الاثنين، 28 أغسطس 2017

زواج الاطفال قنبلة تزرعها ثغرات قوانين الاحوال الشخصية بالعالم العربي

تشكل ظاهرة الزواج المبكر في العالم كله خطرا يهدد سلامة المجتمعات صحيا ونفسيا واقتصاديا ايضا، كما انه يخالف القوانين و المواثيق الدولية المختصة بالسن المناسب للزواج والقدرة على تكوين اسرة ناجحة.
وترصد الاحصاءات الدولية، استمرار تزويج نحو 14 مليون فتاة قاصر حول العالم تتم سنويا، وذلك ارتباطا بالعديد من العوامل مثل الفقر والجهل والخضوع للعادات والتقاليد في بعض الدول.
كما تكشف الاحصاءات الدولية، ان العالم العربي، يشهد تزويج فتاة من سبع حتى قبل بلوغها الـ18 من العمر بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان (2012)، وذلك ارتباطا بالنظرة التقليدية التي ترى في زواج الفتاة المبكر امرا ضروريا.

زواج اطفال
وفقا لاتّفاقية حقوق الطّفل، فان الطّفل هو كلّ من لا يتجاوز عمره ثمانية عشر عاماً، ولم يبلُغ سنّ الرُّشد، وقد أكّد الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان على الحقّ الكامل للرجل والمرأة بالزّواج وتأسيس أسرة، متى ما بلغا السنّ القانونّي. رغم انني انا شخصيا اكثر من مرة قلت إن سن الرشد في هذا العصر و الظروف ليس قبل الخمس و العشرون 
ويعرف الزّواج المبكر من وجهة نظر القانون في الدّول التي تُصادق على اتّفاقيات حقوق المرأة والطفل، هو زواج الأطفال تحت سنّ 18 سنةً، فإنّ الفقرة الثانية من المادة 16 من اتّفاقية القضاء على جميع أشكال التّمييز ضدّ المرأة (سيداو) تنصّ على أنّ خطوبة الأطفال وزواجهم ليس لهما أيّ أثرٍ قانونيّ، كما يجب أن تتّخذ الدول الإجراءات التشريعيّة جميعها؛ لتحديد سنٍّ أدنى للزّواج، وتسجيله في سجلٍّ رسميّ، وخَرْقُ هذا البند يتمّ إذا كان أحد الزّوجين دون سِنّ الثامنة عشرة، ولم يكتمل نموّه الجسديّ، وبهذا يُعدّ زواجهما قانونيّاً زواجَ أطفال.
وللأسف ونحن نعيش في الالفية الثالثة للميلاد ، فان هذا الموروث الثقافي يسيطر على العقول وعلى السلوك معا، اقتناعا بأن الزواج المبكر للفتاة أكثر ضماناً لشرفها وعفتها، دون ان يهتم الاهل للمخاطر التي تتعرض لها الفتاة القاصر من ازمات صحية ونفسية واجتماعية لا يدفع ثمنها لاحقا سوى الفتاة نفسها.
ربما كان استمرار هذ القناعة لدى الاجيال العربية في التزويج المبكر لبناتهم مرتبط بإجماع رجال الدين على أن سن الزواج مرتبطة بعلامات البلوغ لدى الفتاة، الذي يتراوح ما بين سن تراوح ما بين 9 و13 سنة وهي فترة خروج من الطفولة الى مراهقة تفتقر لنضج الاحساس والعقل وفهم الحياة الاسرية والاجتماعية.
والطامة الكبرى، ان الفتاة في هذا السن الصغير لا تكون مؤهلة لذلك نفسياً وجسدياً، وتحرم من حقها الشرعي في حق تقرير مصيرها واختيار من يناسبها للزواج، فقد يتم تزويجها في سن مبكرة من رجل لا تعرفه وقد يكبرها أحياناً بعشرات السنين!
فالفتاة في هذا السن الصغير تكون غير مؤهلة لتحمل مسؤولية تربية أطفال، بل انها هي نفسها بحاجة الي من يرعاها، تكون مازالت في احتياج للرعاية والدعم الأسري، هذا بخلاف أنها تكون أكثر عرضه للإصابة بالاضطرابات النفسية، نتيجة عدم اكتمال النضج العاطفي.
ورغم جهود الدول العربية للعمل على تغيير ثقافة الزواج المبكر عبر سن تشريعات قانونية تحدد سن الزواج ما بين 17 ، و18 عاما، فان الواقع العملي يؤكد ان المجتمع يجد في هذه القوانين من الثغرات التي يتحايل بها على القانون ويتم تزويج البنات في كثير من الحالات عند عمر 13 عاما، مدعومين في ذلك بموقف رجال الدين.
فكلا من مصر والمغرب على سبيل المثال، لجأتا إلى تحديد سن الزواج بـ18 سنة، الا ان الاهالي يلتفون حول هذا القانون، وقد يلجؤون للتزوير عبر ما يعرف بالتسنين لتغيير عمر الفتاة من 13 الى 18 بأوراق مزورة وبموجبها يتم التزويج، بل اجبار الكثير من المراهقات على الزواج في سن مبكرة تصل في بعض الحالات إلى 13 سنة.
أما في بعض الدول مثل اليمن والسعودية، فقد تزوج الفتاة في عمر العاشرة لأن السلطات لم تحدد سناً قانونية للزواج، وحتى اذا ما اقر تشريعا قانونيا للسن فانه لا يتم الالتزام به.
وفي مصر والسودان واليمن يزدهر الزواج المبكر في اوساط الأسر الفقيرة أو الأمّية، بينما في الخليج خاصة السعودية يتم التزويج المبكر بهدف ضمان الحفاظ على عفة الفتاة او تجنبا من تعرضها للعنوسة.
وزادت مشكلة تزويج القاصرات تفاقما في العالم العربي بعد تدهور الاوضاع الامنية في سوريا، وجود الالاف من اللاجئات السوريات بالأردن، واضطرار بعض الاسر لتزويج بناتهن لعدم قدرتهم على اعالتهن، ولحمايتهن من اية مخاطر محتملة وسط حياة اللجوء، مما يؤدي لحرمانهن من التمتع بحياة صحية سليمة وفرص التعليم الضرورية للتطور، بجانب تعرضهن لحالات الطلاق بسبب نقص خبراتهن الحياتية.
اما في العراق فالقانون في المادة السابعة من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل يشترط لإتمام الزواج، العقل واكمال الثامنة عشرة من العمر.
اما في المادة الثامنة فكان لمن اكمل الخامسة عشرة من العمر الزواج، وللقاضي ان يأذن به اذا ثبتت له اهليته وقابليته البدنية، بعد موافقة وليه الشرعي،. تشترط الفقرة الثانية من هذه المادة بإعطاء الإذن بزواج من بلغ الخامسة عشرة من العمر اذا وجد ضرورة قصوى . ويشترط تحقق البلوغ الشرعي، والقابلية البدنية.
و في مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء في العراق عام ٢٠١١ تبين أن 5% من النساء تزوجن بعمر دون 15 سنة، وحوالي 22% تزوجن دون سنة 18
المادة 16 في لائحة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملاً لا إكراه فيه.
الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
فهل فعليا هذا ما يتم تطبيقه ام ان القوانين مجرد ديكور و التوصيات للمؤسسات الدولية مجرد تسالي صالونات
ومن اجمل الأحاديث التي نتناولها انا ووالدتي هي الشأن العام وقضايا المجتمع و قد روت لي امي قصة جميلة حدثت في الإمارات العربية المتحدة تحديدا أبوظبي وهذه القصة كانت نواة وعي لحقوق المرأة و الطفل في الشؤون الاجتماعية والزواج هذه القصة سمعتها امي وهي في زيارة الإمارات برفقة والدي و قد أولم على شرفهم الشيخ محمود الجشي وهو موظف في الأوقاف الإماراتية وهو فلسطيني الأصل متزوج من سيدة من الأشراف لبنانيه وقد كان رجل تقي وورع و مشهود له بالثقة و الاحترام و الكرم و العلم و الانفتاح الفكري رغم التزامه الديني و رغم منصبه طلب منه وديا ان يعقد قران احد العائلات المرموقة في أطراف المدينة من البدو ووافق و ذهب ليجد ولي العروس مع عريس و عندما علم بسن العروس التي لم تبلغ السن القانوني رفض تزويج الطفلة و اصر ان يراها و يسألها فوجدها بفارق سن ملحوظ عن العريس فقلب دلال القهوة علامة غضبه و رحل بعد نصحهم و توضيح مخاطر هذه الجريمة بحق الطفلة و من بعد هذه الحادثة انتبهت الأوقاف للتغير لصالح الطفولة و لمجتمع سليم فاشعل قضية كبيرة بهذا الفتيل 
كوارث لاحقة
تتعرض الفتاة القاصر لمتاعب صحية عديدة عند تزويجها مبكرا، ورصد الاطباء والمتخصصون مظاهر كارثية للفتاة من بينها زيادة خطر حدوث مضاعفات أثناء الحمل مثل تسمم الحمل وضعف الجنين، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الوفيات لدى الأطفال حديثي الولادة. قد يؤدي ذلك إلى عدم القدرة على الإنجاب، أو إنجاب أطفال مشوهين، أو كثرة الإنجاب، وهو ما يصيب المرأة بالإرهاق يسبّب لها أمراضاً عدة، مثل سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، فضلا عما يترتب عليه من زيادة حالات الطلاق بين المتزوجين في سن مبكّرة.
وعلى الصعيد النفسي والاجتماعي، فان الفتيات القاصرات يقعن فريسة للاغتصاب تحت مسمي الزواج من خلال ما يقع فيه من عنف جسدي، حيث يعتبر ما يقوم به الزوج مع زوجته القاصر عنفاً من الناحيتين الصحية والنفسية.
كما ان حرمان الطفل او الطفلة من طفولتهم و القفز عبر مراحل العمر من الطفولة الى الشباب و النضوج فجأة دون تدريج من اسوء ما يمكن ان يحصل للطفل ار الطفلة فهو عندما يكبر سيعود مجددا ليعيش فترة المراهقة المتأخرة و ربما يعود حتى للطفولة التي لم يعيشها 
و بعض الحالات من الزواج المبكر بعد مدة من الزواج حتى لو بعد عشر سنوات او اكثر بعض الأزواج او الزواجات يهربون من الواقع و يتركون كل شيء كنوع من ردة الفعل
كما انهم غير مؤهلين لتربية الأطفال و بناء شخصياتهم على الصح و الغلط و القيم و المفاهيم اذا كانوا هم أنفسهم مازالوا لا يعرفونها و غير راسخه عندهم فكيف ينقلونها الى أطفالهم 
ليس فقط بالأمور التربوية و الأخلاقية و الثقافية و العلمية قاصرين عن تقديم العون لأولادهم إنما أيضا صحيا فالكثير من حالات الوفاة لأطفال بسبب أخطاء امهاتهم الصغيرات اللواتي يفتقرون للخبرة و النضوج
كما تحرم الفتيات من الحصول على التعليم المدرسي والجامعي، ما يؤدي الى تقليل فرصتها في اكتساب عمل اذا ما اضطرتها الظروف لذلك.

