الخميس، 20 سبتمبر 2018

صرخة لأصحاب الضمائر الحية لإنقاذ حق 4 ملايين طفل لاجىء

صرخة لأصحاب الضمائر الحية لإنقاذ حق 4 ملايين طفل لاجىء

 
سارة طالب السهيل

لا تزال المقولة الشهيرة لعميد الادب العربي طه حسين "إن التعليم كالماء والهواء" التي لخصت أهمية التعليم وتوفيره كحق أساسي من حقوق الانسان هي الأساس المعتمد في حماية البشرية من ظلام الجهل والأفكار الهدامة والارهابية.

فالتعليم يحقق لكل الشعوب والمجتمعات قيم التنوير والتعايش السلمي ويسهم في القضاء على الفقر والبطالة، بينما يقود الجهل الى انتشار التطرف والإرهاب.
ولذلك فان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ اعتماده في باريس في 10 ديسمبر 1948 قد حدد حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالميا ومنها الحق في التعليم وفقا للمادة ( 26)، وكذلك اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين فقد اكدتا على ان التعليم حق أساسي من حقوق الانسان، فالتعليم يحمي الأطفال والشباب اللاجئين من التجنيد القسري في الجماعات المسلحة وعمالة الأطفال والاستغلال الغير أخلاقي وزواج الأطفال، كما انه يمنح اللاجئين المعرفة والمهارات اللازمة ليعيشوا حياة منتجة ومثمرة ومستقلة.

غير ان الواقع المعاش يبرز وقائع مريرة يعيشها اللاجئون ويكشف عن حرمان الكثيرين من اللاجئين من حق التعليم، وهو ما تؤكده الإحصاءات الدولية وأن نسبة أطفال اللاجئين المحرومين من التعليم حول العالم تتجاوز نسبة أقرانهم من غير اللاجئين بخمس مرات. وهناك أطفال لم يدخلوا المدارس، وكل ذلك بسبب أزمات نقص التمويل.
واليوم أرى أثرياء العالم يزدادون ثراءا ومع ذلك لا يهبون لنجدة اللاجئين وتخصيص ولو1% من ارباحهم في دعم تعليم اللاجئين عبر تمويل المؤسسات الدولية المعنية بذلك، ولا أدري لماذا لا يشعر هؤلاء الأثرياء بالمرارة التي يعيشها اللاجئون وحرمانهم من التعليم وهي كارثة كشف عنها مؤخرا التقرير السنوي الثالث للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من أن 4 ملايين طفل لاجئ، لا يرتادون المدارس، وبزيادة بلغت نصف مليون طفل، خلال عام واحد فقط.

ولاشك ان زيادة الحروب والنزاعات في المنطقة العربية خلال السنوات السبع الماضية قد ساهم بشكل كبير في زيادة عدد اللاجئين ومن زيادة حاجتهم للتعلم في دول اللجوء، ولذلك أوضحت المنظمة الدولية، في تقريرها، أنه رغم الجهود التي تبذلها هي والحكومات، إلا أن تسجيل الأطفال اللاجئين في المدارس، فشل مع تزايد أعداد اللاجئين.
ففي نهاية العام الماضي، كان هناك أكثر من 25.4 مليون لاجىء حول العالم، منهم 19.9 مليون تحت رعاية المفوضية، وأكثر من نصف هؤلاء وبنسبة تصل إلى 52 % هم من الأطفال وبينهم نحو 7.4 مليون طفل في سن المدرسة.
وهذا يعني بالطبع إن مستقبل هؤلاء الأطفال ومجتمعاتهم، سيواجه مخاطر اجتماعية واقتصادية جمة، خاصة وانه وفق لهذا التقرير الدولي، فانه يلتحق 61% فقط من الأطفال اللاجئين، بالمدارس الابتدائية، مقارنة بـ 92% من الأطفال على مستوى العالم.

