السبت، 23 ديسمبر 2017

تفكيك الجيوش العربية لصالح من؟


لا شك ان جيوشنا العربية هي حصن الأمان لحدودنا وأرضنا وشعوبنا وسلامتها من جراء أي اعتداء خارجي، وهي جيوش وطنية في تشكيلها لأنها تعتمد على نظام الخدمة الإلزامية، ومن ثم فقد ترعرعت عقيدتها القتالية على حماية الأوطان من الاعتداءات الخارجية وعلى الولاء الوطني.
ولكن ما ان اندلعت ثورات الربيع العربي، حتى تفككت أربعة جيوش عربية وهي العراق فبل ان يستعيد الجيش العراقي قوته وليبيا واليمن وسوريا. ومن الملفت للنظر ان هذا التفكيك للجيوش العربية جاء عقب انتشار الفوضى الخلاقة التي دعت اليها كونداليزا رايس وزيرة الخارجية، ومستشارة الامن القومي الأمريكي.
صاحبة دعوى الفوضى الخلاقة اعترفت في إحدى محاضراتها مؤخرا بمعهد بروكينغ الأمريكي، بان الولايات المتحدة لم تذهب الى غزو أفغانستان عام 2001، والعراق عام 2003 من اجل تحقيق الديمقراطية، بل للإطاحة بحركة طالبان التي وفرت ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة، وللاطاحة بحكم الرئيس العراقي صدام حسين، الذي كنا نظن انه كان يعيد بناء ترسانة من أسلحة الدمار الشامل. و لكن هل كانت الإطاحة بنظام الديكتاتور صدام حسين تبتغي تدمير البلد بكامل اجهزته ذاك الوقت ام كان بالإمكان تغيير النظام دن هذا الدمار و التمزق الذي مر به العراق طوال السنوات الماضية رغم محاولات بعض الوطنيين من المواطنين و الساسة و المفكرين الحفاظ على الوطن من سموم الطائفية التي زرعها الأعداء للسيطرة على العراق و ثرواته و تاريخه و قوته 
ولكن لم ينتبه قادة العالم العربي بعد احتلال بغداد للكوارث اللاحقة بباقي الدول العربية وأنظمتها العسكرية، وان عمليات التدمير قادمة لا محالة فكل عرق و كل طائفة ذاقت ما ذاقته من عمليات التطهير العرقي و الديني و التهجير و القتل و الترويع لاحقا على أيدي داعش و قبلها ايام الحروب الطائفية في ظل اصرار الدول العربية على امتلاك القوة العسكرية في مواجهة تحركات اسرائيل وأطماعها في اقامة دولة من النيل الى الفرات.
فقد عمدت القوى الكبرى على استخدام شماعة حقوق الانسان والديمقراطية للضغط على الحكومات العربية لإضعافها، وهو حق يراد به باطل، في الوقت الذي تحت هذه الشماعة جانبا لبعض الوقت، وعمدت الى استغلال ضعف ووهن الدول العربية في ازكاء النعرات الطائفية والمذهبية ومشكلات الحدود بين الدول العربية لإنهاك الجيوش العربية من ناحية، ولإبراز ضعفها أمام قوى المنظمات الارهابية وقدرتها على خوض حروب الشوارع والعصابات، بينما الجيوش العربية معدة ومجهزة بالأساس لخوض الحروب النظامية.
ولا شك ان القرار' القاتل ' للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة عاصمة بلاده إلى القدس، يمثل أعلى درجات الاستثمار لفرصة ضعف العرب وانقسامهم، ويعد تتويجا لجهود تفكيك الجيوش العربية وتقسيم شعوبها وأراضيها، وتفويت أية فرصة لإعادة اللحمة العربية مجددا.
رغم ان المشكلة الفلسطينية ليست مشكلة حدود بقدر انها مشكلة وجود فالتطاحن الداخلي بين فصائل والمكونات السياسية والدينية داخل الدول القطرية العربية قد زكتها بالأساس الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها لتحقيق فوائد جمة منها ترويج بضائعها الراكدة من السلاح وتغطيتها أزمتها الاقتصادية، والأهم أيضا هو بيع السلاح للعرب كي يقتل أخيه العربي داخل القطر العربي الواحد مثلما حدث في سوريا واليمن وليبيا والعراق في حروب داخلية لا يعلم مداها الا الله تعالى،

