الخميس، 27 أبريل 2023

كبار السن بين الألم والأمل

 

كبار السن بين الألم والأمل


سارة طالب السهيل

كعادتي أسأل عن من ربطتني بهم علاقات حميمة من مختلف الاعمار، ومنهم صديقة من كبار السن سألتها عن حالها وأحوالها ، فقالت انني في أحسن أحوالي بعد ان شربت كأس الرضا بما قسم الله لي في الحياة .

فقلت لها هل صحتك جيدة؟ حمدت ربها وشكرت قائلة ، ان الزمن كعادته يحفر ذاكرته وحوادثه فينا فيترك بصماته من الآلام الجسدية والضعف والوهن وأحيانا العجز عن أشياء يومية بسيطة كنا ننجزها في الشباب بكل سهولة ويسر.

فقلت لها كم يؤلم ذلك ؟سارعتني في البداية كنت أتحسر على قوة الشباب التي غادرتني ، وأتألم كثيرا من شعوري بالعجز وضعف الحركة وحاجتي للأخرين ومساعدتهم في بعض الأشياء ،أما الآن فقد هضمت التجربة بعد ان أيقنت انها من فعل الله وحكمته في خلقه وهي اننا بشر فينا من عوامل النقص الكثير، ولولا هذا النقص ما اكتملت دورة الحياة بنا على الوجه الاكمل الذي يرده خالقنا.

فهذا النقص قد تكمليه انت لي بانجاز عمل لي او تسارعي بأخذي للمستشفى للعلاج ، أو ترسل لي كهربائي لاصلاح العطل ، وتكملين نقصي وعجزي فتأجري من الله وتتحقق المودة والرحمة ويشيع الحب بالكون .

قلت لها كيف تدركين الحكمة مع الشعور بالضعف والعجز؟ قالت كنت بالشباب اعتمد على نفسي وعلى طاقتي وحيويتي ،أما اليوم فأنا أتوكل على الله وحده وأستعين به وحده واسأله من فضله وحده ، خلاص رميت حمولي على خالقي فتولى أمري وهون علي ما ينتابني من نقص بالنوم والام الامراض المختلفة وصارت كأنها شئ عادي يحدث يوميا كما نأكل ونشرب ونتنفس .

وتابعت : ادركت مع العجز والضعف ضرورة ان يقوم كل واحد منا بمسئولياته خلال مراحل العمر المختلفة ، فاذا كان الشباب اجتهاد وعمل واثبات الذات وتربية الابناء ، فان التقدم بالعمر يصرف عنك الكثير من هذه المسئوليات ، ويلقي بها الى الابناء والاحفاد فهذه سنة الحياة .

قلت لها انك تتعاملين مع الكبر بمشاعر سهلة ميسرة فماذا عن الوحدة وانشغال الابناء بمسئولياتهم او بمتعهم الخاصة بعيدا عنك ؟ ضحكت ضحكة من يعتصره الألم قائلة كنت بالشباب مشغولة جدا عن أمي بينما كانت تنظر قدومي من العمل بفارغ الصبر كي استمع اليها تفاصيل يومها او تشتكي لي ما يؤلمها من الامراض ، اوفقط تتبادل معي الحديث وكأنها تتنفس الهواء الذي تحتاجه لتكمل باقي عمرها في أمان وسلام من الرحمن وكنت استمع لشكواها ،بينما كان ذهني مشغولا عنها بتفاصيل العمل واجهاده ومشاكله حتى خضت التجربة اليوم بكل معانيها .

