السبت، 23 سبتمبر 2023

غالب هلسا

 

غالب هلسا


سارة طالب السهيل
22-09-2023 09:59 AM

الاديب الاردني العالمي المتمرد .. المعايش للعواصم الحضارية الأربع ( بيروت – بغداد – القاهرة – دمشق)

مبدع مشتبك مع واقعه ويمكن اعتباره وبحق مثقفا عضويا فلم تحتمله أي من العواصم العربية ( بيروت وبغداد والقاهرة فدمشق) فارتحل بينها مرغما ، وهذا الترحال الاضطراري أحياناأكسبه دراية عميقة بتلك  العواصم فكتب عنها وكتبته، ولم يغب عنه الوطن الأم حيث مرابع الصبا، فكانت الأردن بكل جغرافيتها حاضرة دوما في وجدانه كما في ابداعه.

قاهرة الستينات بكل وهجها الثوري وثرائها الثقافي سكنته وسكنها على مدى عقدين ونيف من الزمان ولم يتوقف الأمر عند اتقان لهجتها والتحدث بها أينما حل ، بل جاءت العديد من رواياته في مناخات تغلب عليها الاجواء المصرية؛ وفي هذا نذكر روايات الخماسين والضحك والسؤال وروايته الاخيرة المثيرة " الروائيون"، كل تلك الروايات تتردد في داخلها أجواء المثقفين المصريين ولم تخلو من اطلالات على الأجواء الشعبية الفقيرة وتوقف فيها أمام المرأة المصرية الشعبية.

أيضا سعى غالب في رواياته تلك كما في الكثير من رواياته الأخرى لاكتشاف معنى للحياة بالانغماس في الملذات الحسية، والاحتفاظ في الوقت نفسه بنزعة تأملية تحليلية للشخوص والمواقف تندرج في السياق الدرامي ولا تنفصل عنه، بما ينأى بالروايات عن الوقوع في فخ الذهنية، مع شحنة سياسية نقدية بل راديكالية وفي جميع الحالات تماهى مع الحياة المصرية واندمج في نسيجها الاجتماعي والسياسي والثقافي، كما تماهى مع الحياة العراقية في روايته ثلاثة وجوه لبغداد

كان غالب فضلا عن كونه روائيا وقصاصا، مثقفا غضويا، منشغلا بالواقع السياسي والثقافي والفكري في وطننا العربي والعالم، يحمل بين جنباته حلما بتحديث مجتمعاتنا العربية على كافة الصعد الاجتماعية والثقافية والسياسية. وفي سبيله لتحقيق حلمه هذا أنجز العديد من الروايات والقصص القصيرة، فضلا عن كتباته في النقد الأدبي، والفلسفة والفكر، وانجز العديد من التراجم .

فإلى جانب رواياته ومجموعتيه القصصيتين، كتب غالب هلسا عن "العالم مادة وحركة" (في محاولة لفهم بعض مفكري المعتزلة)، و"الجهل في معركة الحضارة" (في رد على كتاب لمنير شفيق)، و"قراءات في أعمال: يوسف الصايغ، يوسف إدريس، جبرا إبراهيم جبرا، حنّا مينه"، كما ترجم "الحروب الصليبية" للروائي الإسرائيلي عاموس عوز، و"الحارس في حقل الشوفان" للروائي الأمريكي جي. دي. سالينجر، و"جماليات المكان" للفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار.

ما يكشف عن اهتماماته المتعددة وقدراته الفكرية والإبداعية التي جعلته واحداً من الكتاب المؤثرين في الثقافة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين.

وإذا أردنا التوقف قليلا أمام رواية السؤال التي كانت اعادة طباعتها في مصر محفزا على ندوتنا تلك، فأن أعتقد أن رواية“السؤال” مثلت وبحق معالجة روائية فذه للحياة المصرية في ستينيات القرن الماضي حتى أن البعض وجد فيها رداعلى رواية “اللص والكلاب” لمحفوظ، حيث أنها تعالج ذات الواقعة الحقيقية التي جرت أحداثها في ستينيات القرن الماضي وتناولتها الصحف المصرية آنذاك تحت عنوان السفاح .