أزمة مصالح
وبحسب محللين عسكرين وخبراء في الشئون الاستراتيجية، فان الجيوش النظامية لهذه الدول الاربعة التي تفتت كانت تحمل في طياتها مقومات انهيارها، لان حكام هذه الدول وظفوا هذه الجيوش لحماية أمنهم الخاص ومصالحهم الشخصية وليس لحماية وأمن وسلامة شعوبهم فالرئيس الراحل معمر القذافي أهمل مؤسسة الجيش لصالح كتائب في الجيش الليبي يشرف عليها أبناء القذافي، و بعد ثورة الربيع العربي انقسمت القوات النظامية في ليبيا لأقسام مفتتة لا أحد يدري الى أين ستصل في نهاية المطاف.
أما الجيش اليمني بحسب ساسة نشطاء يمنيون، فقد وصف بأنه جيش عائلي وطائفي عمال خدمة يخدم مصالح الرئيس الراحل على عبدالله صالح وأسرته على مدار 3 عقود، بينما تشهد الساحة اليمنية عدة تشكيلات عسكرية، أولها الحرس الجمهوري ويقوده الآن نجله أحمد على عبدالله صالح، ويضم 24 لواءً، والفرقة الأولى ، وثالثاً الأمن المركزي وعدة تشكيلات أخرى، بجانب جبهة الحوثيين المسلحة.
كذلك الوضع بالنسبة للجيش السوري، و العراقي

تجليات الصورة
وامام هذه القراءة لواقع الجيوش العربية التي تفتت، والخنجر المسموم الذي ضرب الرئيس الامريكي دونالد ترامب به ظهر وقلب العالم العربي باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، فان الحقيقة بانت واضحة للعيان وهي من المستفيد الاول والأخير من قتل الجيوش العربية ؟، وأن نشر الطائفية والمذهبية كانت ورائه جهود مخابرات عالمية خبيثة زرعت داعش وغيرها في بلادنا لتحقيق اهدافها المسمومة لتغيير خارطة الشرق الاوسط وتقسيم دولنا العربية الي دويلات لتظل اسرائيل هي القوة الوحيدة المتماسكة في هذا المحيط العربي الشاسع.
وعلينا ان نقر بحقيقة شديدة المرارة وهي أن القضاء على محور الشر الذى أعلن عنه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في عام 2001 بعد احداث 11 سبتمبر، وكان يقصد وقتها العراق وايران وسوريا قد نجح للأسف في تحقيق اهدافه الشيطانية.
‎حيث استطاع البنتاجون الأمريكي ان يضع خططه من اجل الوصول لذلك الهدف من خلال تدمير الجيوش العربية بدءا بتدمير قوة الجيش العراقي بسلاح الفتنة الطائفية والمذهبية ودخول العراق في أتون الصراع مع التنظيمات الارهابية كالقاعدة وداعش.
وسنحت الفرصة مجددا للولايات المتحدة لاستكمال مخططها الخبيث لتدمير الجيش السوري من خلال تسليح المعارضة وادخال البلاد في حرب اهلية وثورة دموية يقتتل فيه الجانبان، وتتدمر سوريا وجيشها واقتصادها ومستقبلها.
‎كذلك فعل حلف الناتو مع ليبيا حين قام بتسليح المعارضة، لتظهر الصراعات القبلية ، وفي النهاية قد يلجأ الليبيون الي الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب ليتم تقسيمها الى دويلات صغيرة 
.الا ان العراق استعاد مؤخرا قوة جيشه الذي اتحد للقضاء على الاٍرهاب و انتصر على داعش و أعاد للعراق هيبته الدولية و لا ننسى ايضا دور البيشمركة المشرف في مكافحة الاٍرهاب و النصر على داعش

