار باسمه تكريمًا له، واخترع البوصلة العسكرية وبعض الأدوات البسيطة الأخرى كالتيرموميتر الهندسي، وكان له إسهامات في مفهوم الحركة النسبي، وكان من أوائل الذين استخدموا البندول في عملية قياس الزمن. ** "نيلز بور" وهو فيزيائي دنماركي، حاز جائزة نوبل في الفيزياء عن أبحاثه حول البنية الذرية، وأسس معهدًا للفيزياء النظرية في كوبنهاغن، تحول لاحقا إلى واحد من أهم المعاهد حول العالم. ** "تيسلا" وهو عالم ومخترع ومهندس حائز على العديد من الأوسمة، اخترع “ملف تسلا” والذي لا يزال يستخدم في تكنولوجيا الراديو حتى اليوم. وهو أول من طور التكنولوجيا التي تستخدم في هواتفنا الذكية. في الختام، فعلينا ان ندرك ان  العلماء سيظلون يغترفون من اسرار العلم ليقدموا لنا كل يوم ما هو جديد ومدهش لاسعادنا وسيظلون ورثة الانبياء في كل زمان ومكان حتي قيام الساعة، فهنيئا لهم بميراثهم، وهنيئا لنا بعلومهم.

اقرأ المزيد على الرابط : https://iraqpalm.org/article/ميراث-العلماء-يعمر-الكون-ويقهر-ظلمات-الجهل-والخرافة?fbclid=IwAR3hc34ggtK2TB83sRijReVMGHWZdTsD1z3brsBZooUFcAyJoDSY7YyjRVY

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2019

انماط الزواج الفاشلة تهدر حقوق المرأة وتدمر المستقبل

انماط الزواج الفاشلة تهدر حقوق المرأة وتدمر المستقبل

سارة طالب السهيل 
يعد الزواج علاقة مقدسة تربط بين الرجل والمرأة، وهي سنة كونية من سنن الله تعالي خلقه وكما قال في محكم التنزيل ” ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون”، غير ان الزواج البشري له قواعد وأسس تستقيم بها البشرية وتنعم بالسعادة والاستقرار عبر دعائم السكن المودة الرحمة، وذلك مصداقا لقوله تعالي : “وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.
وتعظم الاديان السماوية من شأن عقد  الزواج  خاصة الاسلام الذي يصفه بالميثاق الغليظ، فهو صلة يربط بها الخالق بين نفسي الزوجين، فيجمع قلبيهما في مؤسسة واحدة، وبيت واحد ليكونا معا اسرة مطمئنة آمنة ومجتمعا آمنا سعيدا، وقد حذرنا الله تعالي من عواقب الاخلال بهذا الميثاق الغليظ كما في قوله تعالي: “وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج، وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا، أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض، وأخذن منكم ميثاقا غليظا”.
والمـتـأمل في حياة المجتمعات والشعوب خاصة العربية ليجد انها انحرفت كثيرا عن الميثاق الغليظ الذي وضعه الخالق لسعادة مخلوقاته داخل المؤسسة الزوجية وغابت دعائم الاسس الذي تقوم عليها الحياة الزوجية الناجحة الا ما رحم ربي، حيث غابت دعائم السكن والمودة والرحمة امتلأت البيوت بالعنف نتيجة زيجات غير متكافئة ومنها زواج القاصرات، وزواج الاقارب وزواج التبادل، زواج المتعة وزواج النكاح، وكذلك تعدد الزوجات .. وغيرها .
وكل هذه الانواع من الزيجات قد واجهت فشلا ذريعا ودفعت المرأة ثمنا باهظا لها من استقرارها وأمنها، كما يدفع الاطفال الصغار الثمن الاكبر بغياب السكن والرحمة من الابوين وضياع الامن والاستقرار بينهما.
وما تشهده ساحات المحاكم من قضايا وما يشهده المجتمع من ارتفاع نسب  الطلاق وزيادة اعداد اطفال الشوارع، لهو اكبر برهان علي ضياع الاسرة وتفككها وضياع مستقبل الاطفال نتيجة غياب الاركان الاساسية لمقصد الخالق العظيم من تشريع الزواج القائم علي السكن والمودة والرحمة.
فانتشار العنف داخل المؤسسة الزوجية والذي غالبا ما يقع اضراره علي الفئات الاضعف المرأة والطفل يعكس ان الزيجات القائمة حققت فشلا ذريعا في تكوين اسرة سليمة مستقرة، ومرجع ذلك كله ان الانماط الاجتماعية للزواج من زواج جهاد او متعة أو قاصرات أوتبادل وغيرها، قد افتقرت فقرا شديدا لوجود الرباط النفسي بين الزوجين والذي سماه القرآن الكريم بالسكن.
فالسكن بين الزوجين الذي يحمل دلالات سكن النفس وراحتها واطمئنانها بالركون إلى شريك الحياة، وسكن الروح والقلب بالمن والطمأنينة بين الزوجين والذي يقود لمشاعرالمودة بينهما، ثم الرحمة التي تنشأ بالتعاطف والحب، وتنمو فيسهل التعاون على تربية الابناء بالحب والحنان.

زواج القاصرات
وتنتشر في عالمنا العربي ظاهرة  تزويج القاصرات خاصة في المناطق الفقيرة، مما يؤدي إلى إجبار الأهالي لتزويج بناتهم في عمرٍ صغير، للتخلص من مصروفهن، ونفقاتهنّ. بجانب تأثيرالعادات، والتقاليد التي ترى في زواج البنات سترة، و البنت لازم نجوزها قبل ما يفوتها قطار الزواج وتعنس، لتتحول عملية الزواج المقدسة الى عملية تجارية تباع فيها الفتاة لمن يدفع اكثر وهو ما يحول الزواج الى جريمة حقيقية تنتهك حقوق الفتاة الصغيرة.
ويجمع علماء النفس على أن لزواج القاصرات تأثيرات صحية متعددة ذات انعكاسات اجتماعية وسلبية نفسية للفتاة قبل الزواج وبعده ما يجعله مهددا بالفشل، وتنعكس هذه الاثار السلبية في صورة اضطرابات في علاقتها مع زوجها، وعدم قدرتها على التكيف، ومعاناة أطفالها لكونها غير مؤهلة للأمومة وتحمل مسئولياتها كربة منزل، الأمر نفسه قد يزداد ليصل لأمراض أعقد مثل الهستيريا والفصام، والاكتئاب.
فالفتاة القاصر تظل غير ناضجة فكريا ونفسيا وعاطفيا، مما يجعلها في حالة ارتباك شديد بعد الزواج تجعلها غير قادرة على التواصل الوجداني والعاطفي والفكري مع شريك حياتها، كما أن حداثة سنها  يجعلها غير كفء لتحمل مسئولية أعباء الحياة الزوجية، وخاصة بعد إنجاب الأطفال فلن تكون على دراية أو الإدراك أو الثقافة للاهتمام بشئون ورعاية الطفل والزوج والأسرة ككل.
وتمتد التأثيرات السلبية لزواج الفتاة القاصر الى الطفل والزوج وهو ما يهدد استمرارية الزيجة أو نجاحها واستقرارها، وكذلك يعاني الطفل من قصور نفسي بسبب عدم الوفاء بمتطلباته من الرعاية والحماية والتوعية.
فالزوج نفسه يشعر بأنه غير متواصل مع زوجته وتكون هناك فجوة في التفكير، وان زوجته عاجزة عن إشباعه معنويا وعاطفيا ويواجه الزواج مصير الفشل أو الانتهاء بالطلاق.

مضاعفات صحية
أما اساتذة أمراض النساء فيعدون الزواج في السن المبكرة تحت 18 عاماً جريمة كبرى ترتكب في حق الانثى، نظراً لتعرض الأم والجنين لعديد من المشاكل الصحية التي قد تودي بحياة الأم أو الجنين أو كليهما، فبالنسبة للأم تتعرض لجميع مضاعفات الحمل والولادة والنفاس أثناء الحمل تزداد نسب الإصابة بتسممات الحمل وارتفاع ضغط الدم وتزداد نسب الإجهاض في الثلاثة شهور الأولي نظراً لزيادة معدلات تشوهات الأجنة وتسوء الحالة الصحية للأم، وفي الثلاثة شهور الأخيرة تزداد نسبة الولادة المبكرة وحاجة الأطفال لرعاية مركزة في الحضانات، كما تتعرض الأم لأمراض سوء التغذية نظراً لعدم قدرتها النفسية والبدنية على مواكبة الحمل وتزداد حالات الأنيميا ومعدلات النزيف المفاجئ أثناء الحمل وكذلك تزداد بعض المضاعفات مثل زيادة المياه حول الجنين، أو نقص الدم المتدفق خلال المشيمة، وباختصار تتعرض الأم لجميع المشاكل أثناء الحمل التي من الممكن التي تتعرض لها سيدة حامل.
تزداد المضاعفات بصغر سن الأم فتتعرض الأم إلي مشاكل عديدة أثناء الولادة وما يصاحبها من احتمالات انفجار الرحم، نظراً لعدم الاكتمال السليم لعظام الحوض التي لا يكتمل نموها إلا بعد سن 21 عاماً في الإناث، و قد تتعرض الأم لمضاعفات مثل تأخر نزول المشيمة أو النزيف الشديد بعد الولادة وغالباً ما يكون زواج القاصرات في مجتمعات ريفية وبدائية وفقيرة، ولذلك فعادة لا يوجد إشراف طبي صحيح على الحمل والولادة لأسباب اقتصادية واجتماعية، ونظراً للجهل في تلك البيئات البدائية، وفي مرحلة النفاس قد تتعرض الأم لمشاكل الرضاعة ومشاكل حمى النفاس لنفس الأسباب، وبالنسبة للأم في مرحلة النفاس يطلق عليها «الأم الطفلة» حيث تكون الأم في هذه المرحلة السنية المبكرة مسئولة عن طفل بالرغم من احتياجها هي أساساً إلى الرعاية.
كما يؤدي زواج القاصرات الى زيادة نسب التشوهات الخلقية والأمراض الوراثية والجينية، ويزيد الإجهاض في الثلاثة شهور الأولى وقد يتعرض الجنين أثناء الحمل لمشاكل نقص النمو الناتج عن سوء التغذية أو اضطرابات في الدورة الدموية للمشيمة، وغالباً ما تحدث ولادات مبكرة تزيد من احتياج الطفل إلى الرعاية المركزة، التي نفتقدها في الدول النامية، نظراً للارتفاع الشديد في تكاليفها ويتعرض الأطفال كذلك لمضاعفات أطفال المبتسرين ومنها زيادة نسبة الصفراء بالدم واضطرابات في نسبة المعادن بالدم مثل الكالسيوم والماغنسيوم وسكر الجلوكوز، كما يتعرض الطفل في مراحل نموه الأولي إلي العديد من المضاعفات لجهل الأم أو لصغر سنها مما يجعلها غير قادرة علي رعاية أطفالها ويتعرض الطفل لالتهابات متكررة أو إلي أمراض سوء التغذية.

