الاثنين، 11 نوفمبر 2019

الحب جنة في ألارض تحتاجها دولنا العربية لتستعيد وحدتها

في عيد الحب الذي يتهافت فيه العشاق على تبادل المشاعرالحانية تحقيقا لفطرتهم الانسانية، ويتبادلون فيه الهدايا ترجمة عن صدق مشاعرهم تجاه بعضهم البعض، فان هذه المشاعر نواه لمستويات عديدة من حاجة البشر للتحاب والرحمة وتآلف القلوب كحبنا لوالدينا وأبنائنا وأصدقائنا، وأوطاننا وقوميتنا وثقافتنا وهويتنا وصولا لمرتبة العشق الالهي الذي جسدته رابعة العدوية.
ولونظرنا للحب في أعلى مراتبه لوجدناه قد تجلى في علاقة الخالق العظيم بنبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم ، بل ان أعلى درجات كمال العبودية للخالق هي تلك القائمة الحب كما عبر عنها القرآن الكريم بقوله تعالى في سورة المائدة ‘ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ‘ .
اذن فالحب ضرورة انسانية فطرية جبل الله عليها بني البشر الا من نزعها من قلبه وأحل محلها مشاعر الكراهية والبغضاء والتحالف والمؤامرات التي نعيشها في عالم اليوم بين دولنا العربية.
ولذلك، فان الحب لم ولن يكن مظهرا ترفيا او مجرد رفاهية انسانية، بل هو حاجة نفسية تحقق التوازن النفسي للافراد والمجتمعات، فقد نملك المال اوالجاه اوالسلطة والأبناء لكننا نفتقر للسعادة نتيجة غياب عنصر رئيسي فيها وهو الحب.
فقد تملك دولة كل مظاهر القوة العسكرية والاقتصادية والبشرية ولكنها تخلق مشكلات وتصنع عدوات لها مع دول الجوار فلا تجد راحة ولا تشعر بالأمان والسلام رغم قوتها!
يأتي عيد الحب، و نحن في عالمنا العربي قد هجرناه بعد أن تبعثر الحب بين الاشقاء العرب، وتناسى الكثيرون العديد من الانشودات الخالدة التي عكست معاني التلاحم العربي بالحب والرحمة كما في أنشودة ‘ وطني حبيبي الوطن الاكبر ‘ التي شدا بها عمالقة الغناء في عالمنا العربي.
الأنكى من اننا قد هجرنا الحب، فاننا قد تحولنا الى أعداء، كل دولة عربية جارة تعادي شقيقتها، بل ان أبناء الدولة الواحدة يتقاتلون فيما بينهم تارة من أجل المذهب الديني او السياسي او المصالح الشخصية الزائلة، بينما يفتك بنا طيور الظلام من الارهابيين والتكفيريين في معظم أقطارنا.
فأين هي قلعة الحب العربي؟ ولماذا انهارت بهذه السرعة الفائقة؟ وكيف سمحنا كشعوب عربية ان تتحول دولنا الي غابة تتقاتل فيها وحوش الانسانية تسبتيح الدم العربي في كل مكان وتغتال الاطفال الصغار في اليمن والعراق وسوريا وتيتمهم، وترمل النساء، وتقضي على الأخضر واليابس ولا تترك شيئا للمستقبل سوى اعتصارنا للألم؟
سنوات كئيبة مرت على شعوبنا العربية لم نعرف فيها سوى لغة القتل والدمار والذبح والقصف والإعدام، رائحة الموت تشتم في كل مكان، والدم يغطي وجه اليابسة بدلا من الزرع الأخضر، وحل صوت البنادق والصواريخ محل أغصان الزيتون، والقتلى منتشرون في الطرقات كأوراق خريف بالية، بينما الأحياء بأجسادهم منا يعيشون في خوف ورعب وقلق لانهائي.