كلمة أخيرة
فان اسرائيل ومن يقف ورائها من قوى استعمارية كبري لم تكن تسطيع تحقيق احلامها ومخططاتها في تدمير اوطاننا وتفتت بمعزل ضعفنا الداخلي واطماعنا الشخصية وتخاذلنا عن تحقيق حلم الوحدة والتعاون فيما بيننا على حماية أمننا الوطني والقومي معا.
فمنذ ان تخلينا عن مفهومنا للوحدة و المحبة و التعاون، واهتمت كل دول عربية بمشاغلها القطرية الداخلية، حتى أصابنا الوهن ونخر سوس الطائفية في أوطننا فأنهكها وقضى على الكثير من عناصر قوتها. واليوم فان الاتحاد قوة كما تعملنا منذ الصغر، ولا سبيل امام الوطن العربي للخروج من مخطط التقسيم سوى بالتخلي عن المصالح القطرية الضيقة ونبذ الخلافات السياسية جانبا، واستعادة بناء الجيوش الوطنية مجددا.
و لم أكن يوما من محبي القتال و مؤيدي النزاع بل لطالما كنت من مناصري السلام و المحبة و لكن لا احد يبقى مكتوف الايدي اذا اعتدي عليه فما بالك بمسؤولية أمن وطن و الحفاظ على كيان الدولة
و برقبتك حماية الارض و الشعب و العرض كجيش دفاع و ليس اعتداء او هجوم
و يجب ان لا ننسى ان الاتحاد ليس فقط بتجييش الجيوش بمعارك لا نهاية لها..استخدم نفس سلاح عدوك الفكر والاقتصاد و النهضة والاتحاد لنكون سلطه نقضي بها على أي مخططات ومطامع تضر بأمتنا
فليس كل الحروب تحتاج الى سلاح من النار فهناك حروب تحتاج سلاح المحبة و الفكر و العقل و التخطيط

وامام تسارع الخطى الخبيثة لتدمير الوطن العربي، وان العدو يتربص بنا في كل لحظة لينقض علينا بشراسة، فان هذا التحدي يفرض سرعة تسوية الصراعات الداخلية القطرية والعربية معا واعلان الوحدة القطرية والقومية مجددا عملا بقول الله تعالي: ' وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ' .

الاثنين، 4 ديسمبر 2017

زواج الأطفال في بلاد حضارات الآلاف السبع عار وسبع آلاف عار

و رحم الله المرأة العراقية في التاريخ الحديث ليس حديث جدا ولكن
بعد تشكيل الدولة العراقية حيث بدأت المرأة تشارك في الحياة السياسية في مطلع الأربعينات من خلال اللجنة النسائية لمكافحة الفاشية ثم تخرجت نخبة من النساء من كلية القانون وعملن في سلك المحاماة، كما كان لها الدور البارز في وثبة يناير عام 1948 ميلادية لإسقاط معاهدة بورتسموث، وشاركت في انتفاضة أكتوبر عام 1952 حيث تعرضت 150 امرأة للاعتقال. 
و مر على تاريخ العراق سفيرات ووزيرات و كاتبات و مهندسات و ناهضات نسوية و شاعرات و رائدات في كافة المجالات أمثال نازك الملائكة و نزيهه الدليمي و امينة بغداد سعاد العمري و اسيا توفيق وهبي و حفصه خان النقيب و مارجريت بشير سرسم و ماهرة النقشبندي و وداد الاورفلي و اديبه طه الشبلي و بولينا حسون و غيرهن كثيرات لا يسعني ان اذكرهن جميعا
و بعد هذه المقدمة الطويلة للتمهيد لموضوع معاصر رأيت أن مقارنته بنصور سابقه سيرثنا الخجل و الشعور بالغثيان من تردي حالنا من أبناء حضارات عظيمه كانت قدوة و منارة بل ام الحضارات التي تبعتها و لحقتها الى عصرنا الحالي الجاهلي و لا اقصد فقط موضوع المقال لزواج القاصرات و الأطفال و إنما لمواضيع كثيرة أخرى
و بالعودة لموضوعنا 
بالرغم مما حققه وطني العراقي الغالي من انتصار عسكري مشهود له اقليميا وعالميا على داعش وما يعنيه ذلك من استعادة العراق لاستقراره الأمني والسياسي، غير انه لم يحقق حتى الآن سلاما اجتماعيا يحفظ للكائنات الضعيفة والمهمشة حقها الانساني في الاختيار والكرامة وعلى رأسها المرأة والطفل.
وللأسف، فانه حتى الآن، لم ينجح العراق بعد في معركة الانتصار لحقوق الطفولة والمرأة ولم يقض الرواسب العطنة لفكر داعش خاصة فيما يتصل بالمرأة ونظرته الدونية كسبية او جارية تباع في أسواق النخاسة، ولعله من أكبر البراهين على ذلك محاولات تمرير قانون زواج القاصرات بمجلس النواب والموافقة المبدئية عليه وسط غضب جم من الشارع العراقي اليقظ لمخاطر هذه الجريمة التي تعيد المرأة لعصر الاسترقاق والعبودية مجددا بعد ان تحررت منه.
فلا يتصور أي عقل ان يوافق مجلس النواب على قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي يتيح الفرصة لتزويج الطفلة الأنثى عند عمر لا يتجاوز التسع سنوات مبرئا ذمته امام الله ـ بالزعم بموافقة ولي الأمر، في انتهاك صارخ لحقوق الطفولة، وكأن من وضع مثل هذا التشريع يتفق اتفاقا فكريا وفقهيا مع فكر الدواعش الذي ينال من حقوق الطفولة البريئة والمرأة في الذود عن حقها الاساسي الذي كفتله الشريعة الاسلامية باختيار الزوج.
فمشروع هذا القانون في اجازته تزويج الطفلة بعمر 9 سنوات يمثل انتهاك صارخ للدستور العراقي نفسه، الذي يحفظ كرامة المرأة وحقوقها الانسانية وهويتها، كما أنه يتناقض مع قرارات الأمم المتحدة التي تحث على حقوق المرأة وكرامتها، وهو بالنهاية في تقديري الشخصي نوع من الاتجار بالبشر تحت غطاء قانوني. 
فكيف يمكن للمجتمع العراقي ان يعيد بناء طاقته الروحية والحضارية وهو ينتهك بالقانون روح الطفولة البريئة؟ ! فمثل هذا القانون اللاإنساني يعيدنا الى أزمان الجاهلية حيث وأد البنات، ولكنه وأد هذه المرة مشرع قانونيا، وكأن العراق بمثل هذا المشروع المشئوم يعود للخلف حيث التخلف والرجعية وانعدام الاخلاق والرحمة الانسانية بدلا من أن يخطو خطوات للأمام في سياق النهوض بأفراده صغار وكبارا نحو مزيد من التطور الحضاري الذي صنعته الأجيال السابقة.

