الاثنين، 11 نوفمبر 2019

العنف والعنف المضاد في عالمنا العربي أخطر ما يهدد أوطاننا...سارة طالب السهيل

تنامت ظاهرة العنف في الشارع العربي من المحيط الي الخليج بشكل بات يهدد أمن واستقرار الأمن الاجتماعي العربي، خاصة وانه خلف العديد من الضحايا الأبرياء .

وفيما تبادل الشارع العربي كل أشكال العنف بين أفراده، فإنه يتبادل العنف أيضا مع مؤسسات دولته، مما يدفع المؤسسات العربية خاصة الشرطية لدخول في مواجهات موزاية لردع هذا العنف الواقع عليها وعلى المجتمع سواء، لنظل في دائرة مفرغة من العنف لا تنتهي .

فمن منا لا يري يوميا صراعا على الأحقية في الشارع لسير السيارات، ولأخذ مكان لصفها على الأرصفة أو داخل الكراجات  (المواقف). ومن منا لا يري الأطفال وهم يمارسون لعبة كرة القدم وكل مجموعة تحاول السيطرة على أرض ما من أجل أن  تمارس رياضتها، ولعل العنف بين طلاب المدارس خاصة الثانوية حيث ذروة المراهقة أكبر نموذج على ذلك .

ومع تعدد آفات العنف من إساءات غير أخلاقية  للنساء  وتطاول لفظي وجسدي متبادل بين أفراد المجتمع وأيضا اشتباكهم مع رجال الأمن بجانب تبادل العنف السياسي فيما بين الأحزاب السياسية وغيرها، فان ذلك يعكس من وجهة نظر إجتماعية صرفة وجود تنافر اجتماعي نتيجة العديد من العوامل يمكن اختصارها في وقوع ظلم اجتماعي يأتي العنف للتنفيس عنه إخراجه على السطح .

ورغم أن العنف الإجتماعي يعد ظاهرة عالمية إلا أنه في عالمنا العربي قد استفحل خطره وزادت معدلات جرائمه خاصة بعد ثورات الربيع العربي، التي خلقت كيانات سياسية وقتالية تحفز على الاقتتال والتناحر الداخلي تحقيقا لمكاسب خاصة، في الوقت الذي تراجعت فيه الي حد كبير منظومة القيم العربية الأصيلة فيما يعرف اصطلاحا  بالأعراف الاجتماعية التي كانت تكرس للتسامح والتصالح بين الفرقاء

ولعل ما تشهده مجتماعاتنا العربية من حمل سلاح آلي  أو أبيض او عصا يحملها الشاب، كارثة تعبر عن الإنحراف السلوكي الذي نشأ في الطفولة وجرى اهماله دونما علاج ـ بحسب خبراء علم النفس ـ  فاستفحل لغياب مفهوم القدوة وغياب الدور الرقابي والتربوي والتثقيفي لمؤسسات الأسرة والمجتمع ككل .

وتنتشر ظاهرة الإنحراف السلوكي المؤدي لثقافة العنف الاجتماعي في مناطق الصراعات خاصة في العراق وفي مجتمعات الزحام مثل مصر حيث الكثافة السكانية المرتفعة، وفي البلاد التي يغيب فيها وجود الدولة ومؤسساتها مثل الصومال و ليبيا  .

وبحسب دراسات المتخصصين في علم النفس الإنحراف السلوكي يبدأ لدى الإنسان منذ نعومة أظافره من سن 3 الي 6 سنوات  فيتشبعون بالعنف وعندما يصلون الى سن المراهقة يصبح لديهم ميل شديد للعنف دون معرفة أسباب لذلك، غير أن علماء النفس يصفون هذه النماذج بالشخصيات "المضادة للمجتمع"، ولعل هذا المصطلح هو أصدق وصف لهؤلاء الذين عرف عنهم سوء التوافق مع الآخرين والاصطدام بالقوانين، وهو ما يوصف أيضاً بالسيكوباتية والتى تعرف لدى العامة "بالبلطجة" أو "الإجرام" الذى يتصف به الأشخاص الذين يعرف عنهم الميل إلى ارتكاب الحوادث وتكرار ذلك دون رادع من ضميرهم أو خوف من العقاب الذى ينتظرهم .

 

مظاهر العنف

رصدت مؤسسة مؤشر الديمقراطية التابعة للمركز التنموي المصري وقوع 1641 حادث عنف و"إرهاب" سياسي في الأشهر الثلاثة الماضية، بمتوسط 16 حادثا يوميا، أي حادثة واحدة كل ساعة ونصف.

ووفق تقرير أصدره المؤشر، تسببت حوادث العنف في مقتل 174 شخصا، وإصابة أكثر من 600 منذ بداية العام 2015 رغم العمليات العسكرية التي تُنفذ بسيناء ضد ما وصفه بالبؤر الإرهابية.

وأوضح  التقرير أن شهر يناير الماضي شهد 664 حادثا، بينما وقع في فبراير 419 حادثا، وجاء شهر مارس في المرتبة الثالثة بـ378 حادثا.

وجاءت زراعة المتفجرات في الأماكن العامة والمؤسسات في الصدارة حيث سجل انفجار 286 عبوة ناسفة وصوتية، بينما تم إبطال مفعول 535 قنبلة، وفق نتائج مؤشر الديمقراطية.

وذكر التقرير أن الجهاز الأمني للدولة تورط في 228 حادث عنف، فاعتمد في مواجهة العنف بالعنف تارة وبالتعبئة الإعلامية تارة أخرى، وهو ما صنع مناخا محفزا للمزيد من العنف المتبادل .