الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

الآلة الرقمية بين خلق البطالة وتوفير فرص العمل بقلم الكاتبة سارة السهيل

الآلة الرقمية بين خلق البطالة وتوفير فرص العمل 

بقلم الكاتبة سارة السهيل


تسارعت معدلات البطالة في العالم الحديث منذ اختراع الآلة وصولا لعصر تكنولوجيا المعلومات الحالي الذي الغي مهن وظائف عريقة كثيرة، وخلفت مشكلات اجتماعية واقتصادية ألقت بظلال وخيمة على الافراد والمجتمعات خاصة في عالمنا العربي الذي يعاني منذ فترة من الحروب والصراعات ومن ثم تقلص فرص التنمية والتطور الاقتصادي.
وتعرف البطالة وفقا لمنظمة العمل الدولية، بأنه كل من هو قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولايجده. وللبطالة بخلاف تأثيرها علي انتشار معدلات الفقر وعدم القدرة علي تلبية احتياجات الانسان الاساسية أزمات اخري خطيرة علي الامن السياسي والاقتصادي للدول حيث تدفع العاطلين الي ارتكاب جرائم العنف والإرهاب واللجوء للاعمال المشبوهة فضلا عن تنامي مشاعر النقمة  على المجتمع وتفقدهم قيم الولاء والانتماء للأوطان.
ويرجع الخبراء المتخصصون ارتفاع نسبة البطالة حالياً، إلى تغيير البنية الاقتصادية الدولية وادخال التكنولوجيا الحديثة، فما كان يقوم به 10 أشخاص في الماضي، يقوم به شخص واحد بسبب وجود الآلة وبالرغم من أن التقدم التكنولوجي وزيادة المبتكرات التي تعمل على زيادة النمو عبر اكتشاف موارد و طرق إنتاجية جديدة إلا أن هذا التقدم يؤثر بالسلب على العمالة و توفير فرص العمل حيث أن الادوات الإنتاجية الجديدة ألغت مئات الألوف من الوظائف والمهن والأعمال التي كان يقوم بها العمال وبالتالي تؤدي إلى البطالة وزيادة عدد العاطلين.

تسريح العاملين
فاستخدام التكنولوجيا الحديثة كالكمبيوتر والآلات الحديثة عمل على تقليل عدد العمال في بعض الصناعات التي طبقت التكنولوجيا الحديثة في صناعات الغزل والنسيج وصناعة الإعلام والجوازات والطيران وايضا السيارة التي تسخدم  الـ«روبوت » وهي سيارات ذاتية القيادة تستخدم لرعاية كبار السن ، كما تستخدم في المصانع والشحن وغيرها، وايضا السيارات المستقبلية التي تم تصميمها لتعمل بلا سائق
وبالطبع فان مثل هذا الروبوت سيلغي عمل آلاف السائقين.
وهناك الربوت ايضا الذي يقوم بدور حارس الأمن؛ ويقوم بدوريات في أماكن العمل، ويتفحص الغرف بتقنية ثلاثية الأبعاد ليُبلغ عن أي مظاهر للخلل الأمني، ومع انتشار مثل هذه التقنية فقد تصبح بديلا ضباط الأمن.
ويرجح المتخصصين وظائف اخري مستقبلية للتحول الآلي ومن ثم يفقد العاملين فيها وظائفهم مثل الطباعين، ووكلاء العقارات، والعاملين في تجارة التجزئة.

وظائف جديدة
غير ان الخبراء المتفائلين يرون وفقا لدراسات علمية أجروها، أن أجهزة الكمبيوتر حلت محل العمالة في العديد من المدن الصناعية القديمة، لكن في الوقت نفسه فإن هذه الأجهزة أنشأت مجموعة كاملة من الوظائف الجديدة في أماكن أخرى بما ساهم في معالجة البطالة العالمية.
وتعد تطبيقات الهاتف المحمول نموذج واضح على دور التكنولوجيا في خلق وظائف جديدة  من خلال التطبيقات الرقمية للمتاجر الكبري مثل تطبيقات آبل، حيث  تستطيع الدخول على حسابات 500 مليون شخص ممن لهم حساب على متجر آبل.
فالصناعات التي خلقتها التكنولوجيا الحديثة مثل صناعات الكمبيوتر والحاسبات الآلية والاتصالات وشبكات المعلومات زادت أعداد العمالة الموجودة بها وخلقت فرص عمل لكثير من الشباب، ولكن أثبتت الدراسات أن الصناعات الحديثة المصاحبة للتكنولوجيا المعاصرة تستلزم معارف متجددة وتدريب وتعليم متواصل للتكنولوجيا الحديثة.

تحديات
مع ذلك تشكل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المقابل تحديا أمام العمالة وأصحاب العمل، لأن مجالات عملها مؤقتة أو مقيدة بعقود محددة ، مما يؤدي إلى فصل العمل عن شبكات الأمان الاجتماعي كالتأمين الصحي أو المعاشات لكنها، بالنسبة للشباب تضيف لهم فرصا اكبر للدخل اذا ما استمروا في تطوير مهاراتهم.

افكار لازمة
وامام الازمات التي خلقتها التكنولوجيا وسيطرة الالة علي الكثير من المهن، فان المجتمع الانساني بحاجة الي خلق فرص عمل تستفيد من التكنولوجيا في توفير وظائف عديدة مثل تشجيع الاستثمارات التي تتسم بكثافة اليد العاملة في الهياكل الاقتصادية في المجال الزراعي وصناعة الملابس وتشجيع الصناعات الصغيرة التي تستقطب عمالة كثيفة.
كما ازمة البطالة تحتاج توفير قاعدة عملية تكنولوجية لزيادة التعليم والتدريب المستمر والبحث العلمي الذي يقود الي تغيير سياسات التعليم والتدريب لتحقيق التوافق بين مؤهلات العمالة واحتيجات سوق العمل.
ووفقا لخبراء متخصصين فان سوق العلمل في عصر تكنولوجيا المعلومات يحتاج التوسع في الصناعات التكنولوجية حديثة تعتمد على تعليم وتدريب ومعارف عالية مثل صناعة الحاسبات الآلية وتجميع الكمبيوتر وشبكات المعلومات والاتصالات.
كما يحتاج سوق العمل خلق شبكات الأمان الاجتماعي التي توفر إجراءات الحد من النتائج السلبية المحتملة للتوظيف عبر قنوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وتبقي قضية وضع أنظمة مالية معترف بها دوليا  لضمان دفع رواتب العمال حافزا علي التطور العملي والعلمي والاجتماعي في سوق العمل.
وفي تقديري ان الحكومات في زمن العولمة  وسيطرة الشركات متعددة الجنسيات والعابرة للقارات والحدود، عليها مسئولية كبرى في وضع تشريعات وحوافز استثماراية جاذبة للمستثمرين، بحيث تعطيهم حوافز للاستثمار في مجالات عمل كثيفة العمالة، كما تضع لهم ضوابط قانونية تحفظ حقوق العمال من الفصل او إنتهاء عقود  العمل المؤقتة.