تاريخ .. وأزمة حاضر
فقد صدر أول قانون للأحوال الشخصية المدني في العراق العام 1959 مستندا الى أحكام مأخوذة من تشريعات دينية وقوانين مدنية، ومازجا بين المذاهب والأديان دون تحيز. فالقانون الساري المفعول منذ زمن الرئيس عبد الكريم قاسم، يمنع تعدد الزوجات وزواج القاصرات إلا بشروط معينة، ويمنح الأم الحق في حضانة صغارها، ويعطي الحق للزوجة بأخذ إرث زوجها في حال الوفاة على خلاف بعض الآراء الفقهية الدينية اليوم التي لا تورث الزوجة في العقارات والأراضي وتميل إلى منح الحضانة للأب.
وبعد سقوط الرئيس صدام حسين و دخول القوات الأميركية البلاد، ألغى الحاكم هذا القانون وأصدر القرار رقم (137) ليعيد العمل بالقضاء المذهبي، إلا أن القرار ألغي بعد صدوره بفترة وجيزة في عام 2004 بعد تظاهرات حاشدة شعبية وضغوط مدنية طالبت بإلغائه.
ولكن كما يبدو أن الاحزاب الاسلامية الشيعية والسنية قد نجحت هذه المرة في اعادة العمل بالقضاء المذهبي عبر تمريره بموافقة مبدئية داخل أروقة مجلس النواب، ولكن في المقابل،
وكما ـ يقول القانونيون ـ فان تعديل القانون حسب رغبة الاحزاب الاسلامية يتضمن مخالفات دستورية وقانونية خطيرة، اذ ان تعديل قانون الأحوال الشخصية الوارد في الدستور هو ضمن البنود التي اتفقت الكتل السياسية عليها منذ سنوات، وينبغي حسم التعديلات قبل تشريع القانون الجديد.
حيث تنص المادة (41) من الدستور على ان “العراقيين احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون.
ويوضح القانونيون مأزقا أخر في مشروع التعديلات الأخيرة ، وهو ان القانون المقترح يحيل قضايا الزواج والطلاق والحضانة والميراث الى هيئة الاوقاف الدينية التابعة الى الحكومة وليس الى المحاكم المدنية التابعة الى القضاء، وذلك يعني حقيقة تعارضه مع مبدأ الفصل بين السلطات، بجانب اشكالية مبادئ حقوق الانسان والقوانين الدولية المعنية بحماية حقوق المرأة، حيث أن تنظيم مثل هذه القضايا يجب ان يكون من صلاحية المحاكم وليس السلطة التنفيذية عبر دوائر الاوقاف الدينية السنية والشيعية وباقي الأديان.