لكن معالجة غالب جاءت ضمن رؤية يسارية، وبأدوات كتابة مناهضة للرواية البورجوازية التي مثلتها اللص والكلاب للاديب المصري الكبير نجيب محفوظ

الحضور الكريم

لقد رحل المبدع الاردني العربي غالب هلسا عن عمرٍ ناهز الـ57 عاما في مدينة دمشق في العام 1989، تاركا للادب العربي إرثا قيّما من الأعمال الأدبية والفكرية، أعمال عبرت ضمن ما عبرت عن النفس والذات والغربة، وعلاقتها بالسلطات وضيق افقها السياسي ، والبسطاء ومعاناتهم الاجتماعية.

غادرنا جسد غالب هلسا وترك لنا العديد من الأعمال الأدبية التي غاصت في أعماق مجتمعاتنا العربية وارخت اجتماعيا وسياسيا لواقعنا العربي الذي عاشه على مدى خمسة عقود ونيف فكانت : (الضحك عام 1971)، (الخماسين 1975)، (السؤال عام 1979)، (البكاء على الأطلال عام 1980)، (ثلاثة وجوه لبغداد عام 1984)، (نجمة 1992)، (سلطانة عام 1987)، (الروائيون عام 1988)… فضلا عن مجموعتين قصصيتين هما (وديع والقديسة ميلادة عام 1969) و(زنوج وبدو وفلاحون عام 1976).

ان المنجز الابداعي والثقافي الفكري لغالب هلسا يتطلب من المهتمين بالثقافة العربية أن يولوا اهتماما خاصة بهذا المنجز الذي يمثل اضافة نوعية للثقافة العربية .

و بما انني اتقبل جميع الاراء و التوجهات مهما كانت مختلفه عني

سواء اتفقنا مع اراءه او اختلفنا لا يسعنا الا ان نحترم شخصه النزيه الذي لم يكن غايته المال و المتاجرة بالقضايا انما كان رجل صاحب فكر و مبدأ عاش و مات لأجله

لروحه النبيلة الوثابة المفعمة بالجمال السكينة والسلام. ولابداعه وسيرته المجد والخلود

السبت، 16 سبتمبر 2023

العراق .. فاتحًا ذراعيه لأخوته وأشقائه

 

العراق .. فاتحًا ذراعيه لأخوته وأشقائه


سارة طالب السهيل
15-09-2023 10:38 AM

‏‎مرت العلاقات العراقية – العربية، بالكثير من الأحداث والظروف والمواقف، مع أو ضد، عبر العقود القليلة الماضية، ولكن العراق اليوم عاد بقوة؛ ليكون بمثابة الأخ الأكثر تفهمًا وقربًا لأشقائه العرب.

وقد تطورت هذه العلاقات عبر التاريخ الحديث وتأثرت بالعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلا أنها اليوم أكثر قربًا وتفاهمًا.
 
*التطور التاريخي والسياسي

في السنوات الأولى، عقب استقلال العراق عام 1932، كان العراق أكثر تركيزًا على الداخل من الخارج، وعلى بناء دولته وتطوير اقتصاده.

ومع ذلك، بدأت العلاقات العراقية – العربية، في التنامِ في الخمسينيّات والستينيّات من القرن الماضي، حيث أصبح العراق أكثر انخراطًا في الشؤون العربية.

ولكن؛ خلال حرب الخليج الأولى (1990-1991)، واحتلال الكويت تدهورت العلاقات العراقية - العربية، ورغم محاولة العراق، بعد حرب الخليج الأولى، تحسين علاقاته مع الدول العربية الأخرى، إلا أنه لم ينجح إلا مع بضع من الحلفاء.