زواج الاقارب
ومن نماذج الزيجات الفاشلة أيضا زواج الأقارب، والذي يطلق عليه مسميات عديدة مثل:  الزواج اللحمي، الزواج الداخلي، الاندوجامي أو الأندوغامي هو زواج بين أثنين تجمعهما رابطة الدم خاصة في الأرياف و البيئة القبلية و العشائرية .
وبالرغم من ان هذا النوع من الزواج يسعى  للحفاظ على رابطة الدم الواحد وبقاء واستمرار الجماعة وعدم اختلاطها بغيرها والذي يحمل خطر الاندماج أو الذوبان في جماعات أخرى الا انه يكتنفه العديد من المشاكل ولزواج الاقارب اضرار اجتماعية خطيرة قد تؤدي الى تفكك الاسر الصغيرة والكبيرة وتشرد الابناء، بجانب الامراض الوراثية الخطيرة.
فالعادات  والتقاليد التي لا تزال موجود في البيئة العربية تحتفظ بموروث زواج ابن العم لبنت العم او احدى القريبات ويتم الاتفاق على هذا الامر منذ صغرهم  بدون ان يكون لهم يد في الموضوع. وتلجأ الاسر الى زواج الاقارب لحل مشاكل غلاء المهور، او الحفاظ على الإرث في العائلات الغنية او الحفاظ على الاسرار في العائلات السياسية ولدعم مفهوم الأسرة المركبة متجاهلين ما قد يحدث من عداء بين زوجين فيعم العداء على الأسرتين و تتفكك القبيلة وأيضًا ما قد يتحقق عندما تتأجج مشاعر الغيرة بين البدلاء فتشتعل الاسر بنيران الصراعات الاجتماعية التي تقود لتفكك الاسر.
وقد تقع خلافات عائلية قد تتطور الى عداوة بين الاسرتين اذا وقعت مشكلة بين الزوجين. وقد يتدخل الأهل في هذا الزواج سواء عن طريق اهل المرأه أو الرجل وبالتالي لا تكون هناك خصوصية أو حرية ويظل الكتمان موجود خوفا من مشاكل عائلية.
والطامة الكبرى لهذا الزواج تكمن في مخاطره الصحية على الابناء الذين يدفعون ثمنه غاليا عندما يصابون بالأمراض الوراثية المستعصية. وقد اثبت العالم الحديث ان زواج الاقارب يتسبب في وقوع ثلث حالات الاعاقة بفعل العوامل الوراثية، حيث يؤدي الي  ضمور المخ، كما يؤدي الى انتشار أمراض الدم ومنها الأنيميا المنجلية والثلاسيميا وتكسير وتحليل كرات الدم الحمراء ما يؤدي إلى الأنيميا المزمنة وترسيب الحديد في انسجة القلب والكبد.
وتلعب الوراثة دورًا كبيرًا في انتشار مرض السكر وعمى الالوان والصمم الخلقي،
كما تؤثر على ذكاء الطفل وعلى قدرته الذهنية علاوة على تأثيرها على حركة أطرافه فلا يستطيع السيطرة عليها.
وقد أثبتت الاحاديث النبوية الشريفة لرسول الله صلي الله عليه وسلم  على أهمية زواج الأباعد وانه  يؤدي إلى انتاج نسل قوي ذكي.

قنابل تعدد الزوجات
وتفشي ظاهرة تعدد الزوجات كقضية اجتماعية في العالم العربي نتيجة ظروف اجتماعية قد تدفع المرأة لقبول فكرة ان تكون زوجة ثانية خشيةالفقر   وبسبب مشكلات الاجتماعية والنفسية، لكنها فور قبولها لان تكون زوجة ثانية تواجه ايضا مشكلات اجتماعية جمة منها رؤية المجتمع لها كظالمة مغتصبة قد اقتحمت حياة امرأة أخرى لتشاركها زوجها وتهدم بيتاً زوجي لتبني بيتها وسعادتها على حساب الأخرين. كما ان قبول الزواج برجل متزوج يفقد المراة مشاعر إنسانية كثيرة و يسبب الشك و الغيرة وعدم الراحة طوال الوقت لارتباطها بنصف رجل
وقد تقبل الزوجة الاولى بفكرة وجود ” ضرة ” لها خشية تعرضها للطلاق، كما يدخل في ذلك ايضا تدخل الأهل والتركيز على الإغراءات المادية بالنسبةللبعض، او الحفاظ على الأبناء. وقد تكون المرأة عاقراً، أو لا تلد سوى البنات، والخوف من البقاء وحيدا .
وبمعزل هذه الدوافع وغيرها، فان لتعدد الزوجات مضارا اجتماعية على الاسرة  حيث الكثير من نماذجه ينتهي بالطلاق الذي يدمر المرأة ويدمر ثمرته وهو الاطفال، وقد ينشئ عنه العداء والتحاسد والتنافس بين الزوجات مما يؤدي إلى تنغيص الحياة الزوجية، وقد ينتقل هذا العداء (غالباً) إلى أولاد الزوجات فينشأ الأخوة وبينهم العداء والبغضاء مما يؤدي إلى متاعب للأسرة و للأب خاصة مما يسبب عدم استقرار الحياة الزوجية رغم وجود حالات مختلفه من التواد والتآلف.
وبالطبع، فانه يغلب على الزوج عدم القدرة على العدل بين زوجاته في المحبة مهما حرص على العدل في النفقة والمعاشرة خاصة انه غالبًا في مجتمعنا الشرقي تكون الزوجة الاولى مغصوب عليها اما لانها من أقاربه او لمصالح شخصية بين العائلات فتجبر اولادها بالزواج
وترصد دراسات  خبراء الاجتماع وعلم النفس العديد من التأثيرات السلبية الواقعة علي المرأة من جراء تعدد الزوجات منها، ان تعدد الزوجات يؤدي إلى اضطرابات نفسية عند المرأة في ظل الحياة الزوجية القائمة على المشاكل والخلافات والتوتر بما يساعد على الطلاق، ويضعف العلاقة العاطفية بين الزوج وزوجاته،  كما انه يزيد من التوتر وسرعة الانفعال، ويضعف الإشباع العاطفي لكل الزوجات، ويضعف العلاقة بين الأبناء والآبـاء.
ويؤدي تفاقم المشكلات الاسرية والعجز عن حلها الى نشوء الاضطرابات والأمراض النفسية كالإحباط، القلق، الاكتئاب، الانفعالات الشديدة و مشكلات النوم والأرق والانطواء والانعزال والخوف.
ويحصد الأبناء نتائج هذه المشاكل النفسية والاجتماعية الناتجة عن تعدد الزوجات فيؤثر ذلك عليهم ويؤدي إلى عدم متابعة الأسرة لواجبات الأبناء ويضعف العلاقة بين الآباء والأبناء وشعور الأبناء بعدم تماسك الأسرة والتأثير السلبي على التحصيل الدراسي.
وتشير الدراسات النفسية اثارا سلبية على الابناء ينعكس في تغير سلبي في سلوكهم بسبب فقدان الاطمئنان النفسي مما يؤدي الغيرة والحسد بين الأبناء والى الكره الذي من شأنه أن يؤثر سلباً على شخصية الطفل ويخلق له المشكلات في المستقبل، كما يضعف تعدد الزوجات العلاقة بين الآباء والأبناء ويقلل من الاهتمام بالأبناء وفهم احتياجاتهم من قبل آبائهم، ويعجز الأب عن السيطرة على خلافات الأبناء من أمهات مختلفة.
وتتجه سلوكيات الابناء إلى حركات عدوانية إن كان مع الاهل أو حتى مع أصدقائهم وذلك نتيجة الاضطراب النفسي الذي يعيشه الطفل.

زواج التبادل
تنتشر في الكثير من ارياف الدول العربية او القبائل ظاهرة زواج الشغار أو البدل الذي ينتهي نهاية تعيسة إذ إن الزوجتين، موضوع البدل، محكومتان بعيش الظروف نفسها، فما أن تواجه إحداهما مشاكل مع زوجها أو أسرته، ينطبق الأمر عينه على الأخرى، وإن كانت على وئام مع زوجها.
ويقوم هذا النوع، بان يزوج رجل رجلا ابنته أو أخته ونحوهما على أن يزوجه الآخر ابنته أو اخته ونحو ذلك، غير ان علماء الدين يجمعون على أن زواج الشغار ليس من الإسلام في شيء، ويلجأ الاسر لزواج البدل والشغار لمواجهة المغالاة في المهور، لانه قد  يعفي بطريقة أو بأخرى من المهر وبذلك تحرم المرأة من حقها في المهر، وإذا انفصلت بديلتها لاقت هي المصير نفسه، وانهارت الأسرة.
ويعتبر علماء الدين الإسلامي على اختلاف المذاهب على أن زواج الشغار منهيٌّ عنه شرعاً، إلا أن بعضهم يحللونه في حال تسمية المهر. وقد اجمع العلماء على تحريمه لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق» – متفق عليه.
ويرى القضاة الشرعين أنه حين يرتبط طلاق إحدى الزوجتين بالأخرى، فهذا يعني أن هذا الزواج حرام لا لذات العقد ولا لأنه شغار، بل لما ينشأ عنه من مشاكل بين الأسرتين، ولأنه قد يؤدي إلى طلاق المرأة التي ليس بينها وبين زوجها سوء عِشرة، وقد يتسبب في ضياع الأطفال.
وهذه الكارثة الاجتماعية المسماة بزواج البدل ليس ظاهرة مستحدثة داخل مجتمعاتنا، بل هي عادة متوارثة سببها الظروف المعيشية الصعبة والحرص على التماسك الاجتماعي والأسري، غير ان التجربة الحياتية اثبتت فشل كثير من الزيجات التي تمت تحت هذا المسمى، ويصفه علماء الاجتماع بزواج (لغم) قد ينفجر في أي وقت ليطيح بعلاقات الزواج المتشابكة، وقد يدمر أسرة سعيدة هانئة ذنبها أنها أحد أطراف هذا الزواج.
ويظل زواج البدل كارثة تحل بالمرأة ويوقع عليها  ظلما وهضما لحقوقها، فهو يمنعها من حقها الشرعي، حيث أعطاها الإسلام حقها كاملاً في اختيار الزوج المناسب لها وكذلك الحال بالنسبة للشباب.
ويرى علماء النفس والاجتماع زواج البدل عواقبه وخيمه على المجتمعات الريفية النائية لأنه عادة ما تتصدّع الأسرة وينشأ الأطفال في شقاقٍ ونكد يؤثر على التوازن النفسي لهم.

