الجمعة، 28 يوليو 2023

غربلة الأمثال الشعبية ضرورة لحفاظ عقولنا وحماية مستقبلنا

 

غربلة الأمثال الشعبية ضرورة لحفاظ عقولنا وحماية مستقبلنا


سارة طالب السهيل
27-07-2023 07:45 PM

إن الأمثال الشعبية مستقاة من خبرات وتجارب الناس في ازمنة معينة، وهي خلاصة تجاربهم العميقة في تلك الازمنة ، ومع صدقها فان بعضها قد يصلح لزمان دون اخر ولبيئة جغرافية وثقافية دون غيرها.

وكثير من الامثال التي تناقلتها الاجيال تكرست كأنها دين موازي للاديان السماوية ، يتمسك به الجمع العقلي الشعبي كموروث قد يغلب ويطغى على الشرائع السماوية خاصة فيما يتصل بالمرأة  والنظرة الى المستقبل.

وللاسف فاننا توارثنا كثيرا من الامثال المهلكة عقليا ونفسيا واجتماعيا ، والتي ليس لها اساس شرعي ديني او اخلاقي ، وكم ضللت الامثال الشعبية السلبية والمغلوطة عقول اجيال ودمرت بيوت وهدمت تطلعات الكثيرين بالمستقبل ، و غيب بعضها العقول وطمستها فلم يستفد الكثيرون من طاقاتهم العقلية والروحية استنادا لما تشبعوه من أمثال متوارثة تشكلت في مجملها عقائد اجتماعية مغلوطة شكلت عقولهم ووجدانهم ورؤيتهم للحياة !!!.

‏‎فقد كبرت ورأيت أن فاقد الشيء قد يعطيه ، وأن الكتاب قد يختلف من عنوانه ، وأن رضا الناس ليست غاية أصلا ، وأن باستطاعتي ان أشتري لحافاً آخر لأمد قدمي كما أريد.. وأن اليد الواحدة ربما لا تصفق لكنها تربّت وتعين ، وأن أشق طريقا ثالثا حين أُخيّر بين طريقين لا أرغبهما.

فكيف اصدق اذن ان  الامثال  الشعبية المخالفة تماما  للواقع الذي عشته بحياتي وتجاربي الشخصية ؟.
 
ولاشك ان هناك العديد من الامثال الشعبية التي تحقق معادلة خبرات الشعوب قديما ومصداقة الواقع  المعاش لها ، خاصة الامثال التي تحفز الانسان على التقدم وقهر اليأس والداعية للتفاؤل والبناء ، وهناك الامثال الأخرى المحرضة على العنف وسوء الظن بالاخرين ، وتهميش المرأة والحض على انكار حقوقها ، ومنحها كرامة فقط بالانتساب للزوج اذا كان يحترمها وسلبها هذه الكرامة اذا اتنقص الزوج من مكانتها الاجتماعية امام الاخرين كما في الامثال الشعبية العربية  “ "اللي جوزها يقولها: يا عوره يلعبوا بيها الكورة، واللى يقولها: يا هانم يقفولها على السلالم" ، و"لو الطلاق بإيد المرأة بتصير الحياة مسخرة"، و"غيرة المراة مفتاح طلاقها.

فمثل هذه الامثال تسلب المرأة حقها في الطلاق رغم بعض النصوص الشرعية تبيح ذلك الحق في حالات معينة كالخلع مقابل التنازل عن مهرها وحقوقها ، وبعضها يسلبها طبيعتها البشرية كالغيرة مثلا ، رغم وجود حديث صحيح لنبينا محمد يثبت غيرة ام المؤمنين عائشة من السيدة خديجة.
 
لاشك ان الكثير ايضا من الامثال تحترمها عقولنا وتقبلها خاصة المتصلة بالحب والاستقامة الاخلاقية ، والاعتزاز بالنفس وحفظ كرامة الانسان والرضا بالرزق ، ومن نماذجها الراقية  الي يحبه ربه يحبب فيه خلقه ، امشي عدل يحتار عدوك فيك ، بصلة المحب خروف . أكل مسني واعيش مهني، ولا كبابك اللي قتلني ، تعبيرا عن حب الطعام القليل بعزة خيرا عن كثيره باذلال ومهانة .

ومن الامثال الداعية الى الصدق ، قل له في وشه ، ولا تغشه ، كل عقدة ولها حلال وهو من الامثال البناءة التي تحفز طاقة التفاؤل عند الازمات ، وكذلك “ ان دبلت الوردة ريحتها فيها “ وهو تعبير عن الانسان عندما يتقدم به العمر ويفقد منصبه  وقوته  لكنه لا يزال يتمتع بمواهبه العقلية والروحية وكرامته الغالية.
 
وهناك العديد من الامثال المتضاربة فيما بينها ، وهذا التضارب يؤكد حاجة الانسان على اعمال عقله وتدبرها فرز ما تلقاها من أمثال وانتقاء ما يناسب تجربته وصدق الواع معها . فالمثل الذي يحبب الاباء في البنات “ أب البنات مرزوق “ ، يقابله أمثلة اخرى هدامة منها   “  "عقربتان عالحيط ولا بنتين بالبيت"، و"صوت حيّة ولا صوت بنيّة"، و”البنت للعفن والولد للكفن”  ،  و “ إن ماتت إختك انستر عرضك وإن مات أخوك انكسر ظهرك” .

هذه النماذج المهلكة والمتخلفة من الامثال يجب طمسها من حياتنا الاجتماعية وتدليتها بلغة الكمبيوتر من ذاكراتنا الجمعية ، خاصة التي تهين المرأة وتدمر  تطلعها للمستقبل  وحريتها في اعمال عقلها ، او الاخري التي تهين كرامة بني آدم وخضوعه لغير لله تعالى
 
دعــــــــــــوة
 
أدعو كل ذو عقل في علمنا العربي كبار بالسن وشباب وبنات واولاد ورجال ناضجين لغربلة كل ما حشيت به عقولهم ووجدانهم من امثال مغلوطة مضللة ، تتنافي مع نعم الله علينا من عقل وقلب وحرية واديان مقدسة تنير الدرب امام الضللات الفكرية التي نعيشها بفعل هذه الامثال المتخلفة والتي لم ينزل  الله بها سلطان.

