الاثنين، 31 أغسطس 2020

مطلوب ثورة تشريعية لمناهضة التمييز بحق المرأة العربية

 حققت المرأة العربية تقدما كبيرا في حقوقها الخاصة بالتعليم والتمثيل النيابي خاصة عن طريق نظام الكوتة ، مرورا بزيادة نسب تعليمها ومشاركتها في بناء المجتمع ،ولكن تظل سلطة اصدار القرار بيد الرجال بسبب خلو التشريعات الوطنية العربية من المساواة بين الرجل والمرأة رغم تصديق بعضها علي الاتفاقيات الدولية الخاصة بعدم التمييز ضد المرأة.

ورغم محاولة الدول العربية تقليص عمليات تهميش دور المرأة في المجتمع عن طريق فتح نافذة لها للعمل السياسي عبر نظام الكوتة لتعويض قصور الثقافة الاجتماعية في منح المرأة الثقة في العمل السياسي و العمل العام ، الا انني أري ان نظام الكوتة ينتقص من قدرات المرأة ،والأولي ان يتم تدريب المرأة علي العمل السياسي والاجتماعي من خلال الندوات وورش العمل ومراكز اعداد القادة ثم بعد ذلك اطلاقها للمنافسة الشريفة في سوق العمل السياسي عبر انتخابات حقيقية مع بذل الجهد الاعلامي والثقافي لتغيير المفاهيم الاجتماعية المغلوطة بحق المرأة وقدراتها وحقها في المشاركة السياسية وصنع القرار .
فتقليص دور المرأة في صنع القرار أدى الى عدم قدرتها على تغيير التشريعات التمييزية بحقها ، ناهيك عن تأثير النشأة الاجتماعية والموروثات الثقافية التي لا تزال تنظر إلى العنف بحق المرأة كجزء من واجبات الرجل وحقه .
الواقع العربي
قانون الأسرة في مصر يحمل العديد من مظاهر التمييز ضد المرأة بالنسبة للزواج والطلاق وحضانة الأطفال، يمتلك الرجل المزيد من الحقوق التي تتيح له الحصول على حضانة الأطفال حتى إذا تزوج مرة أخرى، بينما تفقد المرأة طفلها اذا تزوجت برجل أخر.
ومع تمتع النساء بالبحرين بعدد من الحقوق ، مثل حق المرأة في الانتخاب والترشح ،لكنها لا تستطيع إعطاء جنسيتها لأبنائها ، و لا تستطيع استخراج الكثير من الوثائق سواء لها أو لأبنائها إلا بحضور ولي ذكر من الدرجة الأولى من القرابة.
بينما تطغى العادات والتقاليد على القوانين والتشريعات في سوريا ، فرغم ان القانون يمنح المرأة حق الحضانة، فان العادات والتقاليد تمنعها من التمتع بهذه الحقوق ،حيث تحرم المرأة أيضا من حقها في الإرث .