جهاد النكاح بدعة
وعرفت المجتمعات العربية مؤخرا مصطلح  “جهاد  النكاح ” عبر فتوى “جهاد النكاح”  التي صدرت في آذار 2013، و نسبت إلى الداعية محمد العريفي إثر نشرها على صفحته على موقع “تويتر”، ورغم نفيه لها إلا أنه بات هذا المصطلح يتداول في شكل واسع في سوريا رغم انكار تطبيقه من المعارضة ، وفي الموصل.
وقد جاء في الفتوى التي نسبت إلى العريفي ” إن زواج المناكحة التي تقوم به المسلمة المحتشمة البالغة 14 عاماً فما فوق أو مطلّقة أو أرملة، جائز شرعاً مع المجاهدين في سوريا، وهو زواج محدود الأجل بساعات لكي يفسح المجال لمجاهدين آخرين بالزواج، وهو يشدّ عزيمة المجاهدين، وكذلك هو من الموجبات لدخول الجنَّة لمن تجاهد به .
والعلماء  يؤكدون ان هذا المصطلح ليس معروفا في الفقه الاسلامي ، والاسلام منه برئ، وانه ظهر حديثاً لمصالح تهدف إلى تأمين رغبات الشباب والعمل على اغرائهم باطار “شرعي ومزور” .
واجمع العلماء على ان  الإسلام يقر بتنفيس الرغبات لكنه يوجهها باتجاه صحيح ، فالنكاح له شروط لا تتغير أثناء الجهاد وخارجه، وأياً تكن الظروف، منها أن يكون العقد غير موقت ويرضي المرأة التي يجب أن تكون بالغة مع موافقتها وولي أمرها، أما شروط ما يسمونه “جهاد النكاح” فغير شرعية كالزواج من صغيرات واجبار النساء وارغامهن، وتحديد الزواج في وقت وانتقال المرأة من رجل إلى آخر “.
ومن المنظور الاجتماعي والنفسي، فان المرأة في هذا النوع من النكاح يتم استخدامها لتحقيق متع للرجال على حساب كرامتها ومشاعرها الانسانية وقد تواجه امراضا خطيرة اذا ما تم انتقالها من رجل لاخر، وقد تواجه صعوبات نفسية جمة اذا شعرت بأنها رخيصة فاقدة للاستقرار والاطئمنان النفسي. وتصبح المشكلة اكبر اذا ما حملت وانجبت طفلا فمن يتولاه بالرعاية والتربية اذا كان مفهوم هذا الزواج مؤقتا زمنيا ؟!

نكاح المتعة
“نكاح المتعة” وهو نوع من انواع الزواج لكنه ايضا يرتبط  بمدة زمنية بما يقضي على معنى الاستقرار والسكن النفسي، ويقع عندما تتفق احدى النساء مع رجل على الزواج لمدة زمنية بصيغة معينة من خلال تحديد الشروط يكون الزواج شرعي لانه يقوم على وثيقة على ايدي الشيوخ.
ويظل هذا اللون من الزواج في نظرالعلماء، ومن عاشوا تجاربه واكتووا بنيرانه من النساء  نوعا من الاستغلال لحاجة النساء في الزواج لانه يحرمها من حقوقها الأساسية في الزواج من سكن واستقرار وأمان نفسي، ولذلك فان  قانون الأحوال الشخصية في المحاكم العراقية لا يعترف بمثل هذا الزواج حتى وان كان مثبتا بوثيقة على يد أحد شيوخ الدين، لانه بموجبه لا تملك المرأة أية حقوق قانونية مترتبه عليه و يترتب عليه الكثير من المشاكل الخاصة باثبات الزواج وإثبات نسب الطفل لاحقا مما يمثل هضما لحق المرأة والطفل وتماسك المجتمع.

مأزق الزواج بنية الطلاق
ويرى بعض العلماء أنه زواج صحيح، ولكنه يحرم لما فيه من الغش والخداع، لأن المرأة ووليها لو علموا أن الزوج إنما يتزوج بنية الطلاق بعد أيام أو شهر أو نحو ذلك لما وافقوا على ذلك. و يرى بعض العلماء أن الزواج بنية الطلاق زواج باطل، لأنه مؤقت مثل زواج المتعة .
واعتبرت قرارات المجمع الفقهي ان ” الزواج بنية الطلاق وهو : زواج توافرت فيه أركان النكاح وشروطه وأضمر الزوج في نفسه طلاق المرأة بعد مدة معلومة كعشرة أيام، أو مجهولة؛ كتعليق الزواج على إتمام دراسته أو تحقيق الغرض الذي قدم من أجله.
وهذا النوع من النكاح على الرغم من أن جماعة من العلماء أجازوه، إلا أن المجمع يرى منعه؛ لاشتماله على الغش والتدليس. ويبقى الزواج بنية الطلاق محرم، وهو متردد بين أن يكون باطلاً من أصله كنكاح المتعة، أو يكون محرماً لأجل ما فيه من الغش والخداع.
فالزواج بنية الطلاق قد تعالج رغبة الرجل واحتياجاته الانسانية لكنه يهمل جانب المرأة، ويحمل في طياته إضرارا وغدرا بالمرأة التي قد تقبل بالزواج أملا في حياة زوجية مستقرة ومستمرة ومنتجة للبنين والبنات، وفيها الرحمة والمودة، ويترتب عليها تنازلات من قبل المرأة قد تكلفها خسائر كبرى في وقوع الطلاق.
ولأن هذا النوع من الزواج فيه عدم صدق وعدم أمانة ومبني على باطل، لأن فيه خديعة للمرأة فإن عليه الكثير من الملاحظات التي لا يقبل بها العاقل والحر مهما كانت الظروف، لأنه لو أعلن المتزوج نية الطلاق للمرأة لما قبلت بالزواج منه بل سوف تحتقره، ولو قبلت المرأة به فإنه يعد زواج متعة.

المسيار دمار
وزواج المسيار بحسب فتاوى الفقهاء والمفتين يعد زواجا شرعيا مكتمل الشروط، لكن تتخلى فيه الزوجة عن بعض حقوقها كالنفقة والاقامة الدائمة للزوج، وهذا حق لها تفعله بارادتها.  ويغلب علي النوع من الزواج الخفاء النسبي، على الأقل بالنسبة للزوجة الأصلية.
وقد لجأت بعض المجتمعات للقبول بهذا الزواج باعتبار انه قد يحل بعض مشاكل الأرامل  والمطلقات واللاتي تتطلب حياتهن بقاءهن عند اهلهن لرعايتهم مثلا والاهتمام بهم، أو لتحقيق مصالح أخرى، كما انه يحل  بعض مشاكل الرجال كثيري الأسفار الطويلة، بحيث يجد له محطات للراحة هنا وهناك، لكنها محطات مريحة للطرفين ومشروعة في نفس الوقت. كما انه يحل إشكاليات العاجزين عن القيام باعباء الزواج لا سيما المادية.
وبالرغم من هذه المميزات الا انه يمثل عنفا موجها ضد المرأة بارادتها عندما تقبل به، لانه يدفع المرأة  للتنازل عن حقوقها المادية، والانكى حقوقها الانسانية في الحرمان من الامومة وصلات القربى، وفي ذلك منتهى القسوة ضد المرأة التي باتت تشعر معه ان زواج المسيار هو نفسه الدمار الذي تعيشه انسانيا واجتماعيا
ويترتب علي زواج المسيار ايضا ازمة كبري تتمثل في امكانية ضياع حقوق الأبناء ثمرة هذا الزواج، خاصة وانه قد يجري التنازل عن هذه الحقوق ضمنياً بتنازل الزوجةعن حقوقها صراحة.

الزواج العرفي
ورغم الشرعية الدينية التي يضفيها الشرع علي الزواج العرفي بوصفه زواجا صحيح الأركان ولكنه لم يتم تسجيله في الوثائق الرسمية الخاصة بالدولة؛ فان اضراره على المرأة والطفل والمجتمع تبدو كارثية، خاصة في ظل انتشاره كالسرطان في المجتمعات العربية بين الشباب في عصرنا الحالي.
فهذا الزواج لايضمن أية حقوق للمرأة لأنه تمَّ دون توثيق حتى ولو كان بعلمٍ من ولي الزوجة؛ لذلك تضيع الحقوق وتضطرب أحوال الأسر في ظل الارتباط العرفي غير المعترف به قانونا. الزواج العرفي كما قلنا سابقا فإن الزواج العرفي قد يكون صحيحا ولكنه لم يسجل في الوثائق القانونية التي تضمن حقوق كلا الطرفين.
وينقسم الزواج العرفي إلى نوعين وهما: الزواج العرفي الصحيح وهو الأصل في الزواج الصحيح؛ حيث أنه يكون مكتمل الأركان بموافقة طرفي الزواج ويحضره ولي الزوجة والشهود ويكون معلنا على الملأ دون كتمان بل قد يكون موثقا بوثيقة عرفية ولكنها غير قانونية وغير ملزمة لأطراف الزواج أمام القانون، وهذا النوع لا تحرمه الأديان لاستيفاء جميع أركانه، ولكن مع الكثافة السكانية الهائلة وكثرة الخلافات والمشاكل الأسرية تم استحداث قوانين الزواج ووثائق رسمية لتسجيل هذا الزواج قانونا بحيث تضمن لكلا الطرفين جميع الحقوق المترتبة على هذا الزواج، وبالتالي يكون الارتباط العرفي صحيحا في نظر الشرع والعرف أما في نظر القانون فهو باطل غير معترف به وما يترتب عليه من حقوق للزوجة يعد مهدرا .
ويرتبط انتشار الزواج العرفي بعدد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية منها: تأخر سن الزواج لأسباب مختلفة، و انتشار بعض العادات والتقاليد غير السليمة مثل: المغالاة في المهور وتكاليف الزواج وعدم قبول الأهل بزواج الفقراء وأبناء العائلات البسيطة، فقدان التوجيه الأسري بسبب انشغال الوالدين أو السفر أو الجهل، وغياب التوعية والتثقيف بمخاطر هذا النوع من الارتباط العرفي غير القانوني و الرغبة في إشباع الغرائز الثائرة، وغياب دور وسائل الإعلام والمناهج التعليمية التي تم تهميش دورها الأساسي في تأصيل القيم السليمة ومحاربة العادات الباطلة والفاسدة. رغبة بعض الزوجات في استمرار صرف المعاش المستحق من وفاة زوجها السابق أو والدها.