جدل القوانين
واللافت للنظر الى انه في الوقت الذي تحرص فيه بعض الدول العربية لضبط الزواج المبكر بالتشريعات القانونية ولكنها كثيرا ما تعجز عن القيام بذلك، فان البعض الاخر من البلاد العربية تشجع عليه، وهو ما يثير الجدل المستمر في اوساط النخبة في العالم العربي في هذا الشأن.
ففي الوقت الذي بذلت فيه مصر جهدا لتحديد سن الزواج 18 عاما مثلما هو متبع من عدة سنوات، فوجئ الرأي العام المصري مؤخرا بتقديم احد اعضاء البرلمان مشروع لتعديل قانون الزواج وخفضه للفتيات إلى 16 عاما بدلا من 18، بدعوى إن هذا التعديل يأتي في إطار إنشاء قاعدة بيانات صحيحة حول الزواج نتيجة قيام بعض الطبقات بإيجاد طرق بديلة وبعيدة عن القانون لتوقيع الزواج لصغر سن الفتاة.
وقد أثار هذا المشروع جدلا كبيرا داخل المجتمع المصري، وذلك للتأثيرات السلبية التي يخلفها هذا الأمر وعلى رأسها الآثار النفسية، وما يخلفه الزواج المبكر من أضرار على الفتاة.
ومبعث هذا الجدل ايضا ان التصنيف العالمي يعد مرحلة الطفولة حتى عمر ال 18، ومن ثم فان اي تخفيض عن هذا السن لا يمكن قبوله لما يترتب عليه من مشكلات نفسية وصحية واجتماعية كبري في مقدمتها ازدياد معدلات الطلاق بين صفوف الزواج المبكر، وهو ما يعني هدم الكيان الاسري برمته.
الموقف نفسه يقترب من الحال في الاردن، حيث تنتشر ظاهرة الزواج المبكر في المجتمع والقت بظلالها على زيادة معدلات الانجاب ومعدلات النمو السكاني ومن ثم تدني في الاوضاع العامة 
وفي الاساس فان القانون الأردني يمنع الزواج قبل سن 18 عاماً ولكن يمكن لأي شخص الحصول على إعفاء من شرط السن لمن تقل أعمارهم عن 18 عاماً بتصريح من اثنين من القضاة'.
وكشفت الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي في الاردن ان الزواج المبكر منتشر بالمملكة ويجري قبل بلوغ سن 18 ربيعا، والمناطق الحضرية الاكثر انتشار للزواج المبكر لكلا الجنسين بنسبة (10.8% )، كما اوضحت ان الفتيات غير المتعلمات هن عرضة للزواج المبكر ثلاثة اضعاف الفتيات المتعلمات.
و لكن هناك أمر هام جدا و إيجابي تم تعديله في القانون الأردني حيث اشترطت التعليمات الصادرة بموجب الفقرة (ب) من المادة ( 10 ) من قانون الأحوال الشخصية رقم (36 ) لسنة 2010، منح إذن الزواج بأن لا يتجاوز فارق السن بين الطرفين 15 عاما، وان تتحقق المحكمة من الضرورة التي تفتضيها المصلحة وما تتضمنه من تحقيق منفعة أو درء مفسدة وبما تراه مناسبا من وسائل التحقق بالإضافة الى أن يتحقق القاضي من الرضا والاختيار التامين.
مازق سوري
ووفق احصائيات مديرية الاصلاح والتوفيق الاسري في دائرة قاضي القضاة لعام 2015 فان النسبة الكلية لزواج القاصرات في المملكة للأردنيين بلغت 13% فيما ترتفع عند السوريين لتصل الى 35%.
ويرتبط زيادة معدلات التزويج المبكر بالأنماط الاجتماعية الجديدة في الاردن عندما صار ملاذا للسوريين الفارين من جحيم الحرب في بلادهم، بينما يحدد قانون الأحوال الشخصية السوري الحد الأدنى لسن الزواج بسبعة عشر عاماً للشباب وستة عشر عاماً للفتيات. ولكن يُسمح لرجال الدين القيام باستثناءات والموافقة على زيجات غير رسمية عندما تبلغ الفتاة الثالثة عشر من عمرها والشاب السادسة عشر من عمره. ويتم تسجيل هذه الزيجات لدى السلطات عندما يبلغ فقط كلا الزوجين 18 عاماً. ويسمح هذا الزواج غير الرسمي للزوجين بالعيش معاً وإنجاب الأطفال.
واشار تقرير الامم المتحدة بهذا الشأن ان هناك زيادة متوقعة في حالات الزواج المبكر لعدة دول من ضمنها الاردن وخاصة بين اللاجئين السوريين الذي يبلغ عددهم زهاء 1.4 مليون لاجئ جلهم من الاطفال والفتيات اذا ما استمر هذا الوضع على وضعه الحالي دون تدخل واتخاذ اجراءات او تفعيل تشريعات للحد منه.