أما مواد القانون العراقي فتحرّض على قتل النساء ومنها المادة 409 من قانون العقوبات العراقي تحت مسمى غسل العار، حيث يصدر القانون العراقي أحكاما مخففة على الرجال الذين يقتلون زوجاتهم أو بناتهم تحت هذه الذريعة. بينما يماطل في اصدار تشريع قانون الحماية من العنف الأسري.
مأساة اليمنيات
ويحمل قانون الجرائم والعقوبات اليمني كثيرا من التمييز بحق المرأة ،حيث يمنح الزوج حق دون غيره من الأقارب بتأديب الزوجة ، استناداً للمادة (26) من هذا القانون ووفقاً لبعض التفسيرات الفقهية لإباحة الأفعال التي تقع استعمالاً للحق ومنها قوله تعالى : " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغو عليهن سبيلا .. " ، متجاهلا وجود تأويلات عديدة أكثر من سبعة عشر معنى لكلمة الضرب التي وردت في النصوص القرآنية .
وفيما يخص جرائم الشرف في القانون الجنائي اليمني ،توضح نص المادة (232) على تخفيف عقوبة الزوج الذي يرتكب جريمة قتل زوجته هي ومن يزني بها حال تلبسها بالزنا أو يعتدي عليهما اعتداء يفضي إلى موت أو عاهة ، وتخفف عقوبة الرجل إلى الحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة بدلاً من الإعدام قصاصاً ، ويسري الحكم ذاته على من فاجأ إحدى أصوله أو فروعه متلبسة بجريمة الزنا ،في تجاهل تام للشروط الشرعية لحالات التلبس بالزنا.
بينما الزوجة التي قتلت زوجها بعد ضبطه متلبساً بجريمة الزنا ،يعاقبها المشرع اليمني بالاعدام قصاصا دون تخفيف للحكم ،وهوما يؤكد ان النص القانوني تمييزي بامتياز بحق المرأة ولا يساوي في العقوبة بحق الجريمة الواحدة ،ويتجاوز احكام الشريعة الاسلامية والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها اليمن ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
هذا الواقع المرير يؤكد وجود حاجة ماسة الى تعديل هذه المادة بما يتلاءم مع احترام مبدأ المساواة بين الجنسين ، لاسيما وأن هذه المادة والتي تتعارض تماماً مع أحكام الشريعة الإسلامية تفوق آثارها المترتبة كل الأثار السلبية التي ترتبها القوانين التمييزية .
ومعظم النساء العربيات يعشن هذه المعاناة، ويدفعن ضريبة التمييز ضدهن في قوانين العقوبات والجنسية والأحوال الشخصية، التي تتشابه كثيرا من نصوصها في اوطاننا العربية ، ففي العراق بموجب المادة 409 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، خفف عقوبة الرجل، الذي يقتل زوجته أو إحدى محارمه متلبسة بجريمة شرف إلى 3 سنوات كحد أقصى، ولا يمنح القانون المرأة نفس العذر المخفف إذا تفاجأت بزوجها في نفس الوضع.
وبنفس سيف القانون التمييزي ، تنص قوانين العقوبات في كل من مصر، واليمن، وسوريا، والصومال، وقطر كذلك على تخفيف عقوبة الرجل الذي يقتل زوجته متلبسة بجريمة الزنى إلى الغرامة أو السجن لمدد من سنة إلى 10 سنوات، وتوسع كل من العراق وليبيا وفلسطين النص ليشمل قتل المحارم أو الأقارب من النساء.