سألتها تشعرين بالوحدة والعزلة ، نعم وانشغال أبنائي عني بأصحابهم وموبايلهم ودنيتهم الخاصة ، وكأني فقط عايشة لخدمتهم واعداد الطعام لهم دونما ان يشعروا بأمراضي وضعفي ، وللأسف الاجيال اليوم اكثر أنانية يأخذون ونادرا ما يعطون سألتها كيف ؟ قالت كثيرا ما يشتد علي الآلام فأصرخ من شدتها وهم بالبيت لايسمعون صراخي لانهم واضعين السماعات بأذنهم ، وكثيرا ما أطلب منهم المساعدة في بعض مراحل اعداد الطعام عندما تعتصرني الآلام من الامراض فيرفضون مدعين انهم مشغولين بالمذاكرة او العمل ، بل انه كثيرا ما يعبرون عن سخطهم من مشكلة تواجههم فيصبون غضبهم وانفعالاتهم علي دونما خطأ مني ارتكبته بحقهم .

قلت لها وما الذي بات يسعدك بهذا العمر، قالت ان يشعر ابنائي بضخامة الجهد الذي بذلته من أجل تربيتهم ويقدروه ويتعاطفوا معي عندما يشتد علي المرض ويضموني الى صدرهم كما كنت أضمهم واحتويهم وهم صغار ويراعوا مشاعري عندما تنتابني مشاعر الحزن المفاجئ او الاكتئاب ،ويستفيدوا من خبرتي بالحياة فهي من أثمن التجارب التي يمكن ان تحميهم بالحياة ، ويمطروني بمشاعر الاحترام والتقدير خاصة وانني على مشارف الرحيل عن الدنيا، أحب ان أجد حصاد ما زرعته من حب واخلاق ورحمة قد صار أخضر يانعا.

حوار صديقتي العزيزة خوفني ورعبني من مفهوم الزرع و الحصاد ، فكيف يفني الاب والام او الاجداد عمرهم في خدمة ورعاية ابنائهم ، بينما الابناء ينشغلون بأنفسهم وحياتهم الخاصة ،ولماذا كل هذه الانانية من الابناء ؟ فالحياة أخذ وعطاء ورد الجميل لكبار السن من أمتع لحظات عمر الانسان ، فكيف للانسان ان يحرم نفسه من هذا العطاء الجميل والمشرف؟

فلولا كبار السن ورعايتهم لنا ما كنا تربينا ولا تعلمنا ولا تخلقنا بالأخلاق ، ولولا رعايتهم ما كنا نتمتع بالصحة والعافية التي نحيا بها اليوم آمنين ، ولولا ما وفروه لنا ايضا من حب وحنان ما كنا بشرا أسوياء يحترمنا الناس ولولا دعائهم المستمر لنا بالقبول والتوفيق بالحياة ما وفقنا في اعمالنا وحياتنا الخاصة .

فدعائهم مجاب لانهم صاروا اكثر قربا من الله ، واحترامهم ورعايتهم ومؤانستهم حق علينا وفرض عين ورد الجميل الذي يحي به الانسان معززا مكرما بدعوة والديه واجداده اذا احسن رعايتهم وتودد اليهم وأمطرهم احتراما وتبجيلا .