نتائج مأسوية
وترتب على الزواج العرفي نتائج مأسوية لا حصر لها، منها: ضياع حقوق الزوجة وعدم اعتراف الزوج بها عند حدوث بعض الخلافات، كما أن الزوجة لا تجد قانونا ينصرها ويضمن لها حقوقها من هذا الزواج العرفي؛ لأنه غير مسجل أو موثق قانونيا، ومن هنا فلا يهتم القانون أو القضاء للدعاوى المرفوعة منها للمطالبة بحقوقها من هذا الزواج.
قد تتعرض المرأة لانتقام الزوج بتعليقها دون طلاق فعند حدوث خلاف أو مشاكل أسرية تحول دون الاستمرار في الزواج العرفي فيلجأ بعض الأزواج إلى الانتقام من الزوجة وتركها معلقة دون طلاق، ومثل ذلك يحدث عند سفر الزوج أو غيابه بدون عذر؛ وبالتالي لا تستطيع الزوجة أن تتزوج بآخر.
وكذلك ضياع حقوق الأولاد غالبا ما يتعرض الأبناء الناتجين عن الزواج العرفي للعديد من المشاكل التي تقود  لتشردهم أو ضياع حقوقهم بل قد تصل في بعض الأحيان إلى إنكار النسب خاصة عندما يتم التحايل على القوانين.
كما يلجأ بعض الناس إلى الزواج العرفي للتحايل أو التلاعب بالقانون رغبة في الحصول على معاشات الآباء أو الإخوة أو الأزواج السابقين أو أموال ليست مستحقة لهم، وهذا يعد احتيالا يؤدي إلى نشر الفوضى والطمع بين الناس وأكل أموال الآخرين بالباطل. انتشار الفوضى والفواحش وأخيرا  فان الزواج العرفي يهدم الكيان الاسري والمجتمعي.

كلمة اخيرة
واخيرا ، فانه باستعراض هذه الانماط من الزواج الفاشلة التي تهدر كرامة المرأة وانساينتها وحقها في حياة آمنة مستقرة، وتدمر حياةالاطفال الذين هم عماد المستقبل، ينجلي لكل ذي عقل أسباب ضياع المجتمعات، وعدم تماسكها وانهيارها الحضاري والاخلاقي والانساني.
فهذه الانماط من زواج الاقارب او تعدد الزوجات او البلاء او العرفي او المسيار او المتعة .. وغيره قد استباح حاجة المرأة للزواج لتحقيق ما شرعه الله تعالي من السكن والمودة والرحمة، وهو ما لم تتوافر أركانه في مثل هذه الزيجات فاهدر حقوق المرأة وانسانيتها واستغلها بأبشع صور الاستغلال والعنف الذي ادى الى انهيارالمجتمعات، خاصة وان المرأة هي نصف المجتمع، وهي المستأمنة على تنشئة الاجيال وصناعة المستقبل، فاذا اضيعت حقوق المرأة ضاعت الطفولة وضاع المستقبل معا.

الاثنين، 11 نوفمبر 2019

الحب جنة في ألارض تحتاجها دولنا العربية لتستعيد وحدتها

في عيد الحب الذي يتهافت فيه العشاق على تبادل المشاعرالحانية تحقيقا لفطرتهم الانسانية، ويتبادلون فيه الهدايا ترجمة عن صدق مشاعرهم تجاه بعضهم البعض، فان هذه المشاعر نواه لمستويات عديدة من حاجة البشر للتحاب والرحمة وتآلف القلوب كحبنا لوالدينا وأبنائنا وأصدقائنا، وأوطاننا وقوميتنا وثقافتنا وهويتنا وصولا لمرتبة العشق الالهي الذي جسدته رابعة العدوية.
ولونظرنا للحب في أعلى مراتبه لوجدناه قد تجلى في علاقة الخالق العظيم بنبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم ، بل ان أعلى درجات كمال العبودية للخالق هي تلك القائمة الحب كما عبر عنها القرآن الكريم بقوله تعالى في سورة المائدة ‘ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ‘ .
اذن فالحب ضرورة انسانية فطرية جبل الله عليها بني البشر الا من نزعها من قلبه وأحل محلها مشاعر الكراهية والبغضاء والتحالف والمؤامرات التي نعيشها في عالم اليوم بين دولنا العربية.
ولذلك، فان الحب لم ولن يكن مظهرا ترفيا او مجرد رفاهية انسانية، بل هو حاجة نفسية تحقق التوازن النفسي للافراد والمجتمعات، فقد نملك المال اوالجاه اوالسلطة والأبناء لكننا نفتقر للسعادة نتيجة غياب عنصر رئيسي فيها وهو الحب.
فقد تملك دولة كل مظاهر القوة العسكرية والاقتصادية والبشرية ولكنها تخلق مشكلات وتصنع عدوات لها مع دول الجوار فلا تجد راحة ولا تشعر بالأمان والسلام رغم قوتها!
يأتي عيد الحب، و نحن في عالمنا العربي قد هجرناه بعد أن تبعثر الحب بين الاشقاء العرب، وتناسى الكثيرون العديد من الانشودات الخالدة التي عكست معاني التلاحم العربي بالحب والرحمة كما في أنشودة ‘ وطني حبيبي الوطن الاكبر ‘ التي شدا بها عمالقة الغناء في عالمنا العربي.
الأنكى من اننا قد هجرنا الحب، فاننا قد تحولنا الى أعداء، كل دولة عربية جارة تعادي شقيقتها، بل ان أبناء الدولة الواحدة يتقاتلون فيما بينهم تارة من أجل المذهب الديني او السياسي او المصالح الشخصية الزائلة، بينما يفتك بنا طيور الظلام من الارهابيين والتكفيريين في معظم أقطارنا.
فأين هي قلعة الحب العربي؟ ولماذا انهارت بهذه السرعة الفائقة؟ وكيف سمحنا كشعوب عربية ان تتحول دولنا الي غابة تتقاتل فيها وحوش الانسانية تسبتيح الدم العربي في كل مكان وتغتال الاطفال الصغار في اليمن والعراق وسوريا وتيتمهم، وترمل النساء، وتقضي على الأخضر واليابس ولا تترك شيئا للمستقبل سوى اعتصارنا للألم؟
سنوات كئيبة مرت على شعوبنا العربية لم نعرف فيها سوى لغة القتل والدمار والذبح والقصف والإعدام، رائحة الموت تشتم في كل مكان، والدم يغطي وجه اليابسة بدلا من الزرع الأخضر، وحل صوت البنادق والصواريخ محل أغصان الزيتون، والقتلى منتشرون في الطرقات كأوراق خريف بالية، بينما الأحياء بأجسادهم منا يعيشون في خوف ورعب وقلق لانهائي.
فكيف نغير لغة الحرب المنتشرة بين أقطارنا العربية وبين أبناء الوطن الواحد؟ أي عقل وأي فكر جعلنا مرضى لجهالة البغضاء والحقد والعداوة بيننا؟ ولماذا نستسلم بكل سهولة أمام شيطان التباغض بين أقطارنا في حين ان العلاج سهل وميسر وهو الحب الذي يملأ قلوبنا طمأنينة وسعادة وأمل.
ولماذا نحرم أنفسنا شعوبنا من نعمة الحب الذي يملأ قلوبنا بالراحة ومجتمعاتنا بالامان، فوفقا للعلم البشري فقد حدد العالم النفساني ماسلو، الذي بنى هرم احتياجات الإنسان الأولية من طعام وشراب، حاجة الإنسان إلى الإحساس بالعاطفة والطمأنينة، أي الحاجة الى منح الحبّ وتلقّيه، فيما يتفق المحللون النفسيون على أنّ الحب احتياج قائم بحد ذاته لتحقيق التوزان النفسي.
فاذا كان الحب على هذا النحو من الأهمية في حياتنا، فلاشك اذن اننا نعمل جميعا على نشر ثقافة التحاب والرأفة والرحمة بين أبناء مجتمعاتنا، وان نبذل قصارى جهدنا في ان يحل الحب والوئام محل العصبات القبلية او المذهبية والدينية أو السياسية الرخيصة التي تهوي ببني البشر الى مستنقع سحيق ويحكم عليه بالفناء، بينما الحياة هي حب وتفاؤل وبناء.
في اعتقادي ان التراجع القيمي والاخلاقي الذي انتشر في عالمنا العربي كالنار في الهشيم، وانعكس بدوره على كل مفردات حياتنا السياسية والاقصادية والاجتماعية والثقافية وكلها شهدت تراجعا حادا في قياستها مرجعه كله الى غياب الحب في حياتنا.
أظن اننا في أشد الحاجة لأن نعمل عقلنا ونفتح بصيرتنا لحاجتنا الي حب والانتصار له كقيمة عليا تفرضها علينا فطرتنا السوية، فلا أمل لوجود مجتمع عربي متماسك قوي البنيان بمعزل عن اعلاء الحب القيمة الأكبر في مفاهيمنا وتصوراتنا وعلاقتنا اليومية بالكون والطبيعة، والتفاعل السوي بين أفراده لايتحقق الا بالحب كقيمة وجودية حقيقة وليتس ترفا او هزلا.
والحب مثله مثل الكائن الحي ينمو ويترعرع كالزرع الاخضر اذا ما سقي بماء التراحم والتسامح، وهو ما يقودنا الى تصالحنا مع أنفسنا ومع الأخرين وحينها ينمو الحب ويستوطن بلادنا و شعوبنا وأعمارنا.
وقد قرن سيد الخلق والرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الايمان ورزق الجنة بالحب في حديث صحيح قال فيه : ‘ لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشو السلام بينكم’ .
وهذا الحديث الشريف يحمل دلالات عميقة لقيمة الحب في جوهرها، ومن هذه الدلالات الفارقة هو اننا يمكنا ان نحول حياتنا الى جنة على الارض بالحب، وقد نحولها الى جحيم بهجر الحب.
وفِي الختام فقط لو نطبق ما قاله سيدنا يسوع المسيح عليه السلام لعشنا في خير و سلام نحن كعرب و جميع القوميات التي تعيش بيننا او بجوارنا في الشرق الأوسط و العالم
أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطرودكم

العنف والعنف المضاد في عالمنا العربي أخطر ما يهدد أوطاننا...سارة طالب السهيل

تنامت ظاهرة العنف في الشارع العربي من المحيط الي الخليج بشكل بات يهدد أمن واستقرار الأمن الاجتماعي العربي، خاصة وانه خلف العديد من الضحايا الأبرياء .