وعلى المؤسسات الفكرية والدينية والتعليمية الإعلامية بوطننا العربي كله من المحيط الي الخليج ان يتبنى استراتيجية  عبر مفكريه مثقفيه المتخصصين لغربلة الامثال  الهدامة وفضح طاقاتها السلبية وإظهار تأثيراتها الخطيرة على عقولنا وحياتنا الاجتماعية.

الأحد، 23 يوليو 2023

كتاب الأغاني الشعبية الأردنية للزعبي .. جهد مشكور لحفظ الهوية الوطنية

 

كتاب الأغاني الشعبية الأردنية للزعبي .. جهد مشكور لحفظ الهوية الوطنية


سارة طالب السهيل
22-07-2023 08:48 AM

تعد الاغنية الشعبية أحد مرتكزات التراث الشعبي الذي يلعب دورا مهما في صياغة الشخصية الوطنية والحفاظ على هويتها ، ولذلك حرصت شعوب العالم شرقا وغربا بتراثها واغانيها الشعبية حفاظا على مقومات هويتها في مواجهة اي تحديات تزلزل بقاءها ، خاصة في زماننا الذي يهددنا بالذوبان في ثقافات بعيدة عن هويتنا العربية .

اهتمت دول العالم بدراسة مقومات تراثها لتحليله ونقله للاجيال تحت مسميات مختلفة منها الفلكلور ، والانثربولوجيا وغيرها ، وساهم الاعتناء بالتراث الشعبي في الحفاظ على هويات  الشعوب خاصة في فترات الحروب ، مثلما فعلت ألمانيا في القرن ال 18 خلال احتدام الصراع في أوربا ، ومثلما قاومت فنلنده بتراثها الشعبي ضياع هويتها خلال   احتلالها من قبل السويد  وروسيا، واهتمت أمريكا بدراسة التراث الشعبي و حفزت شبابها للقراءة  عن آلهة بلاد الشمال و أساطير الإغريق والرومان.

ايضا اهتمت كل دولنا العربية بالحفاظ على مورثها الشعبي والغنائي  ومنها الأردن، من خلال العديد من جمع هذه التراث وتوثيقه حفاظا عليه من الاندثار ، واصدار المئات من الكتب حوله والدراسات المتخصصة.

وهذا الجهد في توثيق هذا الموروث الشعب والغنائي منه لا يزال يتواصل عبر جهد ممن يخلصون لهذه الفنون ويؤمنون بدوره في حماية الهوية الوطنية ، وتعزيز روح المواطنة و المحافظة على القيم الثقافية والأخلاقية للمجتمع الاردني.
 
ويأتي كتاب “ الاغنية الشعبية الاردنية” لمؤلفه الباحث الدكتور أحمد شريف الزعبي ، ضمن عنايته الشاملة بالموروث الشعبي الاردني بعامة واخلاصه لهذا الميدان الذي يشكل حلقة وصل للاجيال المتعاقبة ، ويربط جيل تكنولجيا الذكاء الاصطناعي بجذورهم وروافدهم الثقافية والحضارية الأصيلة.

قارئ هذا الكتاب ومنذ الوهلة الاولى يشعر بنسمات هواء منعشة ترطب على قلبه وروحه في يوم قائظ الحرارة ، حيث استطاع المؤلف ان يأخذنا باسلوب سهل بسيط  وراقي ، من مجرد القراءة الى المعايشة لهذا الارث الشعبي الغنائي والثري ، فيتملكنا  الحنين المتواصل لجذور الهوية الاردنية  حنين الاشجار للمطر وحنين الطفل لأمه وحنين العصافير لاعشاشها اذا ما حلقت بعيدا عنه لبعض الوقت.

هذا الجهد المبذول بالكتاب ، يمثل انعاشا قويا للذاكرة الجمعية الاردنية واحياؤها عبر الاغاني الشعبية وآلاتها التي حافظت على حياتها من الاندثار مثل الشبابة والمجوز واليرغول والربابة وغيرها خضوعها خضوع العاشق لعازفيها في هرموني الاغاني لتعبر عن الافراح والاتراح والاعتزاز بالوطن.

مقدمة الكتاب تتناول مكونات الأغنية من كلمات والحان وصفات  وتعريفاتها المتعددة لدى الباحثين المتخصصين الاجانب والعرب ومنها  تعريف د. هاني العمد للأغنية الشعبية  بانها كل ما يغنيه الشعب سواء هو مبدعها أو جاءت من الخارج.

تبرز أهمية الاغنية الشعبية الاردنية ، وكما يقول المؤلف ، في تجسيد ملامح الهوية الاردنية بطابعها الفلاحي والبدوي ، وسهولة انتقالها للاجيال عبر ترديدها في المناسبات الخاصة بها ، وتنوعها بين الريفي كأغاني السامر والهجيني والشروقي وبين الدلعونا والميجانا في البادية ، والربيج الذي قد يتصل  بالحرب.