تصاعد الازمة

تصاعدت ازمة اللاجئين في الحرمان من التعليم بعد توقف خدمات التعليم التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الاونروا " بعد تخفيض الولايات المتحدة الامريكية لمساهمتها في تمويل الاونروا بنسبة 83%، وهو ما دفع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية الى وصف هذا الامر" بالكارثة".

وهو أمر كارثي فعلا، لأن المساعدات المالية الإضافية التى تلقتها الأونروا لتعويض خفض الدعم الأمريكي، لا يكفي لسد العجز الحاد في الاحتياجات المالية لهذه الوكالة، حيث قدرت حجم حاجتها الى أكثر من 200 مليون دولار لإكمال السنة. وغياب تأمين هذه المخصصات المالية سيؤدي الى توقف الكثير من المدراس الفلسطينية.

وانني أضم صوتي لكل الشرفاء في العالم ومنهم الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، برفض القرار الأمريكي بمنع الدعم عن (الأونروا) والتأكيد على مخالفته لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (302) لسنة 1949، الذى ينص على وجوب قيام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين.

وهنا يجب التوجه بالتحية الى المملكة الأردنية الهاشمية لدعوتها الى عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية في القاهرة مع انعقاد الدورة العادية لمجلس الوزراء لبحث سبل مساعدة أونروا ماليا وسياسيا، بجانب تنظيم الأردن بالتعاون مع الوكالة والسويد واليابان وغيرهم مؤتمرا لدعم الأونروا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الجاري؛ لحشد الدعم المالي والسياسي لأنروا ودورها.

وعلى الشرفاء من رجال الاعمال في العالم شرقا وغربا ان يسرعوا في تقديم تبرعاتهم للمؤسسات الدولية المعنية بإغاثة اللاجئين وكذا لوكالة الاونروا لتوفير التعليم لكل أطفال اللجوء تصديقا لحق الانسان في التعليم.

الاثنين، 10 سبتمبر 2018

احتجاجات اهل البصرة مشروعة .. ولكن !


احتجاجات اهل البصرة مشروعة .. ولكن !

