الخميس، 13 يوليو 2017

انحراف الفنون يفسد الذوق ويزيد العنف المجتمعى – بقلم /سارة السهيل


انحراف الفنون يفسد الذوق ويزيد العنف المجتمعى – بقلم /سارة السهيل


تحولت الفنون الراقية من سينما ومسرح وموسيقى وغناء ودراما تليفزيونية في حياتنا المعاصرة من وسيلة للثقافة والمتعة والترفيه والارتقاء بانسانية الانسان الى عنصر يفسد في ذوقه وسلوكه ويعزز عنده الميول للعنف .
وللأسف فأن العنف بات يغلف معظم الفنون في حياتنا المعاصرة، وحتى الموسيقي الصاخبة وما فيها من ضوضاء قد تصيب الانسان بالهياج العصبي مما يدفعه في بعض الاحيان للتنفيس عن هياجه بالميل لارتكاب عنف لفظي او سلوكي منحرف.

العنف الموسيقي فالاغاني العنيفة والموسيقي الصاخبة تعاني من أثارها السلبية معظم شعوب العالم، وكشفت رابطة الطب النفسي الأميركية إن الكلمات العنيفة في الأغاني تزيد من المعتقدات والمشاعر المرتبطة بالعدوان قد تخلق بيئة اجتماعية أكثر عدوانية.
ونشرت الرابطة هذه إن الأغاني العنيفة زادت من مشاعر العداء دون سابق استفزاز أو تهديد، كما تزيد الأغاني العنيفة الهزلية من الأفكار العدوانية وكشفت إحصاءات عالمية أجرتها الأكاديمية الملكية البريطانية عن تسجيل 875 ألف حالة انهيار عصبي بين فئة الشباب المراهقين في العالم بسبب الضجيج العنيف .
وقال تقرير الأكاديمية الملكية إن عدد ضحايا الموسيقى الصاخبة بصفة خاصة وصل إلى 75 ألف حالة وفاة بين المراهقين والشباب المدمنين لهذا النوع من الموسيقى والذين تتراوح أعمارهم بين 14 و24 عاما.
وعبر كبار علماء الاجتماع والأطباء عن دهشتهم من لجوء بعض الموسيقيين مثل الانجليزي هيربر صاحب الشهرة الواسعة جدا بين أوساط الشباب والمراهقين إلى أصوات آلات المصانع الثقيلة وضجيج الطائرات العملاقة ليستخدمها في ايقاعاته الموسيقية ! واثتب العلماء الى ان الضجيج الصوتي قد يؤدي إلى حالة من الاكتئاب والوحدة والميل إلى العزلة وعدم مخالطة الآخرين وتولد لديهم حالة من الخوف وعدم القدرة على النطق وخاصة اذا كانت الأصوات صاخبة جدا ومفاجئة مما دفع كبار المسؤولين في الغرب بوضع رقابة مستمرة على صالات الديسكو وموسيقى الروك أند رول لتجنيب عشرات الآلاف من المراهقين والشباب للتأثيرات الخطيرة التي تصيب الصحة الجسدية والذهنية على حد سواء.
كما تم ربط هذه الموسيقى الصاخبه ببعض التجمعات المشبوهة تحت مسميات مختلفه من محبي الموسيقى أو عبدة الشيطان وغيرها من تجمعات المراهقين العنف في الاغاني تروج بعض الاغاني الشعبية لمفهوم العنف باعتباره حلا للمشاكل الاجتماعية، ومعبرة على ذلك باسماء انواع من الاسلحة كالمسدس، المطواة، السنجة، العصي ، أسد وغيره.
