ما يلفظ من قول
سارة طالب السهيل
لكل فكرة سبب وانا ابحث دوما عن الأسباب حتى أطور الأفكار
أراقب الناس واحوالها و ارصد الإيجابيات لنثني ونؤكد عليها و ننميها و السلبيات لإصلاحها وتغيرها
و عندما نرصد سلوكا أو وضعا سلبيا يجب تحليله تحليلا عميقا و العودة لأسبابه و كل ما يمت له بصلة حتى نتوصل لحل و علاج يجب أن نشخص جيدا
هذه الأيام تشغلني كثيرا قضية لفظية و كتابية تقال وتكتب أساسها فكر خاطيء و سوء أدب و ضيق أفق
وهي قضية تداول الموروثات الشعبية من نكات وحكم و طرف وأمثال و قصص قصيرة وأحيانا قصائد أو أبيات من قصيدة تحمل في بطنها كره مبطن أو معلن لمجموعه من الناس
البعض يعتقد أنه كلام وطار بالهواء اضحكنا قليلا أو رفه عنا لا أكثر غير مدركين تأثير الكلام على المستمع بالأخص الصغير الذي يلتقط بسرعة أكبر من الكبير الذي ربما يأخذ وقتا أطول قليلا للتطبيع مع فكره أو موقف جديد
نتساءل دوما عن سبب تردي الأخلاق ونلوم الزمن ونعيب بالناس و نتناسى أننا جميعا ساهمنا بالدمار و سوء التربية و تقسية القلب وخلق البغض و العداء أو الاستهتار بالآخرين حتى طالنا جميعا ونابنا من الحب جانب كما يقول المثل
نسأل أنفسنا باللهجة العامية (يا خسارة الناس مو هي الناس شصارلهم شدعوى راحوا الطيبين) وعبارات كثيرة تدل على الإمتعاظ و الإستياء
ولم نفكر يوما لماذا كرهت القلوب ولماذا ساء الأدب ولماذا هبط مستوى الناس
بالطبع هناك اسباب عديدة
ولكني أرى أنه من أهمها: موروثاتنا الثقافية والفكرية وبعض المفاهيم التي فسرها الناس خطأ بالدين و كلها ترجمت لعبارات وكلمات كتبت أو قيلت أو مثلت أو ترجمت
وأكثرها شيوعا :
تلك النكات و الطرف التي تختص بفئة معينة
سواء بلد أو مدينة أو قومية أو طائفة
أو دين
حتى وإن كان بعيد جغرافيا الأخلاق لا تختص بحسن التصرف و السلوك فقط مع من هم أمامك و إلا أصبحت نفاق
و إن كانت الفئة بعيدة ثقافيا عن مفاهيمك ومعتقداتك فهم أيضا مؤمنين بأفكارهم
الراقي فقط من يرتقي و يسمو بالإحترام للجميع و مراعاة مشاعر الصغير قبل الكبير الفقير قبل الغني
العدو قبل الصديق البعيد قبل القريب
( قبل بالمعنى المجازي و إنما المقصود الكل و التأكيد على ما يمكن أن يستبيحه البعض بسبب بعده أو إختلافه)
كما أن بعض الأمثال الشعبية القديمة و الحكم و الأقوال تحث على الكراهية والبغض و العنصرية
و تخلق مفاهيم لدى المجتمع مع مرور الوقت وترسخها وكأنها صواب حيث يعتادها الناس
ومع مرور الوقت يعتقدون أنها صحيحه لقدمها و توراثها
فيجب الحذر و الإنتباه من تداول مثل هذه الأقاويل المخربة
كما يجب الإنتباه أيضا لما يمكن أن يدسه المعاصرين من الكتاب سواء المخضرمين أو الشباب من أفكار مشوهه بدس السم مع العسل
وأدعو منظمات اللغة العربية كافة للإنتباه لهذا الأمر
والتصدي له خاصة في المناهج الدراسية في المدارس والجامعات و المؤسسات الثقافية الأكثر انتشارا و شعبيه
ومن الواجب أن تنتبه وزارات التربية والتعليم و وزارات الثقافة و تبدأ بوضع خطة لاستبدال مثل هذه العبارات بعبارات مودة و رحمة عبارات تجمع ولا تفرق عبارات تقرب و لا تبعد
فنحن بزمن كثرت فيه الحروب و القتل و الدمار
وتكالبت علينا الأمم
كما تنازع أبناء الوطن الواحد بعد زرع الفتن بين الأهل و الجيران و الأخوة
أيها الناس كلنا نعلم أن أساس كل شيء الحرف و الكلمة؛ المكتوبة بالطبع لأن الكلام المحكي ربما يتلاشى و يندثر مع الزمن أما الموثق فيبقى وتتناقله الأجيال
ومن هنا حرص النبي عليه الصلاة والسلام و الأنبياء جميعا و بأمر أو وحي من الله سبحانه وتعالى أن تكتب كلمات الله و تحفظ آياته و سوره ومزاميره و وصاياه بالقرآن الكريم و الإنجيل و التوراة و الزبور
كما حرص العلماء منذ القدم على تدوين اكتشافاتهم و ابحاثهم و تجاربهم و اسفارهم .
