الجمعة، 17 يونيو 2016

العنف ضد كبار السن - بقلم: سارة طالب السهيل


العنف ضد كبار السن  

بقلم: سارة طالب السهيل



العنف كلمة واسعة المدى بعالم الألم والظلم والتعدي على الآخرين ؛ فهو بكافة أشكاله من أكثر المشاكل الإجتماعية بالعالم عامة ومجتمعاتنا العربية خاصة ،
ويتفرع من العنف عدة أنواع من حيث الضحايا على سبيل المثال لا الحصر العنف ضد الأطفال العنف ضد الزوجة أو المرأة عامة والعنف الأسري الذي يطال فردا او عدة افراد بالعائله، واهتم الباحثون وألأطباء على مستوى العالم بظاهرة العنف عامة وأكثر المهتمين كانوا من الدول المتقدمة.
يستفزني دائما التعدي على الأضعف واستغلال ضعفه في ممارسات مريضة ربما يكون سببها الرئيسي خلل في التربية والتوعية أو مرض عصبي دائم يصاحب المعتدي أو حالة عصبية مؤقتة تطرأ عليه ، ومن أخطر جرائم العنف؛
هو (الموجه ضد كبار السن) سواء كان رجلا او امرأة،  والتي تزايدت بشكل ملحوظ  وملفت للنظر خاصة وانه بعد مقال كتبته عن العنف ضد الأطفال استقبلت رسائل كثيرة على بريدي الالكتروني من أشخاص تعرضوا للعنف وبعضهم كان من كبار السن والكارثة ان اغلبهم تلقوا العنف من أحد افراد اسرهم كالابناء والاحفاد وطمأنتهم انني في سلسلة مقالاتي عن العنف لا يمكن ابدا ان انسى العنف ضد كبار السن وان محله بالنشر اصبح قريب فشعرت انهم بحاجة لنصرة وليس من شخص واحد مثلي ، بل من مؤسسات وحكومات وشعرت انهم فعلا مهمشين .
إن كان الحديث عن الأطفال وحقوقهم قد تأخر في بلاد الغرب نسبة لباقي المواضيع وباقي الحقوق إلا انه بالنهاية قد ظهر ، وان كان الاهتمام بحقوق المرأة والطفل قد تلا إهتمام الغرب بسنوات عديدة في عالمنا العربي والشرق اوسطي إلا انه على الأقل بدأنا بالخطوة الأولى واشعلنا فتيل المصباح ، لكن الأمر الذي ما زال بعيدا عن الأعين وغائبا عن ساحات حقوق الانسان والمطالبات الرسمية وغير الرسمية للمؤسسات في العمل المدني والعام والحقل الاجتماعي أو التطوعي سواء رسميا او من خلال ناشطين في مجالات مشابهة نجد ان العنف ضد المسنين (كبار السن) يكاد يكون مختفيا تماما والسبب لهذا الاختفاء ربما يعود لنفس الاسباب التي ادت لتأخر الاهتمام بحقوق الطفل ورعايته، لو راجعنا تلك الاسباب، الا انه ضف عليها بندا هاما الا وهو ان بعض الانانيين ينظرون لكبير السن على انه ماضٍ وانهم يستثمرون بما يفيدهم للمستقبل من حاضر وما سيليه متناسين أن من لا ماض له لن يكن له مستقبل والشجرة بلا جذور لن تصل عنان السماء، وان ما هم عليه الآن ما هو الا بذرة ماضٍ وتعب من سبقوهم وحصيلة ما مر ونتيجة لجهد عائلتهم الصغيرة اولا ومن ثم نتاج حصاد تراكم المجتمع وتجاربه وعطاءاته بشكل عام مما ينعكس على حاضر كل من يتشارك هذا الحيز تحت السماء.