ويرجع الإبقاء على هذه القوانين الى سيطرة الفكر الذكوري والثقافة المجتمعية التي تدعم معاقبة المرأة عقوبة مضاعفة على نفس الجريمة.
وتنص قوانين العقوبات في مصر، وفلسطين، والأردن، وسوريا على معاقبة الزوجة التي ترتكب جريمة الزنى بمدد تتراوح من 3 أشهر إلى عامين ومعاقبة الرجل لنفس الجريمة بالحبس من شهر إلى عام باختلاف البلدان، وبشرط وقوع الزنى في منزل الزوجية في حالة الزوج.
في حين أن الشريعة الاسلامية نفسها لم تفرق في الحدود بين الرجل والمرأة، الزنى، هو مائة جلدة للرجل أو للمرأة وكذلك الحال في حد بقية الحدود.
القانون والثقافة
لاشك ان تعديل العقوبات في دولنا العربية بما يحقق المساواة بين الرجل والمرأة يتطلب بذل أقصى الجهود الو تغيير ثقافي في المجتمع من شأنه ان يعمل تغيير البيئة التشريعية الحالية،
فلا تزال قوانين العقوبات في العراق، وليبيا، والبحرين، والكويت تنص على إفلات المغتصب من العقاب في حال زواجه من ضحيته، فيما تنص قوانين العراق، والجزائر، وموريتانيا على سقوط عقوبة الخاطف إذا تزوج من الضحية.
والواقع المرير يؤكد ان المرأة العربية تعد مواطن درجة ثانية من حيث الجنسية ، وترجم ذلك قوانين الجنسية في أغلب البلدان العربية التي على حق الرجل في منح جنسيته لأبنائه تلقائيا، وتحرم بلدان أخرى المرأة من نفس الحق بشكل مطلق، مثل لبنان، وقطر، في حين تستثني بلدان من ذلك من ولد لأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له، مثل الأردن والسعودية وعمان والبحرين وسوريا والكويت وموريتانيا.
وقد جاهدت المرأة العربية في سبيل تعديل تشريعي يحقق لها المساواة، ونجحت حملات مثل "جنسيتي كرامتي" في لبنان و"أمي أردنية وجنسيتها حق لي" في الأردن و"جنسيتي حق لي ولأبنائي" في البحرين- في انتزاع بعض الحقوق، مثل حق العمل والعلاج المجاني واستخراج رخصة قيادة وغيره، ولكنها لم تضمن للقائمين عليها حقوق المواطنة الكاملة.
وبداية من التسعينيات، عدلت دول قوانين الجنسية بما يسمح للمرأة بمنح جنسيتها لأبنائها مثل مصر وتونس والمغرب.
وتبقى قوانين الاحوال الشخصية في الدول العربية أكثر اجحافا بحقوق المرأة لانها تتعامل معها بمنطق انها لا تصلح للولاية ، ويترجم ذلك فشل المرأة في الحصول على حكم بالطلاق من المحاكم للضرر وبعد فشلها في اثبات وقع الضرر ، فلا يبقى لها من حل سوى رفع دعوة خلع تتنازل بموجبه عن جميع حقوقها .
فقوانين الأحوال الشخصية في مصر، وفلسطين، والأردن، والسعودية، واليمن، والصومال، وقطر، وعمان، وجيبوتي، والبحرين، وموريتانيا، وجزر القُمُر، والإمارات ،تنص على حق الرجل في تطليق زوجته من جانب واحد أو دون إبداء أسباب، في حين أن على المرأة إثبات تعرضها للضرر الجسيم لتحصل على حكم بالطلاق.
ونصوص هذه القوانين تكبل حرية المرأة في إبرام عقد الزواج بنفسها، وتمنح الرجل الحق في الطلاق ولو تعسفيا، بجانب كونه الولي القانوني الوحيد على الأبناء فللأب وحده حق الولاية على الابناء في لبنان، والعراق، والأردن، وعمان، وجيبوتي، والبحرين، وفلسطين، واليمن، وقطر، والسودان، والجزائر، والإمارات، والمغرب، وموريتانيا ؛ مما يمنع المطلقة من إصدار هويات أو جوازات سفر لأولادها أو اتخاذ قرارات بخصوص تعليمهم.
الواقع الاردني
حقق الأردن تقدماً في مجال الإصلاح التشريعي بحقوق النساء وتعزيز حقوقهن،لكنه لا يزال بحاجة الى الكثير من الإصلاحات التشريعية لإزالة كافة أشكال التمييز ضد النساء، فقد أقر الأردن قانون الضمان الاجتماعي (2014)، ونظام تسليف النفقة (2015)، ونظام الخدمة المدنية (2013)، والقانون الجديد للحماية من العنف الأسري (2017)، ونظام دور إيواء النساء المعرضات للخطر (2016)، ونظام العمل المرن (2017) في القطاعين العام والخاص، وخطة تحفيز النمو الاقتصادي (2018-2022)، وتعديلات قانون العقوبات (2017) حيث ألغيت المادة التي تتيح للمغتصب الزواج من ضحيته والإفلات من العقاب (المادة 308)، كما منع إستخدام العذر المخفف بحق مرتكبي الجرائم بذريعة “الشرف” (المادة 98)، وعزز الحماية الجزائية لذوات الإعاقة، وأقر تعليمات جديدة لمنح الإذن في الزواج للفئة العمرية 15-18 عاماً.
اصلاحات ضرورية
وتبقي الاصلاحات التشريعية ضرورية لتحقيق المساواة لمعالجة اوضاع المرأة في سوق العمل الذي يشهد انخفاضا في نسب مشاركة المرأة خاصة في الاردن والناتج بشكل كبير الى التقاليد الاجتماعية التي تحصر عمل المرأة في اعمال تقليدية .
كما ان المرأة في الأرياف اكثر تعرضا لضياع حقوقها الانسانية ، حيث يتم تزويجها دون مشورتها بجانب تزويجها في سن مبكر، كما تحرم من حقها في الإرث عبر تحايل الاهل على القانون ،وهوما يستوجب زيادةجرعات حملات التوعية الثقافية للمرأة بحقوقها وتغييرالمفاهيم الاجتاعية لعادات وتقاليد تحكم الرجل في مقدرات المرأة .
لاشك ان الإصلاحات التشريعية باتت اكثر الحاحا لتحقيق مساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات ،وفي مقدمتها قانون الأحوال الشخصية وقانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي وقانون المحكمة الدستورية وقانون العقوبات وقانون الصحة العامة وقانون التقاعد المدني ونظام الخدمة المدنية وقانون منع الجرائم، وقانون منع الإتجار بالبشر.