سارة طالب السهيل

بالرغم من ان محافظة البصرة هي المنتج الأول للنفط في العراق ومن ثم خيراتها كثيرة غير انها لم تستفد من هذه الخيرات والعوائد المالية للنفط في حل مشكلاتها المتفاقمة منذ سنوات خاصة ازمة شح المياه والكهرباء ونقص الخدمات.
فمعاناة اهل البصرة من شح المياه والخدمات ليس وليد اليوم، بل هذه ازمة ترجع لسنوات طويلة، ومع استمرار الصراعات السياسية والحروب فيها فقد زادت معاناة أهلها، في الوقت الذي لم يهتم فيه المسئولون على اختلاف الحكومات بحل مشكلاتها المتواصلة عاما بعد أخر بشكل يقلص ـ على الأقل ـ من معاناة سكانها.
فاليوم اهل البصرة يعانون من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب والاستخدام الآدمي، بل وأصيب الكثير منهم بالأمراض نتيجة تلوث المياه وغياب كبير للخدمات في الكهرباء والرعاية الصحية، ناهيك عن أزمات البطالة الناتجة عن تأثيرات سنوات الحرب والإرهاب الداعشي، وكانت النتيجة الطبيعية ان ينفجر الناس من الداخل، وعبروا عن انفجارهم الداخلي بما شهدناه من احتجاجات وتظاهرات.
ورغم انني أؤيد حق اهل البصرة بالمطالبة بحقوقهم في حياة كريمة من مأكل مشرب ورعاية صحية وخدمات كالكهرباء والاتصالات غيرها، ولا اعترض اطلاقاعلى خروجهم في هذا التظاهرات لدق ناقوس الخطر ودفع المسئولين الإسراع في إيجاد حلول عملية لأزماتهم الصحية والمائية الا انني أقف امام تجاوز التعبير بالاحتجاج السلمي الى اثارة اية اعمال شغب من شأنها ان تدمر أي منشأة او مصلحة حكومية او خاصة مملوكة لأي مواطن عراقي والا تحولت العراق مجددا الي نيران من الفتنة طالما عانينا منها، والي فوضي نسعي جاهدين للتخلص من أثارها ونرفض اشتعالها.كما ان هذه المنشآت هي ملك للعراقيين و ان لم ينتفعوا منها سابقا فبالمطالبات الشرعية للحقوق سينتفع منها المواطنين عاجلا ام اجلا لهذا ليس من الصحيح تدمير اموالكم و ماهو ملك لمواطنين
نعم الناس في البصرة غاضبون يعانون يتألمون يطالبون بحقوقهم المشروعة في وطنهم المحرر حديثا من إرهاب الدواعش، وعبرت غضبتهم عن صراخ ألم المعاناة اليومية التي يعيشونها، وتدمي قلبي وقلب كل عراقي مخلص، خاصة اذا ما أضيف لهذه المعاناة ما يشعرون به من احباط ناتج عن الفساد الذي يجب ان تسرع الحكومة العراقية في اقتلاعه من جذوره.
وفي تقديري ان كل المسئولين بالعراق مطالبون بالإسراع لإخماد نيران فتن الفساد، ومحاسبة كل من يتورط فيه بالأحكام العقابية المشددة. واتصور ان المسئولين مطالبين بإعلان حالة الطوارئ في البصرة خطة عمل شاقة أولا لعلاج من أصيبوا بتلوث المياه، والتعاون مع دول الجوار العربية و الغير عربية عبر اتفاقيات تعاون لإيجاد حلول سريعة وعملية لإنقاذ اهل البصرة من العطش وتلوث المياه.
كما ان اهل البصرة في حاجة ماسة لتوفير فرص عمل لتقليص نسب البطالة بين شبابها، وهنا ادعو رجال الاعمال الشرفاء الوطنيين للإسراع في إقامة مشروعات اقتصادية عاجلة لتوظيف قدرات الشباب العاطل عن العمل حتي ولو في مهن بسيطة حتى يستعيد العراق عافيته الاقتصادية.
ولعلي أؤكد ان انفجار اهل البصرة في شكل تظاهرات يظل حقا مشروعا، ولكنه ليس مشروعا ولا مقبولا ان يتجاوزوا حدود الاحتجاج السلمي الي قيام البعض بأعمال فوضي اقتحام مؤسسات نفطية والاضرار ببعض المبانٍ والممتلكات الحكومية والاقتصادية.
ولا شك ان سقوط جرحى ومصابين في صفوف المحتجين المواطنين العزل خلال عمليات فض هذه التظاهرات يعد شيئا مؤسفا لا نتمنى وقوعه في أي وقت، فدم الموطن العراقي غالي واصابة أي فرد فيه وجرحه هو جرح للوطن كله، لكن هناك ضرورات أمنية تدفع الأجهزة الأمنية لوقف الاحتجاجات الفوضوية التي تدمر المصالح العامة الا انها يجب ان تكون محكومة بمعايير حقوق الانسان و الالتزام بقوانين حرية التعبير و حق المواطن بالمطالبة بحقوقه الشرعية التي تاخرت عليه كثيرا.
في تقديري انه كان بمقدورنا تجنب ما وصلنا اليه من انفجار شعبي، لو ان المسئولين استجابوا لحقوق سكانها المشروعة في توفير الخدمات الأساسية اللازمة لحياتهم اليومية، وعلى ذلك فان اول خطة ينبغي اتخاذها في معالجة هذه الازمة هي محاسبة المتورطين فيها وهم المقصرين في أداء وجباتهم بحق اهل البصرة.
واظن ان القرارات السريعة التي اتخذتها الحكومة الاتحادية لاحتواءها عبر تشكيل لجنة وزارية لمتابعة الأوضاع في المحافظة، خطوة على طريق الإصلاح تبعها اعلان وزارة النفط عن توفير10 آلاف درجة وظيفية على قطاع النفط لأبناء المحافظة في أسرع وقت اتمني ان يتم التوظيف اليوم قبل الغد.
اعتقد ان الأوضاع المأزومة بالعراق خاصة بالبصرة تحتاج أكثر من أي وقت مضي الى التحلي بالحكمة واعمال القانون، والإسراع بحل مشكلات الناس وانهاء معاناتهم قدر الاستطاعة في محاولة سريعة لامتصاص الغضب الشعبي من ناحية، ولتطبيق حقوق الانسان في حياة كريمة في وطنه الذي لا يعرف غيره.قبل ان تتزايد نسبة المهاجرين بلا عودة الى بلاد الغربة هربا من الظلم المادي و الاجتماعي و الخدمي
ولعل اسراع الحكومة العراقية بإعلان التحقيق في حادث إصابة بعض المتظاهرين من البصرة خطوة مهمة في سياق الحفاظ على كرامة المواطن العراقي وحفظ دمه وروحه.
كما ان الحكومة العراقية مطالبة ببذل اقصى جهدها وتسخير طاقتها وعلاقاتها وخبرائها المتخصصين في حل مشكلة ملوحة المياه بالبصرة، ولعل بشائر الخير قد تحقق قربيا بعد اتفاق العراق مع جارته ايران في يوليو الماضي على انشاء سدّ على شطّ العرب لمواجهة أزمة ملوحة المياه، في منطقة أبو فلوس.
نعم انها خطوة عملية لحل ازمة المياه لكنها للأسف تأخرت كثيرا ولولا الضغط الشعبي لما تم التوصل لهذا الاتفاق. وهنا ادعو كل المسئولين بالعراق الى ضرورة الإسراع بحل مشكلات البلاد في جانب من جوانب الحياة اليومية للمواطنين قبل ان تنفجرالأوضاع وان نستفيد من أخطائنا السابقة ونحول دون انفجار الغضب الشعبي في اية منطقة من مناطق العراق الحبيب

