الأربعاء، 17 مارس 2021

قلوبنا مع شهداء مستشفى السلط وأمن الوطن غالي

 احتسب ضحايا نقص الاوكسجين بمستشفى السلط شهداء عند ربهم يرزقون، لهم كل الحق ولذويهم الحق في اختصام ادارة المستشفى للجهات القضائية. وكلنا على هذه الارض الطيبة نقدم التعازي بحق هؤلاء الضحايا الابرياء، ولكن علينا ان نقر بعدة حقائق وهي:


النقص في الخدمات الطبية أمر طال مستشفيات العالم شرقا وغربا منذ جائحة كورونا حتى أكبر دولة في العالم الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الاوربي ، وهذ النقص ناتج عن زيادة اعداد المصابين بشكل لا يمكن للخدمات الطبية في العالم ان تلاحقها، وهذا ما قد فسر لنا زيادة عدد الوفيات بالعالم كله.

في الفترة الاخيرة زادت عدد الاصابات بالأردن مثلها مثل دول العالم، حدث نقص في امدادات الاوكسجين بالمستشفيات  مثلما حدث في مصر وسقط العديد من الضحايا بالموت شهداء وسط غضب من اهالي الضحايا وشعبي ايضا، ولكنه لم يترجم في تظاهرات تخرب البلاد والتي هي مثل الاردن تعاني من أزمات اقتصادية خانقة.

حزن وفجيعة الاهالي في هؤلاء الشهداء، هو حزن وفجيعة لنا جميعا بالاردن قادة وحكومة وشعبا، وهو ما ترجمه جلالة الملك عبدالله الثاني عندما سارع بزيارة المستشفى للاطمئنان على المرضى والوقوف بنفسه علي اسباب هذه المهزلة الطبية، ولمنع تكررها مستقبلا، ولذلك أمر بتشكيل لجنة طبية عسكرية من الخدمات الطبية الملكية لتسلم ملف قضية مستشفى السلط الحكومي، تزويده بتقرير من نتائج التحقيق. والسؤال هنا اي حاكم في بلاد الله الواسعه يكون اول الحاضرين و المهتمين والمتابعين والمدققين والمحاسبين لمثل هذا الحدث؟ ولا نصغر من هذا الحدث الجلل ابدا وانما حدثت كوارث بحجم فاق هذا بكثير في بلدان العالم و لم نجد مثل ردة فعل الهاشمي ابن الحسين.

ولم يخل رئيس الوزراء مسؤولية حكومته عن هذا الحادث المؤلم، بل قال انه يتحمل المسؤولية وقدم وزير الصحة استقالته، كما جرى توقيف خمسة مسؤولين في مستشفى السلط، وسط تحقيقات جارية لمحاسبة المتورطين وحماية حقوق الضحايا وذويهم وحماية كل مريض يرقد على الأسرة البيضاء.

ولاشك ان قلوبنا تدمي مع قلوب أهالي الضحايا ونشعر بكل آلامهم على فقد الأحبة، وهناك حقوق للضحايا سيأخذونها ولكن ليس بالتظاهر او التخريب او ادخال البلاد في دوامة المشاكل قد تفضي الى زعزعة الاستقرار والأمن في البلاد ، فالامان والاستقرار هما حصن كل مواطن أردني.

نعم من حق كل مواطن أردني ان يعلن عن غضبه واحتجاجه ورفضه لأي خطأ يودي بحياة الابرياء وهو ما كفله الدستور والقانون، ولكن الخوف من استغلال المتآمرين والمتربصين بأمن البلاد واستقرارها، وهم خلايا نائمة سرعان ما تستغل غضبة الأهالي وتستيقظ من سباتها وسط الانفجارات الشعبية التي تنفجر اما بسبب البطالة أو سوء الاوضاع الاقتصادية او الصحية ، ليفجروا البلاد من الداخل.