وفيما تبادل الشارع العربي كل أشكال العنف بين أفراده، فإنه يتبادل العنف أيضا مع مؤسسات دولته، مما يدفع المؤسسات العربية خاصة الشرطية لدخول في مواجهات موزاية لردع هذا العنف الواقع عليها وعلى المجتمع سواء، لنظل في دائرة مفرغة من العنف لا تنتهي .

فمن منا لا يري يوميا صراعا على الأحقية في الشارع لسير السيارات، ولأخذ مكان لصفها على الأرصفة أو داخل الكراجات  (المواقف). ومن منا لا يري الأطفال وهم يمارسون لعبة كرة القدم وكل مجموعة تحاول السيطرة على أرض ما من أجل أن  تمارس رياضتها، ولعل العنف بين طلاب المدارس خاصة الثانوية حيث ذروة المراهقة أكبر نموذج على ذلك .

ومع تعدد آفات العنف من إساءات غير أخلاقية  للنساء  وتطاول لفظي وجسدي متبادل بين أفراد المجتمع وأيضا اشتباكهم مع رجال الأمن بجانب تبادل العنف السياسي فيما بين الأحزاب السياسية وغيرها، فان ذلك يعكس من وجهة نظر إجتماعية صرفة وجود تنافر اجتماعي نتيجة العديد من العوامل يمكن اختصارها في وقوع ظلم اجتماعي يأتي العنف للتنفيس عنه إخراجه على السطح .

ورغم أن العنف الإجتماعي يعد ظاهرة عالمية إلا أنه في عالمنا العربي قد استفحل خطره وزادت معدلات جرائمه خاصة بعد ثورات الربيع العربي، التي خلقت كيانات سياسية وقتالية تحفز على الاقتتال والتناحر الداخلي تحقيقا لمكاسب خاصة، في الوقت الذي تراجعت فيه الي حد كبير منظومة القيم العربية الأصيلة فيما يعرف اصطلاحا  بالأعراف الاجتماعية التي كانت تكرس للتسامح والتصالح بين الفرقاء

ولعل ما تشهده مجتماعاتنا العربية من حمل سلاح آلي  أو أبيض او عصا يحملها الشاب، كارثة تعبر عن الإنحراف السلوكي الذي نشأ في الطفولة وجرى اهماله دونما علاج ـ بحسب خبراء علم النفس ـ  فاستفحل لغياب مفهوم القدوة وغياب الدور الرقابي والتربوي والتثقيفي لمؤسسات الأسرة والمجتمع ككل .

وتنتشر ظاهرة الإنحراف السلوكي المؤدي لثقافة العنف الاجتماعي في مناطق الصراعات خاصة في العراق وفي مجتمعات الزحام مثل مصر حيث الكثافة السكانية المرتفعة، وفي البلاد التي يغيب فيها وجود الدولة ومؤسساتها مثل الصومال و ليبيا  .

وبحسب دراسات المتخصصين في علم النفس الإنحراف السلوكي يبدأ لدى الإنسان منذ نعومة أظافره من سن 3 الي 6 سنوات  فيتشبعون بالعنف وعندما يصلون الى سن المراهقة يصبح لديهم ميل شديد للعنف دون معرفة أسباب لذلك، غير أن علماء النفس يصفون هذه النماذج بالشخصيات "المضادة للمجتمع"، ولعل هذا المصطلح هو أصدق وصف لهؤلاء الذين عرف عنهم سوء التوافق مع الآخرين والاصطدام بالقوانين، وهو ما يوصف أيضاً بالسيكوباتية والتى تعرف لدى العامة "بالبلطجة" أو "الإجرام" الذى يتصف به الأشخاص الذين يعرف عنهم الميل إلى ارتكاب الحوادث وتكرار ذلك دون رادع من ضميرهم أو خوف من العقاب الذى ينتظرهم .

 

مظاهر العنف

رصدت مؤسسة مؤشر الديمقراطية التابعة للمركز التنموي المصري وقوع 1641 حادث عنف و"إرهاب" سياسي في الأشهر الثلاثة الماضية، بمتوسط 16 حادثا يوميا، أي حادثة واحدة كل ساعة ونصف.

ووفق تقرير أصدره المؤشر، تسببت حوادث العنف في مقتل 174 شخصا، وإصابة أكثر من 600 منذ بداية العام 2015 رغم العمليات العسكرية التي تُنفذ بسيناء ضد ما وصفه بالبؤر الإرهابية.

وأوضح  التقرير أن شهر يناير الماضي شهد 664 حادثا، بينما وقع في فبراير 419 حادثا، وجاء شهر مارس في المرتبة الثالثة بـ378 حادثا.

وجاءت زراعة المتفجرات في الأماكن العامة والمؤسسات في الصدارة حيث سجل انفجار 286 عبوة ناسفة وصوتية، بينما تم إبطال مفعول 535 قنبلة، وفق نتائج مؤشر الديمقراطية.

وذكر التقرير أن الجهاز الأمني للدولة تورط في 228 حادث عنف، فاعتمد في مواجهة العنف بالعنف تارة وبالتعبئة الإعلامية تارة أخرى، وهو ما صنع مناخا محفزا للمزيد من العنف المتبادل .

الاثنين، 28 أكتوبر 2019

فوضى كوندليزا رايس .. طعم ابتلعته شعوبنا لتفتيت وحدتها

 اشتعال الحروب الداخلية في عالمنا العربي ناتج عن اعادة بعث الاثنية العرقية والطائفية المذهبية، وباستخدام ورقة الارهاب الداعشية وغيرها التي زرعتها المخابرات العالمية وجعلتها خنجرا مصوبا في صدر الشعوب العربية.


فالفتن تجتاح عالمنا العربي وكأنه اعصار تسونامي يهدر دماء الاف الابرياء ويشرد الملايين ولايزال في عنفوانه فيهجم العراق ومن بعده سوريا واليمن وليبيا في فخاخ التشرذم العرقي والتحارب على تفتيت كيان الدولة الممزق.

وما ان تفيق الشعوب من دوامة الدم المهدر في بحار مصالح القوى الكبرى، فتنطلق صيحات المصالحة للحفاظ على كيان الدولة حتى تتم تصفية اي رجل عربي يقول كلمة الحق ويسير في طريق الاصلاح.

وهو ما حدث مع عمر اشكال القيادي الليبي الذي تمت تصفيته على ايدي الجماعات المتطرفة، بعد ان قدم مقترحا لحل أزمة بلاده عبر المصالحة بين القبائل الليبية ووقف الاقتتال، ومباشرة الحوار، ووضع أسس لنظام حكم البلد يناقشه الجميع ويقره الشعب.

فهل هذه صدفه ان يتم تصفية كل من يملك حلول او حتى العمل على قتله سياسيا و إعلاميا اعتقد ان الأمور مرتبطة
بات جليا لشعوبنا ان الفوضى العارمة التي نعيشها منذ سنوات كانت تنفيذا عمليا للفوضى الخلاقة التي قالت بها كونداليزا رايس، انها حلم الديمقراطية والحرية التي تمنحها لنا الولايات المتحدة الامريكية كشعار مقدس تتوق اليه شعوبنا في مواجهة فساد وطغيان الحكام وديكتاتورياتهم.

هكذا بلعنا الطعم ووقعنا في افخاخ شياطين العصر في تحقيق اهدافهم بشرق اوسط جديد يبتلع بترول وغاز المنطقة ويقوض قدراتها الاقتصادية ويستنزف مواردها لعقود طويلة بصفقات سلاح نتحارب بها فيما بيينا ولا تبقي من دولنا الا كيانات عرقية قد يكون ولائها للقوى الكبرى حتى تضمن بقائها واستمرارها، ولا هناك دولة قادرة في المنطقة على التمدد و التماسك سوى اسرائيل.

ففتنة الطائفية الجارية في بلادنا العربية هي الحرائق المشتعلة باسم السنة والشيعة هي سند رئيسي لتحقيق اهداف الحقبة الاستعمارية القادمة في ثوبها الجديد، فبينما تساند امريكا الدول السنية ـ فان روسيا تقف على شاطئ الشيعة وكلاهما يستند في موقفه الى الحق الذي يراد به باطل " محاربة الارهاب " عبر تنظيم داعش
فالقوى الكبرى أحالت بلادنا الي ساحة معارك دامية مدججة بأحدث انواع التسليح بدعوى محاربة داعش الارهابي بينما تقدم لداعش كل انواع الدعم الفني والسلاح ليكون حصان طروادة وتبتلع به منطقتناعبر التفتيت والتقسيم الذي سبق وان حذرنا منه مفكرنا المصري الراحل عبد الوهاب ألمسيري حين قال " إن الإستراتيجية الغربية تجاه العالم الإسلامي تنطلق من الإيمان بضرورة تقسيم العالم العربي والإسلامي إلى دويلات إثنية ودينية مختلفة، حتى يسهل التحكم فيه

بعد هذه الحقائق الدامغة الا يجب ان نلتقي وحدة البيت العربي الذي لا يفرق بين سني وشيعي؟

الخميس، 10 أكتوبر 2019

تعذيب الاطفال جريمة وحشية تتطلب قوانين عالمية رادعة

 ادمى قلوبنا مشهد ڤيديو لأب عربي مقيم بالرياض وهو يضرب طفلته الرضيعة ويعذبها وسط تعالي صراخها وفزعها. هذا المشهد الوحشي الشرير اللاانساني للأسف يتكرر في كثير من البيوت العربية بعيدا عن أعين المجتمع وقد يفضي بالصغار الى الموت.


وتفزعنا الصحف يوميا بوقائع عن تعذيب وحشي بحق الاطفال الصغار سواء على أيدي ذويهم أوجداتهم أو زوجة الاب أو زوج الام في جرائم مفزعة تقشعر لها الأبدان، بل ان الاعتداء الجسدي بحق الاطفال من جانب اخوالهم او أقاربهم بات ظاهرة متكررة تؤكد افلاسنا الاخلاقي والديني والانساني.

بينما تقف العقوبة القانونية لمعذبي الاطفال عاجزة عن ردع المجرمين ووقف وحشيتهم، فالعقوبة المنتظرة بحق الاب العربي بعد تعذيب طفلته الرضيعة بالسعودية هي السجن لمدة لاتقل عن شهر، ولاتزيد عن سنة، وبغرامة لاتقل عن 5آلاف ريـال، ولا تزيد على 50 ألف ريـال!!!