الحركة النسوية بالاردن قدمت مشروعات للاصلاحات التشريعية لمكافحة التمييز ضد المرأة بحيث ينص عليها في الدستور، لكن لم يتم الاستجابة لها ، فلا يزال المشرع الاردني رافضا للاقرار بالمساواة التي يمكن أن تستفيد منها المرأة في العمل وفي الضمان الاجتماعيً ،وكذلك قانون الأحوال الشخصية بحاجة الى مراجعة دون المساس بالشرع ،مثل قضية النفقة التي يجب ان تتحصل عليها المرأة النفقة من خزينة الدولة، ثم يجري تحصيلها في ما بعد. وكذلك المرأة بحاجة الي تشريعات منصفة ،ولعلي اتفق مع مقترحات بعض الاردنيات بضرورة ان تكون المرأة الكفء جزءا من نسيج المحكمة الدستورية حتى يتاح للمرأة فرصة اجراء الاصلاحات التشريعيةوالدستورية .


الجمعة، 14 أغسطس 2020

سفينة للعلم والحياة وأخرى للموت والدمار

 في القرن السابع عشر جاءت سفينة الى لبنان تحمل البعثة اليسوعية وجلبت معها لميناء جونيا الحياة ونورالعلم ، لأن العلم هوالنور و الحياة ، وهذا هو الفرق بين من يجلبون الحياة ومن يجلبون الموت فجونيه اللبنانية، مدينة النور، وأرض الليمون، ومن أجمل مدن لبنان الساحلية، وهي عروس الشاطئ اللبناني ، حيث تبعد جونيه عن شمال العاصمة بيروت حوالي 20 كم فقط، وتقع في كسروان محافظة جبل لبنان .


هذه المدينة الساحرة في عام 1656، هاج بحرها فقذف بسفنية مجهولة الى رمالها ،وألقي القبض على ركابها وسيقوا الى الشيخ أبي نوفل كسروان الخازن حاكم المدينة .

وكان الشيخ أبو نوفل مدبر للأمير ملحم ابن شقيق الأمير فخر الدين ومستشار له ،وعندما أحضر الحراس ركاب السفينة لابي نوفل ، وكان بينها راهبان يسوعيان أحدهما الأب فرنسيس لامبر ، فاستبقاهما الشيخ أبو نوفل ، ووهبهما أرضا في عينطورة ،وساندهما بمبلغ من المال لبناء مدرسة .

علما بأنه عندما حل الباب كليمان الرابع عشر جمعية اليسوعيين في أوروبا عام 1773 ، تسلم ادرة مدرسة عينطورة وسلمها الى الاباء اللعازرييين ولا يزالون موجدين حتى يومنا هذا.

كان الشيخ ابو نوفل الخازن محبا للعلم وحاكما ذكيا فمنحه لويس الرابع عشر لقب شرف رفيع فرنسي عام 1658 وكأنه مولود في فرنسا، كما سماه ـ بموجب براءة ـ منصف قنصل بيروت عام 1662 ، على ان يخلفه ابنه في هذا المنصب بعد وفاته مدى الحياة ، علما بأن اصل هذه البراءة محفوظ عند الشيخين أمين وغسان كسروان الخازن .

وما يعنينا في هذا القصة الخاصة بتاريخ لبنان ، هو أن هذه السفينة التي احتضتنتها رمال جونيه بعد قذف البحر لها ، كانت سببا في اقامة مدرسة للعلم والنور والحياة ، بينما السفينة الروسية التي أصابها عطلا فنيا عام 2013 وكانت في طريقها الى موزنبيق ، ورست بمرفأ بيروت لاصلاح هذا الخلل وكانت تحمل 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم حولت مدينة الجمال والسحر بيروت الى مدينة منكوبة .

فسفينة القرن السابع عشر كانت تحمل العلم والنورمن خلال الاباء اليسوعيين الذين كانوا على متنها ، بينما السفينة الروسية التي تسببت في دمار بيروت وحولت البشر الى جثامين في دقائق والى مصابين باصابات خطيرة كانت تحمل مادة الموت والدمار .

ورغم مرور أكثرمن اسبوع على كارثة انفجار نترات الامنيوم التي كانت محمولةعلى السفينة وتم نقلها الى عنبر 12 بالمرفأ ،فان الشعب اللبناني لا يزال يحاول استيعاب هذه الكارثة وهضم خسائرها التي تزيد بحسب مسئوليين لبنانين عن عشرة مليارات من الدولارات ، خاصة وان أحياءا بكاملها قد دمرت في لبنان تاهيك عن مقتل 163 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من ستة آلاف بجروح ،وتدمير قطاعات اقتصادية مهمة بهذه المدينة الساحلية .

