الأحد، 3 أبريل 2016

رعاية اليتامى و أبناء الشهداء واجب مقدس بقلم / سارة السهيل

رعاية اليتامى و أبناء الشهداء واجب مقدس بقلم / سارة السهيل



تحل ذكري الإحتفال بيوم اليتيم في الجمعة الأولى من شهر أبريل، فتستعيد الناس رحمتها و تستيقظ مشاعرها بالتحنان والعطف على اليتامي خاصة قاطني دور الأيتام، وتسارع الجمعيات الخيرية بإسهام أهل الخير والعطاء لإقامة حفلات ترفيهية وفنية للأيتام ومنحهم الهدايا في محاولة لرسم بسمة رضا على شفاه صغيرة حرمت من الدفء الأسري، ولم يعرف قلبها الصغير لحظة احتواء واحتضان وقبلة دافئة من قلب أم وضمة أمان من أب.
فالصراعات الدموية التي تشهدها منطقتنا العربية و الشرق أوسطية زادت الجراح وخلفت ألاف الشهداء ومن ثم زاد عدد اليتامي في مختلف دولنا العربية، ويأتي الاحتفال بيوم اليتيم وسط تنامي عدد يتامى ابناء الشهداء الذين دفعوا ثمن اخلاصهم ودفاعهم عن اوطانهم، مما يجعل رعاية أبناء الشهداء واحتضانهم واسعادهم مهمة انسانية مقدسة .
وربما يتنامي عمق احساسي باليتيم ومشاعره وخفقان قلبة لحظة ارتوائه بالحنان، وابن الشهيد اليتيم على وجه الخصوص في هذا الشهر اكثر من أي وقت في شهور السنة، لأنني عايشت مرارة اليتم بفقدان أبي شهيدا، وأستعيد ذكري استشهاده يوم 12 ابريل من كل عام بحثا عن ذاتي فيه واستعادة للحظة ضمني فيها الي صدره الحاني وبعد استشهاده فقدت هذا الأمان والسلام .
نعم لا أحد يستطيع ان يعوض الطفل الصغير معاني الحرمان من أبويه ولا كنوز الدنيا كلها تعوضه، ولكن الاحتفال بيوم اليتيم يبقي فرصة لاخراجه من احزانه الداخلية والترويح عنه واسعاده واشعاره بانه كائن مهم في الحياة وانه يستحق المحبة والتقدير خاصة لو كان ابن شهيد ناضل من أمن الوطن وسلامة افراده .
ورغم أهمية الاحتفال بيوم اليتيم الا انه ليس كافيا لمسح دمعة حزن في عينيه الصغيرتين، فرعاية الأيتام لابد وان تتواصل معظم أيام السنة باعتبارها عمل مقدس نحصل درجات القربى من الله ورسوله .
وتكتسب رعاية الأيتام مكانة عليا لدى الخالق العظيم، بدليل ان القرآن الكريم ورد فيه ذكر اليتيم ورعايته وايوائه فى ثلاثة وعشرين موضعا منها قوله تعالى "كلا بل لا تكرمون اليتيم" وقوله "قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل" .
ولنا في رسول الله الاسوة الحسنة ، فقد نشأ صلى الله عليه وسلم يتيما، ولذلك كان أرحم الناس باليتامى، وحث المسلمين على حق كفالة اليتيم وجعل في كفالتهم سبيلا لمرافقته في الجنة وفقا لحديثه الشريف : " أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة" وأشار باصبعيه السبابة والوسطى.
كما وصى المسيح عليه السلام بالأطفال 
وقال: دعوا الأولاد  ياتون الي ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله

أتمني ان نحتفل بيوم اليتيم وابن الشهيد بمزيد من اضفاء البهجة على قلوبهم، والعمل علي حل مشاكلهم الاجتماعية والنفسية بتكاتف جهود اهل الخير مع المؤسسات الحكومية المتخصصة والجمعيات الخيرية كما أتمنى أن نراعي مشاعرهم بإستخدام العبارات اللائقة التي لا تجرح كيانهم وكرامتهم و العمل على الاعلاء من شأنهم و زرع الثقه بهم و تشجيعهم على تحقيق الذات و عمل خطط تربوية وتعليمية ترتقي بهم لنضمهم لبناة الأوطان .
وهذا العمل لن يتحقق له الإخلاص الا اذا آمنا بأن رعاية الايتام وكفالتهم ماديا ومعنويا هو عمل مقدس يثيب عليه الله ويرفع به الدرجات، وهنا سنجد قلوب مؤمنة تتعامل مع الأيتام وفق حقوقهم الإنسانية في الرعاية والحنان والتعليم والعمل و دون التفرقة بين يتيم وآخر بناء على العرق أو الدين أو الشكل فكل طفل جاء من رحمة الله وكلنا اخوة بالإنسانية، فنحن نفعل الخير من أجل الخير و لا نرتجي مقابل،كما يجب أن لا تقتصر هذه الرعاية على يوم واحد في السنة .
فالمجتمع الذي يرعى ايتامه وأبناء شهداء هو مجتمع انساني اخلاقي يطرح فيه الخالق الكريم كل بركة ونماء، فلنسارع للخير حتى نجده في يومنا وغدنا، ولنبتكر معا افكارا جديدة نحاول فيها دمج هؤلاء الصغار في المجتمع ليصبحوا أشخاصا أسوياء يسهموا في بناء المجتمعات وسلامها وأمنها .