وعكست الاغاني الشعبية بالاردن التحولات الاجتماعية بانتقال اهل الريف والبادية الى المدينة ومشكلاتها من ازمات اقصادية عبر عنها الشعر الشعبي بمثل هذه  الابيات :
قالوا قعود البر سهل          ......    قعود المدن مامنوش
شور الحرمة ع الرجال      ......    
مثل اللي راحوا وما جوش
لن قلت ما بيك أديك          ......    خالك عمك مامنوش
حرقة بيك ليا حسين        .......    لحقت لبيع الطربوش
يرصد المؤلف مجالات الاغاني الشعبية الاردنية بمناسبات كمدح الوجهاء وأغاني الفخر والاستغاثة  لنزول المطر والهدهدة للاطفال والطهور والعمل والاغاني الدينية وغيرها
عبر فصول الكتاب البالغة اربعة عشر فصلا يشرح المؤلف ألوان الغناء الشعبي بالاردن كالشروقي والهجيني  والعتابا وظريف الطول والجفرا والدبكة ، والموسيق الشعبية الأردنية ، الدلاعين ، والحداء المغني من بحر مجزوء الرجز اوالذي حافظ على شكله عبر القون ويغني بالافراح مثل “ عريسنا “ 
عريسنا زين الشباب             ......
زين الشباب عريسنا
وياشمس طلي من السما            
 ع الارض في غنا عريسنا

وكذا السمر المسامرة حيث الحديث ليلي والرقصات البدوية المرتبطة بهو المسماة بالسحجة  وغيرها من الالوان الغنائية الشعبية
واعتمد المؤلف في كتابه على منهجية جمع الاغاني من الرواة والمغنين بالافراح الاصدقاء والمراكز والمقابلات الشخصية
ورصد الكتاب طرق انتشار الاغنية الشعبية بالاردن من خلال دور الاذاعة في تكرار اذاعة هذه الاغاني واستقطاب مطربين يقدمونها كسميرة توفيق وهيام يونس ووديع الصافي ، وكذا دور التلفاز الوطني في نشرها بانشاء فرق تتغني بها ، بجانب دور الشعراء الشعبيين والمطربيين الشعبيين كفارس عوض وجميل العاص.
 
تحية لمؤلف الكتاب الذي أمد المكتبة الاردنية والشاملة والعربية بمادة علمية موثقة عن التراث الغنائي الاردني وغذاه بالمعلومات القيمة والوافية عن هذا اللون التراثي الشعبي ليكون مرجعا مهما للباحثين، ويكون ايضا سجلا مشرفا لحفظ هوية الوطن.

السبت، 15 يوليو 2023

نبوغ المرأة بين شرعية الاديان وجهالة وأد البنات

 

نبوغ المرأة بين شرعية الاديان وجهالة وأد البنات


سارة طالب السهيل
14-07-2023 06:17 PM

تتمتع المرأة بحظ وافر من الذكاء كالرجل تماما ، خاصة اذا توافرت لها الأجواء المناسبة لتنمية ملكاتها وذكائها ،  لكن المرأة ووفقا للطبيعة تولي أسرتها الاهتمام الاكبر بالفطرة والاحساس بالمسئولية والامانة  وايضا العاطفة التي تجعلها تعطي بلا حدود وبلا مقابل سوى ان تشعر بقدرتها على اسعاد اسرتها واهلها .

لكن ايضا الكثير من النساء ممن لم يتجاهلن دورهن الاسري ، كن نابغات في مجالات عديدة كالادارة وفنون الحكم كما وجدنا عند الملكة بلقيس ملكة سبأ ولعل حوراها مع وزرائها عندما أرسل اليها نبي الله سليمان برسالة لكي تسلم ، يحمل الكثير من الحنكة اوالخبرة السياسية العالية بدءا من اتباعها  منطق استشارة أعيان مملكتها  ،كما سجلها لنا القرآن الكريم قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ }

و كرم الملكات وكرم السيدات ظاهر عليها فالمرأة مجبولة على العطاء دوما ،انا دائمآ اقول المرأة الحقيقية لا يمكن ابدا ان تكون بخيلة،
وكانت ملكة سبأ كذلك كريمة كما أوضح القران الكريم

(وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}


الحضور النابغ للنساء لم يغفله التاريخ الانساني بل حفظه لنا عبر الاجيال لنتعرف على دور النساء في  بناء الحضارات ، بل بعض الاختراعات على ايدي النساء لو لم تظهر لحدثت فجوة علمية هائلة في حياتنا المعاصرة .
 
مخترعة الأسطرلاب
مريم الأسطرلابية، وهي عالمة سورية من حلب ، كانت في القرن العاشر الميلادي  ، أول من اخترع  الأسطرلاب المخصص لتحديد أماكن الأجرام السماوية ومواعيد الشروق والغروب وبعض الظواهر الكونية .
كانت هناك محاولات بدائية قامت بها  عالمة تدعى حيباتيا في القرن 4م  لصنع الاسطرلاب لكن جهودها كانت ضعيف وبدائي حتي تمكنت مريم السورية من انتاجها وفادة البشرية به .
 
وكان وراء فكرة تأسيس جامعة القرويين كل من يد مريم وفاطمة الفهري فخرجت للنور عام 877 ميلادية لتوثيق وتعليم العلوم
 
ولنا في التاريخ القديم والحديث والمعاصر نوابغ في النساء من مختلف الجنسيات والثقافات ،  فلدينا عالمة الذرة المصرية سميرة موسى ،  وهي أول عالمة ذرة مصرية، وأول معيدة فى كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول؛ ، ونبوية موسى احدى رائدات العلم بالقرن الماضي ، واول صحفية نقابية سعت الى تشجيع الفتيات على الدراسة والعلم وغيرها.
ولكن للأسف فان بعض الموروثات القبلية التي تقيد دور المرأة وتحصره في رعاية الاسرة  حاضرة بقوة في زمن الالفية الثالثة للميلاد  ، فكيف القبول بفكرة اهدار النعم التي قد أنعم بها الخالق العظيم على النساء في مجالات الحياة خضوعا لافكار وتقاليد بالية ، اظن ذلك يعادل جريمة وأد البنات في الجاهلية ، فوأد العلم والنبوغ العلمي والادبي والفكري لدى المرأة  هو صنوان لوأد المرأة بالجاهلية ، وهو الوأد الذي حرمته الشريعة الاسلامية ، وكرست فيه على حرية المرأة في التعلم  وممارسة التجارة والصناعة والابداع الشعري والادبي.