هذه الكوراث التي تسببت بها سفينة الموت الروسية لا يستطيع اللبنانون دفع فاتورتها خاصة وانهم يعيشون في أزمنة اقتصادية خانقة قبل وقوع كارثة الانفجار وعجزت الحكومة عن سداد ديون سيادية تتجاوز 150 % من الناتج الاقتصادي.

هناك من يحمل الحياة و هناك من يحمل الموت

لك الله يا لبنان

الاثنين، 10 أغسطس 2020

نكبة بيروت بين الصنيعة الاسرائيلية وفساد ضمائر مسؤولين

 قلبي وقلوب الشعوب العربية وشعوب العالم مع لبنان تواسيها في مصابها الاليم من الضحايا الابرياء الشهداء والمصابين ضحايا الاهمال وسوء الادارة والفساد قبل ان يكونوا ضحايا الصدفه الناتج عن انفجار مرفأ بيروت، أوالجريمة المتعمدة من جانب اسرائيل التي تتوعد حزب الله .


حجم الكارثة المروع الذي خلف العشرات من الضحايا والألاف من الجرحى ، والحريق المدمر الذي أتى على المرفأ وما جاوره من المنازل والمحال والمشافي، ناهيك عن آثاره الاقتصادية التي قد تحتاج لسنوات حتى يتم تداركها في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة والعجز المالي الذي تعيشه لبنان ما جعلها على حافة الإفلاس .
إن المتضررين من كارثة الحريق يحتاجوا الى تعويضات وسريعة، وهذا ما أقرته الحكومة اللبنانية، ولكن من أين ستدبر الحكومة هذه التعويضات في ظل أزمتها الخانقة؟
 
استجابة اغاثية
واستجابة لدعوة مسئولي لبنان للدول الصديقة لمد يد العون في نكبتها سارعت دول أوروبية وعربية لتقديم المساعدات الطبية والغذائية في مقدمتها فرنسا والسعودية والكويت وقطر ومصر .
وقد أعلنت أغلب الدول أن الإغاثة يتقتصر بصورة أوليه علي ما هو طبي وغذائي، دون ان تمتد الى الدعم المالي بسبب عدم ثقة المانحين في الحكومة، ونتيجة عملية للفساد المستشري في البلاد، في حين ان لبنان يحتاج الى دعم مالي فوري من شأنه ان يعمل على تخفيف وطأة الاختناق الاقتصادي وقد يرفع نسبيا من سعر الليرة امام الدولار اذا ما تم تغذية البنك المركزي بالدولار.
 