وكل عاقل لا ينبغي ان يمنح الفرصة لهذه الخلايا المتربصة بالوطن ليفترسه بسهولة وتمزقه في لحظة غضب شعبي مشروع لكن عواقبه وخيمة على الجميع، ولكنا بالطبع يرفض ما شهدته بعض دولنا العربية من تفتيت وتشظي، ولذلك أتمنى على كل مواطن أردني ان يغلب العقل والمصلحة لنفسه وأهله ووطنه على مشاعر العاطفة من حزن وغضب لأن الغضب يضر بالجميع ولا يفيد ألا أعدائنا.

كما أتمنى أن تكون تداعيات حادث مستشفى السلط المؤسف جرس انذار يوقظ الموظفين ليهبوا لنجدة هذه المسشتفيات وتطويرها وامدادها بما يلزم من المستلزمات الطبية. ولعلي هنا أدعو كل القادرين الشرفاء في هذا الوطن لتقديم المساهمات العاجلة لتطوير المتسشفيات وانقاذ أرواح المرضى، حماية لكل أبناء الوطن.

أخيرا، فإن كل من له مظلمة فله الحق في المطالبة بحقوقه تحت خيمة الملك عبد الله  فهو صمام أمان للأردن سليل العائلة الهاشمية وهو اول من نادى بمحاسبة اي فاسد.

وأكد أن الموت لا يوجد له مبرر وستتم محاسبة المقصرين، مشيرا إلى وجود لجنة من النيابة العامة ستتولى التحقيق في هذا الموضوع للوقوف على أسباب هذه الوفيات.

واخيرا احب ان اوجه كلمة باللهجة المحلية انه هيبة الدولة من هيبة الجيش والشرطة و"الي ما اله كبير بيشتري كبير" بمعنى اذا احنا نزلنا من هيبة امننا شو رح نخلي للعدو يعمل فينا هذا اولا ثانيا يطالبوا بالحقوق على الراس و العين لكن دون تخريب او اساءة و الاهم انه هدول الي طالعين يطالبوا بحقوقهم لازم ينتبهوا انه ما حدا يستخدمهم و يسرقهم من المطالبة بحقوقهم لتنفيذ اجندات الاعداء دون ان يعلمون.

فالأردن وطن اول جنوده ملك والشعب الأردني اسرة والد كل منها ملك.

الجمعة، 12 مارس 2021

‎شجاعة البابا واستعادة العراق قدراته اقليميا ودوليا

 على مدار ثلاثة أيام تصدر العراق اهتمامات الرأي العام العربي والعالمي بسبب زيارة بابا الفاتيكان للبلاد التي جرت وسط  ترتيبات أمنية شديدة ناجحة للغاية. وجاءت أيضا بحفاوة رسمية وشعبية وتقديرا لرسالته للسلام عكستها ايقاعات الدبكة والزغاريد والتهليل ورقص الاطفال، بينما غطت صورة البابا مساحات شاسعة من الجدران، تعبيرا عن الفرح بقدومه والأمل في زرع السلام بوطن عربي عريق صاحب حضارات ومهد للأديان.


‎عكست زيارة بابا الفاتيكان، للعراق شجاعة نادرة بتجاوزه مخاطر وباء كورونا، وتخطيه عقبة الاحتجاجات التي اندلعت بمحافظة ذي قار وشهدت وقوع العديد من الضحايا، وهي في نفس الوقت احدى المحطات المهمة في زيارته للعراق.
وصف فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر هذه الزيارة بالتاريخية والشجاعة وانها تحمل رسالة سلام وتضامن ودعم لكل الشعب العراقي خلال سعي البابا  لتحقيق حلم الاخوة الانسانية.

‎بقراءة فضيلة شيخ الازهر لهذه الزيارة، فانها حملت رسائل عديدة ومنها التضامن مع ضحايا العنف والارهاب، وتعزيز قيم المواطنة والاخوة بين مكونات الشعب العراقي  مسلمين سنة وشيعة ومسيحين وازيديين وصابئة وغيرهم، وعكس نداء البابا في كلمته الشهيرة " فلتصمت الاسلحة " هذه القيمة من وقف الاقتتال والمصالحة بين اطياف الشعب العراقي ليتذوقوا طعم السلام.

