الخميس، 30 نوفمبر 2023

استثمار مقاطعة المستوردات

 

استثمار مقاطعة المستوردات


سارة طالب السهيل
30-11-2023 08:12 AM

الفرص تتفجر من بطن الازمات والكوارث، كما تتفجر الينابيع من باطن الأرض لتحيي الأرض بعد موتها، والحقيقة ان معظم أراضينا العربية تواجه شبه الموت الاقتصادي في العقود الاخيرة بفعل اعتمادنا على السلع المستوردة من الخارج في كل مفردات حياتنا اليومية من مأكل ومشرب ودواء  وتجميل وزينة .

في المقابل هجرنا صناعتنا المحلية وجعلناها على الهامش، والأنكى من ذلك كله ان الكثير من الصناعات المحلية في أوطاننا العربية من شركات ومصانع تعمل بنظام الفروع للبراندات الماركات والعلامات التجارية العالمية مما جعلنا تابعين في اقتصادنا لهذه العلامات  .

ومن رحم مأساة  غزة المحاصرة، تفجرت الفرصة لمناصرة شعبها الصامد على الأرض بسلاح مقاطعة شعوبنا  للسلع والمنتجات الغربية  لدعمها لسلطات الاحتلال الاسرائيلي في تدمير غزة وشعبها، وتوسعت حملات المقاطعة لإحياء البديل الوطني من المنتجات المحلية العربية .

هذه المقاطعة  التي خرجت من رحم آلام شعب غزة ، وأدارتها الشعوب العربية  من بواعث أخلاقية ودينية وانسانية  تحتاج الى استغلال حكيم من جانب الحكومات والمسئولين ورجال الأعمال العرب وتوظيفها لدعم الاقتصاديات الوطنية من خلال ثلاث محاور هي :

المحور الاول يركز على: التوسع في رقعة الانتاج الزراعي والصناعي العربي ، وضخ الاستثمارات الوطنية بهذين الحقلين بدلا من استثمار رجال الاعمال العربي أموالهم بالخارج .

ويمكن لكل قطر عربي انتاج السلع التي يحتاجها شعبه من غذاء ودواء وصناعات وطنية بما يشجع الصناعة المحلية وبعثها حية مجددا كصناعات الملابس والاغطية والمفروشات والمنظفات والمطهرات وأدوات المائدة وغيرها، على ان يتم ذلك بخطط مدروسة وبعناية فائقة لتؤتي ثمارها بسرعة تحتاجها أوطاننا، على سبيل المثال لا الحصر، فالصمغ العربي  الذي يتواجد 70 % منه عالميا  بالسودان يمكن للتعاون العربي في استثماره عربيا بإدخاله في العديد من الصناعات كالطباعة وانتاج الطلاء ، والغراء ، ومستحضرات التجميل والعديد من التطبيقات الصناعية الدوائية والغذائية .

والرمل المصري الموجود في سيناء يعد من أنقى انوع الرمل بالعالم ، وهو يمكن توظيفه في تصنيع أشباه الموصلات والسيليكون اللازم لتصنيع  الرقائق الاليكترونية .

وتشتهر اليمن بزراعة البن وبعسل النحل الجبلي ويمكن تطوير هذه الزراعات والتوسع فيها وزيادة انتاجها محليا كسلع تنافسية تزدهر بها اليمن، ويمكن اقامة عدد من المشروعات الصناعية القائمة على منتجاتها محليا .

المحور الثاني: يركز على استغلال سلاح المقاطعة في دعم الصحة  العامة بدولنا العربية، بالاعتماد على المواد الخامة الصحية المتوفرة في بلادنا مثل استبدال الصابون المستورد والمصنوع من مواد كيمائية بمكونات وطنية لإنتاج الصابون من الغار وزيت الزيتون مثل الصابون النابلسي ، واستبدال البيبسي كولا التي تحتوي كل علبة منها على ما يعادل عشرة معالق سكر ، بمشروبات محلية قليلة السكر ، وبذلك نمنع أمراض السكر و الضغط و الكوليسترول وتوابعها في بلادنا  فالمقاطعة لهذه المنتجات الضارة ستؤثر ايجابيا على صحة الناس، حتى انني شاهدت فيديو لرجل امريكي يؤكد وجود لحوم بشرية خاصة لأطفال في لحوم احد المطاعم العالمية المشهورة جدا والتي تم مقاطعتها حاليا بسبب دعمها الصريح للحرب على أطفال غزة.

وأيضا التوقف عن شراء اللحوم المجمدة والمصنعة المستوردة من الخارج والتي لا نعلم طريقة ذبحها وفق الشرائع السماوية أم لا؟ ولا نعلم طريقها هرسها وفرمها بجلدها وعظامها أم لا ؟! والعودة لطريقة أهالينا في شراء اللحوم الطازجة من الجزار وفرمها أمام أعيننا لضمان سلامتها وجودتها الصحية .