فكيف نغير لغة الحرب المنتشرة بين أقطارنا العربية وبين أبناء الوطن الواحد؟ أي عقل وأي فكر جعلنا مرضى لجهالة البغضاء والحقد والعداوة بيننا؟ ولماذا نستسلم بكل سهولة أمام شيطان التباغض بين أقطارنا في حين ان العلاج سهل وميسر وهو الحب الذي يملأ قلوبنا طمأنينة وسعادة وأمل.
ولماذا نحرم أنفسنا شعوبنا من نعمة الحب الذي يملأ قلوبنا بالراحة ومجتمعاتنا بالامان، فوفقا للعلم البشري فقد حدد العالم النفساني ماسلو، الذي بنى هرم احتياجات الإنسان الأولية من طعام وشراب، حاجة الإنسان إلى الإحساس بالعاطفة والطمأنينة، أي الحاجة الى منح الحبّ وتلقّيه، فيما يتفق المحللون النفسيون على أنّ الحب احتياج قائم بحد ذاته لتحقيق التوزان النفسي.
فاذا كان الحب على هذا النحو من الأهمية في حياتنا، فلاشك اذن اننا نعمل جميعا على نشر ثقافة التحاب والرأفة والرحمة بين أبناء مجتمعاتنا، وان نبذل قصارى جهدنا في ان يحل الحب والوئام محل العصبات القبلية او المذهبية والدينية أو السياسية الرخيصة التي تهوي ببني البشر الى مستنقع سحيق ويحكم عليه بالفناء، بينما الحياة هي حب وتفاؤل وبناء.
في اعتقادي ان التراجع القيمي والاخلاقي الذي انتشر في عالمنا العربي كالنار في الهشيم، وانعكس بدوره على كل مفردات حياتنا السياسية والاقصادية والاجتماعية والثقافية وكلها شهدت تراجعا حادا في قياستها مرجعه كله الى غياب الحب في حياتنا.
أظن اننا في أشد الحاجة لأن نعمل عقلنا ونفتح بصيرتنا لحاجتنا الي حب والانتصار له كقيمة عليا تفرضها علينا فطرتنا السوية، فلا أمل لوجود مجتمع عربي متماسك قوي البنيان بمعزل عن اعلاء الحب القيمة الأكبر في مفاهيمنا وتصوراتنا وعلاقتنا اليومية بالكون والطبيعة، والتفاعل السوي بين أفراده لايتحقق الا بالحب كقيمة وجودية حقيقة وليتس ترفا او هزلا.
والحب مثله مثل الكائن الحي ينمو ويترعرع كالزرع الاخضر اذا ما سقي بماء التراحم والتسامح، وهو ما يقودنا الى تصالحنا مع أنفسنا ومع الأخرين وحينها ينمو الحب ويستوطن بلادنا و شعوبنا وأعمارنا.
وقد قرن سيد الخلق والرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الايمان ورزق الجنة بالحب في حديث صحيح قال فيه : ‘ لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشو السلام بينكم’ .
وهذا الحديث الشريف يحمل دلالات عميقة لقيمة الحب في جوهرها، ومن هذه الدلالات الفارقة هو اننا يمكنا ان نحول حياتنا الى جنة على الارض بالحب، وقد نحولها الى جحيم بهجر الحب.
وفِي الختام فقط لو نطبق ما قاله سيدنا يسوع المسيح عليه السلام لعشنا في خير و سلام نحن كعرب و جميع القوميات التي تعيش بيننا او بجوارنا في الشرق الأوسط و العالم
أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطرودكم

العنف والعنف المضاد في عالمنا العربي أخطر ما يهدد أوطاننا...سارة طالب السهيل

تنامت ظاهرة العنف في الشارع العربي من المحيط الي الخليج بشكل بات يهدد أمن واستقرار الأمن الاجتماعي العربي، خاصة وانه خلف العديد من الضحايا الأبرياء .

وفيما تبادل الشارع العربي كل أشكال العنف بين أفراده، فإنه يتبادل العنف أيضا مع مؤسسات دولته، مما يدفع المؤسسات العربية خاصة الشرطية لدخول في مواجهات موزاية لردع هذا العنف الواقع عليها وعلى المجتمع سواء، لنظل في دائرة مفرغة من العنف لا تنتهي .

فمن منا لا يري يوميا صراعا على الأحقية في الشارع لسير السيارات، ولأخذ مكان لصفها على الأرصفة أو داخل الكراجات  (المواقف). ومن منا لا يري الأطفال وهم يمارسون لعبة كرة القدم وكل مجموعة تحاول السيطرة على أرض ما من أجل أن  تمارس رياضتها، ولعل العنف بين طلاب المدارس خاصة الثانوية حيث ذروة المراهقة أكبر نموذج على ذلك .

ومع تعدد آفات العنف من إساءات غير أخلاقية  للنساء  وتطاول لفظي وجسدي متبادل بين أفراد المجتمع وأيضا اشتباكهم مع رجال الأمن بجانب تبادل العنف السياسي فيما بين الأحزاب السياسية وغيرها، فان ذلك يعكس من وجهة نظر إجتماعية صرفة وجود تنافر اجتماعي نتيجة العديد من العوامل يمكن اختصارها في وقوع ظلم اجتماعي يأتي العنف للتنفيس عنه إخراجه على السطح .

ورغم أن العنف الإجتماعي يعد ظاهرة عالمية إلا أنه في عالمنا العربي قد استفحل خطره وزادت معدلات جرائمه خاصة بعد ثورات الربيع العربي، التي خلقت كيانات سياسية وقتالية تحفز على الاقتتال والتناحر الداخلي تحقيقا لمكاسب خاصة، في الوقت الذي تراجعت فيه الي حد كبير منظومة القيم العربية الأصيلة فيما يعرف اصطلاحا  بالأعراف الاجتماعية التي كانت تكرس للتسامح والتصالح بين الفرقاء

ولعل ما تشهده مجتماعاتنا العربية من حمل سلاح آلي  أو أبيض او عصا يحملها الشاب، كارثة تعبر عن الإنحراف السلوكي الذي نشأ في الطفولة وجرى اهماله دونما علاج ـ بحسب خبراء علم النفس ـ  فاستفحل لغياب مفهوم القدوة وغياب الدور الرقابي والتربوي والتثقيفي لمؤسسات الأسرة والمجتمع ككل .

وتنتشر ظاهرة الإنحراف السلوكي المؤدي لثقافة العنف الاجتماعي في مناطق الصراعات خاصة في العراق وفي مجتمعات الزحام مثل مصر حيث الكثافة السكانية المرتفعة، وفي البلاد التي يغيب فيها وجود الدولة ومؤسساتها مثل الصومال و ليبيا  .

وبحسب دراسات المتخصصين في علم النفس الإنحراف السلوكي يبدأ لدى الإنسان منذ نعومة أظافره من سن 3 الي 6 سنوات  فيتشبعون بالعنف وعندما يصلون الى سن المراهقة يصبح لديهم ميل شديد للعنف دون معرفة أسباب لذلك، غير أن علماء النفس يصفون هذه النماذج بالشخصيات "المضادة للمجتمع"، ولعل هذا المصطلح هو أصدق وصف لهؤلاء الذين عرف عنهم سوء التوافق مع الآخرين والاصطدام بالقوانين، وهو ما يوصف أيضاً بالسيكوباتية والتى تعرف لدى العامة "بالبلطجة" أو "الإجرام" الذى يتصف به الأشخاص الذين يعرف عنهم الميل إلى ارتكاب الحوادث وتكرار ذلك دون رادع من ضميرهم أو خوف من العقاب الذى ينتظرهم .

 

مظاهر العنف

رصدت مؤسسة مؤشر الديمقراطية التابعة للمركز التنموي المصري وقوع 1641 حادث عنف و"إرهاب" سياسي في الأشهر الثلاثة الماضية، بمتوسط 16 حادثا يوميا، أي حادثة واحدة كل ساعة ونصف.

ووفق تقرير أصدره المؤشر، تسببت حوادث العنف في مقتل 174 شخصا، وإصابة أكثر من 600 منذ بداية العام 2015 رغم العمليات العسكرية التي تُنفذ بسيناء ضد ما وصفه بالبؤر الإرهابية.

وأوضح  التقرير أن شهر يناير الماضي شهد 664 حادثا، بينما وقع في فبراير 419 حادثا، وجاء شهر مارس في المرتبة الثالثة بـ378 حادثا.

وجاءت زراعة المتفجرات في الأماكن العامة والمؤسسات في الصدارة حيث سجل انفجار 286 عبوة ناسفة وصوتية، بينما تم إبطال مفعول 535 قنبلة، وفق نتائج مؤشر الديمقراطية.

وذكر التقرير أن الجهاز الأمني للدولة تورط في 228 حادث عنف، فاعتمد في مواجهة العنف بالعنف تارة وبالتعبئة الإعلامية تارة أخرى، وهو ما صنع مناخا محفزا للمزيد من العنف المتبادل .