الخميس، 13 يوليو 2017

سارة السهيل- ملفات شائكة… الموصل بعد التحرير |


سارة السهيل- ملفات شائكة… الموصل بعد التحرير | 

 http://kurdyaw.com/2017/07/%d8%b3%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%87%d9%8a%d9%84-%d9%85%d9%84%d9%81%d8%a7%d8%aa-%d8%b4%d8%a7%d8%a6%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%b5%d9%84-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%a7/

(كورد ياو- رووداو).. الشمس نصف النهار، و القمر نصف الليل، وكل نصف منهم يشترك مع نصفه الآخر، هكذا هو العراق، تتشابك الأحداث به منذ بدء التاريخ، ويتصل النصر بالغزوات، والحزن بالأفراح، وألحان زرياب مع مآتم الحسين، وتتعانق الجوامع مع الكنائس في فسيفساء من طين وألوان، بتعداد ٣٨ مليون و نصف من البشر، فيرفع الأذان تارة وتدق أجراس الكنيسة والصوامع والتكيات والزوايا والمندي ولالش والحسينيات والكنيست في بقعة مساحتها ٤٣٧٬٠٧٢ كم².
على وقع هذه الصلوات جميعها استجاب الله دعاء الشعب المناضل، الذي قدم دمه فداء للوطن، حقق العراق نصراً عسكرياً مؤزراً ضد تنظيم الدولة “داعش” في الموصل، بعد كفاح مرير لاستعادتها وتحريرها، لكن تبقي المعركة الأكبر في إعادة إعمار الموصل والمصالحة الوطنية بين عشائرها وأطيافها السياسية والاجتماعية، وإعادة الإعمار مفهوم واسع يمتد ليشمل إعادة بناء سكان الموصل، وأهلها المضارين نفسياً واجتماعياً وأمنياً وثقافياً واقتصادياً، بجانب إعمار الأرض والمسكن ودور العبادة والدراسة والصحة وغيرها.
وإذا كانت الموصل وضياعها وتشرد سكانها ودمار مدينتهم كان بفعل الإرهاب الدولي الذي مثلهُ تنظيم “داعش”، فإن المجتمع الدولي مطالب بالوقوف بجانب العراق في عمليات إعادة إعمار الموصل واستعادتها للحياة مجدداً، خاصةً وان الاعمار يحتاج لتكاليف مادية باهظة، لا يقوى العراق حالياً علي الوفاء بها، خاصةً وان 80% من البنية التحتية لمدينة الموصل قد دمرت، وهذا يعني أن العراق سيدخل معركة جديدة وهي معركة البناء بعد الهدم لمدنية الموصل، وهي معركة شرسة، خاصة وان تنظيم داعش حولها إلي خراب ودمار، فوفقاً للحكومة العراقية، فإن معظم البنى التحتية فيها خرجت عن الخدمة، مثل المستشفيات والجسور والمباني الحكومية، ومنها 5 جسور في مدينة الموصل تم تدميرها، بجانب المنازل والطرق والشوارع الرئيسية نتيجة القصف المتواصل خلال عمليات التحرير، بينما ترتفع تكاليف إعادة البناء، ووفقا لتقديرات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في 28 تشرين الثاني 2016، فإن حجم إعادة الإعمار لمدينة الموصل يقدر بنحو 190 مليون دولار، وهو الأمر الذي يتطلب من الأمم المتحدة الإسراع بتقديم كافة أشكال الدعم الدولي لإعادة إعمار الموصل، وتسوية ملف النازحين العراقيين، وإعادة توطينهم في موطن رأسهم، بعد معاناة طويلة تجرعوا خلالها العديد من المآسي الإنسانية.
سلاح المصالحة
إن تحقيق المصالحة الوطنية بين مكوناتها أهم مرحلة من مراحل إعادة بناء الموصل مجدداً، وهو يتطلب البدء الفوري في إقامة حوار حقيقي وفاعل علي الأرض بين أبناء الموصل مجرداً من أية نزعة وأهواء مصالح، حوار يجتمع فيه ابناء الموصل لدراسة ما بعد تحرير المدينة ويضعوا الخطوط العريضة الضرورية لعلاج المشكلات الناجمة عن فترة احتلال داعش لها وفي القلب منها سموم فكر داعش.
وتظل مرحلة الاصطفاف الوطني ركيزة أساسية لغلق الباب أمام أية محاولات لتدخلات خارجية إقليمية أو دولية في شؤون أبناء الموصل خاصةً والعراقيين عامةً، خاصةً وان مدينة الموصل تعد من أكبر محافظات العراق، وتحظي بتنوع قومي وديني ومذهبي وطائفي، والاصطفاف الوطني بين أصحاب هذا التنوع يتطلب أسس سياسية ودستورية وقانونية تكفل تحقيق العدالة بين أطيافها وتنشط مؤسساتها السياسية والقانونية بما يحول دون اختراقها من جانب التنظيمات التكفيرية مجدداً.
معركة فكرية
أتصور أنه من الأهمية بمكان ان يخوض أبناء الموصل معركة فكرية ضد فكر تنظيم “داعش”، الذي لا يزال موجوداً في عقول بعض الشباب الذي تعرض للإقصاء والاضطهاد الديني أو السياسي أو الاجتماعي، وهي قضية خطيرة تستلزم تكاتف جهود المثقفين والمفكرين وكبار العشائر في علاجها والتعاون الجاد في تطهير عقول الشباب من تأثير الفكر الداعشي الظلامي والدموي.
ملف شائك
تعرض الكثيرون من نازحي الموصل في مخيماتهم لمجازر وحشية علي أيدي تنظيم داعش الإرهابي، دون ان يجدوا حماية ورعاية كافية، وبعد تحرير الموصل فإن هؤلاء النازحين هم الأحق بالعودة إلي ديارهم سالمين، فالسلطات العراقية مطالبة بالإسراع في توفير كافة أشكال المساعدة لإعادة النازحين والمهاجرين بتوفير ممرات آمنة لعودتهم وتوفير ما يحتاجونه من مساعدات فورية خلال عمليات إعادة التوطين.
وفي تقديري أن الواجب الوطني والأخلاقي الإنساني يتمثل في ان يسرع المتخصصون العراقيون في وضع برنامج تأهيلي نفسي واجتماعي لأطفال الموصل سواء من هجروا أو نزحوا أو ظلوا علي الأرض وهم يشاهدون بأم أعينهم جرائم الإرهاب والدم المراق.
كلمة أخيرة لا اصطفاف حقيقي للمجتمع الموصلي بدون الاستفادة من خبرة كبار شيوخ القبائل والعشائر الأصيلة القديمة، وإعادة الاعتبار لأخلاقياتهم القديمة سواء كانوا عرباً أو كرداً وأيا كانت طائفتهم في استعادة العراق لروح الحكمة وإحياء روح التعاون في إلغاء خطاب الطائفية إعلاء الخطاب الوطني الموحد.