وكيف لنا القبول بعد (14) اربعة عشر قرنا من الاسلام  وتكريسه للمساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة  وفق نصوص الشريعة ان نرجع القهقري نحو جهالة وأد البنات ، وتحطيم احلامهن وحرمان البشرية من نبوغهن ؟ !!!

ومواقع السوشال ميديا مليئة بالعديد من النماذج التي يهاجم فيها الرجل تفوق المرأة العربية العلمي او الادبي ، فيدخل على الموقع معلقا بكلمة واحدة اذهبي للمطبخ ، وبالطبع لست ضد دخول المطبخ واعداد  الطعام للاسرة فهذا  واجب تؤديه المرأة بكل حب ، ولكن ليس لأجل المطبخ خلقت المرأة  ، فقد خلقت لتنشر الحب والرحمة في القلوب وتربي أجيال صناديد من الرجال والفرسان ولن يتحقق لها القيام بهذه الادوارالمهمة دون ان تتسلح بسلاح العلم  والثقافة والتسلح بالعلم كشف عن نبوغ المراة والذي قاد ايضا للاختراع وافادة البشرية ، لنترك لها حرية الاختيار ولا نسلب منها حق العمل والعمل والتفوق والتحقق واثبات الذات دون فرض ان تكون جليسة بيتها تنظف وتطهو  ومن تختار الطهي والتنظيف فهنيئا لها دون جبر او اجبار المهم ان يترك لها حرية الاختيار في الادوار التي تحب ان تقوم بها في رحلة حياتها .

الجمعة، 14 يوليو 2023

الامازيغ .. تاريخ عتيق يحافظ على حضوره في ألفيتنا الثالثة

 

الامازيغ .. تاريخ عتيق يحافظ على حضوره في ألفيتنا الثالثة


سارة طالب السهيل
13-07-2023 01:17 PM

شعب الأمازيغ من أكثر الشعوب التي حافظت على موروثها الثقافي والحضاري الموغل في القدم بمحافظتها على لغتها ، يقطنون في الصحراء المُمتدة من واحة سيوة إلى المحيط الأطلسي"، وهم قبائل كثيرة متفرقة ، قسّمهم البعض إلى فرقتين ، "البرانس" وهم أبناء برنس بن بربر ، و"البتر" أبناء مادغيش الأبتر بن بربر ، والبعض أرجعهم إلى سبعة أصول متفرقة وهي "إردواحة" ، "مصمودة" ، "أوربة" ، "عجيبة" ، "كتامة" ، "صنهاجة" ، و"أوريغة" ومآثرهم التاريخية لعصور ما قبل التاريخ تشهد عليها النقوش والصور الجدارية ، والكتب التي ألفها عنهم اليونان والرومان والعرب ولغتهم الاصلية تعرف باسم ثامازيغث ، ويعيش الكثير منهم في المناطق الجبلية ببلاد المغرب العربي .

وللأمازيغ تقويم خاص بهم فيحتفلون برأس السنة الامازيغية يوم 12 من السنة الميلادية ، وجذورهم كما يذكر الطبري تعود الى ذرية مازيغ وبر أبناء يشقان ابن إبراهيم عليه السلام . او كما ذكر ابن خلدون نقلا عن القديس أوغسطين قوله المأثور : إذا سألتهم فالحين أصلهم سيجي كنعانيون.

معتقداتهم
كان الأمازيغ في العصور القديمة يدينون بعدد من العقائد، فكانوا يقدسون الكهوف والصخور والجبال والعيون والأشجار والأنهار ، وبعض الأجرام السماوية كالشمس والقمر والكواكب .

وكانت لهم ألهة وثنية أشهرها الالهة تأنيث ربة الخصوبة وحامية مدينة قرطاج ،وعبدها الفينيقيون باسم نيت ، وعبدها الاغريق باسم أتيت، أثينا وسميت أعظم مدينة إغريقية باسم هذه الربة الامازيغية وتدين الامازيغ بالديانات اليهودية والمسيحية والاسلامية وأكثر طقوسهم واعيادهم مرتبطة بالفلاحة لاستسقاء والحصاد ويحترمون الأولياء الصالحين اعتقادا بأنهم يتمتعون بالبركة ، فيقيمون على أضرحتهم قباباً يزورونها ويتقرّبون إليها بالأضاحي .

اشتهر البربر وهو الاسم الذي أطلقه الفينيقيون على الامازيغ ، بالقيم الاخلاقية كإكرام الضيف والغيرة على العرض والشمم والأنفة وحماية الذمار وبساطة المعيشة ، وكان من البربر فحول من العلماء والشعراء والفلاسفة ، ألفوا في العلوم العربية والشرعية
تقاليدهم الاجتماعية.

والمرأة عند الأمازيغ تتمتع بالحرية لدى الطوارق ـ و في الهُغار وبالتقدير والاحترام لدى الشاوية الأوراس ، وهي لا تحتجب لدى القبائليين ، ما عدا نساء الطائفة التي تسمى المرابطين أي المشايخ ورجال الدين ، لأن كل قرية لها مرابطون يتكفلون بالشؤون الدينية (صلاة الجمعة والجنازة والأعياد) ، ويحلّون النزاعات.

احتفظ البربر بعادة حرمان المرأة من ميراث الأرض والعقار مخافة أن تنتقل بالزواج إلى أسر أخرى ، علماً بأن إخوتها من الذكور يكفلونها إذا هي أصبحت مطلّقة أو أرملة.

أما أعرافهم فتلزم أفراد القبيلة بنظام اجتماعي معين ولهم الحق في تعديلها . كأن تحدد مبلغ الغرامة التي يجب دفعها في حالة تغيب الفرد عن اجتماع أهالي القرية ، أوفي حالة دخول قطيع جاره إلى حقله وغيرها .

ومبدأ القرابة يلزم الولاء التام للجماعة ، فكل فرد واجب التضامن والتعاون ، كالسّخرة الجماعية (تيويزة) مجّاناً ، مثل بناء الدار ، وإيواء المسافرين وإطعامهم ، و منح الحماية للمستضعفين ، والإنفاق على الفقراء والمساكين في مناسبة خاصة وتسمى عندهم ثيمشرط وتتميز بذبح الثيران وتوزيع لحومها ، على نفقة الأغنياء والمغتربين العائدين إلى الوطن.