وبقيت  العلاقات العراقية – العربية، متوترة بسبب عدد من القضايا، بما في ذلك التدخل العراقي في الشؤون الداخلية للدول العربية الأخرى مثل الكويت، ودعم العراق لبعض الجماعات المحظورة، وانتهاكات حقوق الإنسان.

لكن، وبعد احتلال العراق، خاض العراق معارك شاملة، سواءً ضد الاستعمار والتدخل الأجنبي في أرض الوطن من ناحية، أو محاربة الإرهاب من ناحية أخرى؛ ومقاومة الطائفية المختلقة التي زرعها العدو ليتمكن مِن الانقضاض على ثروات الوطن والتحكم في مقدراته الوطنية وثرواته وسيادته.

ولكن بحمد الله؛ بعد مرور هذه السنوات المظلمة، بدأ العراق في استعادة حالة الاستقرار التدريجي والأمان، وبدأت الحياة تعود إلى نصابها اجتماعيا واقتصاديا واستثماريا، وبدأت العلاقات العراقية – العربية، تنفرج تباعًا في السنوات الأخيرة، وتتوسع بوتيرة متسارعة، عابرة لكثير من العقبات التي عقَّدَتْ هذه العلاقات المشتركة طويلًا.

بعد أن كان البعض غير داعمٍ لعملية التغيير في العراق، والبعض الآخر متعلقٍ بصداقات الماضي ومكتسباتها.

والبعض الآخر، التزم المنطقة الرمادية، لوقوفه بين نارين، بحسب رؤيته، معتقدًا أن دعمه للعراق هو دعم للاحتلال فأخذ جانبًا مبتعدًا!

وآخرون تقتصر علاقاتهم على التبادل الاقتصادي ليس إلا، فتنحى جانبًا انتظارًا، إلى أن تعود الحياة الاقتصادية للعراق.

أما حاليًا فأجد انفراجًا كبيرًا في العلاقات العراقية - العربية، مما أدى لزيادة التعاون بين العراق وأشقائه العرب، في مجالات عديدة، مثل التجارة والاستثمار والأمن.
رغم أنه لا تزال، هناك العديد من التحديات التي تواجه العلاقات العراقية - العربية، بما في ذلك التدخلات الخارجية في العراق، والصراع في سوريا، والأزمة في اليمن، والأوضاع في فلسطين.
 
*بوابة المشرق العربي تستعيد صلابتها

على الرغم من كل تلك التحديات، إلا أن العلاقات العراقية - العربية مهمة للأطراف كافة، فالعراق دولة عربية رئيسية ، ولها دور مهم في المنطقة، لاعتبارات سياسية واقتصادية وامنية و ايضا لتاريخ العراق و حضارته العريقه كما لم ينسى احد هيبة ألدولة و الجيس العراقي الى جانب علماء العراق.

الدول العربية عامة، أغلبها لديها مصلحة في استقرار العراق وازدهاره بتطوير العمل المشترك، وصولًا إلي بناء قاعدة صلبة لهذه العلاقات بما يعود بالفائدة على جميع الأشقاء العرب.

وقد أثمر حسن العلاقات عن توقيع حزمة اتفاقيات عربية – عراقية، ففي عام 2012، وقع العراق ومصر اتفاقية تجارة حرة.

وفي عام 2013، وقع العراق والأردن اتفاقية تعاون عسكري.

وفي عام 2014، وقع العراق والسعودية اتفاقية لإنشاء مجلس تنسيق مشترك.

وفي عام 2015، وقع العراق والإمارات العربية المتحدة اتفاقية لإنشاء صندوق استثماري مشترك.
 
*تعميق التقارب العراقي - العربي

وبمزيد من التفصيل في هذا الشأن؛ فقد عقدت دولة العراق عدة اتفاقيات ناجزة مع جمهورية مصر العربية، منها خاصة بتطوير التعاون في مجال البترول والثروة المعدنية، وأخرى تتعلق بمجالات الإسكان والتشييد، في إطار استراتيجية إعادة الإعمار الشامل.

