الأربعاء، 23 سبتمبر 2020

المرأة الأديبة تمشي على الأشواك

 تبدو المرأة التي تقتحم ميدان الإبداع الأدبي في ظاهرها أكثر جذبا وإشراقاً لمن يتأملها عن بعد من القراء، وذلك بحكم ما يوفره مجال الأدب للمبدع من انفتاح على روافد ثقافية عديدة، وربما حباه الله ملكات إبداعية تمنحه خصوصية يتفرد بها عن غيره، فضلاً عن المكانة التي يحظى بها المبدع لدى الجمهور المتلقي أو في وسائل الإعلام التي تضعه في دائرة الضوء.


الحقيقة أن طريق المرأة في الوصول إلى تعاطي الأدب وإبداعه ليس مفروشاً بالورود كما يظن الكثيرون، فهي تمشي فوق الأشواك لسنوات حتى تصل لقطف الورود، حيث تصادفها صعوبات شديدة التعقيد في رحلتها الأدبية، وما إن تفلح في تجاوز عقبة منها حتى تصطدم بعقبات أخرى أشد صعوبة. وربما يتبادر للأذهان عند الحديث عن الأشواك التي تمشي عليها الأديبة أنها تنحصر في بعض الموروثات الثقافية التي تقف حجر عثرة أمام حرية إبداع المرأة، وذلك بحكم ما درجت عليه الثقافة العربية من اعتبار المرأة كائناً مصوناً ل ايجوز له البوح عن مكنونات ذاته الإنسانية، بينما يتاح البوح للرجل المبدع، والحقيقة أن هذه الإشكالية قد تجاوزتها مجتمعاتنا العربية في بعض البلدان والمناطق والبيئات ، وقد نجحت العديد من الأديبات في أن يفرضن أصواتهن الإبداعية على الساحة في منافسة شريفة مع الرجل، وتقبلها المجتمع قبولاً حسناً، ولكن تبقى الأشواك الأخرى التي تصادفها المرأة في رحلتها الأدبية، فهي تسعى جاهدة لتزويد نفسها بزاد قوي من الثقافة المتنوعة التي تخلق لديها فكراً ورؤية تنطلق منها لساحة التعبير الأدبي، وما إن تمتلك الأدوات الفنية للإبداع حتى تنطلق والأمل يحدوها لتحقيق مجد أدبي في أجل زمني قصير لكنها تصطدم بالمشهد الثقافي الذى لا يعترف بالأصوات الشابة، خاصة أن عالمنا العربي يخلو من وجود مؤسسات تتبنى المواهب، وبالتالي لا يبقى أمامها من خيار سوى أن تحفر في الصخر لإثبات قدراتها الأدبية إلى حد الاضطرار إلى طبع مؤلفها على نفقتها الشخصية، ليكون بمثابة برهان مادي على إبداعها تحصل به على صك اعتراف بموهبتها .
ولأن الساحة الثقافية ـ شأن جميع القطاعات الأخرى ـ تحكمها العلاقات الشخصية والشللية والواسطة، فإن الأديبة الجادة تعاني الأمرين في الوصول إلى دور نشر تتبنى إنتاجها، وربما يكون الرجل أوفر حظاً في هذا الميدان بحكم ما يوفره له تكوينه الذكوري من سهولة إقامة علاقات شخصية سريعة ومتنوعة لا ينتقدها المجتمع وتفتح له الطريق لنشر إبداعه بسهولة، وذلك بخلاف المرأة التي تتحسب كثيراً عند إقامة علاقات عامة خشية موروثات ثقافية شديدة التعقيد لا تتحمل المرأة سلبياتها .

ولا تتوقف العقبات عند هذا الحد، بل تزداد تعقيداً عندما تتزوج المرأة الأديبة وتصبح مسئولة عن رعاية أسرة كاملة تحتاج منها وقتاً أطول لرعاية الزوج وتلبية احتياجات الأطفال اللانهائية، وأمام واجبها المقدس تجاه الأسرة فإنها تنفق معظم وقتها في رعايتها، ولكنها في المقابل تبذل جهداً مضاعفاً خلال زمن قصير في مواصلة تنمية ثقافتها ، ومواصلة رحلة الكتابة . وهي وسط ذلك كله تجاهد من أجل اكتساب رزق من خلال أي عمل يوفر لها سبل الإنفاق على مؤلفاتها، وذلك حتى لا تكون عبئاً على أسرتها . اعتقد أنه لولا الإيمان الراسخ لدى المرأة برسالة الأدب ما كانت تولدت لديها القدرة والتحمل على المشي فوق الأشواك .