فكبار السن يحتاجون الى من يضمد جراح السنين الغائرة بقلوبهم من حوادث الدهر ، ويحتاجون الى كلمة طيبة تسعدهم وابتسامة في وجوههم تعيد لهم احساسهم بالحياة ، والى من يؤانس وحدتهم ويسمع شكواهم دونما تململ والى يد حانية تطيب جراحهم ، والى قبلة على وجنيتهم تشعرهم بالحب والحنان والامتنان والتقدير
فلنسارع جميها الى اقاربنا وجيراننا ممن تقدم بهم العمر ، ولنقدم لهم بعض الهدايا البسيطة ، ولنعبر لهم عن حبنا وامتناننا بوجودهم وبقيمتهم الكبرى في حياتنا ، ولنحتضنهم ونطلب رضاهم ونقبل أيديهم ، بل وأخذ رأيهم في بعض المشكلات فهذا يجبر خاطرهم ويشعرهم بأن الحياة لا زالت تطلبهم وتستفيد منهم و يجب ان نزرع بهم الامل و السعادة و ترك اليأس و الحزن و الوحدة بل ان نساعدهم على التواصل مع الاصدقاء وان كان بإمكانهم العمل و القراءة وممارسة الرياضه والهوايات و ان كان بالإمكان السفر و التنزه بالحدائق بين احضان الطبيعة و محاولة ايجاد نشاطات لهم لملء فراغهم بشيء ممتع ومفيد حسب رغبتهم و ان نجتمع العائلة في منزلهم و لو مرة في الاسبوع و ان نعتني بهم صحيا و نؤمن لهم المأكل و المشرب الصحي و العلاج و المتابعات الطبية و ان لا نترك لهم امرا معلقا الا و ننجزه لهم و يجب ان ندخلهم في عالمنا فيواكبون العصر وان لا يشعروا انفسهم غرباء على المجتمع وكل الاجهزة المتطورة او الالكترونية و يجب ان نتكلم معهم طويلا و ان نستمع لهم عن مسيرة حياتهم اكثر لانهم يحبون الحديث عن الماضي ليس فقط لنكتسب منهم الحكمة و الخبرة لا بل لنقدم اهم ما لدينا من حسن اصغاء و حب و عطاء و لا بد ان نفسر لهم ان الكبر ليس عجز انما العجز يأتي بإرادة الانسان نفسه ان اراد ان يكون منجزا و قادرا سيواصل العطاء حتى اخر لحظه بحياته و من اراد الكسل و الاستسلام سيستسلم للآلام و الامراض و العجز والكسل و اكبر مثال سيدات اوروبا في عمر التسعين و المئة تمشي و تخرج و تتنزه وتشتري مستلزماتها وتعيش حياتها بشكل طبيعي حبوا الحياة و لا تيأسوا عيشوا لاخر لحظة سعداء و اصحاء و اعملوا خيرا ما يرضي الله

الأحد، 23 أبريل 2023

الاناشيد والأغاني الوطنية كالماء والهواء لصون الاوطان1

 الاناشيد والأغاني الوطنية كالماء والهواء لصون الاوطان1

بقلم / سارةالسهيل 

الوطن موطن يسكننا ونسكنه ،يحيينا ونحياه ، انا والوطن لحمة واحدة لا انفصال لها ، فمواجعه وافراحه هي مواجعنا وافراحنا ، لذلك كانت قيم الانتماء للوطن هي في حقيقتها انتماء لانفسنا ولاحلامنا ودفاعنا عنه هو دفاع عن أنفسنا وأاهليناش11 .

تقوم الاناشيد والاغاني الوطنية بتكريس الشعور الوطني ليكون هواءا عليلا نتنفسه كما نأكل ونشرب ونستشق الهواء كي نبقي أحياء وتتشكل هويتنا وثقافتنا الخاصة بنا ، ولذلك اختصت كل شعوب العالم بأناشيد وأغني وطنية ترزعها في شجرة طفولة أبنائها ولما يستد بهم العود يصبحون جزءا أصيلا من وطنا احتضنهم ويدافعون عنه بالدم والروح   

تسعفني ذاكرتي  حنينا للماضي وأيام الطفولة والمدرسة فأحن لأناشيد الوطن في طابور الصباح المدرسي ،  وكيف كانت هذه الاناشيد تملأنا حماسة وهمة وحبا للوطن .

 واليوم فان حنيني لهذا الطابور وأناشيده يوقظ بداخلي كل مشاعر الحب والعزة  والفخر والكرامة الي حد البكاء ، فكم كنت عزيزة في وطني الاردن وانا طفلة ، ولا يزال هذا الوطن يحافظ علي عزتي وكرامتي بعدما كبرت ونضجت وحققت طموحاتي ولا أزال . 

ورغم ان الادرن اليوم بلا نشيد  وطني ، فانه يحافظ علي  نشيد سلام ملكي ومن كلماته الفياضة

قد أحببناهُ، وبايعناهْ فَلْتَشهَدْ يا شَجَرَ الزيتونْ مَعَهُ، وبِهِ، إنّا ماضونْ

وزرعْنا الرّاية في يُمناهْ

وحَلَفْنا بترابِ الأردنّ

بأنْ يبقى.. فالكُلُّ فداهْ

فَلْتشهد يا شجرِ الزيتونْ

أَنّا معه، وبه، ماضونّ! 