الرأسمالية والحياة العملية واللهث وراء المال 
ان الرأسمالية والحياة العملية واللهث وراء المال والسباق الذي وضعت الإنسان به تلك الدول التي نست الانسان والانسانية واستخدمت الفرد على انه اداة ووسيلة و جردته من المشاعر والاحاسيس والاحتياجات العاطفية والنفسية واصبح اهتمامها بالمواطن كإهتمام المزارع بحماره لأنه يساعده في مصدر رزقه فقط ويعينه على عمله ، فقدنا الروح وفقدنا القيم وما سيأتي سيكون اعظم للأسف لاننا ان لم نصح سنبقى في الانحدار والتدهور الأخلاقي والانساني إلا ان الامر لا يخلو من بعض المحاولات البسيطة التي ليست على قدر الطموحات المرجوة فقد لاحظت بقراءاتي في الفترة الأخيرة  العديد من الدراسات والأبحاث ، أطلقوا عليها العنف ضد المسنين وسوء معاملتهم . ووقعت عيني على خبر محزن في إحدى الصحف بأن معدلات العنف ضد المسنين  في زيادة مستمرة في مجتمعنا، وهذا يعني امورا كثيرة : اولها ان الرحمة بدأت تغيب ليحل محلها الوحشية وروح الانتقام وغياب التسامح ورحيل الضمير والبعد عن مخافة الله وقد خلقنا الله سبحانه وتعالى بفطرة سليمة تبحث عن الخير والوئام والمحبة لكن تتلوث هذه الفطرة مع الاسف بمرور الزمن والتجارب عند البعض واعتقد ان الوصايا الدينية انشغلت بالسياسة وامتهنت وظائف اعلامية واعلانية وتناست دورها الرئيسي في توجيه الناس للفضيلة والتحابب والتراحم،  الى ان وصلت الاحصائيات في أحد الابحاث الاجتماعية التي قرأتها أن أكثر أنواع الإيذاء يتمثل في الإهمال، إذ بلغ المتوسط 2.80%، يلي ذلك الإيذاء النفسي بمتوسط 2.49% ، ودعت الدراسة إلى وضع برامج احترافية لمواجهة ظاهرة تزايد العنف ضد كبار السن في المجتمع بصفة عامة.
  نحن نحتاج هذه البرامج الاحترافية التي تساعدنا على العناية اليومية بكبار السن، لكن قبل ذلك اجزم بأننا نحتاج إلى الرغبة في مساعدتهم وعدم التأفف من وجودهم وخدمتهم وهذه لا يفيد معها أي تدريب بل يجب أن تنبع من إيماننا بفضل الكبار بعد الله علينا وشعورنا تجاههم بالمحبة والمسؤولية والإمتنان رغم ما يمكن ان يواجهه الأشخاص المعنيون برعاية المسن من المشكلات الشخصية والنفسية والمادية والاجتماعية وايضا في سبيل ترتيب الوقت والاولويات من حيث العمل والوظيفة وايضا رعاية الاطفال ان وجدوا، ولكن هل سأل الفرد نفسه عن المعاناة التي واجهها اهله في تربيته وما التحديات التي واجهها اهله وتحملها الاب والام الى ان كبر واصبح رجل او امرأة حيث جاء لهذه الدنيا كدمية لا تعرف شيئا فاعطته اسرته الدفء والحنان والامان وحافظت على سلامته وامنت له المأكل والمشرب والملبس والجو المناسب والعلم والدراسة وكلٍ حسب مقدرته ولا يمكن ان تتساوى العائلات بما يمكن ان تقدمه لأطفالها فيتحكم بهذا الظروف المادية والوظيفة والمستوى الثقافي والاجتماعي، ولكن تأكدوا ان كل اسرى مقتنعة انها اعطت اكثر ما عندها حسب مفهومها والان كما اخذت يجب ان تعطي وتفي الدين وترد الفضل الى اهله الان حان موعد رد الجميل . ومن غيرالطبيعي أن  يكون العكس وان يكون مقابل العطاء جحود، وبدل ان ترد الجميل تتزايد حدة العنف تجاه هؤلاء المسنين، والاضل سبيلا ان بعضهم يبرر لك عنفه وعقوقه بان اهله لم يعتنوا به بصغره او اساءوا معاملته، فهل هذا مبرر لانسان قلبه نظيف وضميره سوي؟، فأنت بالطبع مخطيء في تقييمك، فكل ام واب اعتنوا باطفالهم من وجهة نظرهم كل حسب ثقافته وفهمه ووعيه ودرجة اطلاعه وتعليمه وان كان بعضهم قاسيا فانا اجزم ان هذه القسوة كانت تخفي خلفها الحب الكبير والحرص على مستقبل اولادهم وان كان الخيار الاخير بانهم فعلا اخطأوا بحقكم فايضا يجب ان لا يكون بداخلك دافعا للغل والحقد والانتقام، كن انت الافضل، اثبت لنفسك انك قوي كفاية لتاخذ قرار الصفح والعفو عند المقدرة، اثبت لنفسك انك تعاملهم كما انت وليس كما هم يعاملوك لانك انت انت وهم كل شخص يمثل نفسه واخلاقه وتربيته، كل شخص يمثل مفاهيمه وحضارته ورقيه.

اسباب اخرى للعنف ضد كبار السن
هناك اسباب اخرى للعنف ضد كبار السن منها برود المشاعر ومن المهم معرفة أسباب انعدام العاطفة في هذه الحاله لربما سببها خلل نفسي يحتاج لعلاج عند طبيب متخصص  وربما يعود لخلل بالتربية ذاتها الاسباب كثيرة ، الا انني انحي جانبا الاسباب التالية بأن إيقاع الحياة الصاخب وثقل المسؤوليات لان لا شيء بالدنيا اهم من رعاية امك او ابيك او جدك فلهم الاولوية قبل اي شيء لان الحياه مازالت امامك اما هم فهي خلفهم ما بقي ليس باكثر مما ذهب لهذا وقتك ليس كثيرا عليهم لانه سيأتي يوم لن تجدهم ووقتها لن ينفع الندم و لا تأنيب الضمير واعرف ان الزمن دولاب والحياة سداد ودين وما فعلته باهلك سيفعله معك اولادك .. للاسف مفاهيم الحياة التي تغيرت فضعف الاهتمام بالقيم الإنسانية وقوي الاهتمام بالقيم الاستهلاكية؟ اجد السعي خلف المال والرزق وكأن لا قيمة بالحياة توازيه أمرار مثيرا للاشمئزاز أيا كانت الأسباب فهي ليست مبررات إذ لا شيء يبرر إجحافنا بحق المسنين ولا شيء يبرر سلوك العنف ضدهم .
 في مجتمعاتا العربية خاصة ، يتنوع العنف المرتكب فى حقه كبار السن ما بين العنف المعنوى وهو الذى يكون باللفظ ، والعنف المادى الجسدي ، وأن ما يساهم في زيادة معدل هذه الجرائم هو عدم إبلاغ أو شكوى المسن (المجني عليه) عما يرتكب بحقه من جرائم خوفا من فقدان مصدر رعايته ، والذي يعتمد عليه بشكل أساسي، أو اعتقاده أنه لا جدوى من شكواه.  ومن المؤسف أن الجان فى معظم جرائم العنف ضد المسنين من أقرب الناس لهم ، فنجد بعض الأبناء الذين تجردوا من إنسانيتهم يُعَنفون بالضرب والإساءة اللفظية والديهم مما يحط من كرامتهم ، ويعرضهم لمشاكل صحية ونفسية وهو نوع من العقوق الذى يرتكبه الأبناء ضد والديهم أو ذويهم .
تمت دراسة في مصر عن حالات الوفيات لكبار السن بدار التشريح التابعة لمصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل خلال الفترة من 2007 حتى 2010 وقد بلغ عدد الحالات 139 حالة من إجمالى 2868 حالة وقد كان معظمها من الذكور، وقد تعرض حوالي 56% من الحالات إلى عنف بدني، 69% من الحالات إلى الإهمال الذي أدى إلى الوفاة، وقد اشتملت الدراسة على 23% من الحالات التي كان سبب الوفاة فيها هو الطعن بالسكين .
ويتخذ العنف عدة أشكال ضد كبار السن منها :-
العنف الجسدي، ويقصد به أي تصرف يؤدي إلى ألم جسدي عند المسن ، مثل: الحرق، الضرب، الدفع، وعدم التنظيف والرعاية الجسدية... (إلخ) والعنف النفسي ويقصد به أي فعل يسبب ألما نفسيا ومعاناة للمسن مثل: الاحتقار، عدم الاحترام، الحبس، التهديد، الإكراه والإجبار، عدم الاهتمام بالمتطلبات النفسية المتعددة والعنف المادي، وهو أي فعل يصدر من الغير للسيطرة على أموال المسن أو مصادر دخله أو السرقة والنهب، أو إكراه المسن على التنازل عن ممتلكاته.
وبالنسبة للمسنين المقيمين ببعض دور المؤسسات فيتمثل العنف الموجه لهم مصدره في فقر إمكانات هذه المؤسسات، مثل عدم ملائمة المسكن، أو نقص المرافق كغرف النوم أو غرف الطعام، أو قصور التجهيزات كغرف الكشف الطبي أو الترويح.
ويتوقف معدل زيادة تعرض المسن للإيذاء والعنف على عدة عوامل منها: ضعف القدرات العقلية للمسن؛ حيث أن ظهور تصرفات عدوانية وغير طبيعية من قبل المسن قد يؤدي إلى ردة فعل عنيفة عند من هم حوله. وقد يتعرض المسن للعنف بسبب طمع المسيء في أشياء مادية يمتلكها المسن، كما أن العزلة الاجتماعية تلعب دورا في زيادة معدل العنف ضد المسن فهي تزيد من معدلات الإساءة ضده، وتقلل من فرص اكتشاف هذه الإساءة ووقفها، ولذلك فإن المسنين الذين يتركون تحت عناية الخدم هم أكثر عرضة للعنف من غيرهم الذين يتلقون الرعاية من أقربائهم. 
ومن الأسباب أيضا: وجود شخصية عدوانية عند المسن نفسه، وتدهور حالة المسن الصحية؛ فالمسن المريض بالأمراض المزمنة قد يكون عاجزاً من الناحية الجسدية عن طلب المساعدة من الآخرين، أو عن الدفاع عن نفسه. وأرجع المختصين أسباب إهدار حقوق المسنين وتعرضه للعنف إلى عدم المعرفة والوعي الديني والالتزام من قبل المعتدي، وكذلك الظروف الاجتماعية والسياسية التي أهدرت الحقوق الإنسانية وبالأخص حقوق المسنين عبر عزلهم وبشكل مباشر في دور المسنين العجزة. 
ويرى الباحثون أن تعرض المسن للعنف قد يصيبه بالاكتئاب ويعرضه لمشاكل نفسية وصحية واجتماعية خطيرة تهدد حياته، وتجعل التعامل معه على درجة عالية من الصعوبة والتعقيد؛ فهو يجعله يشعر بضعف الحيلة، والخزي والعار، والخوف، والقلق من التعامل مع المجتمع الخارجي. 
وقد لاحظ الأخصائيون من خلال رصدهم للعنف ضد المسنين أن المسنات الأكثر تعرضا للعنف من المسنين الرجال، لأنهن يعشن أطول‏، ويتسمن بالوهن العضوي، ما يجعلهن أضعف‏، ويترملن، ويعشن بمفردهن بنسبة أكبر من الرجال‏. 
فالظروف التي يعشن فيها تجعلهن هدفا سهلا‏، وموضوعا مغريا للجريمة‏، ما يخلق فيهن شعورا بالخوف المبالغ فيه من إمكانية استهدافهن بالجرائم‏، وهو شعور يرسخه نقص الثقة في ما يتوافر لهن من حماية وأمن‏، خاصة أنهن مضطرات إلي الاعتماد علي غيرهن في تصريف بعض شؤون حياتهن. 

السرقة تأتي على قمة الجرائم التي ترتكب بحق المسنين 
وجريمة السرقة تأتي على قمة الجرائم التي ترتكب بحق المسنين وقد يصطحبهما أحيانا عنف كالضرب‏، وحين‏ يكون الجاني معروفا لدي المجني عليها‏، فإنه قد يتورط في القتل خوفا من افتضاح أمره.  وخاصة الطمع عند النزاع علي الميراث‏، أفرز جرائم أخري أبرزها النصب والتزوير والطرد من السكن‏، وأن الجناة غالبا ما يكونوا من الأقارب، أو الخدم، أو الجيران أو الحرفيين، أو ممن يقدمون لهم الخدمات، وهذا يؤكد اتساع الهوة بين ما تحض عليه التعاليم الدينية والقيم‏, وبين واقع حياة المسنين خصوصا الإناث‏.
منظمة الصحة العالمية تعتبرأن العنف ضد الكبار سواء كان عملاً منعزلاً أو مكرراً ، فإنه يعد جريمة خطيرة ضد أشخاص تتعرض حياتهم إلى خطر الاكتئاب الشديد من جراء تلك الاعتداءات. نعلم جيداً أن العنف والإهمال شيئان يصعب التبليغ عنهما، لهذا تبدو الإحصائيات شبه معدومة ، بعض الآراء أكدت أن العنف ليس شيئاً سهلاً يمكن الإبلاغ عنه بسهولة، لأن الخوف من الآخر يبقى هو الذي يجعل الشرطة لا تتدخل في الأخير إلا في حالة وصول بلاغ لها فقط ، وفي حالة وصول حادثة العنف ضد الشخص إلى درجة الإصابة الظاهرة، وهذا بحد ذاته يعد خطأً كبيراً يتخبط فيه المجتمع كل اليوم. 
من يعتدي على كبار السن؟ ، غالباً ما تأتي المعاملة السيئة من شخص مقرب، يعرفه المعتدى عليه جيداً، واحد من أفراد العائلة مثلاً، صديق، ممرض، أو حتى موظف في مؤسسة رعاية المسنين. ثمة حقيقة تقول: إن الأبناء يشكلون المتهم رقم واحد ويأتي الزوج أو الزوجة بنسبة الثلث أي 71%  النساء المسنات يتعرضن للعنف بنسبة 36% من قبل الشباب، بينما الرجال المسنون يتعرضون للعنف بنسبة أقل أحياناً، ربما لأنهم أقل احتكاكاً بالمجتمع وأقل خروجاً إلى الشارع. 
العنف الحاصل أحياناً في دورالمسنين لا يبدو لافتاً للانتباه داخل المجتمع، على الرغم من أنه موجود فعلاً. كذلك الإهمال الذي هو أيضاً جزء لا يتجزأ من العنف فمن خلال تحقيق صدر حديثاً أثبت أن عدد الوفيات داخل مراكز رعاية المسنين نتيجة الإهمال، وعدم الاعتناء الصحيح بالمقيمين في المراكز المتخصصة قد بلغ حداً خطيراً، ناهيك عن الحوادث اليومية مثل السقوط الذي يؤدي في حالات كثيرة إلى الموت السريع. طبعاً هناك عناصر تجعل المسنين أكثر تعرضاًَ للعنف ، مثل حالتهم الصحية أو المعنوية، وشكلهم الخارجي الذي يوحي بالضعف وعدم القدرة على الدفاع عن النفس، ناهيك عن أنهم موجودون في مجتمع لا يتحدث عن العنف بشكل صريح، مجتمع يعيش فيه العديد من الأميين وغير الواعين بمخاطر العنف ضد كبار السن. 

أسباب إهدار حقوق المسنين : البعض يوجه أصابع الاتهام إلى النظم الاجتماعية والسياسية التي أهدرت الحقوق الإنسانية وبالخصوص أهدرت حقوق المسنين عبر عزلهم وبشكل مباشر في دور للعجزة.  وثمة من يعتبر أن خروج الزوجة إلى العمل خارج البيت جعل الأطفال يعيشون وضعاً مختلفاً في غياب الأم وبالتالي خلقت لديهم حالة من الرغبة في الانتقام من الأطراف التي يعتبرونها مسئولة عن عزلتهم أي المجتمع المدني بكل مؤسساته وميكانزماته وفئاته خصوصاً البشرية منها. 
وهنالك من يعتقد أن عدم القدرة على التفاهم بين الكبار والصغار خلق حالة من الانسداد بين جيلين مختلفين ولهذا تحول العنف إلى أسلوب للتفاهم!  القضية أن مشاكل هذه الفئة مغيبة عن الإعلام وصوتهم لا يظهر ربما التلفزيون يسلط أحيانا الضوء على مشكلاتهم ويصفها بالفراغ أو التعلق بالماضي.  وهناك مسلسلات تصور عقوق الوالدين مثلا لكن كل ذلك لا يكفي، لا بد أن تؤمن الأسرة البسيطة بأنها حتى ولو تحولت من نمط الاسرة الممتدة فان من واجبات أفراد الأسرة احترام كبارها في أي موقع.  في الحياة العامة لطالما لفت انتباهي سلوك الشباب في التعامل مع المسنين ولطالما أزعجني أن أرى في باص السفر مثلا شاباً يجلس ويترك شيخاً مسناً يقف على رجليه او يتجاهل طلبه بالمساعدة . المسن في مرحلة عمرية حساسة وعلينا أن نحتوى مشكلاته وآلامه هذه القيمة الإنسانية تبدأ من المنزل قبل المدرسة، ولا تلقن أبدا. 
كما هو الحال مع العديد من المشاكل الاجتماعية فإن ملف الاعتداء على كبار السن يظل من المحذورات التي ما زال البعض يشعرون بالخجل عند البوح بها علانية. 
وبعد أن صار الكلام صريحاً عن العنف بين الأزواج والعنف ضد الأطفال وضد كبار السن صار الكنديون يبحثون عن المخرج من هذا الإشكال الذي أصبح حقيقة قائمة أمامهم. فالكلام بشكل صريح عن المشكلة يعني خطوة كبيرة نحو العثور على حل لها في إطار جماعي يمنح الفرصة لأكثر عدد من الأشخاص كي يبدوا رأيهم أولاً وبالتالي إشعارهم بخطورة الوضع كي يرفضوا التعامل بينهم بأسلوب العنف. 
وقد حان الوقت للكلام وبشكل علني وقاطع عن المعاملة السيئة التي يلاقيها كبار السن في المجتمع من قبل أشخاص يستعملون العنف كطريقة للتعبير عن أنفسهم وآرائهم.  لدينا الكثير كي نتعلمه من هذا النوع من العنف ضد كبار السن، أي الطريقة التي يُعامل بها هؤلاء، والأسباب التي تجعل الضحية لا يخبر أحداً وبالتالي لا يلجأ إلى التبليغ عن حادثة العنف خوفاً من تكرارها ضده من جديد. 
إن أهم شيء في هذه النقطة أن العديد من الناس يجهلون القانون، وبالتالي لا يستعملون حقهم في الإبلاغ عن المعتدين عليهم ، وربما لأن المجتمع الذي يعيشون فيه لايرحم الضعفاء وبالتالي لا يجيد العطف على كبار السن أيضاً.  لهذا يتوجب العمل الجماعي على توحيد الجهود للتركيز على هذه النقطة بالذات، ولإشعارالجميع أن ثمة قانوناً وإجراءات وعواقب من جراء الاعتداء على كبار السن. 

فرض مشروع اجتماعي صارم يجب القول إن الآلية المستعملة أو المتخذة لحماية المسنين من العنف تختلف من دولة إلى أخرى.  البعض يعتمد على قوانين صارمة وبالتالي تسعى إلى فرض مشروع اجتماعي صارم والبعض يعتمد على الحلول النفسية لعلاج الظاهرة.  لكن لابد أن نعترف أن ضعف القوانين هو الذي ساعد على تفشي ظاهرة العنف ضد كبار السن، وكذلك الإهمال في تطبيق القانون نفسه ، عبر عدم المتابعة القضائية للمشتبه أنه ارتكب العنف لعدم دقة الأدلة وعدم كفايتها.  

كيف نحارب العنف؟ 
العنف أو الإهمال المرتكبين ضد كبار السن سواء داخل البيت أو في مؤسسات رعاية الشيخوخة مشكلة موجودة ، ولهذا يجب الكشف عنها كي يتم تصفيتها والقضاء عليها من مجتمعنا.  ويجب على كبار السن أن يعرفوا أولاً حقوقهم كي يعرفوا أن من أهم حقوقهم الإخبارعن حالة العنف التي يتعرضون لها. وعلى الأهل أن تكون لهم دراية في كيفية التعامل مع العنف عند حدوثه، وعلى المؤسسات بالمقابل أن تهيئ للموظفين لديها الأجواء المناسبة لأجل تحمل مسؤوليتهم إزاء أي خطر. كما أن القوانين الصارمة يمكنها أن تحد من عمليات العنف ضد المسنين سواء داخل البيوت أو في الأماكن العامة أو في مؤسسات الرعاية ، كما أن الدعم الجماعي يلعب الدور المهم لأداء أفضل، بحيث يكون كل فرد مسؤولاً عن عمله وعن حماية مجتمعه من العنف عبر تغيير جذري في فكره السلبي. إن كل واحد منّا يجب أن يساهم بما في وسعه لمحاربة العنف سواء كان العنف جسدياً أو نفسياً أو إهمالاً، عبر تناول الظاهرة بكل صراحة وجدية للعثور على حلول لها.
الحلول في رأيي أنه لا بد من السعي لاحتواء العنف الموجه ضد المسنين ‏، وحماية الأشخاص الأكثر تعرضا له‏، والتخفيف من وقعه عليهم ‏، وأن هذا الأمر يحتاج إلى وعي عام حتى يمكن أن نكشف عن طبيعة الظاهرة‏، وأبعادها الحقيقية‏، والدوافع إليها‏، والأساليب المؤثرة للتعامل معها‏، وأنه على المسنين والمسنات معرفة حقوقهم ، والتي على رأسها ضرورة التبليغ والشكوى عن مايرتكب ضدهم من العنف ؛ وهذا لاينفى ضرورة تفعيل دورمؤسسات المجتمع المدني وأفراده للكشف عن هذه المشكلة ومحاربتها والقضاء عليها ، وعلى الأهل أن يكونوا على دراية بكيفية التعامل مع ذويهم من المسنين والمسنات. وعلى دور رعاية المسنين أن تهيئ الأجواء المناسبة داخلها بشكل يضطر فيه الموظفون إلى تحمل مسؤوليتهم، والتصدي لأي خطر قد يتعرض له المسن من قبل أي معتد من خارج المؤسسة، هذا بالإضافة الى أن القوانين الصارمة يمكن لها أن تحد وتوقف العنف ضد كبار السن داخل البيوت أو في الأماكن العامة أو في مؤسسات الرعاية. لأن العنف في المؤسسات ناتج عن تصرفات أحادية ؛ عندما يسعى البعض إلى فتح مؤسسة لرعاية المسنين يختار المكان ويختار الشكل للمؤسسة ولكنه ينسى اختيار العناصرالبشرية الفاعلة والقادرة على الأداء الجيد، ولهذا السبب يحدث التصادم. و عندما يصاب الممرض بالاكتئاب مثلاً فسينعكس ذلك على عمله ناهيك على أن الضغط سيكون كبيراً عليه بسبب كثرة العمل وقلة الدعم من مسؤولية ، مما يساهم في تحويل عمله إلى أداة عنف ضد المسنين الذين يسكنون المؤسسة ولهذا حان الوقت لتغيير السلوك السلبي عبر وضع أسس سليمة للرعاية. 
ان قلوبنا يعتصرها الالم لتفشي ظاهرة العنف ضد الكبار .
تصوروا أن دولة السويد بدأت هناك ظاهرة في تقديم قروض لتشجيع رعاية المسن في عائلته للحفاظ على تنوع وتواصل الاجيال، فيا ليتنا نتعض ويا ليتنا نقلد ونتبع الاصلح ونتوقف عن التقليد الاعمى لارذل الصفات والتصرفات في انحاء العالم تاركين النماذج المشرفة والسلوكيات الراقية وان نسعى دوما لنكون في راحة نفسيه لا يمكن ان تصدر الا من شخص مرتاح الضمير.