والطفلة جنة المصرية الاقل من خمسة سنوات تلقى حتفها متأثره بتعذيب جدتها بالمستشفى بعد ان بترت ساقيها واصيب جسدها النحيل بالعديد من الحروق في الظهر والحوض و اماكن عدة .

وقد يعاقب الجناة بالمادة 96 من قانون الطفل  المصري بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد عن 5000 جنيه وحبس ستة أشهر!!!

أما اذا اثبت تشريح جثة الطفلة جنة تعرضها للاغتصاب على ايدي خالها قبل ان تتولى جدتها ازهاق روحها للتستر على جريمة ابنها، فان العقوبة المنتظرة بحسب المحامين هي الاعدام للجدة والابن المغتصب للصغيرة.

وكذلك دفعت الطفلة " رهف " العراقية ابنة الـ 7 سنوات  روحها ثمنا لوحشية زوجة أبيها بعد ضربتها على رأسها بآلة حادة تسببت بنزيف في الدماغ!  وقد تقع على زوجة الاب عقوبة الاعدام بتهمة القتل العمد، وقد تعاقب بالسجن 20 عاما بتهمة الضرب المفضي الى الموت؟

اللافت، ان معظم الدول العربية لا تعاقب معذبي الاطفال بعقوبة راداعة الا في حالة واحدة وهي موت الطفل الضحية اذا ثبت للمحكمة نية القصد في القتل، أما باقي جرائم تعذيب الاطفال فيحكمها قوانين تنص على إباحة التأديب شرعا مما يتيح لاولياء الأمور انتهاك حرمة الصغار وتعذيبهم بحجة التأديب، وعقابهم على جرائمهم بحق الصغار بعقوبات مخففة جدا.

وتعذيب الاطفال منتشر في العالم  كله، وهو ما وثقه كتاب quot;ألمانيا تعذب أطفالهاquot;  للبروفيسور ميشائيل تسوكوس ، موضحا أن 160 طفلًا يموتون سنويًا بألمانيا نتيجة تعذيب ذويهم، وان أكثر من 200 ألف طفل يتعرّض للتعذيب الشديد والضرب.

الطفلة الالمانية " ياغمور3 سنوات  " نموذج لعنف الولدين وعانت من كسور وكدمات وجرى علاجها اكثر من مرة في المسشتفيات بينما أفرج القاضي عن الوالدين، وبعد مرور ثلاثة أشهر على اعادتها لوالديها ماتت الطفلة متأثرة بتعذيب وحشي ونزيف داخلي !!!

اؤكد ان المجتمع الدولي مطالب بسن تشريعات عقابية رادعة تقتص من معذبي الاطفال  تصادق عليها دول العالم لحماية الطفولة من العذاب الوحشي والموت، دون النظر لمزاعم ان اهالي الاطفال مدمنين او مرضى نفسيين .

أتمنى ان تنشئ بلادنا العربية مؤسسات لفحص أهلية الازواج للانجاب و تربية الصغار  ومن لا ينجح لا يسمح له بالإنجاب والتربية لانه محتاج يربي نفسه قبل ان يخرج لنا أجيال مدمرة نفسيا.

الأحد، 29 سبتمبر 2019

من المتورط في عرقلة جهود مكافحة المخدرات باوطاننا العربية

 تفتك تجارة المخدرات بأنواعها بأكثر من 250 مليون نسمه يشكلون 5% من سكان العالم البالغين ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، وتتسبب في وقوع 200 ألف حالة وفاة مبكرة سنويا.


ويتجاوز عدد المدمنين بعالمنا العربي 10 ملايين شخص ويحتل المغرب المرتبة الاولى في انتاج نبتة القنب الهندي، بينما مصر تتصدرالمركز الاول بقائمة الدول العربية تعاطيا للمخدرات بنسبة 10% من عدد السكان البلغ نحو 90 مليوناً، وان التعاطي قد يبدأ في سن التاسعة والعاشرة.

أما العراق فقد تحول من ممر لتهريب المخدرات الى بلد متعاطي له خاصة في صفوف الشباب بنسبة 80% .

تستثمر مافيا المخدرات الانفلات الامني والانهيار القيمي والتفتتت الحادث في عضد بلادنا العربية منذ الغزو الامريكي للعراق مرورا بثورات الربيع العربي وانتهاءا بما احدثه التمزق السياسي والطائفي والداعشي في مجتمعاتنا، مما جعلنا فريسة سهلة امام اغراءات جديدة لمافيا المخدرات وابتكارتهم اليومية في صناعة المخدرات التي تدر عليهم ارباحا طائلة تزيد عن 500 مليار دولار سنويا بحسب تقديرات المؤسسات العالمية.

لكني اتوقف بالذات امام استهداف الاطفال وطلاب المدراس بالمخدرات في الدول العربية، حيث صارت ظاهرة ادمان المراهقين مخيفة في مصر والعراق والاْردن والخليج ولم تقتصر على الأغنياء بل امتدت ايضا الى محدودي الدخل.

وهذا يعني ان هناك خطة ممنهجة لتدمير المجتمعات العربية بدءا من النشئ الصغير وصولا للهرم منها، بينما تفشل جهود المسئولين العرب في اجهاض تجارة المخدرات، رغم ان مكافحتها جزء اصيل من اختصاصات الامن القومي العربي، ولا تقل مكافحتها اهمية عن مكافحة ارهاب داعش.

وأود الاشارة الي انني كنت أقدمت منذ عدة سنوات على شن حملة ضد المخدرات في المدارس بخطة محكمة و مدروسة و شاملة تسبق الأحداث التي جرت لاحقا لكني لم أتلق التشجيع، بينما كان من الصعب عملها دون دعم  على الاقل معنوي، ربما كان المسئولون مشغولون بامور اخرى !!!

لكن تنامي انتشار المخدرات بأوطانناالعربية رغم جهود المكافحة يثبت بما لا يدع مجالا للشك، بأن مسئولين يتوروطون في نشر المخدرات ببلادنا، وانهم يستفيدون من ارباح تجارتها بشكل يعمي قلوبهم عن مصلحة الاوطان وأمنها.

ولعل التحقيقات التي اثبتت تورط رئيس مكافحة المخدرات بسوريا وكذلك تورط عدد كبير من ضباط في داخلية النظام السوري، وكذلك تورط سياسيين ومسئولين عراقيين وأصحاب نفوذ  قي تجارة المخدرات تفسر لنا لماذا تفشل جهود مكافحة هذه الجريمة؟.  

ولعلي أقف تحية للحملات التي تشنها الاجهزة العراقية التي كشفت فيها عن المسئوليين المتورطين بجرائم الاتجار بالمخدرات وأتمنى ان تشدد عليهم الاحكام القضائية حتى يكونوا عبرة لغيرهما

واظن اننا في اشد الحاجة الى الاستفادة من التجربة الصينية، حيث أنهت الثورة الماوية إدمان المخدرات في البلاد، وانتهت زراعة الأفيون وتسرب المخدرات اليها.

الأربعاء، 25 سبتمبر 2019

الهولوجرام والسحر في العصر الحديث

 العلم بحر واسع ليس له قرار أو حد يقف عنده، ومع ذلك يخبرنا الخالق العظيم ان كل المنجزات العلمية في حياتنا قليلة قياسا بعلم الله تعالى " وما أوتيم من العلم الا قليلا ".


هذا القليل من العلم قادر على ان يثير الدهشة الدائمة في عقولنا و ارواحنا ونقلنا من فضاء كوني الى اخر، ويبدو كأنه يعيد الموتى للحياة، ويوفر قضاء احتياجاتنا دون مغادرة اماكنا اعتمادا على واقع افتراضي غير حياتنا على كوكب الارض بتقنيات الليزر والصورة والطابعات ثلاثية الابعاد وتقنية الهولي جرام التي يتوقع العلماء ان سرعة تطورها ليكون لديها القدرة على حذف الذكريات المؤلمة من حياتنا واستبدالها بذاكرة منعشة سعيدة وفرحة ، بل ان بعض العلماء ذهبوا لتوقعات اكبر من ذلك مثل واعادة الابصار لمن كف بصره !!!

في الازمنة القديمة كان السحرة والكهنة قادرين على سلب عقول الناس بالسحر، اما في عالم الالفية الثالثة للميلاد بات العلم اكثر تاثيرا من سحر الكهنة والعرافين، بل يكاد للمرء ان يتخيل ان التقنيات العلمية الحديثة هي نفسها سحر العصر.

فتقنية "الهولوجرام" تمتلك خاصية إعادة تكوين صورة الأجسام بأبعادها الثلاثة وباستخدام أشعة الليزر، وهي عبارة عن عرض مرئي يعيد إنشاء الصورة وعرضها بصوره ثلاثية الأبعاد وبجودة عالية، لتطفو الصورة فى الهواء كمجسم هلامى ثلاثـى الأبعاد و يظهر كطيف مـن الألوان يتجسد على الشكل المراد عرضه.

وهكذا منحتنا تقنية الهولوجرام القدرة على تجسيد موسيقيين متوفين كصور مجسمة ثلاثية الأبعاد؛ مثل مايكل جاكسون وإيمي واينهاوس وتوباك وروي أوربيسون وام كلثوم والعندليب وغيرهم .

وقد استخدمت فكرة التصوير المجسم في سلسلة افلام حرب النجوم وفنون التخابر في المستقبل، وكذلك في فيلم أوشنز12 ، وفي فيلم سبايدر مان في جزئه الأخير كما يتوسع استخدامه في الاغراض التجارية كالترويج الاعلاني للسلع والتحف الثمينة وفي كروت الائتمان ومنع التزوير، وكذلك بالمؤتمرات الدولية والدعاية الانتخابية للمرشحين ، كما استخدمتها بعض الجامعات البريطانية لتوفير صور تجسيدية ثلاثية الأبعاد للأساتذة والاستغناء عنهم.
 
تطبيقات مدهشة
يطور العلماء دراساتهم على توظيف قدرات الهولي في علاج امراضا مزمنة مثل الشلل وكف البصر، باستحداثهم لنظام " المغير العقلي الولوجرافي "، من خلال تسليط  جهاز التصوير الهولوجرامي، على خلايا الدماغ لاستبدال الحواس المفقودة بالجسم وتغيير ذكرياتنا.