ثغرات قانونية
اظهرت دراسة، حول زواج القاصرات في الأردن، إن تعليمات دائرة قاضي القضاة الصادرة في عام 2010 من أجل الموافقة على زواج من هم دون 18 عاما، جاءت عامة، وتسمح للمواطنين باستغلال الاستثناءات الموجودة في قانون الأحوال الشخصية المؤقت.
وطالبت الدراسة التي أعدها مركز تمكين للدعم والمساندة وital. voice بالتشدد في إجراءات منح الإذن، بحيث يصدر عن هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة، وليس عن قاض فرد، ويصادق قاضي القضاة على القرار.
كما طالبت الدراسة بضمان إدراج شروط خاصة في عقد الزواج تكفل حقوق الصغير أو الصغيرة، وخاصة في مجال التعليم والاحتفاظ للزوجة بحق العصمة اي حق تطليق نفسها بنفسها.
اخيرا، اتمني ان تستفيق الشعوب العربية بالعلم وبالخبرة الحياتية التي نعيشها، فالعلم اثبت ان من دون عمر ال18 ربيعا لازالوا في مرحلة الطفولة التي تحتاج رعاية نفسية ابوية، ومن ثم لا يمكن دفع هذه الفئات العمرية للزواج المبكر الذي يوصف بزواج اطفال .
ثانيا الخبرة الحياتية للمجتمعات العربية اثبتت زيادة معدلات الطلاق بين فئات الزواج المبكر وهو نتيجة طبيعية لعدم اكتمال نضجهم العقلي والعاطفي والجسدي معا، فلماذا لا نعترف بالأمر الواقع نوقف مهزلة الزواج المبكر دفعا لأضرارها علي الفرد والمجتمع.
في تصوري ان المفكرين وعلماء الدين والمؤسسات الثقافية المنابر الاعلامية مطالبة بوضع استراتيجيات لتغيير المفاهيم الاجتماعية المغلوطة السائدة في الثقافة الشعبية الخاصة بالزواج المبكر وابراز مخاطره النفسية والاجتماعية والاقتصادية على الجميع.
وهذه الرسالة المخلصة لا يمكن نجاحها بمعزل عن التعاون المخلص بين المؤسسات داخل الدول العربية، وسنّ القوانين تحد من الزّواج المُبكر.

الجمعة، 18 أغسطس 2017

العنف ضد الأم جريمة لا تغتفر


العنف ضد الأم جريمة لا تغتفر


سارة طالب السهيل

الأم هي مصدر والحنان والرعاية الامان والطمأنينة لأبنائها. فبحكم الطبيعة التي فطرها الخالق عليها فان الأم تعطي ابناءها عطاء بغير حساب دون انتظار اي مقابل لهذا العطاء، فهي تريد فقط رؤية ابنائها سعداء وناجحين.

ولكن الكثيرات من الأمهات يواجهن مشكلات عديدة بسبب عنف الابناء في سني عمرهم المبكرة بسبب تمردهم على سيطرة الأسرة، ويبدأ هذا العنف في مراحله الأولى برفض الابناء للقيود الأسرية التي تضعها الأم بهدف الحفاظ على منظومة الاسرة وتكريس قيم الانضباط السلوكي والقيمي ويتطور رفض الأبناء لهذه القيود الى حد التمرد والعصبية، فيلجؤون الى فرض آرائهم بالعنف مثل تحطيم الأشياء من حوله، أو التعدي على والديه، ولا تدري الأم في هذه الحالة كيف تتعامل مع ابنه
وكما قيل في الأثر الشعبي الجمعي ' قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي على حجر ' فان هذا الاثر الشعبي الدارج يعكس حقيقة حكمة مستخلصة عبر مئات السنين لمظاهر عقوق الوالدين خاصة الام.

فالأم تدفع ثمنا باهظا لما أودعه الخالق في قلبها من رحمة وحب لأبنائها، وتتحمل في سبيل هذا الحب الكثير من الأذى فتغفر دوما بينما تزداد قلوب الابناء قسوة وجحودا ضد امهاتهم، لأنهم خبروا بالتجربة العملية مع الأم انها أكثر صبرا وتحملا وعفوا، وان كلمة صغيرة من ابنها تكفي لجبر خاطرها عند انكسارها نفسيا.

وابناء اليوم مشغولون عن امهاتهم بأصحابهم وأجهزتهم المحمولة، ولا يفكرون بحاجة الام لمبادلتهم الحديث او الاستماع لما يشغلها او يؤلمها، وهي تقابل كل ذلك بالعطاء والعطف والعفو الكريم.


والدراسات الاجتماعية التي أجريت في هذا الصدد ذهبت لتأكيد ان أكثر من 75% من العنف موجه من الآباء والأبناء موجه للأم سواء عنف لفظي بالصوت العالي، أو الألفاظ الجارحة او العنف البدني والتطاول بمد اليد 75% وذلك نتيجة استضعاف الابناء للأم مقارنة بالأب.

