الاثنين، 7 أغسطس 2017

مسدسات الاطفال البلاستيكية في ديالى - العراق

مسدسات الاطفال البلاستيكية في ديالى - العراق


بقلم/ سارة السهيل
تشكل لعب الاطفال عنصرا مهما في تنمية خيال الطفل وعقله ووجدانه ، و تكون تتمه لبراءتهم ، و تعطيهم حقهم الانساني من اللهو والمرح الحقيقي الذي يدخل الفرحة في قلوبهم الصغيرة  ، وكل الحضارات والثقافات ابتكرت العابا للاطفال في العصور والازمنة، وفي زماننا المعاصر،  يقبل الصغار علي انواع مختلفه من الألعاب ، مثل لعب التركيب و العاب تنيمة الذكاء و  البالونات، والسيارات والقطارات، والدمى  بأنواعها، ولكن معظم الاطفال ، من الاولاد خاصة ،  يقبلون اكثر على   الالعاب الاليكترونية ، التي لا بأس من الجيد منها ، اما المسدسات البلاستيكية فإن  أكثرها مضر ، و يؤثر على سلوكهم ، و يجرهم إلى  العنف والعدوان.
إن الكثير من العاب الاطفال تكرس للعنف والعدوان، فاذا ما شرب الطفل ثقافة العنف عبر لعبته، فانه بالضرورة سيتحول عندما يشب عن الطوق إلى  مواطن عنيف عدواني السلوك،  وقد يتطور الامر معه الي ارتكاب الجرائم ، ما لم يوقفه المجتمع ويردع خطره.
وكم هالني رؤيتي لاحد مقاطع الفيديو في عراقنا الحبيب في محافظة  ديالى ، لمجموعة من  الاطفال يلهون معا ويمسكون بالمسدسات البلاستيكية مبتهجين في العيد وهم يضربون بعضهم بهذه المسدسات.
فكيف يمكن ان نحول أعيادنا الى مناسبة ليتبارى فيها صغارنا بالمسدسات ويطلقون قذائفها البلاستيكية نحو بعضهم. وكيف نحول ما يجب ان نكرسه من روح الحب والمودة والتعاون والتعاطف والفرح الجماعي بلحظات سلام في العيد ، الى مناورات حرب بين الصغار والصبية؟
وكيف يسمح الاهالي بشراء هذه المسدسات لصغارهم لكي يتراشقوا بها في العيد ،  فيصاب بقذائفها من يصاب ويجرح من يجرح ، ونحن نقف في موقف المتفرجين ؟
ان اغلب ثقافتنا العربية القريبة زمانيا تشربنا فيها ان المسدس اما يمسكه الشرطي للقضاء على الجريمه و مكافحة الإرهاب و المحافظه على امن المواطنين و الإمساك  باللصوص ، او يمكسها اللصوص لترهيب المواطنين وسرقتها ،  او من خلال مواجهتهم لرجال الشرطة في مواجهة بين الخير والشر.
فمالذي حول هذه الثقافة الي اعتبار المسدس مجرد  لعبة وتسلية  بيدي الصغار؟ وكيف يسمح الاهالي لأنقسهم بالمشاركة في هذه الجريمة التي لا تمت لاخلاقنا العربية ، وثقافتنا المسالمة والمتسامحة بجلب هذه الالعاب إلى صغارهم ؟
والطامة الكبرى ان هذا المقطع من الفيديو الذي جرى تصويره في ديالى، يبدو مشهدا مكررا في معظم بلادنا العربية قراها ومدنها على حد سواء، يراه المفكرين والعلماء وخبراء علم النفس والاجتماع  خطرا ، وبعضهم اطلق صرخة تحذير لمخاطرها على السلوك العام في اقطارنا العربية .
مسئولية مشتركة
ان الأهالي يبدو قد غفلوا عن خطورتها في غمرة مشاغلهم اليومية ، ولكن اين دور المؤسسات الإعلامية في بلادنا التي من دورها الرئيسي نشر الوعي بالمخاطر وتنوير المجتمع بأضرار أية وسيلة تكرس لثقافة العنف؟
واين دور المؤسسات الثقافية والدينية في بث الوعي بمخاطر هذه الالعاب علي اطفالنا الصغار وعلي تنشئتهم ؟وأين دور المؤسسات الرقابية التجارية في منع التجار من استيراد مثل هذه الالعاب الخطرة علي صغارنا؟