الاثنين، 3 سبتمبر 2018

السينما والدراما العراقية واشراقات الامل في استعادة نهضتهما


السينما والدراما العراقية واشراقات الامل في استعادة نهضتهما
سارة طالب السهيل

يمثل الفن السابع والدراما حلقتان مهمتان من حلقات تشكيل الوعي والوجدان والاستنارة في المجتمع العراقي، و قد انفتح العراق على فنون العصر الحديث ارتباطا بتطوير ثقافته وتنوع مصادر فنونه، ولا غرابة في ذلك خاصة وان العراق هو مهد الحضارات القديمة البابلية والسومرية والآشورية، وقد انفتح عصريا على الفضاء السينمائي مطلع القرن العشرين، وعلى الفضاء الدرامي منتصف القرن العشرين.
بل ان العراق شهد انشاء تلفزيون في بغداد عام 1956، ليكون اول تلفاز في العالم العربي والشرق الأوسط، واعتمد في خطواته الاولى على تقديم تمثيليات على الهواء مباشرة كانت تقدمها الفرق المسرحية الشهيرة في البلاد أنذاك.
ارتبط الإنتاج الدرامي بدعم الدولة التي وظفته بدورها لخدمة توجهاتها مما أدى الى غلبة الخطاب الفني المباشر في توجيه مشاهديه خاصة في أوقات الحروب، ورغم ذلك فقد عمل انجازات فنية كبيرة في حقبتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي والتي لا تزال حاضرة في ذاكرة العراقيين حتي اليوم مثل مسلسل "الدهانة"، ومسلسل " ابو طبر"، بجانب مسلسلات:" سامكو "، "امطار النار" "عالم ست وهيبة"، " حب وحرب"، "وتحت موس الحلاق، " ، " النسر والذئب وعيون المدينة "، " حكايات المدن الثلاث "، "فتاة في العشرين "، " رائحة القهوة"، ... وغيرها ، بجانب بعض الاعمال الحديثة مثل : " فاتنة بغداد " و"أعماق الأزقة ".... وغيرها.
أما دراما العراق في الماضي القريب تعاني الكثير من تراجع الحضور في المشهد العربي، وربما كانت لسنوات الحروب الراهنة تأثير كبير على تطور حركة الدراما العراقية وعجزها عن المنافسة في الساحة المحلية والاقلمية.
وللأسف فانه بعد ان كانت الدراما العراقية اكثر تميزا وكانت تحتل المركز الثالث بعد مصر وسوريا خاصة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي عندما كانت الدولة تمول إنتاجها، إلا أنه بعد أن رفعت الدولة يدها عن الإنتاج الدرامي فقد أخذت في التراجع والتدني خاصة خلال السنوات الأخيرة التي كان العراق يعاني من ويلات الاٍرهاب و داعش و الفتن المحلية الخارجية أصابها الشلل والجمود.
فقد لبست الدراما العراقية خلال السنوات الأخيرة (و لا نعمم )ثوب التهريج وافتعال الضحكة في مقابل اغفال أهمية تنمية الذوق والأخلاق وتحقيق المتعة الفنية والمعرفية فغاب عنها الابداع والمتعة معا