‎وجاءت صلاة البابا فرنسيس مع ممثلي الاديان، وأسماها بصلاة من أجل ابناء وبنات ابراهيم لتؤكد على مكانة العراق بحضارته وأديانه السماوية وانها قد تكون منطلقا لهذه الاخوة الانسانية والتعايش بين الاديان، في مقابل ذلك اختير السادس من مارس يوماً وطنياً للتسامح والتعايش، عقب لقاء البابا بالمرجع السيستاني.

‎اثبتت الزيارة نجاح العراق في استباب الامن، رغم ما شهده  قبيل الزيارة من سلسلة الهجمات الصاروخية التي استهدفت قاعدة عين الأسد العسكرية، وهو ما يحمل رسالة غاية في الاهمية للمجتمع الدولي مفادها قدرة العراق بحكومته وقيادته في استعادة هيبة الدولة وقدرته استعادة مكانته الاقليمية والدولية ان اراد.

‎اكتسبت هذه الزيارة أهمية قصوى لدى العراقيين وايضا الرأي العام العالمي كونها اول زيارة للبابا للعراق منذ توليه البابوية، خاصة وانه جاء كما قال حاجا الى مدينة " أور " مسقط رأس نبي الله ابراهيم عليه السلام، ليحقق بذلك تحقيقا عمليا لوثيقة العهد الابراهيمي بين الاديان السماوية الثلاث، وترتب عليها عهود وزيارات من البابا لمصر والمغرب وأبو ظبي وتجلت اصدائها في وثيقة الاخوة الانسانية التي وقعها البابا فرنسيس مع شيخ الازهر عام 2019  وهي تختتم بزيارة أور والحج اليها.

‎هذا الحج لمدينة أور مسقط نبي الله ابراهيم ابو الانبياء والذي ولد في عهد الملك نمرود بن كنعان، واشتهرت المدينة بمبنى الزقورة وهو معبد للاله انيانا الهة القمر حسب الاساطير السومرية، سوف يفتح الطريق للسياحة الدينية والثقافية للعراق مجددا، ومن ثم انعاش الاقتصاد الوطني، وان كانت هذه المناطق بحاجة لضخ اموال ضخمة لتطويرها وتهيئتها كمزارات سياحية ثقافية ودينية.

‎حملت أيضا هذه الزيارة دلالات سياسية مهمة، متمثلة في لقائه بالمرجع السيستاني بالنجف وزيارة ضريح الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، مما يعد اعتراف سياسيا ودينيا بمرجعية النجف الشيعية وليست مرجعية قم الايرانية. فالنجف لا تخضع لولاية الفقيه، بجانب رسالة غير مباشرة لايران.

‎وكانت زيارة البابا رسالة محبة لوقف المليشيات والجماعات المسلحة بالعراق لاستقرار الدولة و اعادة البناء.

فتحت زيارة البابا الامل لمسيحي العراق في اعادة اعمار الكنائس الاثرية المدمرة وتقديم المساعدات المادية والنفسية لها. كما فتحت شهية العراق كله في تعزيز ثقة المجتمع الدولي بالعراق كحكومة ومؤسسات قادرة على انقاذ هذا الوطن من الارهاب والتشظي ان ارادت، واعادة ضخ الاموال العراقية في الوطن الذي يعد ثاني احتياط نفط في العالم ومن اغنى دول العالم في النفط والزراعة والمياه وثروات حيوانية وعقول وعلماء ومعادن وذهب وتنوع جغرافي وديني ومصدر سياحي تاريخي، فها هو العراق يستطيع ان يرتكز على ما اعطاه الله من نعم ان اراد ان يعيد المجد العظيم الذي خلده التاريخ القديم لهذه المنطقة.