وباستطلاع اراء الشباب الذين يمارسون العنف ضد امهاتهم، فان بعضهم يقول نحن نعرف ان اكبر عقاب من الام لنا هو مجرد التوبيخ والصراخ تنفيسا عن غضبها، والبعض الآخر يقول ان الام حريصة على علاقة الحب والود معنا وبالتالي لن تحتمل فراقنا او زعلنا وتنتهي الازمة بيننا بالاعتذار لها وخلصنا و بعضهم يقول والدتي ليس لها مأوى و لا شهادة جامعية و لا وظيفه فأين ستذهب
وهنا فان الابناء كما يرى خبراء علم النفس يستغلون حب الام ليفعلوا بهذا الحب ما يشاءون ، ودون ان يحرص على مقابلة هذا الحب بالانتماء والوفاء والرجولة والشهامة.
هذا الاستغلال من جانب الابناء للأمهات يدمر أهم قيمة في حياتنا وهي قيمة الحب وتقديره حتى يفيض بالخير على الانسان دنيا ودين معا، ويهدر نعمة الجهد الذي تبذله الام لأبنائها في رعايتهم بإطعامهم والسهر على راحتهم والعمل على اسعادهم بكل وسيلة.
ويزداد تجاهل الابناء لإماتهم بعد زواجهم وهو نوع من العنف النفسي، وهو جعل صحيفة الجارديان تقول ان الشباب والشابات بعد زواجهم يتصلوا بأمهاتهم 5 دقائق كل اسبوع يعنى 5 دقائق كل 10 آلاف دقيقة، انا ضامن لو لم اتصل هي ستتصل.

ولعل عدم ادراك الابناء لقيمة هذا العطاء المتفاني والمخلص من الامهات، يجعل هؤلاء الابناء فيما بعد غير مدركين لمفهوم القيمة ويفقدون كثيرا من الثوابت الاخلاقية الانسانية الضرورية في الحياة، فضلا عن ادراك اهمية الله الخالق نفسه جل شأنه.

ولذلك فان جل فتاوي العلماء والفقهاء في هذا الشأن تصب في اتجاه حفظ كرامة الام وحفظ مقامها في قلب الابناء عملا وقولا وسلوكا، بل ان الارتباط القوي بين الابناء وامهاتهم قرين بارتباطهم بخالقهم وتقديسهم له جل شأنه.

فطاعة الام اساس عظيم لطاعة الله تعالى، ولعل الامثلة على ذلك في مواقف الرسول صل الله عليه وسلم والصحابة والصالحين تؤكد هذا المعني ـ ومنها علي سبيل المثال لا الحصر ـ عندما سأل طلبة العلم عطاء ابن رباح ماذا أفعل عندما تحبسني أمي عن الليلة المطيرة عن صلاة الجماعة ، فقال له اطعها.
وفي المسيحية كانت ام يسوع المسبح السيدة مريم العذراء نموذج لاحترام الام و تقديسها

فجور الابناء

وكثيرا ما يقابل الابناء عطاء الام المخلص في الحب والود والرحمة بالعقوق والعنف الذي قد يصل الي حد الفجور والجريمة بالنهر والزجر و النفي والقتل!. فالكثير من الابناء يقابلون احسان الام ورحمتها بالتطاول ونكران الجميل خاصة عندما تكبر ولا تقوى على تدبير امور حياتها وضعف حالتها الصحية، فيقابل الاحسان بالإساءة بنفيها في دور رعاية المسنين او اهمال رعايتها صحيا او تجاهل احتياجاتها المادية والنفسية وغيرها من أشكال العنف الموجود في كل المجتمعات شرقا وغربا.

ورغم ان الاديان السماوية تكرس لقيمة رعاية الام واحترامها وتقديرها خاصة عند الكبر كما في الاسلام الذي جعل عقوق الوالدين من الكبائر، وكما ورد في محكم كتاب الله تعالى ' فإما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما، فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما '.

فإنسان العصر الحديث تجاهل هذا الامر الالهي بالإحسان الى الوالدين خاصة الام وارتكب أفظع الجرائم بحق مصدر الحنان والرحمة، حيث سجلت صفحات الحوادث عشرات الجرائم الشيطانية بحق الام من ضرب وطرد من المنزل، وذبح طمعا في المال او تحت ضغط الزوجة التي قد تسعى لتشويه صورة الام بما يدفع الابن الى التخلص منها، وبعضهم يلوي عنق القانون ليرفع دعوى حجر ضد أمه وغيرها من المبررات.
يقع العنف من الابناء ضد الامهات في الوقت الذي تغيب فيه العقوبات الرادعة التي من شأنها وقف هذه الظاهرة.
سجلات مؤلمة

سجلت وسائل الاعلام والشرطة المدنية في مختلف انحاء العالم العربي جرائم مؤسفة ارتكبها الابناء بحق ذويهم خاصة الام من قتل وعنف بما يشكل أعلى درجات العقوق والطرد من رحمة الله تعالى.

فنقرأ عن شاب يقوم بتقييد والدته المسنة بحبل في يديها وقدميها ومن ثم ينهال عليها ضرباً وركلاً بسلك كهربائي حتى أوشكت على الموت لولا لطف الله وتدخل الجيران بسبب خلاف مادي.

وشاب آخر يطعن والدته حتى الموت عقب مشادة كلامية، وشاب ثالث يقتل والدته المسنة المقعدة في جبل عسير ويضرم النار في جثتها من أجل بيع المنزل والحصول على ثمنه.

واضطرت احدى الامهات الدخول لإحدى دور رعاية المسنين وهى سيدة مسنة بعد ان عانت من جحود أبنائها والذين تركوها بلا عائل بعد وفاة والدهم، ورفضوا حتى مجرد الإنفاق عليها.

والشاب الداعشي الذي قتل والديه و عذب امه قبل القتل على زعمه ليدخل الجنة بقتلهم

و بعض الشباب من مدمني المخدرات وما يقومون به يوميا من تعذيب نفسي و جسدي لأمهاتهم كما يقومون بالاستقلال المادي و استخدام الترهيب ز التخويف مع استعطاف الام لما تراه من حال ابنها المدمن

تقل نسبة تعذيب الام على يد البنات مقارنة بالأولاد

الا انه هناك الكثير من البنات العاقات اللواتي يفكرن فقط في مصالحهن و حياتهن و سعادتهم متناسين تعب و عطاء و تضحيات امهاتهن في الصغر الذي حان وقت رد الجميل بالعطف و العطاء

كما أن اكثرهن بعد الزواج يتركون امهاتهن للمرض و الوحدة

فمنهم من يسكنها دار المسنين او المستشفيات و منهم من يتركها في المنزل مع خادمة و منهم من يتركها بالشارع

و قد شاهدت بنفسي الكثير من الحالات الصعب جدا احتمالها عاطفيا في دور المسنين التي كنت ازورها بشكل دوري فكنت أرى بنفسي و اسمع القصص فاحد الأمهات الحسنات روت لي كيف اخذها ابنها الى شارع بعيد لا تعرف كيف تعود للمنزل فأحضرتها الحكومة للدار بدلا من البقاء في الشارع و روت لي سيدة مسنة كيف كتبت املاكها لأولادها في حياتها فطردوها من ملكها الذي اهدته لهم و روت لي سيدة أخرى كيف أن زوجة ابنها الشريرة لم تقبل وجودها بحياتها و اودعتها دار المسنين

تتعدد مظاهر العنف والجريمة بحق الامهات بصفة خاصة وهي جرائم لا يغفرها الخالق، وان كانت الام تغفرها، لان هذه الجرائم تعكس من جانب أخر قسوة القلوب، وهذه القسوة تفضي فيما بعد أي جريمة محتملة.