والانتما ءالوطني وغرسه في الأجيال لها العديد من التجليات الاخري مثل الاغاني الوطنية 

والأهازيج الشعبية الوطنية التي يرددهـا المجتمـع وتشكل رافدا مهما في تكوين ثقافتهم، وتوحيد الجماعـات واذابة الفوراق بينهم وتحقيق التقـارب فيما بينهم ، وحفز  طاقات الحماس فيهم للدفاع عن وطنهم والفخر بحضارتهم وتاريخهم.

وكل الاجيال في الاردن تشبعت بالعديد من الاغاني الوطنية التي بثت فيهم روح الأمــل والكفــاح  والتعاون لصد المعتدي ، والصمود في مواجهة التحديات ، والمضامين التي  احتوتها  هذه الأغاني تضيئ الطريق بالامل في المستقل وتطهير الانفس من ظلام اليأس والخوف من اعاصير الحياة . وتنمي مشاعر حب الخير والعدل والكرامة والعزة وشرف الانتماء للوطن في نفوس الصغار والنأشئة ، وبث قيم الشجاعة للدفاع عن الوطن ، وتنمية الذائقة الوطنية بمعاني  رفعة الوطن ورفعة مواطنيه.

ومن اروع القصائد الوطنية بحقبة السبعينيات قصيدة الشاعر الأردني الكبير حيدر محمود "أرخت عمان جدائلها فوق الكتفين " والتي شدت بها الفنانة المصرية نجاة الصغيرة من الحان الموسيقار الأردني الراحل جميل العاص 

أرخت عمان جدائلها فوق الكتفين

فاهتز المجد وقبّلها بين العينين

بارك يا مجد منازلها والأحبابا

وازرع بالورد مداخلها باباً بابا

عمان اختالي بجمالك وازدادي تيهاً بدلالك

يا فرساً لا تثنيه الريح سلمتِ لعيني خيالك

يا رمحاً عربي القامة قرشي الحدّ

زهّر إيمانا وشهامة واكبر وأشتد


وكم تراقصت قلوب أهل الاردن عندما شدت الفنانة اللبنانية دلال الشمالي بأغنية ،أردن يا مهد العلا نسبا، يا موطناً قد عانق الشهبا، آمنت فيك على المدى وطناً رغم النوائب يفعل العجبا .

بينما شدت الفنانة القديرة فيروز بأغنية "عمان في القلب"، عـمان في القلب أنتِ الجمرُ والجاهُ ببالي عودي مُرّي مثلما الآهُ

لو تعرفينَ وهل إلّاك عارفةٌ هموم قلبي بمن برّوا وما باهوا

من السيوفِ أنا أهوى بنفسجة خفيفة الطول يوم الشعر تيّاهُ

سكنتُ عينيك يا عمان فالتفتتْ إليّ من عطش الصحراء أمواهُ

وكأس ماء أوان الحرّ ما فتئتْ ألّذُ من قُبلٍ تاهتْ بمن تاهوا  .

وأنشد شاعر الأردن الراحل حبيب الزيودي، عشرات القصائد والأغاني  الوطنية ومنها

ما شدت به الفنانة أنعام 

يَا حنّة على حنّة

يَا فوح الخُزامى والند.

ويَا ريحة الجنّة

ويا دار بناها العزّ.