أسباب ولكن ...
لاشك ان الحروب الطاحنة التي شهدها العراق وفقدان الكثير من الأسر لعائلها وانتشار الفقر في أوساط العراقيين، وعدم توافر فرص العمل للمرأة التي فقدت عائلها قد دفع بعض الأمهات الى تزويج أطفالهن للتخلص من أعبائهن الاقتصادية، بينما وقف المجتمع العراقي ـ وهو مسئول كل المسئولية عن هذه الجريمة النكراء ـ دون ان يحرك ساكنا او يبحث عن فرص عمل لهؤلاء النسوة اللواتي فقدن مصدر للرزق وعجزن عن توفير المأكل والملبس لصغارهن، ولم يجدن أية رعاية اجتماعية من الحكومة او حتى بعض المؤسسات المدنية والدينية.
والنتيجة المؤسفة أن تزويج الصغيرات قبل سن ال 18 عاما قد أخذت في النمو والتزايد المضر يوما بعد يوما، وبدلا من أن تسهم الحكومة في ايجاد حل يقتلع ظاهرة تزويج القاصرات، ريحت دماغها وسارعت الي تقنينه بتشريع قانوني يمثل كابوسا لأوضاع الطفلة والمرأة اليوم وغدا.
فقد انتشرت عقود زواج القاصرات بمكتب السيد، وقضاياها تحتل ساحات محاكم القضاء العراقي، وسط صمت الجهات المسئولة وعجز الحكومة والبرلمان والمؤسسات القانونية والقضائية عن تعديل قانون الأحوال الشخصية بما يمنع من زواج القاصرات.
وتبدو ظاهرة تزويج القاصرات في كوردستان ايضا تحت مزاعم موافقة ولي الأمر يشكل كارثة انسانية بكل المقاييس، خاصة وانه لم تفلح جهود النشطاء والحقوقيين في مكافحتها وتعريتها والضغط على الحكومة لمنعها بوصفها جريمة اتجار بالبشر.
وللأسف الشديد، فان الكتاب والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني لم يدشنوا حملات التوعية والتثقيف والتجمعات والتظاهرات لوقف هذه المهزلة الانسانية بحق الطفولة البريئة، بينما المؤسسات الدينية لم تمانعها بل اطلقت بها مشروع هذا القانون الكارثي لتزويج القاصرات دون النظر الي حقوقهن الانسانية.

جريمة اغتصاب
كما هو واضح للعيان، فان تزويج القاصرات في سن التاسعة يمثل جريمة اغتصاب مكتملة الاركان، وهذا القانون يخالف اتفاقية سيداو الخاصة بحقوق المرأة، عندما اجاز القانون زواج القاصرات في سن التاسعة هو بذلك مخالف للمادة 14 من الدستور العراقي التي ساوت بين العراقيين من حيث الدين والمعتقد والمذهب، كما أن القانون منع خروج المرأة الا مع محرم وهو يخالف حقوق الحرية الفردية.
وفي تقديري، ايضا ان هذا القانون ' العار' سيشجع اكثر الاسر الفقيرة من المذاهب الاسلامية الأخرى على تزويج اطفالهن الصغار بما يؤدي الى انتشار الطلاق و الموت و الأمراض لهذه الأطفال مما يشل حركة المجتمع في الانضباط أو تحقيق أي سلام اجتماعي.

خط أحمر
ومما يثير الدهشة، الاستعجال بتمرير مثل القانون بالنواب دون محاولة عمل رأي المجتمع المدني بشأنه، ولكن رفض أصحاب الضمائر الحية في بلادنا لمشروع هذا القانون قد أزاح بعض الهم من قلبي، اذ انه قد يفتح الباب امام جهود الغاء هذا القانون الداعشي من وجهة نظري، بل انني أشد على أيدي الناشطين في مجال حقوق الانسان والمدافعين عن المرأة والطفل في بلادنا لمواصلة الجهود من أجل عدم تمريره بمجلس النواب.
ولعل النجاح السابق الذي حققته جهود المجتمع المدني في مواجهة القضاء المذهبي والغائه عام 2004 ، يحفزنا نحن كل العراقيين لإعادة هذه التجربة الناجحة بشن حملات توعية في الاعلام والمراكز الرياضية ضد مشروع تزويج القاصرات، وعلى كل كاتب ومبدع عراقي ان يسهم بما يستطيع لانجاح هذه الحملة.
أما مؤسسات المجتمع المدني بكل اطيافها وشبكاتها الحقوقية مطالبة بالضغط علي الحكومة والبرلمان بكل السبل لإلغاء التصويت على هذا القانون العار علي جبين العراق الحضارة والانسانية، وابراز الحقيقة المؤلمة والمفزعة بإن مشروع قانون تعديل الاحوال الشخصية يعد احد اساليب العنف والتمييز ضد المرأة .
ولابد ان تحتشد كل جهود المجتمع المدني واصحاب الضمائر الحية في بلادنا لإعلان حملة 'القاصرات خط أحمر' نوضج فيها بكل السبل الجريمة التي ترتكب بحق هذه الطفلة البريئة التي تسحق براءاتها عند تزويجها بكهل من اجل المال في جريمة استغلال جسدي تخالف المواثيق الدولية، وابراز المخاطر الصحية التي تتعرض لها اذا ما تعرضت للحمل في السن الصغيرة واحتمال تعرضها للوفاة المبكرة.
والدعوة الجادة لوضع تشريعات قانونية تجرم اجراء الزواج بعيدا عن المحاكم الشرعية، والعمل على اغلاق المكاتب الشرعية التي تتخذ من هذا العمل تجارة رائجة.