هذا لو تجاوزنا فكرة غيرة الاب والاخ والزوج من نجاح المرأة التي تأتي أحيانا خوفا منها و خوفا عليها و غيرة منها و غيرة عليها فيقف بعض الرجال المحارم عقبة كبيرة في مسيرة الاديبة المبدعة وبالأخص الزوج والاخ كون الاب اكثر موضوعية وخبرة وحنان اتجاه ابنته
فمن هنا نطلق صرخة لنجدة المبدعة العربية والاخذ بيدها لتجاوز كل هذه العقبات بتغيير الموروثات الاجتماعية والعائلية في البيت والمؤسسات ودعم المرأة المبدعة بالمجالات المطلوبة

الأحد، 6 سبتمبر 2020

نجاح التعليم الرقمي خلال كورونا لا يلغي خطورته على مخ الصغار

 قدم التعليم الرقمي حلولا مهمة للعديد من مشكلات العملية التعليمية ،وأبدع مبتكرو التعليم عن بعدعبر شاشات الكمبيوتر والتابلت ابتكارات تعليمية ساهمت في حل صعوبات التعلم ،وزودت الطلاب بمهارات مهمة ودقيقة في البحث ،واكتشاف المعلومة ومقارنتها بغيرها بما يساعد على النقد والتحليل.


وجاءت أزمة وباء كورونا ليصبح التعلم الالكتروني ملاذا وحيدا لاتمام العام الدراسي في ظل عزلة عن العالم الا من خلال شاشات التابلت والكميبوتر وغيرها من وسائط التكنولوجيا الرقمية ،في مقابل الاستغناء نهائيا عن الورقة والقلم والطباشير والسبورة (اللوح) و الالواح البيضاء والكتاب الورقي في العملية التعليمية.

في المقابل ، فقد الطلاب عنصرا من أهم عناصر العمليةالتعليمية ، وهي التفاعل الانساني بين الطلاب والمعلم ،وبدا الطلاب وكأنهم عبرعملية التعلم الرقمي يتلقون علومهم عبر انسان آلي يفتقر للمشاعر والاحاسيس القلبية والروحية التي تزرع قيم العلم وتكرسه في منبت التربة الانسانية .

في هذا السياق ، استوقفني تقريراً في جريدة «نيويورك تايمز» الأميركية يشير إلى أن كبار صنّاع التكنولوجيا في العالم يحرصون على تدريس أبنائهم بمدرسة خاصة تمنع كل أشكال التكنولوجيا.

حيث أن مديرين في «جوجل» و«أبل» و«HP» و«eBay» يسجّلون أبناءهم من الحضانة إلى الثانوية بمدارس «فالدورف» الألمانية، التي تمنع منعاً قاطعاً استخدام التلاميذ الشاشات أو التابلت أو الكمبيوترات؛ وتحرم على الطلبة استخدام الآلات الحاسبة ، رافعة شعار: التكنولوجيا يمكنها أن تنتظر.

تستخدم هذه المدارس أدوات التعليم التقليدية كالسبورة والطباشير ، والطين الموجودة في حديقةالمدرسة ،وترى ان القلم والورقة وإبر الخياطة وأدوات الحياكة والطين هي وسائل التعليم الأمثل ، فهي تعلّم اللغات عبر الكتابة أو الأنشطة المدرسية الممتعة؛ فيطلب المعلم من الطلبة تشكيل الحروف بأجسادهم أو رسمها بالهواء، ويتعلم طلبة الصف الخامس الابتدائي الحياكة ويحاولون إنتاج جوارب صوفية كوسيلة على فهم النماذج والرياضيات والهندسة وحل المشاكل ذاتياً.