آدابهم وفنونهم
أكثر كتابهم الفوا ابداعهم بالعربية من أمثال ابن خلدون ، مفدي زكريا ومولود قاسم ونايت بلقاسم وصالح خرفي وعثمان سعدي وأحمد الأخضر غزال وحنفي بن عيسى ، ومنهم من أصدر مؤلفاته بالفرنسية في عهد الاستعمار ، حتى بعد الاستقلال مثل مولود فرعون ، ومولود العمري ، وكاتب ياسين ، وطاوس عمروش ، ومن أشهر شخصياتهم يوغورطا ، ويوبا الثاني ، ويوسف بن تاشفين ، محمد بنعبد الكريم الخطابي ، زين الدين زيدان .

وحافظ الامازيغ على ضروب الشعرية الأمازيغية القديم حتى زماننا التي ، ومن بينها النوع الغزلي المسمى "إيزلي" ، وكذلك "الأهليل" وهو قصيدة دينية ابتهاليه ، كما يعرف الشعر الأمازيغي أنواع أخرى كالقصائد الملحمية والسياسية والفلسفية ، وتغلب الصبغة الشفهية على شعرهم ، فهو شعر إنشادي أو غنائي .

وتُمثّل الرقصات الأمازيغية القديمة فنًا أصيلًا ، ومنها "تيسيت" التي يؤديها راقصان أو ثلاثة ، و"أحويش" وهي رقصة جماعية مشهورة بالمغرب ، أما في الجزائر فإن رقصة "الترحاب" ما زالت تمُارس في الاحتفالات العائلية أو القروية .

اما الموسيقي لدي الامازيغ فشكلت أحد عناصر حفظ الهوية ، فهي موسيقى قديمة الاصول امتزجت فيها تأثيرات متنوعة ، ونالت هذه الموسيقى شهرة عالمية لوجود جاليات أمازيغية معتبرة في أوربا والولايات المتحدة ، وهناك فرق موسيقية أسماؤها يعكس الدفاع عن ثقافتهم من تهديد الزوال.

واحتفظت الثقافة الأمازيغية بفن الزخرفة الموغل في القدم ، كما في نسيج الزرابي ، وصناعة الخزف ، والتي تتخذ أشكال رسوم هندسية تستعمل في أغلب الأحيان حروف أبجدية التيفيناغ ، بجانب الصناعات الحرفية من ذهب وفضة.

الاعراس
تعكس مراسيم العرس الامازيغي تنوعا وثراء في شكل الملابس بحسب كل منطقة وتراثها ، وتنوعا أدبيا بتنوع الأبيات الشعرية والتنوع في الأطباق ، والرقص حتى العرس يشبه ساحة للفنون الجميلة.

العرس الأمازيغي -الذي يمتد لسبعة أيام يشهد يوم للحنة وموكب العريس حيث يختار أهلها شابا من أقاربها ليحملها الى فوق فرس وهي ملفوفة بازار أبيض وعباءة من صوف، وتسير في موكبين تتخللهما اهازيج واغاني وتناول الطعام .

بتات لعروسة
و"بتات البنت" من الزي الأمازيغي ، والمعروف بقطعه المتنوعة ، وتتألق العروس الأمازيغية يوم زفافها بالمجوهرات التقليدية المصنوعة من الفضة التي تكلف الوالدين الملايين كهدية لها .

الأربعاء، 12 يوليو 2023

قيادة السيارات ثقافة وذوق

قيادة السيارات ثقافة وذوق


سارة طالب السهيل
11-07-2023 03:53 PM

تعكس قيادة السيارة في دول العالم شرقا او غربا ثقافة شعوبها ومفاهيمهم التاريخية او تعكس مدى اهتمامهم بالأخرين وحمايتهم و أماتهم او أنانيتهم المفرطة.
وما بين قيادة السيارة في بريطانيا شمال الطريق، ويمينها في معظم بلدان العالم تختلف سيكولوجية القيادة بل ان قيادة المرأة للسيارة تختلف في ظروفها عن قيادة الرجل، ووفقا لدراسة إحصائية دولية في الولايات المتحدة أجريت مؤخرا، فان نسبة 70 بالمئة من نساء العالم تهوى قيادة السيارة داخل المدينة ، بينما الرجل يحب القيادة على الطرق السريع.

وانا احلل ذلك انه بسبب الشعور بالامان وقد أكد علماء النفس بأن المرأة تكون اكثر حرصا وخوفا من الدخول في مغامرات السرعة الكبيرة بالقيادة خلاف الرجل الذي يفضل السرعة بالقيادة، كما ان المرأة تشعر بأمان أكثر وهي تراعي قيادة السيارة ضمن سرعات أمان يحددها خبراء المرور في مختلف أنحاء العالم حفاظا على سلامتها وأمنها ، بينما الرجل يشعر بالملل والضيق من قيادة السيارة في المدن ويضيق من التقيد بالسرعات ومراعاة القوانين المرورية لذلك يهوى القيادة على الطرق السريعة، وتتباين ثقافات الشعوب في القيادة وسلوكياتها من بلد لاخر، ويرجع بعض البريطانين قيادة السيارة شمال الطريق الى نظرية منذ العصر الروماني حيث يستخدم المحاربون اليد اليمنى بينما يمتطون ظهور الجياد من اليسار .