وللأسف الشديد، فان الكتاب والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني لم يدشنوا حملات التوعية والتثقيف والتجمعات والتظاهرات لوقف هذه المهزلة الانسانية بحق الطفولة البريئة، بينما المؤسسات الدينية لم تمانعها بل اطلقت بها مشروع هذا القانون الكارثي لتزويج القاصرات دون النظر الي حقوقهن الانسانية.

جريمة اغتصاب
كما هو واضح للعيان، فان تزويج القاصرات في سن التاسعة يمثل جريمة اغتصاب مكتملة الاركان، وهذا القانون يخالف اتفاقية سيداو الخاصة بحقوق المرأة، عندما اجاز القانون زواج القاصرات في سن التاسعة هو بذلك مخالف للمادة 14 من الدستور العراقي التي ساوت بين العراقيين من حيث الدين والمعتقد والمذهب، كما أن القانون منع خروج المرأة الا مع محرم وهو يخالف حقوق الحرية الفردية.
وفي تقديري، ايضا ان هذا القانون ' العار' سيشجع اكثر الاسر الفقيرة من المذاهب الاسلامية الأخرى على تزويج اطفالهن الصغار بما يؤدي الى انتشار الطلاق و الموت و الأمراض لهذه الأطفال مما يشل حركة المجتمع في الانضباط أو تحقيق أي سلام اجتماعي.

خط أحمر
ومما يثير الدهشة، الاستعجال بتمرير مثل القانون بالنواب دون محاولة عمل رأي المجتمع المدني بشأنه، ولكن رفض أصحاب الضمائر الحية في بلادنا لمشروع هذا القانون قد أزاح بعض الهم من قلبي، اذ انه قد يفتح الباب امام جهود الغاء هذا القانون الداعشي من وجهة نظري، بل انني أشد على أيدي الناشطين في مجال حقوق الانسان والمدافعين عن المرأة والطفل في بلادنا لمواصلة الجهود من أجل عدم تمريره بمجلس النواب.
ولعل النجاح السابق الذي حققته جهود المجتمع المدني في مواجهة القضاء المذهبي والغائه عام 2004 ، يحفزنا نحن كل العراقيين لإعادة هذه التجربة الناجحة بشن حملات توعية في الاعلام والمراكز الرياضية ضد مشروع تزويج القاصرات، وعلى كل كاتب ومبدع عراقي ان يسهم بما يستطيع لانجاح هذه الحملة.
أما مؤسسات المجتمع المدني بكل اطيافها وشبكاتها الحقوقية مطالبة بالضغط علي الحكومة والبرلمان بكل السبل لإلغاء التصويت على هذا القانون العار علي جبين العراق الحضارة والانسانية، وابراز الحقيقة المؤلمة والمفزعة بإن مشروع قانون تعديل الاحوال الشخصية يعد احد اساليب العنف والتمييز ضد المرأة .
ولابد ان تحتشد كل جهود المجتمع المدني واصحاب الضمائر الحية في بلادنا لإعلان حملة 'القاصرات خط أحمر' نوضج فيها بكل السبل الجريمة التي ترتكب بحق هذه الطفلة البريئة التي تسحق براءاتها عند تزويجها بكهل من اجل المال في جريمة استغلال جسدي تخالف المواثيق الدولية، وابراز المخاطر الصحية التي تتعرض لها اذا ما تعرضت للحمل في السن الصغيرة واحتمال تعرضها للوفاة المبكرة.
والدعوة الجادة لوضع تشريعات قانونية تجرم اجراء الزواج بعيدا عن المحاكم الشرعية، والعمل على اغلاق المكاتب الشرعية التي تتخذ من هذا العمل تجارة رائجة