ان الاحداث تكشف لنا ان عشرات المستشفيات في مواسم الاعياد تزدحم بمصابي العيون من الصغار الذين اصيبوا من جراء اللعب بهذه المسدسات البلاستيكية ، لأنها تكون مزودة بحبيبات صلبة، وحتى إن لم تمس العين، فقد تحدث خدوشا وندبات على مستوى الجسم خاصة الوجه.
ورغم ارتفاع اسعار هذه المسدسات البلاستيكية الا ان الاهالي يجبلونها للصغار، وحتي ان لم تقم الاسرة بشرائها فان الاطفال يجمعون عدياتهم ويقومون بشرائها دون ان يجدوا منعا من الاسرة او حتى تحذير بسيط.
المشهد لاشك مؤسف ومؤلم، ونحن نري الطاولات وقد تراصت عليها انواعا مختلفة من هذه المسدسات البلاستيكية والاطفال يقبلون عليها في العيد وكأننا داخلين في زمرة حرب كونية!
وتتباين هذه المسدسات في احجامها من الصغير والمتوسط وصولا الي الكلاشينكوف كبير الحجم، وتتباين ايضا فئات الاطفال في الاقبال عليها حسب قدراتهم المالية، لكن الجميع يشتري دون ضابط او رادع بما يكشف حقيقة ميول صغارنا للعنف الذي شاهدوه علي التلفازات والفضائيات من حروب او افلام عنيفة وهو الامر الذي يعد قنبلة موقوتة تهدد مستقبل امان وسلامة مجتمعاتنا العربية عبر ثقافة العنف التي تغرسها هذه المسدسات في نفوسهم البريئة.
اراء علمية
يجمع الأخصائيون النفسيون علي ان الأسلحة البلاستيكية وألعاب العنف تفتقر الى اية أهداف تربوية، بل انها تتعدي دورها في اللهو إلى  ممارسة التحريض على العنف نحو الذات والآخرين.
 كما ان هذه الألعاب تولد المزيد من القلق لدى  الصغار وتدفعهم الى الميل نحو الغضب والعصبية التي تبقيه دائما عدوانيا في تعاملاته مع الغير، فضلا عن انها تدمر نفسية الطفل وعلاقاته الاجتماعية فهم يبدأون باللعب ثم العنف وينتهون بالشجار فيما بينهم.‏
ويرصد علماء الاجتماع خطورة التمييز الثقافي في العاب الاطفال بين اعطاء البنت الدمي واعطاء الصبي مسدسا، وهو ما يرسخ لدى الطفل الذكر العدوانية باعتباره الأقوى  من الأنثى بما يؤدي لوقوع مخاطر اجتماعية كبري، ناهيك عن ما تتركه الالعاب الحربية في لا وعي الطفل من جنوح للعنف ينمو خاصة في ظل غياب التربية والتوجيه الاسري، فيتشرب الطفل هذا السلوك العدواني مما قد يدفعه في المستقبل للارتماء في احضان ‏التنظيمات الإرهابية أو العصابات الإجرامية‎.
كما اثبت علماء الاجتماع، ان استمتاع الطفل بقتل الاخرين عبر لعبة التسلية تعلمهم ‏طرق ارتكاب الجريمة، وتنمي في عقولهم قدرات ومهارات العنف خاصة وانها تتطابق مع ما يشاهد من قتل وعنف وتدمير للممتلكات عبر الشاشات الفضائية يوميا.

كلمة حق
وأنا ادق ناقوس الخطر لحماية صغارنا من الالعاب الحربية، ولحماية المجتمع من قنبلة عنف موقوتة مستقبلا، ادعو لضرورة نشر الوعي بين الاسر العربية بخطورة هذه الالعاب والامتناع الفوري عن شرائها للصغار، ومنع الصغار من شرائها في الاعياد.
ادعو  كل المؤسسات التربوية والثقافية والاعلامية والدينية لقيادة حملات دعائية لمخاطر هذه الالعاب، وتوعية الاسر العربية بضرورة الدقة في اختيار العاب ذات اهداف تربية هادفة للصغار تنمي فيهم قيم التعاون والتسامح والرحمة.
كما انني ادعو المؤسسات التشريعية لوضع تشريعات قانونية تجرم استيراد هذه الاسلحة، وأهيب بالأجهزة الرقابية  لتشدد حصارها علي التجار الذين يستوردون هذه الالعاب الخطرة ومنع دخولها، ذلك اذا اردنا حماية الصغار والكبار حاضرا ومستقبلا من العنف ودمويته.‏

#عام_الطفل_العراقي