إضافة لمذكرتي تفاهم في مجال الطرق استفادة من التجربة المصرية عبر مشروعاتها القومية الكبرى للتوسع في خطوط النقل والطرق.
وفي مجالات الصناعة والاستثمار، نجحت الدولتان في تعميق التعاون بينهما بتوقيع مذكرتي تفاهم، إحداها لزيادة الاستثمارات المشتركة، والثانية بين سوق العراق للأوراق المالية والبورصة المصرية.

بالتوازي مع بروتوكول تعاون مشترك بين اتحاد الصناعات العراقي ونظيره المصري.

وعلى صعيد تبادل الخبرات بين البلدين والشعبين، وقع مسؤولوا العراق و مصر ، مذكرتي تفاهم للتعاون والتدريب وتبادل الخبرات في مجال العدل والقضاء، وأخرى بشأن التعاون في مجال الري.

وفي السياق ذاته؛ تم التوصل بين العراق والمملكة الأردنية، إلى تفاهمات واسعة النطاق، تُوِّجَتْ عام 2021، بتوقيع حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشترك، من أهمها؛ التوسع في مجال التجارة البينية، عبر استثناء منتجات البلدين من نظم تسجيل الواردات.

وأخرى ، تضمنت الاستمرار في إعفاء قائمة من المنتجات الأردنية من الرسوم الجمركية، والتعجيل باستكمال الخطوات التنفيذية لإقامة مشروع المدينة الاقتصادية المشتركة.
بجانب المضي قدمًا في مشروع الربط الكهربائي، الذي سيحقق نقلة نوعية في مجال الطاقة، بالتعاون مع مصر – الطرف الثالث في هذا المشروع الإقليمي الكبير.
يُذكر في هذا الصدد، أن الأردن يصدر العديد من المنتجات إلى السوق العراقية، في مقدمتها؛ الخضار والفاكهة والألبان والدجاج الحي واللحوم والمكملات الغذائية، والأدوية، والكابلات الكهربائية، وعجائن الورق، ومركزات الأعلاف، والمواسير المصنوعة من اللدائن.

أما على صعيد التعاون المشترك بين الشقيقين العربيين؛ جمهورية العراق، والمملكة العربية السعودية؛ فقد استعاد الشريكين ، الكثير من دفء العلاقات البينية، حيث عبرت القيادتين السياسيتين للبلدين، عن حرصهما على تعميق العمل المشترك في العديد من المجالات سواء على مستوى الدبلوماسية، أو الاقتصاد، لا سيما مجالات الطاقة والتعليم والبنوك والربط الكهربائي.

ما أسفر عن توقيع العديد من مذكرات التفاهم المشترك في قطاعات النفط والغاز والنقل.

وهو ما انعكس إيجابًا بارتفاع قيمة التجارة البينية إلى مليار ونصف المليار دولار بنهاية العام الماضي، بزيادة تقدر بـ50% عن العام الأسبق.

السبت، 2 سبتمبر 2023

القصص الشعبية للأطفال وتأثيرها في بناء ثقافتهم

 

القصص الشعبية للأطفال وتأثيرها في بناء ثقافتهم


سارة طالب السهيل
01-09-2023 09:43 AM

في الأصل كانت الحكاية والحكاية أصلها شعبية والشعبية كانت محكية.

والمحكية كانت منقولة من جدة للطفلة التي ستصبح جدة ومن جد الى طفل سيصبح جدا، ومن اهمية الحكايا كانت الكتب السماوية جميعها تروي لنا احسن القصص ومن قبلها و من بعدها كانت القصص من التراث و الثقافة المعاصرة تتناقلها الأجيال جيل بعد جيل
كانت تلك الحكايات تحمل في طياتها الأسرار و الأخبار و الحكم و العبر و جرس الانذار و كانت نصيحة غير مباشرة و تشجيع من خلف الكواليس و كان ابطالها هم القدوة الحسنة و ابطالها الاشرار كانوا من يجب ان ينزعج منهم الطفل طوال القصة.