وتتولى هذه المدرسة الالمانية تدريس الرياضيات بطرق تراها مبتكرة بعيدا عن التلقين ، فجدول الضرب و القسمة والكسور المقرر على الصف الثالث يتعلمه الطلاب باستخدام المسامير أو الفاكهة، كذلك الكسور والقسمة يتم تدريسها للتلاميذ من خلال قوالب الكعك أو الحلويات، فيطلب من الطالب استخراج «واحد فاصلة ستة بالعشرة» من الكعكة التي أمامه ليأكلها.

وعلى الرغم من عدم اعتماد المدرسة على التكنولوجيا، كما يشير التقرير ،فإنها حققت نتائج متقدمة؛ بالتحاق 94 % من خريجيها بالجامعات في الفترة الواقعة ما بين عام 1994 إلى 2000م.

هذه المدرسة حققت نجاحات تعليمية مبهرة حتى صار لها في غضون العشرين عاما الماضية ألف فرع منتشر في العالم منه فرع وحيد بالعالم العربي موجود بالقاهرة ،علما بأن تكلفة التعليم بهذه المدارس باهظةوتبلغ 18 الف دولار لمرحلة رياض الاطفال .

خطورة الموقف

بموجب هذا التقرير ، فان التعليم الرقمي يدمر التعليم نفسه ويخلق اجيالا
لا تتلقى تعليما تربويا ونفسيا صحيا ،وهو ما أدركه صناع التكنولوجيا من خطورة التابلت والكمبيوتر على الأطفال فدفعوا آلاف الدولارات وأبعدوا أولادهم عنها.
في حين ان التعليم في بلادنا العربية قديما كان يعتمد على هذا النهج الالماني الحديث في التعلم ،حيث يتعلم الاطفال عدد الارقام ومضاعفتها بحبات الفول وما شابه .
مما يؤكد ذلك ما لاحظه المعلمون بمدرسة هيرمان لايمباك الابتدائية في مدينة ساكرامنتو بولاية كاليفورنيا ،ان التلاميذ حاليا يجدون صعوبة كبيرة في قراءة نص معقد أو طويل دون فواصل مستمرة. أما في الماضي فكان الطلاب أكثر اعتيادا على متابعة النص لأمد أطول.
و أكد باحثون بأنحاء مختلفة من العالم على خطورة الهواتف الذكية ومتابعة الوسائط المتعددة على التركيز ،ومنهم جيم تايلور، مؤلف كتاب "تنشئة جيل التكنولوجيا"، قائلا إن هناك "كما متناميا من الأدلة الواضحة - على أن التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي والوصول الفوري للإنترنت والهواتف الذكية تضر بقدرة الأطفال على التركيز. إننا نحدث تغييرا جذريا على الطريقة التي يفكر بها الأطفال وطريقة نمو مخهم".
.......
و اكثر خاسر في عملية التعليم عّن بعد هم الاطفال دون سن الست سنوات و بالاخص اطفال الروضه لانهم يحتاجون و بشدة للتدريب و التعليم المباشر خاصة انهم مازالوا في بدء المشوار كما ان التعليم عّن بعد يفقدهم متعة بناء العلاقات و الصداقات و و التجارب الانسانية و التعرف على الحياة بخوض تجاوب تناسب عمرهم وليس من خلف الشاشات
.....
كما ان القضية الاكثر اهمية من وجهة نظري هي كيفية اتمام عملية التعليم عّن بعد في الكثير من البلدان العربية التي تعاني الفقر و العوز و الجهل بالتكنولوجيا كما ان هناك مناطق نائية في البادية و الريف لم يصلها الانترنت ناهيك عّن ثمن الكمبيوتر او التابلت او الايباد او الهاتف وهي الادوات المستخدمة في هذه المنظومة فكيف لطفل ليس لديه ثمن قسط المدرسة او حتى كتاب و ربما رغيف خبز ان يشتري هذه الاجهزة الباهظة الثمن و يشترك في باقات الانترنت !هذا لو افترضنا ان الانترنت قد تم ايصاله لهذه المناطق .
اعتقد ان توزيع الاجهزة على الاطفال الاقل حظا امر واجب في حال فرض عملية التعليم عّن بعد حتى يكون العدل و الانصاف للجميع فالوطن ليس فقط المدارس الخاصة و الاجنبية و الاحياء الراقية الوطن هو البادية و الريف و القرى و الاحياء الشعبية فهم الذين يشكلون الاغلبية التي يجب النظر الى حالها
...
القديم يكسب
أشارت العديد من الدراسات إلى أن الفصل الدراسي بشكله التقليدي قد يؤدي إلى نتائج أفضل ،ومنها دراسة أجرتها كلية لندن للاقتصاد عام 2015 كشفت فيها عن أن درجات اختبار الثانوية البريطانية قد تحسنت حين منعت مدارس ببرمنغهام ولندن وليستر ومانشستر استخدام الهواتف في الفصول الدراسية.
ويستشهد ويليام كليم، أستاذ علم الأعصاب ومؤلف كتاب "دورة مهارات التعلم"، بدراسة أجريت عام 2014 ووجدت أن الطلاب الذين دونوا الملاحظات تدوينا يدويا كاملا كانوا أفضل من الذين استخدموا الكمبيوتر المحمول في استذكار للمعلومات.