وأنا لا تصور ان تبذل الام كل ما في وسعها من عطاء معنوي ومادي وتقابل بجحود الابناء، فالإحسان الذي تقدمه الام لابد وان يوازيه احسان من الابناء بالتقدير والاحترام والرعاية عند الكبر للام التي بذلت روحها ونفسها لأجلهم. فهؤلاء الأبناء لهم خلل مؤكد نفسي يحتاج إلى علاج و اعتقد ايضا انه كان هناك خلل بالتربية عند الصغر ربما كثرة الدلال او عدم تحمل المسؤولية و من الممكن استخدام العنف معهم و احتمال بسبب الغيرة من الام منذ الصغر لأسباب نفسيه و قد يكون لأسباب تربوية أدت إلى تكون شخصية الأبناء على تفضيل المال عن العاطفة و الاهل

من هنا يجب تلافي هذا الأمر ومواجهة أسبابه اولا لمعرفتها و تحليلها و العمل على إصلاح المجتمع و خاصة في صغار اليوم شباب المستقبل من المهم أن تقوم الام على تربية أولادها تربية صحيحه و تعليمهم كيفية احترامها و تقديرها و ان يحسبون لها حساب و تعليمهم ان الدنيا اخد و عطاء و نبذ الأنانية و تحمل المسؤولية و التعاليم الدينية في هذا الشأن و تعليمهم قيم المحبة و العطاء و التضحية

أما وان يترك الابناء امهاتهم بلا نفقة أو رعاية او يتطاولوا عليهن بأي شكل من أشكال العنف والجريمة فهذا يخالف الفطرة التي خلقها الله في الانسان من نعمة البر والاحسان.

وفي تقديري ان القوانين العربية غير كافية في حماية الامهات من عنف الابناء، وهي بحاجة للتغير والتطوير بما يضمن وجود عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه ممارسة العنف والضرر بالأم خاصة عند كبرها .

و قضى ربك الا تعبدوا الا اياه و بالوالدين أحسانا
فقرن الله عبادته بالإحسان للوالدين كما قال رسول الله امك ثم امك ثم امك و قال الجنة تحت أقدام الأمهات

وفي الكتاب المقدس

أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ' (سفر الخروج 20: 12)
وقال

وَلكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضًى، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ، لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هؤُلاَءِ' (رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 3: 1-5)

و في الدين الاسلامي و قل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا

وحتى ان لم يكونا من المحسنين او لم يربياك صغيرا حتى وان كانوا مقصرين او حتى ظالمين فلا تكن انت اسوء منهم بل على العكس اكرمهم ليس ردا لعطاء او جميل إنما الخير من أجل الخير من أجل القلب الأبيض الذي بداخلك من أجل الضمير

و الأم ليست فقط امك التي انجبتك فالبر يجب أن يمتد الى زوجة الاب و الخالات و لا العمات

و الأهم ام الزوج فوالدة زوجك هي امك الثانية يسري عليها كل القوانين الأخلاقية و الأدبية التي تسري في تعاملك مع امك

و تأكدوا انه كما تدين تدان و انك تحصد من أبنائك ما زرعته انت مع امك و أبيك.

الاثنين، 14 أغسطس 2017

عنف التابوهات يولد عنفا موازيا في تحطيمها

نعيش مفردات حياتنا اليومية مغلفين بتابوهات صنعتها الاجيال المغرقة في القدم ونظل مطالبين بالحفاظ عليها وتقدسيها في أمور حياتنا السياسية والدينية وعلاقاتنا العاطفية الانسانية، ومع مرور الزمن فان هذه التابوهات امتدت لكل اشكال حياتنا الاجتماعية، ومن يتجاوز خطوطها الحمراء بات محكوم عليه بالنبذ الاجتماعي.

ولاشك ان هذه التابوهات باتت تشكل عنفا يعرقل جهود اي فكر انساني للتطور والتجديد، فالحياة متجددة كماء النهر، واذا لم يتجدد ماء النهر ركد ولم يعد صالحا لحياة الانسان والزرع والحيوان.

فسنة الله في خلقه وكونه هي التغيير، وما ينسحب علي الطبيعة يجري علي بني البشر، ولذلك فأننا نجد انه مع مرور السنوات الطوال ان المناطق الحارة تغيرت طبيعة مناخها واما تحولت لصحراء جرداء او مطيرة، والمناطق التي كانت تجري فيها الجداول ومصبات الانهار قد جفت وتعرت ارضها من الخضرة اليانعة واكتست لون الصحاري او العكس.

فقد تنهض امة من الامم وبعد ان تكمل دورتها الهرمية تنهار وتزول وتصبح في خبر كان، بينما تنهض امة اخري فتشيد حضارتها من الصفر بجهد ابنائها وتعاونهم وعلمهم واجتهادهم وكل ذلك مرتبط بفعل التغيير والتجديد الكوني.

ورغم ان " كلمة تابو "  ترجع إلى لغات سكان جزر المحيط الهادي، وترتبط بمصطلح "الطوطم"، أو الرمز المقدس لدى العشيرة أو القبيلة أو الجماعة، وتشير إلى الممنوع من فعل أو قول في المجتمعات البدائية التي تعبد ما تخشاه من ظواهر وحيوانات مفترسة، وتتخذها آلهة لها، تقدسها وتحرم الاقتراب منها.
غير ان التابو قد نقله الرحالة جيمس كوك للغات الغربية، وتطور مفهومه عبر الازمنة ليمنع التعاطي مع الدين والسياسية والعلاقات الخاصة، لكنه سرعان ما تطور في دلالاته الاجتماعية ايضا إلى عدم تجاوز كل الاعراف الاجتماعية والمورثات الثقافية التي ثبت بالتجربة الحياتية مدى  الحاقها الضرر بالإنسان صحيا ونفسيا ومعرفيا لأنها تحرمه من نعمة الحرية التي وهبها له الخالق وفق ضوابط شرعية.
وبحسابات اي منطق انساني وديني، فان غالبية البشر يعتقدون بصحة " انت حر ما لم تضر"، فان الحرية طالما اصطدمت بالثوابت الطوطامية المقدسة التي تحافظ على الموروث ولا تنظر لطبيعة الحياة المتغيرة. فانتمائي لأسرتي وقبيلتي هو جزء من ذاتي واخلاصي ولكنه لا ينبغي ان يكون مبررا تحت اي ظرف لقبول ما لا يرتضيه عقلي وقلبي.
فحريتي، على سيبل المثال ـ في ابداء رأي سياسي مخالف  لاتجاه اسرتي او قبيلتي لا ينبغي ان يكون مصيره الرمي بالخيانة، وكذلك تناولي لقضايا المرأة و المطالبة بحقوقها المشروعة لا ينبغي ان يكون مدعاة لاتهامي بالخروج عن الموروثات فليس كل الموروثات على حق و كذلك دفاعي عن حقوق الطفل في ضل مجتمع يهمش الأطفال و لا يؤمن بأهمية إعداده للمستقبل كونه هو المستقبل لا ينبغي لهم اتهامي بالإنشغال بما لا يجدي او بالأمور الثانوية و كذلك الأمر في ما يخص الكثير من القضايا التي عليها تابوهات مسبقه و أحكام مسبقه الا انهم لو أعطوا أنفسهم الفرصة للتفكر بالأمر اوجدوا ان تابوهاتهم هذه غير منطقيه و لا تمت للعقل او العصر بصلة و انها ليست من المقدسات تحت اي مسمى و انها لو تغيرت لأحدثت فرقا إيجابيا الى الافضل و ان بقائها كان عائقا الكثير من التقدم و الازدهار و الراحة  . 
وفي تصوري ان الجمود خلف التابو السياسي والديني، هو عنصر رئيسي في ما شهدته منطقتنا العربية من تمرد قاد إلى  ثورات عنيفة ظهر فيها الفكر المتشدد والمنظمات الارهابية لأنها لم تجد مناخا دينيا يقبل اعمال العقل والعلم في الدين وفق منهج وسطي.