ويتجلى ذلك في نموذج كلمات أغنية حققت شهرة غير مسبوقة هي: «مفيش صاحب بيتصاحب» وهي كلمات صادمة يقول فيها المؤدي: هنتعامل ويتعامل طلع سلاحك متكامل .. هتعورني أعورك هبوظلك منظرك فالأغنية تعكس مفهوم العنف والعنف المضاد. والطامة الكبري هذه الاغنية التقطها الاطفال الصغار وصاروا يقلدونها ويتراقصون علي انغامها، كما ظهر فيديو الطفلة آيات التى ترقص بالسنجة، وأثارت حينها ردود أفعال غاضبة، وكانت أحد الأسباب الرئيسية فى اشتعال الحرب الإعلامية على المنتج لانتاجه أفلام تحتوى على الكثير من مشاهد العنف وذات طابع غير اخلاقي مثل فيلم “عبده موته” ويوازيها في العنف ايضا أغنية «عشنا وشفنا» لمحمود العمدة وأحمد السويسي، تقول كلماتها: كلنا ماشيين ومعانا سلاح .. منقولش خلاص منقولش سماح شوف كام واحد راحوا ضحايا .. شوف كام واحد بقا سفاح و اغنية عراقية ايضا تم تصويرها في المقابر و تتحدث عن الدفان بعبارات هابطة (الدفان يغمزلي) و العارضات يحملن بايديهم سلاح ابيض و يرتدين ملابس سوداء في جو غائم في عتمة الليل كما ان بعض الجماعات الإرهابية روجت لبعض أغانيها مثل أغنية صليل الصوالي التي تم ترجمتها لعدة لغات و بعض منها كان للسخرية العنف علي الشاشة الذهبية وتتجلي مظاهر العنف في عالم السينما الساحرة وما تحويه من مغامرات واكشن وجرائم بوليسية محكمة تستهوي فئات الشباب خاصة وتدفعم لمحاكاتها بدافع التقليد والمغامرة مما يوقعهم في فخ ارتكاب الجرائم من باب التجريب. وللاسف فان افلام الرعب والاكشن وعالم الجريمة لون الدماء والخراب والدمار والهلاك قد تشكل مع مرور الوقت لدي الشباب شيئ من التعود وتصبح جزءا من ثقافتهم خاصة مع تبجيل أصحاب البطولة في هذه الأفلام والمسلسلات فيظنون ان مظاهر البطولة تكون في الضرب والقتل والسلب والنهب وتصبح هذه الثقافة هي السائدة، خصوصاً حين يتقمص الصبي دور البطل ويعيش معه في عقليته. ويؤكد علماء النفس علي وجود تأثير سلبيا على شخصية وسلوك الشاب بعد مشاهدة افلام الرعب والاكشن والعنف، ويتجلى ذلك في تعزيز النزعة العدوانية من خلال محاكاة البطل الذي يقوم بالضرب والقتل والتحطيم لتحقيق رغباته, فمن خلال هذه المحاكاة تعزز سلوكيات العدوان لدى الشاب فكثيرا ما يقلد البطل في التعامل مع إخوته أو أصدقائه, إضافة إلى ضعف الشخصية وعدم استقلاليتها, إذ يرى صاحبها أنها لا تكتمل إلا باكتمال شخصية البطل وهذا يجعله يتصرف من خلال شخصية البطل وليس من خلال شخصيته الذاتية المستقلة وقد يلجأ الشاب إلى تقليد البطل في اللباس أو تسريحة الشعر وغيرها.
الدراما والجريمة أما الدراما التليفزيونية يصبح تأثيرها أوسع واعمق لانها تدخل كل بيت بدون دفع ثمن تذكرة، وهذه الدراما تحولت خلال السنوات العشر الاخيرة علي الاقل في عالمنا العربي ـ لتقديم مشاهد القتل والتدمير والضرب والسطو والهجوم على الشرطة وشتى أنواع العنف، بل ان المخرجين لا يقبلون عملاً إلا إذا حوى هذه المشاهد المثيرة، وكذلك أيضاً صارت بعض المحطات التلفزيونية ترفض الأعمال الدرامية إذا خلت من مواقف العنف طمعا في الربح المادي. وكل هذه المشاهد كان لها أثرها الخطير في تربية الشباب، فتأثيرها ثبت من خلال دراسات كثيرة، وخاصة عند التعرض المنتظم لها، حيث كانت عاملاً مهماً في نشوء السلوك العدواني عند الأطفال. واثبتت الدراسات المتخصصة في هذا المجال ان التأثير لمشاهد العنف التليفزيوني هو تأثير تراكمي يبدأ مع الطفولة وينمو في فترة المراهقة ويصبح في تكوين الشخصية طوال عمرها.