دور اسرائيل
واللافت أن الانفجار الكارثي تزامن مع موعد النطق بالحكم في قضية اغتيال الحريري، والذي تأجل على اثر الانفجار ، والمعلومات ترجع ملكية المواد المتفجرة الى احد الدول الأفريقية وكانت تنقل بواسطة باخرة أوكرانية قبل ٦ سنوات وتمت مصادرت الشحنة عقب تعطل الباخرة قبالة السواحل اللبنانية ، وإذا ما عرفنا ان لإسرائيل في افريقيا نفوذ واسع ، وربط الخيوط ، مع عدم استبعاد فرضية تورط اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية في قضية مقتل الحريري.
ان المشهد العام في لبنان يئن تحت وطأة افلاس اقتصادي ناتج عن فساد سياسي ومالي واسع ، ساهم في إفقار القطاع الأوسع من اللبنانين وجعلهم يتوقوا لاي منقذ ، فجأ الرئيس ماكرون بصورة لم تخلوا من اخراج سينمائي جعلته يتبدى كمنقذ للشعب اللبناني ، مع اعادة احياء مقولة فرنسا الأم الحنون ، بل كتبت عريضة وقع عليها عشرات الآلاف تطالب بعودة الانتداب الفرنسي .
ما يجري في لبنان يخدم الأهداف التوسعية الاسرائيلية التي لم تتوقف صواريخها عن ضرب مزراع شبعا ، ما يشي بضلوع إسرائيل في النكبة التي حلت ببيروت .
في بداية الأمر أرجعت بعض التقارير الصحفية الكارثة بمرفأ بيروت الى غياب التدابير الوقائية عن مخزن لنيترات الأمونيوم مستبعدة ـ في هذا السياق ـ وجود تخطيط اجرامي ورائها، ومتناسية ان هناك عدو يقف بالمرصاد للبنان علي الحدود ويريد ابتلاعها .
في حين قال الرئيس الامريكي ترامب " إنّ خبراء عسكريين أبلغوه بأنّ انفجار بيروت ناتج عن قنبلة ما، ويعتقدون أنه كان هجوما. وعندما ظهر فيديو يظهر صاروخا يضرب مخزن النترات عاد الرئيس ميشال عون ليقول إن الانفجار الضخم في مرفأ بيروت قد يكون نتج عن "إهمال أو تدخل خارجي بواسطة صاروخ أو قنبلة".
ومن الطبيعي ان يكون الخبراء العسكريون هم أكثر دراية  وخبرة في التعامل وفهم نترات الامونيوم وكيف تنفجر أوتشتعل خاصة وانها تستخدم في صناعة القنابل، وبمتابعة تحليلات الخبراء العسكريين نجد بعضهم يشكك فى رواية المسئوليين اللبنانين في ارجاع الانفجار الى الاهمال مؤكدين في ـ هذا السياق ـ على ان  نترات الأمونيوم، مادة متفجرة لا تشتعل أو تنفجر إلا بمفجّر كالديناميت او قنبلة كبيرة أو صاروخا.
وبحسب ما كشفه الخبير العسكري اللبناني العميد ناجي ملاعب في تصريحات اعلامية، فان التفجير الذي تعرض له مرفأ بيروت نجم عن صاروخ موجه من الجو. وتمت متابعته بتقنيات عالية وبشكل دقيق وهذا الصاروخ الذكي تسبب بالانفجار الثاني وجاء من الجو وان اتجاهه قادم من اسرائيل.
وتوافق مع هذا الطرح أراء خبراء عسكريون أخرين مستشهدين في صحة تحليلهم بوجود شهود عيان ومنهم عسكريون شاهدوا تحليق لطائرة فوق مناطق بقاعية وإنّ الصاروخ الذي استهدف مرفأ بيروت يحمل متفجرة، ورأسه محملاً بصورة العنبر- الهدف ولا ينفجر إلّا عند الوصول اليه.

الشاحنة المشئومة
لكن من سمح بوجود هذه النترات وتخزينها بالمرفأ  طوال هذا السنوات مع العلم بخطورتها؟ّ
ترجع قصة هذه النترات الي عام 2013 عندما احتجز مسئولو ميناء بيروت شاحنة محملة بهذه المادة وفق أمر قضائي بناء على دعوى خاصة إثر خلاف بين المستورد والشركة الناقلة.
ونشرت حسابات في موقع التواصل "تويتر" وثيقة بشأن مصير شحنة نترات الأمونيوم، كانت أرسلت من قبل مدير عام الجمارك في لبنان بدري ضاهر في عام 2017. ونسبت قناة أو.تي، عن حسن قريطم المدير العام لميناء إلى قريطم قوله : " إن الجمارك وأمن الدولة طلبا من السلطات تصدير هذه المواد أو إزالتها لكن لم يحدث شيء". 
فلماذا تقاعست الاجهزة المعنية بنقل النترات التي تقدر بـ 2750 طناً دون اتخاذ إجراءات وقائية ونقلها لي مكان آمن وبعيدا عن المرفأ وأنشطته الاقتصادية، حيث أهلك انفجار هذه الشحنة صومعة الحبوب الرئيسية وسيضطر لبنان بعد شهر من الآن الي استيراد القمح؟!!
ورغم تشديد الحكومة اللبنانية علي اجراء تحقيقات حاسمة مع المسئولين بالميناء والجمارك لمعرفة المتسبب في هذه الكارثة، الا ان الرأي العام يعبر عن عدم ثقته بالتحقيقات، مما دفع بعض مسئولي احزاب ورؤساء سابقين الي المطالبة بفتح تحقيق دولي في هذه الحادثة، غير ان هذا قد يفتح باب التدخل الخارجي  بلبنان.
بينما أثبتت التجارب بالدول العربية المجاورة أن التدخل الاجنبي في سوريا وليبيا ادي الي كوراث والي انقسام البلاد وتفتتها.
 
اعتقد ان الشعب اللبناني بجميع فئاته في الخارج والداخل مدعو الى مد يد العون لوطن يئن ويكاد يغرق وتستغله أدوات السياسية العالمية ليقع في مخالبها، وكل اصحاب الضمير الانساني الحي بالعالم مدعوه لتقديم كافة اشكال الدعم لانقاذ وطن طالما كان مرفأ للحرية والانسانية.