الأحد، 26 يناير 2020

الحاجة لثورة فكرية ضرروة تفرضها تحديات الواقع العربي

https://alhadathcenter.net/views/50420-2020-01-23-15-36-01?fbclid=IwAR2KJCsxvAbUARNqZCRUKTqBoyyKnnXuAJMpZYH6UZwq7uMAPonskEkj0s8

رغم ان العالم صار قرية كونية واحدة بفضل تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات العالم، غير ان هذه التكنولوجيا جاءت بثورة المعلومات ولم تأت بثورة فكريةتمحو ظلمات افكار التعصب المذهبي الديني والسياسي وسطوة الرأسماليةالمتوحشة.
جاءت ثورة المعلومات بتحقيق حلم البشر بالتواصل على شبكات التواصلالانساني، لكن هذا التواصل لم يحل مشكلات العالم الاساسية في الانتصارلحريات الفكر والعقيدة وتكافؤ الفرص حسب الكفاءة والاخلاص في العملوحرية الانتقال دون اي تمييز  بين الشعوب والثقافات والحضارات وتحقيقسلام اجتماعي يحقق نهضة الشعوب.
الثورة التكنولوجية أثبتت فشلها حتى الآن في تحقيق حلم التقدم والازدهارلبني البشر وتوافر العلم لكل ذي عقل والانفتاح على الاخر دون الوقوع فيمستنقعات ضلالته، بل العكس فقد قادت الثورة التكنولوجية لثورات سياسيةكما حدث في ثورات الربيع العربي التي أتت على الاخضر واليابس في بلادناالعربية وامتدت ظلالها المظلمة الى بلاد العالم عبر انتشار الارهاب وانتقاله الىاروبا، والاف اللاجئين الذين يعيشون بلا مأوى على الحدود وغيرهم ممنابتلعهم البحر هربا من مجازر الحروب، لأنها ببساطة كانت ثورة سياسيةوليست ثورة فكرية.
ويحمل التاريخ الحديث أنموذجا لتجربة ثورة السود وكانت أعظم الثورات منأجل التحرر وترك نظام العبودية وحققت هدفها في تحرير الانسان من الرقوالعبوديه ولكنها فشلت في المقابل في تحقيق التقدم الفكري والاجتماعيالمنشود لانها تعتمد على غياب الثورة الفكرية.
ومن هنا باتت الانسانية بحاجة الى ثورة فكرية تقود العالم للحلم في حياةكريمة تعمر الارض بالعلم وليس بالتنافس السياسي المأجوج او العنصريةوالمذهبية الدينية التي فرقت بين بني البشر، اوالحداثة التي تنتصر للعقل وتغفلحاجات الانسان الضرورية للجوانب الروحية التي توفرها الاديان وما تكرسهقيمها من السمو الاخلاقي في أعلى درجاته ومستوياته.
والمـتأمل في حضارات الشعوب  شرقا وغربا قديما وحديثا، أن الانبياء والعلماءوالمفكرين طالما حملوا على عاتقهم قيادة الثورات الفكرية بما أحدثه من تغييراتجذرية في بنيات المجتمع الفكرية ومن ثم السياسية والاجتماعية، قد دفعوا ثمناغاليا لافكارهم وتعرضوا لشتى  صنوف الاضطهاد والتعذيب والقتل، وعلىرأسهم نبي الرحمة محمد بن عبد الله، وأنبياء الله موسى وعيسى والحسينالشهيد وجاليليو ونيوتن وآينشتاين ومارتن لوثر.. وغيرهم.
ملك هؤلاء القادة والمفكرين والعلماء ادوات العزم الانساني على التغيير الفكريونظرت اليهم مجتمعاتهم كأنهم وبال يجب اتنزاعه والقضاء عليه فخسروا منهمواستهزأوا بافكارهم لانها جاءت على غير السائد والمعتاد، ولولا ثباتهموعزيمتهم القوية لما تغير التاريخ الانساني ولما تطور.
فقد قاد رسول الله  الثورة الفكرية في الجزيرة العربية ضد كل اشكال الجاهليةالفكرية من وأد البنات وظلمات العبودية الى تحرير العبيد وإطلاق قيم المساواةبين البشر في الحقوق والواجبات بأمور الدنيا والدين.
والثورة الفكرية التي اطلقها محمد (صل الله عليه وسلم) جاءت شاملة لتغطيمفاهيم الدولة والشعب والأمة والقومية والأخلاق والقيم والعقيدة والمساواةوالعدالة والحرية