كما ان الجيوش الرومانية كانت تسير إلى يسار عربات الحرب، وهو التقليد الذي توارثه البريطانيون حتى اليوم بالرغم من شدة صعوبة اختبارات قيادة السيارة والحصول على رخصة في بريطانيا تحقيقا لقيادة سلمية تحمي الاوراح وتحقق السلام ، وفي كثير من البلدان تستطيع ان تحكم على شعوبها من قيادتها و رغم ان بعض البلدان لديها قوانين مرورية صارمة الا ان ثقافة القيادة نفسها قد ترتبط بنوازع النفس البشرية من الانانية و المصلحة الشخصية على مصالح الاخرين ، فمثلا تجدهم لا يستخدمون الإشارات الضوئية و لا يلتزمون بها . والسير بالعكس في الشوارع الفرعية كذلك الوقوف أمام المحال التجارية حيث تقف السيارات عرضاً على بعد حوالي عشرة أمتار من الرصيف، فكل واحد يخاف أن تقف خلفه سيارة تمنعه من الخروج عندما ينتهي من التسوق.

المنظور الثقافي للالتزام بقواعد المرور ومستجدات أنظمة أمنها مثل أحزمة الامان وغيرها ، نجد النسبة تتفاوت من بلد لاخر ، الى حد دفع أربعة سائقين أمريكيين بعدم دستورية مثل هذا القانون استنادا الى استجابة محكمة النقض بولاية الينوي عام 1969برفض قانون الزام سائقي الدرجات النارية بارتداء الخوذات ورأت انه تقييد للحرية الشخصية ، ومع ذلك رفضت المحكمة اعتراض السائقين على احزمة الامان ورفضت المحكمة احتجاجات الأمريكيين الذين استجابوا لتطبيق هذا القانون بعد شهرين فقط من اطلاقه رغم رفضهم له بينما تم فرض غرامة 75 دولار على من لا يلتزم بأحزمة الامان في صربيا ، ورغم رفض السائقين لها الا انهم كانوا يتحايلون على القانون فيضعون الاحزمة على اكتافهم فقط ولا يربطونها وكذلك الحال مع السائقين في مصر يفعلون نفس الشيء تهربا من الغرامة و ظنا منهم انهم تحرروا من القيود رغم انها قيود نافعه لهم.
فهناك شعوب تحترم القوانين وقواعدها تحقيقا للمصلحة العامة او الخاصة وهناك دول فيها مستويات الالتزام بالقوانين منخفضة.

بلادنا العربية تعاني بشكل أساسي من زيادة حوادث السيارات والموت على الطرق السريعة نتيجة جنون السرعة وعدم الالتزام بالسرعات المقررة على الطرق السريع ، فالاردن يشهد حوادث سير مروعة يوميا ، ومعظم حوادث السير تحدث نتيجة التحدث في الموبايل اثناء القيادة .

ووفقا لاحصائيات عام 2021 فقد وقع 160 ألف حادثة سير نتج عنها 1800 إصابة بليغة.

بظني أزمات المرور ب العراق والاردن ومصر وبعض دول الخليج تعكس عدم الانضباط المروري، والاهمال في مراجعة السيارات وحالاتها قبل الشروع في قيادتها ، في حين حياة الانسان أهم من المركبة ومن الجوال ، فعلينا غرس ثقافة حماية أرواح الابرياء عبر قيادة سليمة قد تتطلب من السائق اكتساب مهارات الصبر للتعود على القوانين المرورية اللازمة وتغليظ عقوبة المخالفات لشروط السلامة المرورية حماية للأنفس البشرية اغلى ما خلق الخلاق على الكوكب الأرضي.

وفي ظني ان القيادة هي فن و ذوق و اخلاق و ان القيادة ما هي الا مرآة عاكسة لشخصية الانسان و هي أيضا مترجم لتربيته في بيته في طفولته و ايضا تعكس كيف استطاع هذا الشخص تطوير نفسه و العمل على تعديل سلوكه و اخلاقياته فالانسان يتربى في بيته على اخلاقيات و قيم و ربما ينسى الاهل بعضها تجاهلا او سهوا و ربما لا يملكون التمام و الكمال من القيم ليزرعونها كاملة في ابنائهم لكن الطفل نفسه كلما يكبر يضيف لنفسه مهارات و سلوكيات جيدة و يتعلم كيف يطور من نفسه و ذاته وكل هذا يظهر في تعاملاته اليومية و منها قيادته للسيارة او اي نوع مركبة فأنا كثيرا ما اصفن في الشارع مستخدمة دراستي لعلم النفس و فراستي التي ورثتها من القبيلة و اركز في تحليل اخلاقيات و شخصيات البشر فكم افرح عندما اجد من يراعي غيره و يعطي المجال للمركبات الاخرى بالمرور و كم اتفائل حين اجد من يترك لغيره مساحة كافية للاصطفاف بجانبه دون ان يأخذ المساحة كاملة و كم اشعر بالفخر كلما وجدت انسانا يقود عربته بصبر و ينتظر السيارات لتعبر او اذا كانت السيارة التي تسير امامه بطيئة ربما تقودها فتاة مازالت تتعلم او رجل كبير في السن او شخص يشعر بالخوف او المرض .

لماذا لا نشعر بالأخرين؟ لماذا لا نفكر بغيرنا

فالأنانية وقلة الذوق منفره للأفراد وتعطي انطباعا سيئا عن البلد بأكمله ان أصبحت ظاهرة كم تعيسا ذاك الشخص الذي يقود سيارته غير مباليًا بمن حوله.