لا هانتْ ولا هنّا

أهِلْها جبال فوق جبال

بيها المجد يتغنى

وأمام التحديات التي يواجهها الوطن الاردن ، فان المطالبات بانتاج نشيد وطني للبلاد ، برأيي تعد حاجة ماسة تفرضها علينا ضرورات التربية والتنشئة لمزيد من تكريس حب الوطن والزود عنه والفداء له ، والانتماء لارضه وتاريخه وقيمه وثقافته ومليكه 


الثلاثاء، 11 أبريل 2023

مطلوب مشروع قانون معاقبة الوالدين على جرائم صغارهم

 

مطلوب مشروع قانون معاقبة الوالدين على جرائم صغارهم


سارة طالب السهيل

 شهدت العشرين عاما الأخيرة زيادة مطّردة في جرائم الأطفال والاحداث، بعد خلع  الكثير من الأطفال ثوب البراءة الذي كان يزين قلوبهم ويعطر أرواحهم، ربما تمردا على ذويهم وعقابا لهم لانهم أهملوهم ولم يوفروا لهم الرعاية العاطفية والأمان النفسي، وانشغلوا عن صغارهم بشئونهم الخاصة دون ان يرووا ظمأ الصغار من الحنان والرقابة والتربية السليمة.
 
فلا شك أن غياب الدور التربوي في دعم ومراقبة الأبناء، والتقصير بحقوقهم، وتجاهل احتياجاتهم من الاصغاء اليهم، جعل الصغار موضعا لتربية خارجية من أصدقاء السوء ومن الميديا والأفكار المسمومة التي تبثها مواقع التواصل الاجتماعي والاعمال الدرامية المشبعة بالجرائم والعنف.

والنتيجة وقوع العديد من الأطفال في بحر الجريمة دون خضوعهم للعقاب سوى ايداعهم بعض مصالح الاحداث، فالقاتل الصغير لا عقاب عليه ويفلت من القصاص، كذلك يفلت المسئول عن تحوله الى جاني ومجرم وهما الوالدين.

ولأهمية هذه القضية في كل زمان ومكان فقد نبهنا اليها نبينا المصطفى صل الله عليه وسلم بحديث شريف قال : ( أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ).

فهذا التوجيه النبوي  يوجب على الرعاة القيام بواجب الرعية، في حمايتهم وإرشادهم لمصالحهم الدينية والدنيوية ، وردعهم عن ما يضرهم في دينهم ودنياهم ، فما بالنا برعاية الصغار داخل مؤسسة الاسرة وحرمة التقصير.  

واليوم نجد كثيرا من الاسر تتجاهل اهمية هذا الحديث النبوي في تحديده بما يخص مقالنا مسئولية الرجل والمرأة داخل منظومة الاسرة  وهي ركيزة في حفظ الانفس والعرض والمستقبل والدنيوي والديني معا، مما حدا بالأطفال نحو الانحراف وارتكاب الجرائم.

وفي المقابل فان القوانين الوضعية العربية وغير العربية تخلو من وجود مادة صريحة تجرم إهمال الأسرة في حق أطفالها وعدم رعايتهم بشكل يقي انحرافهم السلوكي، باستثناء دولة الامارات العربية التي أدرجت مؤخرا مادة في قانون العقوبات تجرِّم إهمال الأبوين.

كلنا نعلم حقيقة ان من أمن العقاب أساء الأدب ، وتجاهل الإباء رعاية أبنائهم وصولا الى انحراف سلوكهم ، هو نوع من أمن العقاب الاجتماعي والقانوني للإباء، فتربية الأبناء مسئولية أساسية للآباء لو قصروا فيها يخرج للمجتمع أطفالا مشردين، ويتحول الطفل من نعمة الى نقمة للأسرة والمجتمع ككل.

ومجتمعاتنا العربية اليوم لم تعد تحتمل بأي صورة من الصور وجود أجيال فاسدة تفتك بسلامها الاجتماعي وتزيد من أعباء مشكلاتها المتفاقمة ، ولذلك فان الابوين مسئولين مسئولية كاملة عن رعاية أطفالهم وان قصروا في ذلك فيتوجب محاسبتهم بقوانين حازمة، بحيث يصبح سيف القانون رادعا لضبط سلوك الابوين تجاه مسئوليتهما التربوية
ومع مرور الوقت يصبح السلوك المسئول للأبوين في رعاية الأبناء عادة سهلة وعندئذ يمكن رفع العقوبات القانونية عنهما.