قصص مليئة بالفرح احيان والحزن احيان اخرى لكنها كلها أمل وتفاؤل في اخر القصة، بعضها اساطير و بعضها مقتبس من قصص دينية وبعضها خيال صرف وبعضها في عوالم اخرى كعالم السحر و الجان وبعضها من الأبواق الشعرية والحكايات الفكاهية بعضها على لسان الحيوان وبعضها واقعي وبعضها يشبه الانشودة و بعضها يميل الى السرد المسرحي خاصة لو روي مع اداء صوتي وبعضها يصلح لمسرح العرائس و بعضها يحتاج الى تمثيل.

هكذا كانت الحكايات و هكذا كانت الجدات و هكذا كان بناء الانسان منذ الطفولة على القيم والاخلاق و المواعظ بهذه القصص التي كانت مصدرًا للتسلية والتعليم وتعزز الروح القوية والعزيمة لدى الناس و الإرتباط بالأرض و الوطن و الأهل و العشيرة .

تعود القصص الشعبية للأطفال إلى العصور القديمة و اتصور انها كانت منذ بدء الكلام بالاشارة او الرسومات ثم المحكي و المنطوق فهي التقليد الشفهي الذي وثق الأحداث و الأفكار حتى قبل الكتابة و التدوين

تأني ال قصص الشعبية من وحي خيال القائل أو الراوي و يفكر بها من وحي تجاربه الخاصة و ملاحظاته الحياتية اليومية والخبرة الجماعية للمجتمع. تتنوع المواضيع في قصص الشعوب المختلفة، وتشمل الأساطير.

في الماضي، كانت هذه القصص تروى من قبل الجدات والأجداد في المجتمعات، حيث كانوا يجلسون حول النار أو في الهجيرة وقت العصرية و قبل الغروب ويتبادلون القصص لتمضية الوقت و التسلية و خاصة للأطفال لتعليمهم القيم والأخلاق والحكمة و تساهم في نموهم العقلي و تكوين شخصيتهم و فكرهم و تعليمهم الجماليات و الفتيات و فنون الرد و التفكير و اخذ القرار ، و بعدما كانت القصص الشعبية تحكى شفهيا و مواجهة اصبحت مع تطور الزمن والتكنولوجيا وانتشار وسائل الاتصال و التواصل الاجتماعي الحديثة، أصبح من السهل الحصول عليها مكتوبة أو مسجلة أو حتى في شكل رقمي، ويمكن للأطفال الاستمتاع بها عبر الكتب والقصص المسجلة والقنوات التلفزيونية والتطبيقات على الموبايل الهاتف المحمول و لكن يبقى لرواية الجدات طعم مختلف مليء بالحب و الدف و الأجواء العائلية و المشاعر المتدفقة التي يفتقدها من يلحق الآله طوال الوقت متناسبا الترابط الاسري و الشعور الوجداني و اللمة الحلوة .

ولهذا بالرغم من التغيرات التكنولوجية، لا يزال دور الجدات والأجداد مهمًا في، نقل التراث الثقافي والقيم الاجتماعية من جيل إلى جيل بحب لا تعوضه شاشة الهاتف.

عندما نتحدث عن تأثير القصص الشعبية في بناء شخصية الطفل، فإننا نتحدث عن قوة الرواية والتأثير العميق الذي تمارسه على تطوره الشخصي والعاطفي. إن القصص الشعبية هي تراث ثقافي غني يتميز بالأساطير والحكايات والحكم الشعبية التي تنتقل عبر الأجيال. تحتوي هذه القصص على رموز وشخصيات تعكس تجارب البشرية وقيمها.