فلفت نظري في بيروت سائقي الموتورسايكلات الدراجات النارية بأنواعها و شعرت بالحزن الشديد فلبنان بلد الجمال و الاناقة فكيف لهؤلاء ان يشوهوا جمال الطبيعة الخلابة ويعكروا مزاج المقيم وابن البلد والسائح، فكانت تجربتي بالقيادة مربكة بسبب هؤلاء الدراجات التي لا تراك (هم فعلا لا ينظرون اليك بالمعنى الفعلي و الضمني) و علمت ان القانون معهم مهما فعلوا فالحق على قائد السيارة ليس هم، فعلمت قيمة القيادة في الاردن. الا انه تبقى القيادة في بريطانيا هي الاسهل و الاجمل و اردد دوما ان الاعمى في بريطانيا اذا قاد مركبته سيصل سالما الى بيته

وخطر ببالي فكرة هل من الممكن ان تكون الدول المتأثرة في بريطانيا من حيث انها كانت تحت الاحتلال البريطاني سابقا اكثر التزاما في القانون و اكثر نظاما من الدول التي كانت خاضعه للاحتلال الفرنسي ؟ أتوقع ذلك ليس فقط فكرة الاحتلال البريطاني و الفرنسي و انما أيضا الأفكار القبلية التي ترسخ فكرة احترام الناس و التعامل بالأصول لها تأثير وأيضا الاعتبارات الدينية المسلمة و المسيحية و الديانات السماوية عامة التي تحرم التعدي على حقوق الاخرين و ازعاجهم بل تحث على مساعدة الناس و تفضيلهم عن النفس وفكرة العطاء فينعكس كل هذا على القيادة فالقبلية و التعاليم الدينية تعكس على سلوك المجتمع ولكن حل محلها في دول العالم الأول القوانين و العقوبات التي أصبحت مع الوقت عادة و جزء لا يتجزأ من حياة الفرد و الشعوب

أتساءل هنا اين القسوة في التعامل مع المخالفين في قوانين السير والمرور حتى تنضبط الأمور في مسارها الصحيح ؟ كتابة الرسائل على الواتس اب و متابعة الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها و الرد على الهاتف و اجراء المكالمات من اكثر مسببات الحوادث المرورية فمتى يفهم الناس هذا ؟ ومع انتشار المخدرات و الكحول نجد ان بعض الحوادث كانت بسبب التعاطي اثناء القيادة او تحت تأثير الكحول والأَمَرّ والاضل سبيلا الخناقات و المشاكسات و العناد بين الشبان اثناء القيادة و التحديات التي تؤدي أحيانا الى الموت او حدوث إعاقة جسدية وإصابات خطيرة، وبعض الحوادث تحصل بسبب التعب و مواصلة القيادة دون راحة وهذا خطر كبير على السائق ومن معه او السيارات الأخرى، ناهيك عن الشاحنات التي تقود باستهتار كبير رغم حجمها الضخم فهي لا تهتم لأنها ستدوس على جيرانها من السيارات وكأنها تدوس على نملة و تكمل طريقها بأمان او الحافلات التي تحمل اكثر مما يجب من اثقال و اوزان و بضائع و تنقلب على العربات المجاورة بسبب الحمل الثقيل و عدم التوازن ولن انسى ابدا الطعام و الشراب و الحفلات التي تعقد في السيارات اثناء القيادة و المضحك المبكي ذاك السائق الذي احرق مركبته بسبب صنعه للشاي داخل مركبته على وابور الكاز كما يقال له في اللهجة المحلية المصرية.

اما قيادة الأطفال للسيارات بصراحة مفجعه فعندما ترى في العراق أطفال بعمر ١٠ او ١٢ سنة وأهلهم فرحين و فخورين ( ابني ديسوق علمته السياقة) "يا فرحة قلبي" طفل صغير كيف لا تخاف عليه وهو مازال لا يدرك الحياة ومخاطرها فالقيادة هي مصغر لمخاطر الحياة و ما يمكن مواجهته في حياتك فهل هو جاهز نفسيا و جسديا و فكريا للتصدي لما يمكن ان يواجهه؟

ونعود ونقول ان القيادة فن والفن اصبح هابط والقيادة ذوق و الذوق اصبح في تدني والقيادة اخلاق والاخلاق في انهيار فلنصلح الذوق والفن والاخلاق لتصلح القيادة
وليس فقط القيادة واللبيب من الإشارة يفهم.

الاثنين، 3 يوليو 2023

انتشار الجرائم ودور بيئة العصر الفضائية

انتشار الجرائم ودور بيئة العصر الفضائية


سارة طالب السهيل
02-07-2023 11:42 PM

مئات النماذج من الاعمال الفنية والدرامية والسينمائية قدمت نموذج البطل مخالف للفطرة السليمة نموذج القاتل ، او السكير، او اللص او تاجر المخدرات ، والبلطجي بصور محببة للشجاعة والاقدام وربما فعل الخير ، او التماس الاعذار للقاتل لكونه ضحية ظروف اجتماعية قاهرة  وما شابه .

وحمل الطفل للسلاح منذ نعومة أظافره عبر الالعاب الالكترونية اما للدفاع عن النفس او لقتل الاعداء او السطو على أحد البنوك ، يعد تدريبا عمليا للطفل على حمل السلاح وتصويبه عندما يكبر في وجه أي مخالف له بالرأي أو العمل او الاسرة والمجتمع .    

وهكذا حول الاعلام بوسائله المختلفة المجرم الى بطل يحتذى به عند الاطفال والناشئة ، والنتيجة الحتمية اتنشار الجرائم بكل سهولة دون وخز لالم الضمير او الخوف من العقاب الدنيوي والاخروي . 

تعددت الاسباب التي قادت مجتمعاتنا نحو انتشار الجرائم ،  ومنها المجتمع الاسري عندما يدلل أبنائه تدليلا زائدا او يهمل في اشباعهم عاطفيا ونفسيا مع غياب ملحوظ للوازع الديني السليم .

ففي الماضي تمتعت المجتمعات العربية بصحة وعافية اجتماعية من الجرائم بسبب محافظتها على تربية النشء تربية سليمة بعيدة عن الغلو العاطفي او الاهمال  مع التعليم الجيد والثقافة الدينية التي تربي الضمير لدى الانسان وتحصنه من الوقوع في فخاخ الجرائم .

