الخميس، 13 يوليو 2017

الحب الجميل


      الحب الجميل

عالم من السحر الآخذ ، يتردد صداه في وجداني كلما عدت بالزمن إلى حكايات جدتي . نعم لم أعش ذلك الزمن الصفو الينابيع ،المعطر بشذي الوفاء ، والمجنح بخيالات الصبا البريئة والشادي بصوت البلابل لحظة ميلاد حب طاهر. هذا الزمن الجميل لم أعاصره ولكنني أحببته بكل تفاصيله مماكانت ترويه لنا الجدات ....

كانت تحكي لي عن الحب النقي العذري الذي يجمع بين قلبينبلغة تسمو بالروح وتحلق بها بعيداً عن لغة المصالح الشخصية والمادية التي تسيطرعلى علاقات البشر بعضهم ببعض. كنت أسمع بانبهار وإعجاب قصص الوفاء بين الأحبة الذي قد يصل إلى حدود بعيدة جداً عن خارطة زماننا الحالي حيث كانت الفتاة تحتفظ بصورة حبيبها بين كراسات الدراسة وتزرع وردته التي أهداها إياها في أول لقاء تحت وسادتها وتظل تفكر به طول الوقت بعد اللقاء إلى أن يأتي موعد اللقاء التالي الذي غالباً ما يكون أمام مدرستها أو من خلال شرفة منزلها أو على كورنيش البحر أو النهر..

بلقاءات عابرة ونظرات بريئة وحب عميق لا يزحزحه أنس ولا جان

ولم تكن العلاقات عابرة محدودة بوقت زمني تنهيه فتاة أخرى تخطف قلب الحبيب وتصبح ملكته لأيام قليلة ، كما نرى الآن من تبديل الحبيب والحبيبة كتبديلهم للملابس أو السيارة أو الموبايل .

كان الحب أسمي من الجمال نفسه بل وكان روحانياً تتعانق به الأرواح حباً وإخلاصاً بخجل ووقار وحياء

كان لكل كلمة طعم ،ولكل زهرة لون ، ولكل كلمة قدسية ،ولكل حبيب حبيبة واحدة تملأ الكون أخلاصا يفوق التصور بحيث لو غاب الحبيب لأعوام لتأدية واجب الجندية مثلاً أو ذهب ليحارب وغاب سنين طويلة يعود ويجد كـل شيء كما كانالحبيبة منتظرة فارسها تقرأ أشعار أحمد رامي وتسمع أغنية فيروز

( نطرتك سنة ويا طول السنة اسأل شجر اللوز بشوفك بالصحو بأيام الصحو ضايع بشجر اللوز )

( شايف البحر شو كبير بكبر البحر بحبك )

كم كان ذلك الزمن مبدعا خلاقا بأساليبه الرقيقة الطريفةوالبسيطة لم يكن يعرف لغة الآلات الحديث وشفرتها المعقدة من موبايلات و مسجات ، فقط كان يكتفي الحبيب بأن يرمي لحبيبته زهرة على شباك حجرتها أو يرن لها جرس دراجته بكود سري لا يعرفه أحد سواهم أو يقف تحت شرفتها متنكراً بزي شحاذ كما فعل محمد فوزي لليلى مراد وهو يغني لها:

( لله لله وترد عليه إسرح روح ) ومثل أغاني ذلك الزمن الجميل كان الرجال أكثر حمية وشهامة أمام عفة السيدات وخجل الفتيات . أما نحن الآن فنعاصر قصص حب القرن الواحد والعشرين كما تكشف عوراتها الكليبات الغنائية وربنا يستر من اللي جاي.