وتخلص معظم الدراسات التي أجريت في هذا الشأن الى ان استخدام التقنيات بالمدارس لا يمكن ان يكون بديلا عن التعليم المباشر بواسطة المعلم لما يوفره من تفاعل مباشر مع الطلبة والتلاميذ .

وكشفت بعض استطلاعات رأي المعلمين والخبراء في التأثير السلبي للتعلم الرقمي في عدد من الآثار السلبية منها إستخدام الحواسيب بدلا من الكتب والأوراق في التعلم ادى الى تدني مستوى الكتابة والأسلوب لدى الطلبة .

كما يؤدي فقدان العامل الإنسانيّ في العمليّة التعليميّة، وغياب الحوار والنقاش الفعّال، وصار العديد من الطلاب غير قادرين على التعبير عن أفكارهم كتابيّاً، ويحتاجون إلى التواصل الشفهيّ المباشر للتعبير عما يعتقدونَه.
وقد يتسبب إستخدام الحواسيب في حصول الطلاب معلومات مضللة حيث أن كثير من المواقع الإلكترونية تقدم معلومات خاطئة .

بموجب هذه الدراسات والنتائج والمقارنات بين التعلم الرقمي ونظيره التقليدي ،فانني أري ضرورة العودة الى التعلم التقليدي لانه اكثر ارتباطا بالواقع والطبيعة واكثر حفاظا على توازن الانسان العقلي والنفسي ،مع امكانية استخدام الحواسيب والتابلت في تعلم بعض العلوم الضروية التي تتطلب ذلك ،وهوما يعني ضرورةالمزج بين طرق التعليم التقليدي والرقمي وهوما ينصح به حتي رعاة التعليم الرقمي

كما ان القضية الاكثر اهمية من وجهة نظري هي كيفية اتمام عملية التعليم عّن بعد في الكثير من البلدان العربية التي تعاني الفقر و العوز و الجهل بالتكنولوجيا كما ان هناك مناطق نائية في البادية و الريف لم يصلها الانترنت ناهيك عّن ثمن الكمبيوتر او التابلت او الايباد او الهاتف وهي الادوات المستخدمة في هذه المنظومة فكيف لطفل ليس لديه ثمن قسط المدرسة او حتى كتاب و ربما رغيف خبز ان يشتري هذه الاجهزة الباهظة الثمن و يشترك في باقات الانترنت !هذا لو افترضنا ان الانترنت قد تم ايصاله لهذه المناطق .

اعتقد ان توزيع الاجهزة على الاطفال الاقل حظا امر واجب في حال فرض عملية التعليم عّن بعد حتى يكون العدل و الانصاف للجميع فالوطن ليس فقط المدارس الخاصة و الاجنبية و الاحياء الراقية الوطن هو البادية و الريف و القرى و الاحياء الشعبية فهم الذين يشكلون الاغلبية التي يجب النظر الى حالها

و ادرك تماما ان بسبب جائحة كورونا كان التعليم عّن بعد طوال المدة السابقه و ربما يمتد لفترة اخرى و لكن اتمنى ان لا تطول .