وفي المقابل فان هذه المناخ المتشدد خلف تابو الدين قاد إلى  انتشار الالحاد بشكل لم يكن متصورا في ارضنا العربية المعروفة بتدينها، وذلك لأنه  لم يجد محضنا فكريا يجاوب عن اسئلته الوجودية الحيرى وسط تراكمات فكرية في الشرق والغرب وفي فضاء كوني جعل العالم قرية كونية صغيرة.

والمرأة هي الأخرى خرجت من قهر العادات والتقاليد التي حبست انفاسها في المنزل وخرجت للعمل وتمردت على بطش الزوج وقسوته وسعت لتحقيق الاستقلال المادي والتحقق العلمي والعملي دون ان ينتبه الزوج ولا المجتمع الطوطمي إلى  الثمن الذي يدفعه المجتمع عندما تتمرد المرأة على القهر بانهيار المؤسسة الاسرية وضياع الابناء.

فعنف التابو ولد عنفا موازيا في تحطيمه وصار محطموه اكثر شهرة وانتشارا، كما حدث في الحقل الادبي، بظهور  ألف ليلة وليلة و كليلة ودمنة و مزرعة الحيوانات جورج أورويل، وابداعات نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس، وثروت أباظة وحامد أبوزيد  ونوال السعداوي الروائي الجزائري رشيد بوجدرة  والسوداني الطيب صالح، والتونسي لمحمد شكري.. وغيرهم الكثير.

 بل ان السنوات العشر الماضية ظهرت موجات البوح الصريح ولغة الكتابة بالجسد وما يشببها كما افي اعمال الكاتبة احلام مستغانمي وغيرها من الكاتبات .

الفضاء والتابو

عملت الفنون البصرية في الفن التشكيلي والسينما والمسلسلات الدرامية الى كسر حدة التابوهات، بل وانهيار الكثير منها عبر فضاءات الانترنت وفشل الحكومات فرض الرقابة على هذا الفضاء الكوني المفتوح.

وبقدر ما تحررت المجتمعات من تابوهات بالية في هذه، فأنها شهدت بالمقابل ولادة تابوهات طائفية وعرقية ومذهبية اشعلت منطقتنا بالصراعات والحروب الدموية دون ان نعرف لها سقف زمني يمكن ان تنتهي فيه.

فالمنطقة تموج بتابوهات الصراع بين المسلمين والمسيحيين والسنة الشيعة، وبين العروبة والخلافة الاسلامية، والعرب وجيرانهم والاعراق المختلفة في المنطقة و نجد في وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت والصحف الإلكترونية مسرحا للحروب والاتهامات وخلق الفتن وكل كاتب يحاول ان يتناول موضوع او قضية و معادات الفكرة او الشخصية التي تتمحور حولها الفكرة او القضية و هناك كن يدافع عن رايه و فكره الشرعي البناء بخصوص قضايا تفيد المجتمع و تقدم الاصاح الا انه سيجد من يعاديه و يحاربه خاصة اذا كانت آرائه تعبر عن وجهات نظر مخالفة لأقرانه في المذهب السياسي او الديني بالأغلب.

هذه التابوهات أصبحت كالأشباح تلاحقنا في أفكارنا و حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية و الدينية بالآراء المتحجرة العقليات التي توقفت عن التفكير و الابتكار و اكتفت بالنسخ أو الاقتباس أو النقل أو إعادة النشر و تعودت على تناقل الثوابت عبر الزمن و التاريخ و هذه الثوابت لم يثبتها احد فهي ليست مقدسات دينية و لا ثوابت اخلاقية و إنما عادات بالية أقرها شخص ليس بأفضل منك و لا مني فهو ليس نبي و لا وصي من الله و لكننا ورثنا عنه اعتقاده الذي لا يناسبنا والظروف و المناخ و الأسباب التي جعلته يعتقد في أمر ما ليست نفس الظروف و المناخ و الأسباب التي تحيط بك ، اذا فلنحارب معا التابوهات المضرة ونؤكد على ما يفيد مجتمعاتنا من ثوابت علمية ثقافية اخلاقية تربوية تحثنا على عيش كريم ونفس سوية وحياة طيبة ومجتمع نظيف .

أطفال الروضة بين المخاطر والإهمال مقال للكاتبة سارة السهيل



 http://arabi.ahram.org.eg/News/120972.aspx

يتعرض أطفالنا قرة أعيننا ودرة قلوبنا،  في مرحلة الروضة بعالمنا العربي  لمخاطر جسيمة، نتيجة انتشار رياض الأطفال بشكل عشوائي وغير مرخص، ما يجلعها غائبة عن الرقابة وعرضة للكثير من التجاوزات بحق صغارنا الأبرياء.
فغالبا يتم إنشاء هذه الحضانات أو رياض الأطفال في مناطق عشوائية وغير صحية ما يتعارض مع حاجة الصغار لمناخ صحي من هواء نقي والعاب أمنة ورقابة ورعاية ، وربما يلعب قصور الأجهزة المختصة بمراقبة ومتابعة هذه الحضانات دورا في تعرض الاطفال للمخاطر الصحية والنفسية معا.
فقد يعرقل المسئولون سرعة إنجاز الحصول علي التصاريح الرسمية لإنشاء دورالحضانة، وقد يتسم فرص الحصول علي التصاريح اللازمة لإقامة دور الحضانة الكثير من الجهد والإجراءات والوقت الذي من شأنه أن يدفع أصحاب هذه الدور لإلغاء فكرة الحصول علي التراخيص الرسمية اللازمة لإنشائها رسميا، واللجوء للعمل دون تصريح بعيدا عن أية مظلة قانونية ومن ثم النجاة من الرقابة ، بينما يدفع الصغار ثمن تقاعس المسئولين وإهمال أصحاب الروضات في رعاية الأطفال بعدم إدراكهم غياب الدور الرقابي.