أمل جديد
وسط ضبابية المشهد الدرامي العراقي جاءت اشراقات أمل جديد بفتح الباب امام النهوض بالدراما العراقية واحيائها مجددا من خلال المبادرة التي اطلقت مؤخر لدعم الدراما العراقية تحت شعار " الدراما حياة " بدعم من رئيس الوزراء وبالتعاون مع رابطة المصارف العراقية الخاصة والبنك المركزي العراقي وشركتي زين وأسياسيل.


و قد تابعت هذه المبادرة عبر وسائل الاعلام و انا اتابع المثقف النشط و المنتمي الى بلده و ثقافته الشاعر مجاهد ابو الهيل رئيس شبكة الاعلام العراقي مما أسعدني بأننا بدأنا كما يقال بالأثر الشعبي نعطي الخبز الى خبازه فعندما يتملك المثقف و الكاتب زمام أمور الاعلام و الثقافة سنجد اثرا واضحا في التطور و الإنجازات بسبب صدق المسعى و الجهود المبذولة بأمانة بلا كلل للنهوض بالمشهد الثقافي العراقي .



فهذه المبادرة فتحت أبواب الامل امام الكتاب والمخرجين والممثلين في ضخ الدماء في شرايين الفن العراقي عبر صندوق دعم واسناد الدراما العراقية وهي خطوة من شأنها إعادة الاعتبار لدور الفنون في النهوض بالأمة وتعزيز مكانة الفنانين والفن في الارتقاء بالمواطن العراقي عبر تقديم اعمال فنية راقية تسمو به وتداوي جراحه وتنير طريقه وعقله وتنمي وجدانه.
ولعل الإسراع عمليا بإنتاج ثلاثة مسلسلات متنوعة وطنية وكوميدية واجتماعية دفعة واحدة وهي "جفن الردى "، والكوميدي "عائلة خارج التغطية " والمسلسل الاجتماعي "يسكن قلبي " يعني اننا نقف علي ارض صلبة من العمل الجاد لتجاوز محن الماضي وسلبياته.
أتمنى من كل قلبي ان تفتح هذه المبادرة الباب واسعا لاستعادة الدراما العراقية تألقها او يتم التوسع في انشاء الشركات الفنية المتخصصة في مجال الانتاج والتوزيع .