اما اليوم فصارت الجرائم بسبب وبغير سبب ، بين المخاصمين والمحبين ايضا ّفكم شاهدنا من جرائم بشعة باسم الحب ، فاذا كان الحب هو طاقة نور وايمان حقيقيين فكيف تحول الى طاقة ظلمانية شيطانية في غمضة عين وصار دافعا للقتل ؟ وهناك الكثير من الجرائم حدثت باسم الحب وارتكبها العشاق ، فهل الحب مبرر للقتل وكيف يقتل حبيب حبيبه؟

وهذا يعكس خللا اجتماعيا وعقد نفسية أطلت برأسها كالغربان تنهش في لحم الابرياء وتسلبهم حق الحياة الآمنة ، ولاشك ان مرتكب الجريمة مريض بالتسلط  وحب التملك والسادية ، ومع توفر المخدرات و السلاح لدى الشباب باتت أدوات الجريمة جاهزة لتنفيذ ارادة الشخصيات النرجسية والسادية لارتكاب الجريمة بكل سهولة و مع قلة الدين او مع الغلو بالدين الذي تم تشويهه من قبل الضلاليين الذين برروا الكثير من الخروقات الامنية المجتمعية و القانونية بمبررات دينية و اشاعوا الفوضى و نشروا الجريمة التي ألبسوها ثوب ديني و الدين منها بريء وخاصة ضد المرأة و ضد من يخالفهم الرأي و الدين و تبنت المدارس و المعاهد و المنابر الدينية قضايا غطاء الرأس دونا عن باقي القضايا الهامه كالاخلاق والالتزام و المسوولية والاحترام و بر الوالدين ومساعدة الفقراء وبناء الوطن و محاربة الرذيلة و مشوهي مفاهيم الحرية المحترمة و تحريفها الى الابتذال و مساندة الانحراف عن المسرى الطبيعي للإنسان و دعم الخلل الاخلاقي على انه ليس مرض يجب علاجه بل انه امر يجب التعايش معه

كل هذه القضايا همشها المسؤولين عن تربية المجتمع و تأهيله و توجيهه متعمدين و قاموا بإلهاء الناس بقضيه واحده هي غطاء الرأس فقط ليعتقد الناس انهم بأمر بسيط يستطيعون تغطية العيوب و الاخطاء و مداراتها بدلا من بذل مجهود في اصلاحها

تماما كما لو يكن في الحائط خدش كبير فلا نقوم باصلاحه وانما بتغطيته بلوحة جميلة و لكن مع الايام سيكبر الخدش و يقع الحائط على اهل الدار

اننا نعيش كارثة حقيقة بكل المقاييس في مختلف أرجاء اوطاننا العربية في ظل تنامي جرائم القتل والذبح ، ولا سبيل لوقف سيل الجرائم هذه دون محاربة مظاهر العنف في افلام الأكشن و الرعب والمسلسلات الدرامية والعاب الكارتون  والتيك توك .

فعلى المجتمعات العربية وانظمتها الحاكمة ومؤسساته الحاكمة ان تتعاون فيما بينها  لإصدار قوانين لضبط  ما تبثه السوشيال ميديا ، وقوانين اخرى لوقف العنف في الأفلام .

أعرف انه كان لدى المؤسسات الثقافية أجهزة رقابية تعمل على ضبط الاعمال الفنية حماية لأمن وسلامة المجتمع من نشر الرذائل  والجرائم ولا يتم عرض اي مصنف فني  دون إجازة من هذه الاجهزة الرقابية ، فأين هذه الاجهزة الآن ، ولماذا اختفت او تلاشت أدوارها في حماية المجتمع من الافكار المسمومة بالاعمال الفنية .

ولما كان الاعترف بالمشكلة هو بداية الطريق لعلاجها ، فعلينا الاقرار بحقيقة ان البيئة العربية قد تغيرت وطالها من الافساد الاخلاقي والديني والاجتماعي الكثير والكثير ، والانسان بطبعة يتاثر بكل معطيات البيئة التي يعيش فيها ويتشرب قيمها وسلوكها .

والبيئة المعاصرة اليوم هي بيئة اعلامية تكنولوجية فنية تشكل عقل الانسان ووجدانه الافكار توجه سلوكه وتحثه على التقليد الاعمى تحت مسميات عديدة كصيحات الموضات والترندات والبراندات وتغذية الانفس البشرية بكل ما هو مادي بعيدا تماما عن تغذية العقول والقلوب والارواح بما يفيد الانسان ويرتقي به .
بيئة افلام الاكشن والجريمة والمخدرات والسلاح والفكر المتطرف ، وكلها تربي الاجيال بينما أرباب الأسر مشغولين بالعمل المجهد في تلبية احتياجات ابنائهم المادية المتوالية والمتسارعة واللا نهائية ، فلم يعد لديهم وقتا للقيام بدروهم التربوي والرقابي او حتى الدور الرئيسي في اشباع الاحتيجات العاطفية لابنائهم .

وكل هذه العوامل البيئية تخرج الانسان عن فطرته الى سلوك منحرف وغير اخلاقي يقوده لارتكاب الجرائم بسهولة . وقضية الجرائم ـ برأيي  مسئولية المجتمع كله أرباب الاسر والمؤسسات الثقافية والتعليمية والاعلامية والدينية والتربوية ، ولكل منها دوره في محاربة الفن الهابط ، وافلام الرذيلة والعنف والمخدرات ،  ومناهضة  سموم السوشال ميديا

والحاجة الماسة تفرض على مجتمعاتنا العربية الاسراع في سن قوانين لمعاقبة  المجرمين ومن يحرضون على الاجرام ، ونشر الوعي الثقافي لأرباب الأسر على طرق التربية الواعية بمشكلات الواقع  وتنمية عقول ابنائهم  وفقا لمنطق المرونة بالتفكير ، وغرس قيم قبول الاخر و التفاهم  والحوار البناء مع الاخرين .
كما ان الواقع يفرض علينا مصاحبة الشباب وتوعيتهم عبر منابر المدراس والجامعات والمساجد والكنائس والاعلام والمؤسسات الرياضية ، بخطورة الفنون الهابطة وافكار السوشال ميديا ،  وتثقيفهم على كيفية ضبط انفعالاتهم  عند الغضب وسبل التعامل مع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهونها .