الاثنين، 10 سبتمبر 2018

احتجاجات اهل البصرة مشروعة .. ولكن !


احتجاجات اهل البصرة مشروعة .. ولكن !

سارة طالب السهيل

بالرغم من ان محافظة البصرة هي المنتج الأول للنفط في العراق ومن ثم خيراتها كثيرة غير انها لم تستفد من هذه الخيرات والعوائد المالية للنفط في حل مشكلاتها المتفاقمة منذ سنوات خاصة ازمة شح المياه والكهرباء ونقص الخدمات.
فمعاناة اهل البصرة من شح المياه والخدمات ليس وليد اليوم، بل هذه ازمة ترجع لسنوات طويلة، ومع استمرار الصراعات السياسية والحروب فيها فقد زادت معاناة أهلها، في الوقت الذي لم يهتم فيه المسئولون على اختلاف الحكومات بحل مشكلاتها المتواصلة عاما بعد أخر بشكل يقلص ـ على الأقل ـ من معاناة سكانها.
فاليوم اهل البصرة يعانون من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب والاستخدام الآدمي، بل وأصيب الكثير منهم بالأمراض نتيجة تلوث المياه وغياب كبير للخدمات في الكهرباء والرعاية الصحية، ناهيك عن أزمات البطالة الناتجة عن تأثيرات سنوات الحرب والإرهاب الداعشي، وكانت النتيجة الطبيعية ان ينفجر الناس من الداخل، وعبروا عن انفجارهم الداخلي بما شهدناه من احتجاجات وتظاهرات.
ورغم انني أؤيد حق اهل البصرة بالمطالبة بحقوقهم في حياة كريمة من مأكل مشرب ورعاية صحية وخدمات كالكهرباء والاتصالات غيرها، ولا اعترض اطلاقاعلى خروجهم في هذا التظاهرات لدق ناقوس الخطر ودفع المسئولين الإسراع في إيجاد حلول عملية لأزماتهم الصحية والمائية الا انني أقف امام تجاوز التعبير بالاحتجاج السلمي الى اثارة اية اعمال شغب من شأنها ان تدمر أي منشأة او مصلحة حكومية او خاصة مملوكة لأي مواطن عراقي والا تحولت العراق مجددا الي نيران من الفتنة طالما عانينا منها، والي فوضي نسعي جاهدين للتخلص من أثارها ونرفض اشتعالها.كما ان هذه المنشآت هي ملك للعراقيين و ان لم ينتفعوا منها سابقا فبالمطالبات الشرعية للحقوق سينتفع منها المواطنين عاجلا ام اجلا لهذا ليس من الصحيح تدمير اموالكم و ماهو ملك لمواطنين
نعم الناس في البصرة غاضبون يعانون يتألمون يطالبون بحقوقهم المشروعة في وطنهم المحرر حديثا من إرهاب الدواعش، وعبرت غضبتهم عن صراخ ألم المعاناة اليومية التي يعيشونها، وتدمي قلبي وقلب كل عراقي مخلص، خاصة اذا ما أضيف لهذه المعاناة ما يشعرون به من احباط ناتج عن الفساد الذي يجب ان تسرع الحكومة العراقية في اقتلاعه من جذوره.
وفي تقديري ان كل المسئولين بالعراق مطالبون بالإسراع لإخماد نيران فتن الفساد، ومحاسبة كل من يتورط فيه بالأحكام العقابية المشددة. واتصور ان المسئولين مطالبين بإعلان حالة الطوارئ في البصرة خطة عمل شاقة أولا لعلاج من أصيبوا بتلوث المياه، والتعاون مع دول الجوار العربية و الغير عربية عبر اتفاقيات تعاون لإيجاد حلول سريعة وعملية لإنقاذ اهل البصرة من العطش وتلوث المياه.
كما ان اهل البصرة في حاجة ماسة لتوفير فرص عمل لتقليص نسب البطالة بين شبابها، وهنا ادعو رجال الاعمال الشرفاء الوطنيين للإسراع في إقامة مشروعات اقتصادية عاجلة لتوظيف قدرات الشباب العاطل عن العمل حتي ولو في مهن بسيطة حتى يستعيد العراق عافيته الاقتصادية.
ولعلي أؤكد ان انفجار اهل البصرة في شكل تظاهرات يظل حقا مشروعا، ولكنه ليس مشروعا ولا مقبولا ان يتجاوزوا حدود الاحتجاج السلمي الي قيام البعض بأعمال فوضي اقتحام مؤسسات نفطية والاضرار ببعض المبانٍ والممتلكات الحكومية والاقتصادية.
ولا شك ان سقوط جرحى ومصابين في صفوف المحتجين المواطنين العزل خلال عمليات فض هذه التظاهرات يعد شيئا مؤسفا لا نتمنى وقوعه في أي وقت، فدم الموطن العراقي غالي واصابة أي فرد فيه وجرحه هو جرح للوطن كله، لكن هناك ضرورات أمنية تدفع الأجهزة الأمنية لوقف الاحتجاجات الفوضوية التي تدمر المصالح العامة الا انها يجب ان تكون محكومة بمعايير حقوق الانسان و الالتزام بقوانين حرية التعبير و حق المواطن بالمطالبة بحقوقه الشرعية التي تاخرت عليه كثيرا.
في تقديري انه كان بمقدورنا تجنب ما وصلنا اليه من انفجار شعبي، لو ان المسئولين استجابوا لحقوق سكانها المشروعة في توفير الخدمات الأساسية اللازمة لحياتهم اليومية، وعلى ذلك فان اول خطة ينبغي اتخاذها في معالجة هذه الازمة هي محاسبة المتورطين فيها وهم المقصرين في أداء وجباتهم بحق اهل البصرة.
واظن ان القرارات السريعة التي اتخذتها الحكومة الاتحادية لاحتواءها عبر تشكيل لجنة وزارية لمتابعة الأوضاع في المحافظة، خطوة على طريق الإصلاح تبعها اعلان وزارة النفط عن توفير10 آلاف درجة وظيفية على قطاع النفط لأبناء المحافظة في أسرع وقت اتمني ان يتم التوظيف اليوم قبل الغد.
اعتقد ان الأوضاع المأزومة بالعراق خاصة بالبصرة تحتاج أكثر من أي وقت مضي الى التحلي بالحكمة واعمال القانون، والإسراع بحل مشكلات الناس وانهاء معاناتهم قدر الاستطاعة في محاولة سريعة لامتصاص الغضب الشعبي من ناحية، ولتطبيق حقوق الانسان في حياة كريمة في وطنه الذي لا يعرف غيره.قبل ان تتزايد نسبة المهاجرين بلا عودة الى بلاد الغربة هربا من الظلم المادي و الاجتماعي و الخدمي
ولعل اسراع الحكومة العراقية بإعلان التحقيق في حادث إصابة بعض المتظاهرين من البصرة خطوة مهمة في سياق الحفاظ على كرامة المواطن العراقي وحفظ دمه وروحه.
كما ان الحكومة العراقية مطالبة ببذل اقصى جهدها وتسخير طاقتها وعلاقاتها وخبرائها المتخصصين في حل مشكلة ملوحة المياه بالبصرة، ولعل بشائر الخير قد تحقق قربيا بعد اتفاق العراق مع جارته ايران في يوليو الماضي على انشاء سدّ على شطّ العرب لمواجهة أزمة ملوحة المياه، في منطقة أبو فلوس.
نعم انها خطوة عملية لحل ازمة المياه لكنها للأسف تأخرت كثيرا ولولا الضغط الشعبي لما تم التوصل لهذا الاتفاق. وهنا ادعو كل المسئولين بالعراق الى ضرورة الإسراع بحل مشكلات البلاد في جانب من جوانب الحياة اليومية للمواطنين قبل ان تنفجرالأوضاع وان نستفيد من أخطائنا السابقة ونحول دون انفجار الغضب الشعبي في اية منطقة من مناطق العراق الحبيب