أما المحور الثالث : فيعتمد على قدرة رجال الاعمال الوطنيين في استثمار المقاطعة بضخ اموالهم في استثمارات زراعية وصناعية تقدم بدائل للمنتجات المستوردة وبجودة لها قدرة على المنافسة العالمية، وهو من شأنه ان يحفظ أموالهم داخل الوطن بدلا من استثماراها بالخارج وحمايتها من التعرض لمخاطر خارجية، ومن شأنه أيضا فتح مجالات عديدة من الانشطة التجارية الصناعية التي تستقطب الأيدي العاملة المحلية بما يقضي على البطالة، وايضا يقلص الاعتماد على العملات الاجنبية خاصة الدولار ، ويقوي العملات الوطنية  .

في تصوري، لو أننا أحسنا استغلال سلاح المقاطعة على هذا النحو فانه بإمكاننا ان ندعم اقتصاداتنا الوطنية بما يقوي مركزنا السياسي في العالم الذي يتخذ من مصادر القوة الاقتصادية مرتكزا لقوته السياسية والعسكرية وفرض قراره على الدول النامية .

ويجب الا نغفل أبدا عن حقيقة ان الصهاينة سيطروا على المجتمع الدولي بسلاح الاقتصاد والمال والاعمال ، وبسطوا ايديهم على السوق العالمي وفرضوا كلمتهم القوية عليها من خلال سيطرتهم على البنوك والصناعات .

فعائلات روتشيلد و روكفلر ومورجان دوبونت وبوش وغيرها ممن يسيطرون على الاقتصاد العالمي هم انفسهم الذين يتحكمون في صعود المرشح الرئاسي لقيادة القوى العظمى الامريكية .

من هنا يظل دعم اقتصاديتنا الوطنية ضرورة رئيسية في حماية أمننا الوطني والقومي ، ولدينا كل مقومات النهوض الاقتصادي مواد خام من غاز ونفط وذهب ومعادن وغيرها يمكن توظيفها في صناعات محلية تلبي احتياجات سوقنا العربي الكبير ، ويمكن ايضا الاستفادة من أبنائنا الذين تلقوا احدث نظم التعليم بالخارج وتوظيف علومهم في تطوير منتجاتنا الوطنية .

أتصور ان صناعتنا الوطنية العربية ترتكز على أرضية صلبة من مقومات الصناعة الحديثة ، فالكثير من الدول العربية التي حققت طفرة في الصناعات الهندسية مثل الغسالات والثلاجات والمواقد وغيرها بأيدي وطنية ومستعينة بخبرة أجنبية ، وقد تشربت الأجيال العربية هذه الخبرة وباتت تطور عليها، ويبقي علينا توطين هذه الصناعات محليا وضخ  استثمارات وطنية في تطويرها  بجودة عالمية لتلبي احتياجات الداخل  العربي والباقي يجد طريقه للسوق العالمي، كما ان صناعة الدواء في الأردن صناعة يشهد لها العالم من تطور وتقنية عالية.

ولابد من مواكبة التحول للإنتاج المحلي زيادة الاهتمام بالبحوث العلمية والصناعية وتوظيف نتائجها في تحقيق طفرة صناعية بأوطاننا العربية ، مع نشر الوعي الاعلامي التسويقي بالمنتجات الوطنية، والعمل في تغيير انماط الاستهلاك  والتسوق في دولنا العربية لكي تتسق مع المنتجات المحلية القومية .

وتحقيق هذا الهدف الاسمي من نهوض صناعتنا واقتصاديتنا العربية مرهون بتوافر جملة من الشروط المهمة منها توافر دعم حقيقي من الحكومات والقطاع الخاص لتقديم منتج جيد الصنع وبسعر تنافسي .

الأحد، 5 نوفمبر 2023

تجريم معاداة العرب والفلسطينية مطلب شرعي

 

تجريم معاداة العرب والفلسطينية مطلب شرعي


سارة طالب السهيل
05-11-2023 11:21 AM

ظن المجتمع الانساني العالمي، انه قد عبر آلام الحربين العالميتين بكل ارهاصاتهما من فاشية ونازية وكلاهما يعليان من التعصب القومي، والعداء للأجانب من الأجناس الأخرى .

هذه الأفكار التي انتصرت لأعراق بعينها على حساب تهميش وتحقير وإبادة شعوبا وأعراقا تراها أقل شأنا، ولا تزال تحيا في جنبات عالمنا المعاصر، واعتنق النازيون فكرة أن اليهود هم جنس منفصل وأقل شأنا، وهو ما عرف بمعاداة السامية العنصرية .