الشاشة الذهبية
اما السينما العراقية فلطالما حققت حضورها في المشهد العربي والعالمي المتميزة في العديد من الاعمال السينمائية منذ انطلاقها قبل ستين عاما، وهذا السنوات تعني انها تمتلك تاريخا وضعها في المركز الرابع في فن صناعة السينما العربية، ويعد فيلم " وعدّ عباس "عام 1946 البداية الحقيقية للسينما العراقية، لأنها سنة انتاج اول فيلم عراقي لعادل عبد الوهاب فيلم ( القاهرة بغداد ) الذي عرض عام 1947 وهو انتاج مشترك وحقق في وقته نجاحاً كبيرا.
غير ان النقاد المتخصصون يعتبرون ان التاريخ الحقيقي للسينما العراقية يبدأ بفيلم " عالية وعصام" باعتباره من انتاج ان الكوادر العراقية كاملا هو فيلم "عالية وعصام " وقد عرض في القاهرة، وعليه فقد تكونت شركة دنيا الفن لصاحبها ياس علي الناصر والتي انتجت فيلم "فتنة وحسن " الذي يتحدث عن الريف العراقي من قبل شركة عراقية مئة بالمئة وهو من انجح الافلام العراقية وقد حصد واردات وصلت الى خمسة اضعاف كلفة انتاجه.
ومع تأسيس مصلحة السينما والمسرح 1959، دخلت الدولة رسميا في الإنتاج لزيد حجم الإنتاج السينمائي العراقي، وانتجت فيلم " الجابي " الذي عرض في عام 1968 ثلاثة افلام كـ "شايف خير" و"جسر الاحرار ".
وحصد فيلم " الحارس " جائزة دولية حينذاك في مهرجان قرطاج وهو من بطولة زينب ومكي البدري، وفيلم "المنعطف " في عام 1975 والذي يعد من آخر افلام القطاع الخاص واهمها وقد عرض في موسكو.
وتوالت الأفلام العراقية المتميزة مثل : " المنعطف، الاسوار، القناص، الجابي، الظامئون، الرأس، المسألة الكبرى، كما حصدت العديد من الجوائز مثل الفيلم العراقي القصير " ميسي بغداد " على الجائزة الفضية في مهرجان بيروت السينمائي بدورته الـ13 وقبلها في اميركا كأفضل فيلم اجنبي قصير على هامش مهرجان الأوسكار، وكذلك الفيلم العراقي "ابن بابل" الذي حصد العديد من الجوائز.


و قد قال لي الفنان المصري سمير صبري عندما التقينا في مهرجان السينما الكاثوليكي المصري حيث كنا أعضاء في لجنة تحكيم الأفلام قبل عدة سنوات ان التعاون المصري العراقي الفني يعود لعام
١٩٤٦عند تأسيس شركة عراقية مصرية باسم شركة افلام الرشيد التي انتجت ابن الشرق الفيلم من اخراج المصري نيازي مصطفى و تمثيل مديحة يسري ونورهان وبشارة واكيم ومن العراق المطرب الريفي حضيري ابو عزيز وعزيز علي وعادل عبد الوهاب و قد حقق نجاحا رهيبا حيث عرض في سينما غازي




لم يكن اهتمام العراقيين بالسينما أمرا حديثا فقد كان والدي الشيخ طالب السهيل احد المساهمين في سينما النصر في بغداد في العهد الملكي رغم اصوله و انتمائاته العشائرية المحافظة الا ان الشعب العراقي بفطرته مجبول على حب الفنون و الثقافة و الآداب
وفي تقديري ان السينما العراقية بحاجة هي الأخرى الي تقديم الدعم المادي والفني لها لاستعادة تألقها ومنافساتها عربيا وعالميا، وذلك من خلال دعم القطاع السينمائي الخاص وتحفيزه على انتاج أفلام جديرة بالتقدير، مع الاستفادة من المخزن الروائي والقصصي العراقي وتحويله الى أفلام، ومن المعروف ان الاعمال السينمائية المأخوذة عن اعمال روائية تحقق نجاحات كبيرة عند تحويلها لسيناريو سينمائي وعرضها على الشاشة الذهبية.
وفي ظني اننا بحاجة ماسة الى التوسع في انشاء معاهد للتمثيل وورش لكتابة السيناريو بجانب الحاجة الى بناء المزيد من الاستديوهات السينمائية الحديثة، كذلك انشاء دور العرض السينمائية، مع نشر الثقافة السينمائية بالنوادي ومراكز الشباب حتى يتشكل لدينا جيلا واعيا بأهمية السينما لا سيما في المدارس و الكليات