فيتعلم الأطفال الكثير من خلال الاستماع إليها أو قراءتها. يتعرفون على شخصيات مثل الأميرات والأبطال والوحوش، ويشهدون رحلاتهم ومحنهم وانتصاراتهم. تمكنهم هذه القصص من استكشاف مختلف جوانب الحياة وتعلم القيم المهمة مثل الشجاعة والصداقة والصبر والمثابرة.

و تساهم ايضا في الصحة النفسية و تكوين فكره السياسي المبكر من باب الوطنية و الانتماء و معرفة الحقوق والواجبات من قبل الشعب و الحاكم و المحكوم و تعلم الطفل اللغة و الابجديات و تعطيه الرؤية و بعض المعلومات و التواصل اللغوي و الثقافي بين الجيل الواحد و بين الاجيال المختلفه و عبر العصور و تعلمهم الشعور و الرحمة و تحسس الانفعالات و ردود الافعال والتجاوب وعنصر المفاجأة و الدهشه و تعلمه الذوق و التذوق و الاناقة في الكلام و التصرف.

وتساهم القصص الشعبية بشكل مباشر في تنمية خيال الطفل وقدرته على التفكير النقدي. عندما يتعرض الطفل لقصص مثل "سندريلا" أو "علاء الدين"، يبدأ في استخدام خياله للتخيل عالمًا سحريًا ومغامرات مثيرة. يتعلم الطفل أيضًا كيفية التفكير بشكل مختلف وحل المشكلات من خلال قصص تواجهها الشخصيات الرئيسية كنماذج إيجابية للسلوك او العكس.

فشخصيات مثل الأميرات الطيبة والأبطال الشجعان، يستوحي منها القوة والنزاهة والعدالة. يتعلم الطفل أيضًا قيم الحب والعائلة والصداقة من خلال قصص تركز على العلاقات الإنسانية و المحبة و السلام و قبول الآخر و مساعدة المحتاج و نصرة الضعيف
تعزز القصص الشعبية أيضًا قدرات الطفل اللغوية والتعبيرية. عندما يستمع الطفل إلى القصص ويشاهد الصور المصاحبة لها، يتعلم الكلمات الجديدة والتعابير وكيفية استخدامها في سياقات مختلفة. يمكن لهذه التجربة أن تعزز مهارات القراءة والكتابة لدى الطفل وتساعده على التعبير عن أفكاره ومشاعره.

وتعد القصص الشعبية أيضًا وسيلة فعالة لتعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال. عندما يرى الطفل ابطال القصص تتغلب على الصعوبات وتواجه التحديات و تنتصر في النهاية بسبب الاصرار و التحدي و العمل الجاد كما تعلم الطفل الايمان بان الله مع الانسان الطيب و مع الاخير و ان القدر سيغلب الاشرار ، كما يمكن للطفل ان يشعر بالتشجيع والإلهام للتغلب على تحدياته الشخصية. بالتفكير الإيجابي والتصرف بثقة في مواجهة الصعوبات.

لا يمكننا نكران أهمية دور الأهل والمربين في توجيه الأطفال خلال تجربتهم مع القصص الشعبية. يجب على الأهل أن يختاروا القصص التي تكون مناسبة لعمر الطفل وتحمل قيمًا إيجابية. يمكن للأهل أيضًا أن يبادروا إلى مناقشة القصص مع الأطفال وطرح الأسئلة حول الشخصيات والأحداث وما الذي تعلموه و ما هي اكثر شخصية احبوها و ما هو الحدث الذي اثر بهم و ما هو الموقف الذي اسعدهم او احزنهم في القصة و ما هي خلاصة القصة و ما الذي تعلموه منها.


هناك العديد من القصص الشعبية الشهيرة في ثقافات مختلفة حول العالم. إليك بعض القصص الشعبية الأكثر شهرة:

"ألف ليلة وليلة" (Arabian Nights): تعتبر مجموعة من القصص الشعبية العربية التي تتضمن حكايات مثل "علي بابا والأربعين لصًا" و "علاء الدين والمصباح السحري".