العنصرية النازية الألمانية قادت الى اضطهاد وجرائم قتل جماعي لستة مليون يهودي وملايين آخرين، وورث الصهاينة هذه الأفكار المسمومة، وجعلوا من أنفسهم كشعب الله المختار، وما دونهم من الشعوب العربية بعامة والفلسطينية بخاصة الأقل حقا في الحياة والكرامة والحقوق، بل والأجدر بالزوال لبقاء شعب إسرائيل المختار !!!..

وشرعن الصهاينة وفق هذا الميراث اغتصاب ارض فلسطين وتهجير وقتل شعبها بمجازر وحشية عبر عقود طوال ومارسوا بحقهم جرائم التعذيب والتطهير العرقي كما يجري اليوم بغزة المحاصرة بلا ماء وطعام ولا دواء، بينما دعمت أوروبا الفاشية والنازية والعنصرية وحشية الصهاينه بحق الفلسطينيين باعتماد قانون تجريم معاداة السامية لتحرر نفسها من عقدة جرائمها بحق الصهاينة. 

نحن جميعا لسنا ضد اليهود كدين ولا ضد اليهودية كعرق ولا نعاديهم ولا نضطهدهم ولا نكرههم ولم نكن يوما ضد السامية بأي شكل من الاشكال، ولو ذكرت مذابح اليهود من الهولوكوست وغيرها امام اي عربي مسلم او مسيحي ستجده حزينًا محتجا متعاطفا مع اليهود وضد كل من يحاول تعنيف واضطهاد والاساءة الى اي انسان مهما كان جنسه وعرقه ودينه وهذا ما تربيت عليه طوال عمري وهذه القيم هي نفسها التي جعلتني اقف بصف المظلومين الفلسطينيين المدافعين عن ارضهم و بيتهم وحقوقهم بالعيش بأمان وسلام هم واطفالهم، ولكن كان بالمقابل الغرب هو من عادى واعتدى على اليهود قبل احتلالهم ارض فلسطين ومع ذلك بموجب قانون تجريم  معاداة السامية جعل رؤساء الغرب واعلامه يعطون لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها وهي دولة احتلال بعد مقتل 1400 إسرائيلي خلال هجوم حماس، في مقابل استشهاد قرابة 9488 شهيد بينهم 3900 طفل و2500 سيدة حتى اليوم في شهر واحد، بينما القانون الدولي يعطي الحق للفلسطينيين تحت الاحتلال حق المقاومة المسلحة للتحرر من الاحتلال، فإن ما فعلته إسرائيل بشعب غزة خالف كل شروط للدفاع عن النفس،فاستهدفت المباني المدنية والمستشفيات والكنائس والمدارس والمخابز وقتل مئات الأطفال، وإبادة عائلات بأكملها ، واستخدمت الفسفور الأبيض المحرم دوليا، وأسقطت ما يوازي ربع قنبلة نووية على قطاع غزة ، وفقا للمصدر الأورو متوسطي .  

هل ما يحدث في غزة جريمة إبادة جماعية ؟ ..
وقد ثبت للعالم كله اليوم ان إسرائيل تقوم بعمليات ابادة جماعية للشعب الفلسطيني خاصة في غزة للقضاء على العرق العربي بأرضها المقدسة ، تماما كما فعل النازيون باليهود في ألمانيا .

ترافق العنصرية الاسرائيلية بحق الفلسطينية تجريدهم من انسانيتهم، كما صرح وزير الدفاع الإسرائيلي " بوآف غالانت " نحن نقاتل ضد حيوانات" كما شبهوا الفلسطينيين بالجردان أو الثعابين على حسابات السوشيال ميديا الإسرائيلية لتبرير إبادتهم أصحاب الأرض الأصليين .

وكما تعاطف العالم مع اليهود عندما كانوا مستضعفين في الأرض ـ فإننا نطالب المجتمع الدولي والانساني والشرفاء في العالم من ساسة وقانونين ونشطاء حقوق انسان ومفكرين وفنانين ورياضيين ورجال دين مخلصين من كافة الأديان السماوية وغير السماوية في تبني حق الفلسطينيين في الدفاع عن انفسهم تحت الاحتلال ، وبسن قانون لتجريم معاداة العرب والفلسطينيين ، أسوة بقانون تجريم معاداة السامية .

فعلى كل من خرج بالعالم كله من مظاهرات غطت ارجاء المعمورة تنديدا لقتل الاطفال والمدنيين بغزة، ان يترجم موقفه ذلك عمليا بتبني تجريم معاداة العرب الفلسطينيين، والضغط على حكوماتهم لجعل هذا المطلب المشروع واجب التنفيذ .