فالوقت الذي يمضيه الابوان مع اصدقائهما أو تواصلهما بالأصدقاء عبر مواقع الاجتماعي لساعات طويلة أولي به ان يتوفر للأبناء لنصحهم وارشادهم وتوجيههم ومراقبتهم  واشباع احتياجاتهم العاطفية أيضا ومصادقتهم حتي لا يصادقوا أصحاب السوء.

ناهيك عن بعض الآباء و الأمهات الذين يتعمدون افساد أطفالهم لأغراض مادية و يعلمون أطفالهم التسول والسرقة والانحراف الأخلاقي والسلوكي وترويج وبيع المخدرات ويعلمونهم الاتجار بالجسد والكثير من الاعمال غير الأخلاقية وغير قانونية، ووصل الأمر لاستخدام الكبار لأطفالهم تحت السن القانوني لتنفيذ الجرائم بدلا عنهم وذلك بسبب ان الأطفال ليس عليهم عقوبة في القانون سوى الإصلاحية فيستخدمون الأطفال بالسرقة والقتل وترويج المخدرات ونقل الأسلحة والعمليات الإرهابية في بعض البلدان وذلك كله نيابة عن الكبار الذين حرضوهم ودفعوا بهم الى الجريمة.

ومن هنا مطلوب اصدار قانون جديد يحقق مع الأطفال واهاليهم عند وقوع أي جريمة او اختراق لأي قانون وان كان الفاعل طفل فالعقاب يأخذه عنه الاهل او احد الابوين حسب ما يرى القاضي معطيات القضية والاحداث.

ومن هنا نمسك عصفورين بحجر اول عصفور ان يتوقف الاهل عن دفع وزج الأطفال لفعل الجريمة وثاني عصفور هو معاقبة الاهل على سوء التربية حتى لو لم يكن دفعهم للجريمة مباشر وانما التربية الخاطئة والإهمال أدى الى نفس النتيجة

الخميس، 6 أبريل 2023

اليمن السعيد أطفاله يموتون جوعا

 

اليمن السعيد أطفاله يموتون جوعا


سارة طالب السهيل

أعيدوا اليمن سعيدا، فالطفولة في اعناقنا جميعا ..

اليمن بقعة عربية طاهرة من أرضنا العربية شهدت حضارة خالدة ، وشعبها من أطيب الشعوب واكثرهم رقة وعلماؤها الاعظم فقها ، ومع ذلك ابتلوا بالحرب ، عقب ثورات الربيع العربي  وفجأة دون سابق انذار تحولت أرضهم الطيبة التي دعا نبينا محمد صل الله عليه وسلم لها قائلا  : " بارك الله في يمننا ".

الى ساحة حرب، وطبعا عمل أباطرة السلاح على استمرار الحرب باليمن تحقيقا لمكاسبهم المالية على حساب شعب وأطفال عزل فقراء ومنكوبين ، واستمرار الحرب طوال هذه السنوات  قضى على مصادر الطعام ، فالمصائد السمكية لا تعمل الا بطاقات محدودة وكذلك المناطق الزراعية تأثرت بفعل أتون الحرب وفوضويتها ، مما جعل  اليمن تحتل المركز الثاني عالميا بقائمة الدول معاناة من انعدام الامن الغذائي.

المؤسسات الدولية رصدت هذه الازمة مؤكدة ان اكثر من 16 .2 مليون يمني  يعانون من انعدام الامن الغذائي بحسب “WFP”  ، وأن حوالي 3.2 مليون طفل يمني دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد  بحسب “OCHA”.

ورصدت منظمة "إنقاذ الطفولة" ، بتقرير لها  ديسمبر 2022 ، انعدام الأمن الغذائي باليمن  بما في ذلك سوء التغذية الحادة وارتفع هذا العدد العامين الماضيين إلى 6 ملايين شخص من 3.6 مليون، بزيادة قدرها 66 بالمئة".