"شيرلوك هولمز" (Sherlock Holmes): روايات الكاتب البريطاني آرثر كونان دويل عن المحقق شيرلوك هولمز تعد قصصًا شعبية ومثيرة للاهتمام.

"أشعار الأوديسة" (Odyssey): تعد هذه القصيدة اليونانية القديمة للشاعر هوميروس واحدة من الأعمال الأدبية الشعبية الأكثر شهرة في العالم وتحكي قصة ملحمية عن رحلة أوديسيوس.

"كينشاسا" (Cinderella): تعد قصة سندريلا واحدة من القصص الشعبية الأكثر شهرة وانتشارًا في مختلف الثقافات، حيث تحكي قصة فتاة صغيرة تعيش مع زوجة أبيها الشريرة وتحقق أحلامها بفضل الجنية الصغيرة.

"حكايات الأخوة جريم" (Grimm Brothers' Fairy Tales): يعد هذا المجموعة من القصص الشعبية الألمانية الشهيرة التي جمعها الأخوان جريم، وتشمل قصصًا مثل "الأميرة النائمة" و "الأقزام السبعة".

"رابونزل" (Rapunzel): قصة أخرى من مجموعة قصص الأخوة جريم، تدور حول فتاة شابة محبوسة في برج وتنقذها الحب وشعرها الطويل.

"الجميلة والوحش" (Beauty and the Beast): قصة فرنسية شهيرة عن فتاة جميلة تقع في حب وحش وتكتشف الجمال الحقيقي في داخله.
"الأميرة الضفدع" (The Frog Prince): قصة تروي قصة فتاة تقوم بتحويل الضفدع إلى أمير بهزيمتها للتحديات الموضوعة أمامها.
"بيتر بان" (Peter Pan): قصة عن صبي يبقى صغيرًا إلى الأبد ويعيش في نيفرلاند ويخوض مغامرات مع الأولاد المفقودين.

"هانسل وجريتل" (Hansel and Gretel): قصة ألمانية تحكي قصة شقيقين يواجهان ساحرة شريرة في الغابة.


في العراق، هناك العديد من القصص الشعبية التي تعتبر شهيرة بين الأطفال

"خرافة العراق" تُعتبر هذه القصة رمزًا للعراق وتحكي قصة مغامرات خرافة تعيش في الجبال والوديان وتواجه التحديات والمخاطر.

"حكاية الصياد والسمكة" تدور هذه القصة حول صياد يصادف سمكة سحرية تقدم له طلبًا يغير حياته.

"حكاية الثعلب والحمار" تحكي هذه القصة عن الحكمة والدهاء الذي يتمتع به الثعلب وكيف يتفوق على الحمار في المواقف المختلفة.

4. "حكاية الأسد والأرنب" تروي هذه القصة قصة صداقة غير متوقعة بين الأسد والأرنب وكيف يتعاونان معًا للتغلب على الصعاب.

"حكاية الحمامة السلامية" تدور هذه القصة حول حمامة تحمل رمز السلام وتسعى لنشر السلام والمحبة بين الناس.

"حكاية البدر الذهبي" تحكي هذه القصة قصة شاب يسعى للعثور على البدر الذهبي والذي يمكن أن يحقق أمنياته.

القصص الشعبية تحمل العديد من القيم و الاخلاق التي يتعلمها الأطفال.

مثل الصدق، والشجاعة، والصبر، والنزاهة، والعدل، والتسامح من خلال شخصيات القصص وتصرفاتها.

والصداقة والتعاون وحب الاخرين والاهتمام بهم وبناء الصداقات والتعاون والمشاركة وقيمة العدل والمساواة فيالمعاملة وعدم التمييز بين الناس بناءً على اختلاف الجنس أو العرق أو الدين.

والشجاعة والتحدي تحفز القصص الشعبية الأطفال على التحدّي والشجاعة في مواجهة المصاعب والصعاب وتحقيق الأهداف.