وحتي الحضانات التي حصلت علي تراخيص بالمزوالة والعمل، فإنها أيضا لا تجد من يمارس عليها الدور الرقابي ويخضعها للمحاسبة إلا فيما ندر نتيجة قلة الموظفين والنقص الحاد في المرشدين  التربويين علي مستوي العالم العربي  .
 ففي تونس تنتشر حاضنات الأطفال المخالفة في مناطق عديدة، سواء كانت أحياء شعبية أو راقية، حيث بلغت  التجاوزات والانتهاكات المرصودة ضد الأطفال أكثر من ثمانية آلاف اعتداء في العام  الواحد، و جزء كبير منها تم داخل رياض أطفال عشوائية ، و أغلب  التجاوزات تقع  نتيجة أخطاء يرتكبها موظفون بدون علم مديري الحضانات وبسبب استمرار ظاهرة الحضانات العشوائية، وغرفة أصحاب رياض الأطفال غائبة عن اللجنة الخاصة بمتابعة هذه المؤسسات غير المرخصة، نتيجة إقصائها من قبل المندوبية المحلية لحماية الطفولة في تونس.
وأمام هذه الأزمة تعالت الصيحات المطالبة من الجهات المعنية شن حملة ضد الحضانات غير القانونية، على غرار حملات مكافحة التجارة العشوائية، وسن قانون  يجرم رياض الأطفال العشوائية ويشدد العقوبات على المخالفين.
وفي مصر تنتشر دور رياض الاطفال غير المرخصة بسبب صعوبة الحصول علي التراخيص من ناحية، ولطول إجراءتها  كثيرا تارة أخري، والادهي من ذلك كله ان الكثير من أصحاب دور الأطفال غير المرخصة ينظرون إليها باعتبارها مشروعا تجاريا مربحا ضاربين عرض الحائط بالشروط الواجب توافرها ،  من عناصر أمان وصحة وترفية وأدوات تنمي مهارات الطفل العقلية والنفسية.
ما يجعل الكثير من هذه الدور تشبه السجن بالنسبة للطفل  كمكان احتجاز يتم وضع الطفل فيه لبعض الوقت لحين وصول أهله لاستلامه، خاصة في ظل غياب الوعي الاسري بمخاطر هذه الحضانات، والنتيجة تدمير طاقات هؤلاء الصغار وغلق الباب أمام تنمية مهاراتهم، بل وتعرضهم للأمراض المعدية نتيجة عدم توافر شروط الأمان الصحي بهذه المنشآت، بجانب اكتساب عادات سلوكية خاطئة نتيجة غياب الرقابة .
ومعظم العاملات في دور حضانات الأطفال غير المرخصة غير مؤهلات، ولا يمتلكون خبرة التعامل مع الأطفال وسبل رعايتهم صحيا ونفسيا مما يعرض الصغار لمشكلات كبيرة.
وبقدر ما تنتشر في مصر الحضانات الرسمية الخاضعة لرقابة أجهزة وزارة التضامن الاجتماعي، فإن الأجهزة توالي غلق الدور التي يثبت تجاوزها للشروط أو التي يتم تقديم شكاوي بشأنها في التقصير برعاية الصغار.
ومع ذلك فإن الحضانات غير المرخصة تنتشر في مدن وقري مصر دون رقابة أو سلطة، وهى حضانات لم تراع اشتراطات الدفاع المدني والإسكان للتأكد من سلامة المبنى، فضلا عن تأمين المقرات ضد الحرائق. وحتي وإن توافرت بهذه الحضانات شروط الأمان  هذه فإن هذا لا توفر للطفل احتياجاته في سني عمره الأولي من اللهو واللعب والترفيه وتهتم فقط بتأهيله للقراءة والكتاب قبل دخول المدرسة وسط ترحيب من الأهالي!
الأزمة نفسها يعيشها أطفال فلسطين حيث يزيد عدد الحضانات غير المرخصة، بجانب حضانات البيوت باعتبارها الأرخص سعرا والأقرب للمنزل، ولا يتم إغلاق أي من هذه الحضانات إلا بعد تقديم المواطنين شكاوي بحقها من ثم مراقبتها وغلاقها.
وتعاني الأجهزة المختصة من النقص الحاد في إعداد المشرفين الذين يتولون الرقابة على هذه الدور والـتأكد من سلامة الحضانات وصلاحيتها لرعاية الأطفال من سن يوم حتى أربع سنوات.
وليس الحضانات في لبنان بأسعد حالا، فهناك المئات من  الحضانات الغير مرخصة والغير مستوفية لشروط الترخيص لكنها تعمل. فوفق إحصاءات وزارة الصحة لعام 2015، هناك 304 حضانات منها 205 غير مرخصة، لذا أطلقت الوزارة حملة لإقفال هذه الحضانات، خاصة  بعد وفاة ستة أطفال بين عامي 2006 و2015، خمسة منهم في حضانات غير مرخصة والسادس في حضانة كانت في طور استكمال الترخيص.

كلمة أخيرة
في ظني أن الأجهزة الحكومية  المعنية بالرقابة علي الحضانات لن تستطيع بمفردها تحمل هذا العبء الرقابي، ولذلك فإن أجهزة الإعلام العربية عليها القيام بدور رئيسي في نشر الوعي بمخاطر إيداع أطفالهم في حضانات غير مرخصة، وبيان حقيقة أن وضع الطفل في مثل هذه الدور يعرضهم للمشكلات الصحية والنفسية والعقلية التي لا يمكن تجنبها.
ومن ناحية أخري فإنني أتصور أن مؤسسات المجتمع المدني عليها دور كبير في مشاركة الأجهزة الرسمية في القيام بالدور الرقابي والاجتماعي مثل السماح لها للقيام بدور في اكتشاف الحضانات غير المرخصة والإبلاغ عنها للأجهزة المختصة.
كما  يمكن لمؤسسات المجتمع المدني ورجال الأعمال العرب القيام بدورهم في التبرع لانشاء دور حضانات رسمية تكون خاضعة لإشراف المؤسسات المختصة بما يحمي صغارنا فلذات اكبادنا من التعرض للتهلكة في الحضانات غير المرخصة.
كما اعتقد أن الأجهزة الاجتماعية المسئولة رسميا عن دور رياض الأطفال، لابد وأن تزيد عدد العاملين في مجال الاشراف والرقابة علي الحضانات الرسمية بشكل دوري ومنتظم، وسن قوانين رادعة ضد من ينتهك شروط الامان في هذه الدور.