وكشفت المنظمة نفسها حقيقة  أن اطفال اليمن يواجهون سوء التغذية والموت بسبب ضعف أجسامهم وتعرضها للاصابة بالأمراض ، فضلا عن  أن سوء التغذية يترك على الناجين من الأطفال آثارا تدوم مدى الحياة ، بما في ذلك ضعف النمو البدني والنمو المعرفي .

ولا يوجد مبرر منطقي لازمة الجوع باليمن او غيرها من البلدان سوى غياب العدالة الدولية والمحلية ايضا ، هذا الغياب جعل اكثر من 80% من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر ، ووفقا لبرنامج الغذاء العالمي فان سوء التغذية سيضع جيلا بأكمله من أطفال اليمن على المحك ، بعد أن بلغ سوء التغذية الحاد أعلى مستوياته وأهل معظم الأطفال للوقوع في شرك الجوع.

المجتمع يتحمل مسؤولية جوع اطفال اليمن بفعل نقص تمويل الدعم المالي والغذائي ، ونهب التبرعات او توزيع المساعدات على غير مستحقيه خاصة الاطفال ، ولم تجد منظمة اليونسيف المختصة بالطفولة سوى مطالبة المجتمع الدولي زيادة الدعم المالي لاعادة المشاريع الاغاثية المتوقفة والمساعدات الغذائية والصحية لاطفال اليمن .

وللاسف فان الفساد داخل المنظمات الدولية جعل المتاجرة بمعاناة اليمنيين وهدر التبرعات لسد نفقاتها إلإدارية ، بحسب ما أكدته الوطن العدنية حين كشفت عن فضيحة لبرنامج الغذاء العالمي تجسدت بوصول شحنة دقيق تالفة "مسوس" الى عدن ، مما جعل هيئة المواصفات وضبط الجودة اليمنية تحتجز الباخرة لإتلاف الحمولة الفاسدة.

وبحسب منظمة سياج لحماية الطفولة ، في بيان لها عام 2018 فإن المجاعة تجتاح أغلب محافظات اليمن وتحصد أرواح مئات الأطفال ، وتهدد مئات الآلاف بالموت جوعاً ، بفعل انعدام سبل المعيشة ونهب أموال المساعدات الإنسانية .

فالمساعدات الإنسانية الدولية تتعرض لعمليات نهب منظم ، وما يعلن عنه منها اعلاميا تذهب غالبيته إلى غير مستحقيه الفعليين ، و أن متوسط من يحصلون على مساعدات إنسانية حقيقة لا يتعدى 10% تقريباً من إجمالي المستحقين الفعليين .

أمام هذه الكارثة ، فلابد من الاسراع من مراجعة السياسات المعمول بها في توزيع المساعدات على شعب اليمن وأطفاله الجوعى ، وكشف شبكة المنظمات المحلية والدولية والمسئولين الحكومين باليمن التي تنهب المساعدات الانسانية لهذا الشعب المنكوب ، ومحاسبة المسئولين عن سرقة ونهب المساعدات الدولية لليمن .

ونأمل تخصيص مسئولين شرفاء محايدين يتولون توزيع المساعدات الاغاثية لاطفال اليمن بعيدا عن أجندات خاصة باطراف الصراع او اصحاب المصالح والتصنيفات المذهبية أو السياسية .

اما على الصعيد العربي والاسلامي ، فان منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدولة العربية مطالبين على وجه السرعة بتدشين حملة لانقاذ أطفال اليمن ، وفتح باب التبرعات لجمع الاموال السريعة  وكل أشكال المساعدات الغذائية والصحية من أثرياء العالمين العربي والاسلامي ومن المؤسسات الاقتصادية الكبرى المنتشرة في بلادنا ومن كبار الفنانين والشخصيات الاعتبارية الثرية .

والاهم هو تخصيص جهة شريفة تتولى توزيع هذه المساعدات على منكوبي اليمن خاصة الاطفال ، وعلى كل الدول العربية ارسال قوافل طبية عاجلة لانقاذ اطفال اليمن من امراض سوء التغذية الحاد والجوع