الحكمة والتعلم وأهمية البحث عن المعرفة والتعلم من خبراتهم ومن حكمة الشخصيات في القصص.

والاحترام والتسامح وأهمية احترام الآخرين وقبول الاختلافات الثقافية والعرقية والدينية والتسامح تجاه الآراء والمعتقدات المختلفة.

وتشجع القصص الشعبية الأطفال على احترام العائلة والمجتمع والاهتمام بأفرادهم والمساهمة في المجتمع و التواجد بشكل مؤثر في الاسرة و التعاون في المنزل و احتواء الاخرين.

وتؤثر القصص الشعبية في بناء شخصية و ضمير الطفل التي سترافقه و تؤثر به و بحياته وقراراته طوال عمره و لهذا التأثير دور رئيسي في تكوين نظرة الطفل عن نفسه و وجهة نظره في الاخرين و تقييم الاحداث و الأشخاص وبالتالي تكوين قدوةومن المهم جدا ان يكون للطفل قدوة حسنة و تى تزرع في الطفل قدوة حسنة تحمل القيم العظيمة والبناءة.

يجب عليك

أولا اختيار القصص المناسبة التي تحمل القيم الجميلة مثل الشجاعة، الصداقة، الصبر، العدل، وغيرها.

ومن الجميل ان تقرأ القصص للطفل بنفسك وبشكل منتظم حتى تستطيع ان توجهه و تشرح له و تنصحه و توضح له القيم والدروس التي يمكن استخلاصها من القصة.

•ومن الافضل ان تقوم بمناقشة القصص بعد قراءتها و ان تسأله عن الشخصيات والأحداث، و عن العبرة التي استخلصها من القصة و كيف يمكن تطبيقها على أرض الواقع وتوظيفها في الحياة اليومية و ربطها بسلوكيات و يوميات الطفل و ذلك ليتعلم الحكمة و تشغيل العقل و كيفية التصرف ..

كما يجب على الطفل ان يتعلم الفرق بين الصح و الغلط و الطيب و الشرير و المجتهد و الكسول و الشجاع والجبان و اخذ القدوة الحسنة التي ستحفزه ان يعمل بجد في مستقبله ليكون افضل دائما و ان يأخد شخصيات القصة كأمثلة ملهمه

كما يمكننا من خلال القصص الشعبية تشجيع الطفل على ان يسرح بخياله و ان يطور من مهاراته و مواهبه و تشجيعه على الإبداع ومن الممكن ايضا ان يصبح عالما كبطل القصة ونزيها كبطل اخر و من المحتمل ان يتشجع هو و يكتب قصصا مماثلة تلهم باقي الأطفال

وقد كانت الجدات العراقيات من افضل ما روى القصص الشعبية للاطفال و من بينهم كانت قصة "الحمل والحمول" وهي قصة شعبية تم تناقلها عن طريق الناس في العراق عبر الأجيال، وليست لها كاتب معروف. تعتبر هذه القصة جزءًا من التراث الشفهي للشعب العراقي، حيث يتم ترويتها ونقلها من فرد إلى آخر عن طريق الحكاة والقصاص.

قصة "الحمل والحمول" هي جزء من التراث الشعبي العراقي الغني والمتنوع، وتمثل جوانب مهمة من ثقافة وقيم الشعب العراقي.
تحكي هذه القصة قصة حملٍ ضعيفٍ يعمل في نقل البضائع من مكان إلى آخر، ويواجه العديد من التحديات والصعوبات في طريقه.
يتميز الحمل بالصبر والقوة والاجتهاد، ويعمل بجد لتحمل أثقال ثقيلة والتغلب على العقبات.

والعمل الجاد، والصبر، والتحمل، والتكافل المجتمعي. تشجع القصة على تقدير قوة العمل الجماعي وتسلط الضوء على قدرات الفرد على التغلب على التحديات وتحقيق النجاح عن طريق الجهود المستمرة.