الاثنين، 7 أغسطس 2017

مسدسات الاطفال البلاستيكية في ديالى - العراق

مسدسات الاطفال البلاستيكية في ديالى - العراق


بقلم/ سارة السهيل
تشكل لعب الاطفال عنصرا مهما في تنمية خيال الطفل وعقله ووجدانه ، و تكون تتمه لبراءتهم ، و تعطيهم حقهم الانساني من اللهو والمرح الحقيقي الذي يدخل الفرحة في قلوبهم الصغيرة  ، وكل الحضارات والثقافات ابتكرت العابا للاطفال في العصور والازمنة، وفي زماننا المعاصر،  يقبل الصغار علي انواع مختلفه من الألعاب ، مثل لعب التركيب و العاب تنيمة الذكاء و  البالونات، والسيارات والقطارات، والدمى  بأنواعها، ولكن معظم الاطفال ، من الاولاد خاصة ،  يقبلون اكثر على   الالعاب الاليكترونية ، التي لا بأس من الجيد منها ، اما المسدسات البلاستيكية فإن  أكثرها مضر ، و يؤثر على سلوكهم ، و يجرهم إلى  العنف والعدوان.
إن الكثير من العاب الاطفال تكرس للعنف والعدوان، فاذا ما شرب الطفل ثقافة العنف عبر لعبته، فانه بالضرورة سيتحول عندما يشب عن الطوق إلى  مواطن عنيف عدواني السلوك،  وقد يتطور الامر معه الي ارتكاب الجرائم ، ما لم يوقفه المجتمع ويردع خطره.
وكم هالني رؤيتي لاحد مقاطع الفيديو في عراقنا الحبيب في محافظة  ديالى ، لمجموعة من  الاطفال يلهون معا ويمسكون بالمسدسات البلاستيكية مبتهجين في العيد وهم يضربون بعضهم بهذه المسدسات.
فكيف يمكن ان نحول أعيادنا الى مناسبة ليتبارى فيها صغارنا بالمسدسات ويطلقون قذائفها البلاستيكية نحو بعضهم. وكيف نحول ما يجب ان نكرسه من روح الحب والمودة والتعاون والتعاطف والفرح الجماعي بلحظات سلام في العيد ، الى مناورات حرب بين الصغار والصبية؟
وكيف يسمح الاهالي بشراء هذه المسدسات لصغارهم لكي يتراشقوا بها في العيد ،  فيصاب بقذائفها من يصاب ويجرح من يجرح ، ونحن نقف في موقف المتفرجين ؟
ان اغلب ثقافتنا العربية القريبة زمانيا تشربنا فيها ان المسدس اما يمسكه الشرطي للقضاء على الجريمه و مكافحة الإرهاب و المحافظه على امن المواطنين و الإمساك  باللصوص ، او يمكسها اللصوص لترهيب المواطنين وسرقتها ،  او من خلال مواجهتهم لرجال الشرطة في مواجهة بين الخير والشر.
فمالذي حول هذه الثقافة الي اعتبار المسدس مجرد  لعبة وتسلية  بيدي الصغار؟ وكيف يسمح الاهالي لأنقسهم بالمشاركة في هذه الجريمة التي لا تمت لاخلاقنا العربية ، وثقافتنا المسالمة والمتسامحة بجلب هذه الالعاب إلى صغارهم ؟
والطامة الكبرى ان هذا المقطع من الفيديو الذي جرى تصويره في ديالى، يبدو مشهدا مكررا في معظم بلادنا العربية قراها ومدنها على حد سواء، يراه المفكرين والعلماء وخبراء علم النفس والاجتماع  خطرا ، وبعضهم اطلق صرخة تحذير لمخاطرها على السلوك العام في اقطارنا العربية .
مسئولية مشتركة
ان الأهالي يبدو قد غفلوا عن خطورتها في غمرة مشاغلهم اليومية ، ولكن اين دور المؤسسات الإعلامية في بلادنا التي من دورها الرئيسي نشر الوعي بالمخاطر وتنوير المجتمع بأضرار أية وسيلة تكرس لثقافة العنف؟
واين دور المؤسسات الثقافية والدينية في بث الوعي بمخاطر هذه الالعاب علي اطفالنا الصغار وعلي تنشئتهم ؟وأين دور المؤسسات الرقابية التجارية في منع التجار من استيراد مثل هذه الالعاب الخطرة علي صغارنا؟
ان الاحداث تكشف لنا ان عشرات المستشفيات في مواسم الاعياد تزدحم بمصابي العيون من الصغار الذين اصيبوا من جراء اللعب بهذه المسدسات البلاستيكية ، لأنها تكون مزودة بحبيبات صلبة، وحتى إن لم تمس العين، فقد تحدث خدوشا وندبات على مستوى الجسم خاصة الوجه.
ورغم ارتفاع اسعار هذه المسدسات البلاستيكية الا ان الاهالي يجبلونها للصغار، وحتي ان لم تقم الاسرة بشرائها فان الاطفال يجمعون عدياتهم ويقومون بشرائها دون ان يجدوا منعا من الاسرة او حتى تحذير بسيط.
المشهد لاشك مؤسف ومؤلم، ونحن نري الطاولات وقد تراصت عليها انواعا مختلفة من هذه المسدسات البلاستيكية والاطفال يقبلون عليها في العيد وكأننا داخلين في زمرة حرب كونية!
وتتباين هذه المسدسات في احجامها من الصغير والمتوسط وصولا الي الكلاشينكوف كبير الحجم، وتتباين ايضا فئات الاطفال في الاقبال عليها حسب قدراتهم المالية، لكن الجميع يشتري دون ضابط او رادع بما يكشف حقيقة ميول صغارنا للعنف الذي شاهدوه علي التلفازات والفضائيات من حروب او افلام عنيفة وهو الامر الذي يعد قنبلة موقوتة تهدد مستقبل امان وسلامة مجتمعاتنا العربية عبر ثقافة العنف التي تغرسها هذه المسدسات في نفوسهم البريئة.
اراء علمية
يجمع الأخصائيون النفسيون علي ان الأسلحة البلاستيكية وألعاب العنف تفتقر الى اية أهداف تربوية، بل انها تتعدي دورها في اللهو إلى  ممارسة التحريض على العنف نحو الذات والآخرين.
 كما ان هذه الألعاب تولد المزيد من القلق لدى  الصغار وتدفعهم الى الميل نحو الغضب والعصبية التي تبقيه دائما عدوانيا في تعاملاته مع الغير، فضلا عن انها تدمر نفسية الطفل وعلاقاته الاجتماعية فهم يبدأون باللعب ثم العنف وينتهون بالشجار فيما بينهم.‏
ويرصد علماء الاجتماع خطورة التمييز الثقافي في العاب الاطفال بين اعطاء البنت الدمي واعطاء الصبي مسدسا، وهو ما يرسخ لدى الطفل الذكر العدوانية باعتباره الأقوى  من الأنثى بما يؤدي لوقوع مخاطر اجتماعية كبري، ناهيك عن ما تتركه الالعاب الحربية في لا وعي الطفل من جنوح للعنف ينمو خاصة في ظل غياب التربية والتوجيه الاسري، فيتشرب الطفل هذا السلوك العدواني مما قد يدفعه في المستقبل للارتماء في احضان ‏التنظيمات الإرهابية أو العصابات الإجرامية‎.
كما اثبت علماء الاجتماع، ان استمتاع الطفل بقتل الاخرين عبر لعبة التسلية تعلمهم ‏طرق ارتكاب الجريمة، وتنمي في عقولهم قدرات ومهارات العنف خاصة وانها تتطابق مع ما يشاهد من قتل وعنف وتدمير للممتلكات عبر الشاشات الفضائية يوميا.

كلمة حق
وأنا ادق ناقوس الخطر لحماية صغارنا من الالعاب الحربية، ولحماية المجتمع من قنبلة عنف موقوتة مستقبلا، ادعو لضرورة نشر الوعي بين الاسر العربية بخطورة هذه الالعاب والامتناع الفوري عن شرائها للصغار، ومنع الصغار من شرائها في الاعياد.
ادعو  كل المؤسسات التربوية والثقافية والاعلامية والدينية لقيادة حملات دعائية لمخاطر هذه الالعاب، وتوعية الاسر العربية بضرورة الدقة في اختيار العاب ذات اهداف تربية هادفة للصغار تنمي فيهم قيم التعاون والتسامح والرحمة.
كما انني ادعو المؤسسات التشريعية لوضع تشريعات قانونية تجرم استيراد هذه الاسلحة، وأهيب بالأجهزة الرقابية  لتشدد حصارها علي التجار الذين يستوردون هذه الالعاب الخطرة ومنع دخولها، ذلك اذا اردنا حماية الصغار والكبار حاضرا ومستقبلا من العنف ودمويته.‏

#عام_الطفل_العراقي