كما يتوقعون ان يتاح للمكفوفين فرصة رؤية الأشياء أو أن يشعر المشللولين بحاسة اللمس، حيث يقوم الجهاز بقراءة النشاط العصبي ، وينشط مجموعات من الخلايا العصبية لتستبدل الأحاسيس المفقودة، هذا يمكن أن يكون مفيدًا لشخص عانى من تلف الأعصاب الطرفية أو يحتاج إلى السيطرة على طرف صناعي.
ويبقي لسحر العلم سلطان علينا يجذبنا كالمغناطيس اليه دون ان نلتفت للمخاطر المحتملة.

 وللحديث بقية عن أعاجيب الهولوجرام

الجمعة، 13 سبتمبر 2019

حرق غابات الامازون والتقاعس الدولي في حماية كوكبنا

 في الوقت الذي يشهد العالم تحالفات عسكرية لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، فانه يبدو  اكثر تقاعسا عن حماية كوكبه الارضي من الدمار المنتظر من التلوث والاخلال بالتوزان البييئ، فالمجتمع الدولي ترك الحبل الغارب لكل ذي قوة ان يفعل بالكوكب ما يشاء من انشطة اقتصادية اشد ضررا على الانسان والحيوان والنبات.


وهذا ما حدث خلال كارثة اشتعال حرائق غابات الامازون من مدة، حيث جاء رد فعل المجتمع الدولي متأخرا جدا بعد استمرار الحرائق لثلاثة اسابيع، حتى انتفضت الامم المتحدة، والمجتمع الدولي ليمارسوا ضغوطا على الرئيس البرازيلي  كي يحرك طائراته الحربية وينقذ هذه الغابات.

فاحتراق 20% من الغطاء النباتي بالأمازون سيدمر كوكبنا، لأنها تنتج كميات كبيرة من المياه الضرورية للبرازيل وأمريكا الجنوبية، كما انها توفر ما يقرب من خمس المياه العذبة التي تصب في المحيطات.

وتمد غابات الأمازون عالمنا ب20% من الأكسجين، لأن أشجارها تمتص مليارات الأطنان من غازات ثاني أكسيد الكربون وتحولها إلى أكسجين مما يبطئ الاحتباس الحراري في العالم كله، فلنا ان نتخيل اننا بهذه الحرائق نفقد هذه النسبة المهمة من الاوكسجين اللازم لحياتنا!

وسنفقد أيضا المئات من الكائنات الحية التي تعيش بهذه الغابات ووجودها يشكل ضرورة في تحقيق التوازن البييئ في العالم، فبحسب وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» فان هذه الحرائق ستؤدي الي هلاك العديد من الكائنات الحية، فيوجد فيها أكثر من 2 مليون و500 ألف نوعٍ من الحشرات، والعديد من الحيوانات النادرة المعرضة للانقراض.

تقلصت مساحة غابات الأمازون في السنوات الاخيرة نتيجة الحرائق التي تندلع سنويا بموسم الجفاف، وطالت الحرائق 2.5 مليون شجرة، أى نصف مساحتها كما تذكر التقارير الدولية وأن التصحر في ازدياد كبير.
 
جريمة كونية
ترتكب ابشع جريمة بحق غابات الامازون ليس فقط نتيجة اهمال اطفاء الحرائق المشتعلة والتي قد تقع بفعل فاعل، فان هذه الغابات تنتهك حرمتها بازالتها وقطع اشجارها للتوسع فى زراعات الوقود الحيوى وفول الصويا، وزيادة مساحة المراعى لتربية الماشية، وكذلك بناء السدود وصناعة التعدين وتجارة الأخشاب، أو بيع الأرض لمطورين عقاريين لبناء مساكن تدر أرباحا كبري دون اي عقاب رادع من الحكومة ضد هذه الانتهاكات الصارخة.

اخيرا تحرك المجتمع الدولي لانقاذ غابات الامازون عبر تعهد مجموعة السبع بتخصيص 20 مليون دولار كإجراء عاجل لمكافحة هذه الحرائق ووضع خطة مساعدة لإعادة زرع الأشجار بالمناطق المتضررة.

ولكني ذلك برأيي ليس كافيا، لان هذه الغابات يجب ان تكون تحت حماية دولية، وتتطلب التعاون الدولي في جمع تبرعات اكثر لاعادة زرع غطائها النباتي وحماية الكوكب من الهلاك..

الأربعاء، 11 سبتمبر 2019

المتظاهرون يريدون عراقا عادلا ووطنا قويا ناهضا

 مع تصاعد الاحتجاجات بالعراق ترجمة لرفض المتظاهرين لكل اشكال الفساد الذي ينخر كالسوس في البلاد، ومع الدعوات لعصيان مدني، فان الحكومة العراقية باتت مطالبة باسرع وقت باجراء اصلاحات جذرية في منظومتها السياسية والاقتصادية تلبية لحاجات المتظاهرين المشروعة في حياة كريمة بعيدا عن الفقر والجوع والمرض، وهي ابسط حقوق الانسان.


ورغم سلسلة الاجراءات التي اتخذتها السلطات العراقية لاحتواء الاحتجاجات، فان هذه الاجراءت لم تفي باحتياجات الشعب الثائر، خاصة وان 22.5 منهم فقراء بحسب الاحصاءات الدولية، وتصاعد الاحتجاجات يكشف عن رفض اصحاب الحقوق المشروعة في وطنهم لأية محاولات لترقيع الاوضاع الاقتصادية الشائكة عبر وعود بالاصلاح او اصلاحات جزئية محدودة تهدئ من ثورة الثائرين حتى يفضوا التظاهر، وتعود ريما لعادتها القديمة فساد ملأ السموات والارض يدفع ثمنه شعب قدم اعرق الحضارات في التاريخ الانساني.

والواقع يؤكد على عمق الفجوة بين الشعب والكتل السياسية، وعلى استمرار غياب العدل في توزيع ثروة البلاد، وكشفت صرخات المحتجين عن حقيقة غياب منصة ديمقراطية شرعية للمطالبة بالحقوق الدستورية المشروعة، لانه ببساطة شديدة النواب لا يمثلون من انتخبهم ولا يؤدون دورهم في توصيل طلبات الشعب للمسئولين.

والنتيجة الطبيعية هي اندلاع المظاهرات والفوضى واستخدام الاطفال في التظاهرات وتعريض حياتهم للخطر، بل ودفعهم للتطاول على الشرطة والجيش، في تجاوز انتهاك صارخ لمعاني الطفولة.

نعم هناك خوف من أن يسرق اصحاب الاجندات ثورة المحتجين ويقودوا البلاد للهلاك، كما اننا لانقبل بضياع هيبة الشرطة والجيش، بل ان سحب السلاح من الجميع وتسليح الجيش يعد ضرورة للاستقرار ومن أراد خدمة الوطن فلينتسب رسميا للجيش، لكن هذا لا يبرر قتل المتظاهرين السلميين فهذا عار لا يمكن محوه من تاريخ العراق.

ان استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين السلميين أمرا لم يعد مقبولا، وانه حان الآوان للحكومة العراقية ان تقوم بالتطهير الذاتي من داخلها لاقتلاع سوس الفساد الناخر في اضلعها، اول خطوة في هذا التطهير هو كشف المتورطين بالفساد ومحاسبتهم بكل حزم، وبنظري فان الضرورة تقتضي ـ كما يطالب المتظاهرون ـ باعادة تصحيح الدستور بما يضمن حقوق الشعب حسب الكفاءة وبمعزل عن المحاصصة و التقسيم الطائفي.

وفي اعتقادي ان الحكومة مطالبة بوضع خطة قابلة للتنفيذ الفوري على الارض للاصلاح السياسي الذي يقود الي اعادة توزيع ثروات البلاد بشكل عادل بكافة المناطق، والاسراع في تنفيذ خطط متوازية لدعم الخدمات الصحية والتعليمية وكافة المرافق الضرورية.

واقول للحكومة ان توفر لنا هذه الطلبات واذا رأيتي أية مظاهرات فقولوا وقتها على المتظاهرين، مخرب او بعثي او مندس قل ماتريد. فالشعب العراقي يريد توفير متطلبات الحياة الاساسية والضرورية اليومية من مستشفيات حديثه وضمان صحي.

نريد مدارس محترمة وجامعات متطورة كما في دول العالم، وهذا حقنا لاننا نعيش في دولة نفطية فيها كل الخيرات، ونريد مصانع ومعامل لتصنيع احتياجاتنا البسيطة وهذه المصانع بالتأكيد ستوفر الالاف من الوظائف لأبناء الوطن.

ونريد بلدا زراعيا متقدما، خاصة واننا نعيش في بلد به نهرين وحضاراته قامت على الزراعة، ومن ثم يجب الاسراع في استثمار طاقة علمائنا بالجامعات لتطوير الزراعة واحداث نقلة نوعية فيها لسد الجوع والفقر و الاكتفاء الذاتي .

العراقيون جميعا ينتظرون الاسراع في اقامة دولة حديثة شوارعها معبدة ونظامية مثل الدول المجاورة تتوافر فيها محطات قطار ضمن المواصفات العالمية بما معناه تأمين وسائل نقل للمواطنين ، وحل مشكلة الكهرباء وتوفير المياه للمنازل معلمه و نظيفه كما يستحق المواطن العراقي .

وينتظر المتظاهرون سرعة احياء وبعث السياحة بالبلاد لتأخذ مكانتها بين السياحة العالمية فبلد السبع حضارات والأقدم عالميا ولا تستغل السياحة بها هذا امر مستهجن فلنطور ادوات السياحة من آثار ومتاحف وغيرها من المرافق فقد تأخرنا كثيرا ،كما اننا نحتاج وسائل ترفيه للاطفال من حدائق و ألعاب ترتقي بالطفل العراقي المسلوب الطفولة ،كما انه يحتاج لنواد علمية و رياضية، وأماكن يملأ بها فراغه بشيء نافع.

ويأمل كل مواطن عراقي أن يمتلك بيتا امنا و ليس كبيوت التنك والعشوائيات، وان يتقاضى راتبا يؤمن به احيتاجات معيشته بكرامة وعزة، على ان يتم تأمين الوظائف للعاطلين عن العمل و التدريب على المهن الخدمية و الحرفية لان الوطن بحاجة النجار والحرفي حاجته للطبيب و المهندس ،وان يتم التوظيف حسب الخبرة ومجال الاختصاص .

وختاما، نحن نريد دولة قوية فيها قانون يحمي الضعيف وينصره ويرجع الحقوق لاهله، وجواز سفر عالمي يكون محترم ومقدر من كل دول العالم بما يتناسب من سيادة العراق و امتلاكه زمام اموره و استقلالية قراره.