و لم يكتف الأدباء برواية قصصهم وحكاياتهم و لا الشعراء بإلقاء قصائدهم بل وثقوها بكتب محفوظه كما علق الشعراء قصائدهم في الجاهلية على الكعبة و التي سميت بالمعلقات
ومن هنا أهمية التدوين لا يختلف عليها اثنين
فهذه المدونات و الكتب التي بين يدينا منها ما بقي أحرف على ورق ومنها ما يتحول لأعمال درامية أو برامج تلفزيونية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وعلمية فكلها كانت نصوص قبل تحويلها لمرئي ومسموع
اذا الأساس الكلمة التي كانت فكر و رأي أو خيال أو خلاصة تجارب وخبرات أو نظريات و قواعد
بهذا الزمن السلطة الأولى للإعلام أي للكلمة فالاعلام يساهم في الوعي و التعليم وتشكيل الرأي ووجهات النظر بل و يغير أنظمة و يقلب حكم و يزرع المفاهيم
فكيف نترك الكلمة تتسرب للإعلام دون رقيب أو حسيب و هذه الكلمة مثل غذاء للأطفال إما يغذيه فينمو و يكبر و إما تكون السم القاتل
بعد اتفاقنا لدور الإعلام في خلق الأجواء الموتورة في الكثير من الأحيان ...أطالب بنفس اللجان التي سيتم تشكيلها لإعادة النظر في المناهج الجامعية و المدرسية و المؤسسات أن يكون لها هيئة رقابة على وسائل الإعلام كافة بالمنع و التصدي للغة الكراهية و العنصرية و التفكيك
و بالمقابل فرض العبارات و الجمل أو القصص في المناهج و في البرامج الإعلامية التي تهذب الأخلاق و السلوك و تفتح الشعوب على بعضها و تعلم الناس كيف تقبل بعضها البعض
ومن هذا المنبر الإعلامي أخاطب سبادة رئيس الوزراء بالاجتماع بالوزارات المعنية لوضع خطه واحدة منسقه بينهم لأن جهة واحدة لا تنفع فالكثير من المشاريع فشلت لأن ما تبنيه مؤسسه تهدمه مؤسسه أخرى دون قصد فلا يمكن الوصول لأي هدف دون تكاتف الجهود
وكوني كاتبة و مفكرة مختصة بأدب الطفل و تعليمه و المطالبة بحقوقه و الدفاع عنه أؤكد لكم جميعا أن ما تبنوه سياسيا أو اقتصاديا لن يدم طويلا أن لم يكن هناك شعب واع مثقف متفهم تماما مثل رجل يكد و يتعب ليصنع مجدا و ثروة و مؤسسات و يورثها لابنه الذي نسى أن يؤهله كونه غير مؤمن بالإهتمام بالطفل وتنشئته ماذا ستكون النتيجة سيرث الشاب مجدا لا يقدره و لا يفقه منه شيئا و سيضيع تعب أبيه كله هباء منثورا
فليكن هدفنا تغيير اللهجة التي تسببت بالكثير من المشاكل والمتاعب
انا ارى ان الطائفيه المقيته ما كانت لتنمو و تتوغل لولا الكلمات التي تحض على الكره و نبذ الآخر و الإعتراف برأينا و تجريم الرأي الآخر
يجب تعليم الأولاد في المدارس أن للحقيقة أوجه كثيرة
ولست انا الصواب الوحيد
يجب تعليمهم أن الرأي و الإعتقاد حق شرعي يجب علي احترامه وتقبله مهما اختلف عني
أتساءل دائما كيف كان الناس يعيشون في الماضي ألم يكن هناك تعدد قوميات وتنوع بالأديان و الطوائف و الانتماءات السياسية و الحزبية وكانوا يتشاركوز مائدة الطعام مشاركتهم للحياة عامة
عرفنا الأسباب فلنعمل على بترها من جذورها لنصل لمجتمع متجانس متحاب
و يتميز بالأدب و حسن السلوك و احترام الآخر
سارة طالب السهيل