أظن انه اذا تحققت هذه المطالب الاساسية التي تحظى بها الدول المجاورة، فلن نجد متظاهرا واحدا يطرق الشوراع بل انه سيعمل جاهدا على الحفاظ على ما حققته له الدولة من مكتسبات و انني بهذا المقال الذي امثل به نفسي و رأيي الشخصي متاكدة من ان حتى المسؤولين يعرفون ان هذا هو الصحيح و لكنني في النهاية أطالب المتظاهرين ان يبقوا على وطنيتهم ووحدتهم كما هم ينادون بعراق واحد موحد عربي كردي شيعي سني تركماني يزيدي صابئي مسيحي مسلم اخوة بالمحبة و السراء و الضراء كما ان يحافظوا على بلدهم و ممتلكاتهم بعيدا عن اعمال العنف والشغب او اتلاف املاك الوطن فأنتم خرجتم للإصلاح بل لاعمار العراق و ليس تدميره نشد على ايديكم بالإصرار لأخذ حقوقكم بالطرق السلمية و حذاري حذاري الانجراف خلف كائن من يكن من اَي دولة خارج العراق لتكون أجندتكم وطنية محلية.

الأحد، 25 أغسطس 2019

المعنفات وبيوت الرعاية وخطوات الإصلاح

 تعاني المرأة من العنف في كل بيئات العالم، ويقع العنف على أساس نوع الجنس، فالتفوق الذكوري للازواج والاباء والابناء الذكور يدفع بوقوع العنف بحق النساء، في بعض الحالات بدلا من ان يكون البيت هو الملاذ الآمن للمرأة يتحول الى موطن الخطورة عليها.


غير تعنيف المرأة في عالمنا العربي له خصوصية ثقافية ترتبط بعادات وتقاليد تفرض على النساء أن يتكتمن على خلافاتهن الأسرية، ومآسيهن من عنف واهانة، نتيجة سيادة العادات والتقاليد والاعراف الاجتماعية التي تكرس للخصوصية والحفاظ على سمعة البيوت.

وسرعان ما تفقد المرأة المعنفة إنسانيتها اذا ما تعرضت للاهانة والضرب والطرد من بيت الزوجية وعدم النفقة وتواجه مصيرا مجهولا مع صغارها في الوقت الذي يلومها المجتمع ويلقي عليها بمسئولية الفشل في حماية بيتها واطفالها، وهكذا تكون الضحية التي تحتاج الى المساعدة في نظر الاعراف البالية هي الجاني!!!

فالثقافة العربية تفرض على المرأة لزوم الصمت والتحمل، وعدم التذمر أو الشكوى، والصبر على سوء معاملة الأب أو الأخ، ومن بعدهم الزوج أو حتى أهل الزوج، كما تحملها مسئولية الحفاظ على الاسرة مهما بالغ الزوج في بطشه وقسوته.

وكالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال تكرس الاعراف الاجتماعية لثقافة الطمس والصمت تجاه الفتيات ضحايا الاعتداء الجسدي اللواتي لا يجدن من يساعدهن من الاهل للخروج من هذه الكارثة، بل يعمد المجتمع الى اخفاء هذه الجريمة بوصفها عار اجتماعي يتوجب قهر الضحية مجددا اما بقلتها فيما يعرف بجرائم الشرف او تزويجها قسراً بنفس المجرم الذي اعتدى عليها.

بيوت الرعاية
الكثير من دولنا العربية أقامت مراكز وبيوت لإيواء النساء المعنفات، ولتوفير إقامة مؤقتة وآمنة لهن مع تقديم خدمات من الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية بما يسهل عمليات اعادة التأهيل والدمج الاجتماعي.
والبعض القليل من بيوت الرعاية، تعيد تأهيل المرأة وتمكينها اقتصاديا بالتدريب على اعمال تدر عليهن دخل يخفظ كرامتهن، غير ان اكثر هذه البيوت لا توفر آليات التمكين الاقتصادي، وتعاني من نقص التمويل.

وبالرغم من هذه التجربة المهمة لبيوت الرعاية الا ان عددها قليل قياسا على زيادة عدد النساء المعنفات، كما انها
تحتاج الى التزود ببرامج لتأهيل المرأة مهنيا، في الوقت نفسه، فان المجتمعات العربية قد تصنف النساء المعنفات والهاربات من بطش الاب او الزوج على انهن سيئات السمعة رغم انهن اطهار وشرفاء، وان سوء السمعة تلحق بيوت الرعاية التي يتواجدن بها.

هذه النظرة المغلوطة قد تدفع مسئولي بيوت الرعاية الى التشديد مع النزيلات الضحايا مما قد يحول هذه الدور الى سجن موازي لعنف الآباء والازواج، وهذا يعني اننا في أشد الحاجة لاعادة تثقيف المجتمع بأهمية بيوت الرعاية ومقاصدها الشريفة في حماية المرأة المعنفة من التشرد والضياع الاجتماعي.

في ظني ان عالمنا العربي في اشد الحاجة للتوسع في انشاء المراكز الخاصة برعاية النساء المعنفات، والأخرى الخاصة بنشر الوعي وتغيير النظرة الدونية للمرأة، وكذلك التوسع في انشاء مراكز تأهيل الشباب قبل الزواج بحقوق المؤسسة الاسرية.

ولان الوقاية خير من العلاج، فان تجنيب المجتمع تعنيف المرأة يبدأ من الصغر عبر تعليم الطفل قيم احترام المرأة وتقديرها بعيدا عن الضرب، وتعليمه داخل الاسرة وداخل المؤسسة والمناهج التعليمية قيم المساواة في التعامل بين البنت والولد، مع اصلاح المنظومة الاعلامية التي تكرس لضعف المرأة واهانتها، مع نشر الوعي المتواصل بخطورة العنف ضد المرأة، وتحذير الرجال من العقاب الذي ينتظرهم حال ارتكابهم جرائم العنف بحق النساء.

و تلاشيا لهروب المرأة خارج البيت و انجرافها مع رفاق السوء او سفرها للخارج وهو بنظري خطأ فادح تقع به الفتاة او المرأة حين توسع دائرة المشكله للمجتمع الدولي فمن المؤكد ان بكل دولة مؤسسات داخليه تحمي المرأة من العنف و البطش سواء من والدها او اخيها او زوجها او ابنها

ومن هذا المنطلق نطالب بحل المشكلات داخليا باحتواء المرأة المعنفه و التفاعل مع مشكلتها اولا بتوعية الأسرة سواء الاب او الزوج بثقافة احترام المرأة فهي كائن مساوي للرجل بالحقوق و الواجبات و هي مواطن درجة أولى مثلها مثل الرجل و لها حقوق في دولتها و حكومتها مثلها مثل الرجل فالتوعية تبدا من المدارس و الجامعات و دور العبادة و الخطاب الديني و وسائل الاعلام ببث برامج توعوية تكرس قيمة المراة و حقها بالعيش الكريم و حرية الرأي و الفكر و حقها في التعليم والعمل

وثانياً سن القوانين التي تجرم الاعتداء علو المرأة سواء اللفظي او الجسدي بكافة أنواعه و تطبيق القانون بعيدا عن التستر بسبب العادات و الأعراف الاجتماعية فالمشكلة لا يمكن ان تحل الا بجذورها

ثالثا وجود منصة شرعية تابعة للدولة تلجأ لها الفتاة او المراة في خال تعرضها للإهانة او الضرب و التعنيف تتكون هذه المنصة من سيدات ورجال منصفات يتبعن القانون و الأعراف الاخلاقية الرحيمة لكل الديانات وبهذا البند نكون قد جنبنا المراهقات او الفنيات من الشكوى او أخذ النصيحة ممن ليسوا اهلًا لها فينصحوها بالانحلال و الانحراف و الخروج عن القيم و المثل التي تحفظ لها كرامتها و تصونها كإنسانة كما تجنبها الهروب خارج إطار الاسرة او الوطن
رابعا يشترط على منصة الشكوى ان تكون مربوطة بشكل أساسي بعد تفنيد المشكلة و تحليلها بمراكز متابعة مع المشتكية و اسرتها و التعهد و الالتزام بحل المشكلة و المتابعة اليومية مع المشتكية الى ان تحل مشكلتها
خامسا بما يخص المشكلات الكبيرة التي لا يمكن ان تحل في ضَل تواجد الفتاة في نفس بيئتها ومحيطها يجب نقلها الى دار الرعاية والتأهيل بعلم اَهلها و إجبارهم على تقبل حكم المؤسسة التي تعمل بشكل حكومي وقانوني لحماية المواطنين لانهم في عهدة الدولة

سادسا دور التاهيل ليست فندق او مكان للنوم والأكل و إنما مركز معد بشكل حرفي للتأهيل النفسي و دورات تدريبية لتقوية المرأة من الداخل لمواجهة الحياة و توازيا مع التأهيل النفسي يكون التأهيل المهني بتعليمها حرفة او صنعة تستطيع من خلالها العمل وكسب الرزق الحلال

سابعا اذا اردنا كمجتمعات عربية محافظة على الإطار الأسري و شكل الاسرة التي نعهدها في مجتمعاتنا من ترابط و محبة يجب بالتوازي العمل على معالجة المُعَنٓف المعتدي على المراة بعلاج تربوي اخلاقي وتعديل القيم والسلوك المنحرف الذي يسلكه و الا كيف يمكننا اعادة ارسال المرأة المعنفه الى ذات البيت و ذات البيئة دون تغيير فتعود المشكلة وكأننا نرمي بجهودنا في البحر

وفي النهاية أوجه كلمة لأولياء الامور بإعادة النظر بالقيم المغلوطة والانتباه الى نتائج أساليبهم الظالمة فهل فعلا أدت الى الانظباط ام الى الانحلال فالضغط يولد الانفجار اما المحبة و الرعاية الطيبة و زرع القيم الحميدة بأسلوب راقي وحنون ينتج أفراد صالحة لبيتها وأسرتها كما انني أوجه رسالة لكل رجل بأن المرأة ليست ملك احد اشتراها بل هي انسان خلقه الله ليعمر الارض يدا بيد مع الرجل وهي كائن صالح طالما زرعتم به الصلاح . و لا يزرع الصلاح بالعنف والقسوة ابدا وإنما بحسن التربية وإعطاء الوقت والاهتمام لهذا الزرع .و لم يكن أبدا تعليم المراأة و عملها مدعاة للفساد بل العكس لا تفسد الا المراة الجاهلة المعنفة الفاقدة للثقة بنفسها والتي تشعر بعدم أهميتها وعدم تأثيرها الإيجابي في مجتمعها هي التي تلجا للانحراف

وختاما اتمنى ان يصل صوتي لاصحاب القرار لتبني مثل هذا المشروع