سارة السهيل تكتب حول
تعليم المرأة سلاح يحفظ كرامتها و يبني مجتمعها
تشتد
الحاجة إلى تعليم المرأة لأعلى مستويات التعليم التقني أوالتكنولوجى ،
ربما أكثر من حاجة الرجل في مجتمعاتنا الشرقية ، وذلك لما يحققه التعليم من
تزويد المرأة بألوان من المعارف والعلوم والثقافة التي تتيح لها الارتباط
بمنجزات العصر العلمية ومواكبة قضايا خاصة بعد أن أصبح العالم قرية كونية
صغيرة .
وتعليم المرأة بقدر ما يعمل على توسيع مداركها
وتنمية ذكائها ، فإنه يتيح لها فرصة أكبر للارتقاء النفسي ، ويمنحها ثقة
بذاتها بعد إدراكها أهمية تسلحها بالعلم ، والذي حثنا عليه ديننا الحنيف ،
ولنا في زوجات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمهات المؤمنين القدوة
والمثل ، فقد كن رضي الله عنهن جميعا مرجعاً دينياً ينهل منه الصحابة
والفقهاء ولا غرابة في ذلك لأنها تشربن من علوم الدين في بيت النبوة ما
أهلهن لهذه المكانة العظيمة و أيضا السيدة نفيسة التي لقبت بنفيسة العلم و
قد جاءت من المدينة
إلى مصر وأقامت مجالس العلم ليأخذ عنها كبار العلماء وعلى رأسهم الإمام الشافعي رضي الله عنه .
وفي
الغرب الإسلامي، كانت أم البنين مثالا يحتذى به وهي فاطمة الفهرية في
القرن الثالث الهجري بنت جامع القرويين في فاس في القرن الثالث الهجري،
وأيضا أختُها مريم، التي بنت جامع الأندلس في فاس . و لو ذكرنا العالمات من
الغرب الغير إسلامي فهناك نماذج من العالمات اللواتي تركن أثرا واضحا في
العلوم و الفيزياء و الاختراعات التي غيرت من مجرى التاريخ أمثال العالمة
ماري
كوري عالمة الفيزياء والكيمياء البولندية إلي تعد من رواد فيزياء الإشعاع
وأول من حصل على جائزة نوبل مرتين (في الفيزياء والكيمياء)، كما كانت أول
امرأة تتبوأ منصب الأستاذية في جامعة باريس.
وأيضا العالمة روزالين " التي توصلت إلى حل مشكلات مرضى السكر عن طريق تقنية النظائر المشعة .
و العالمة جريس كوبر هوكس ولدت عام 1906 أمريكية ساعدت في تطوير أول أجهزة الحاسوب واخترعت جهازا يرفع مستوي لغات الحاسب .
ولعالمه
نوال المتوكل العداءة المغربية التي حملت لبلادها و للعرب ميدالية ذهبية
ثمينة من بطولات الأولمبياد ثم تابعت نشاطها حتى أصبحت واحدة من ضمن 5
أعضاء بلجنة التحكيم في أول أولمبياد عام 2012
العالمة مارغريت ميد عالمة أنثروبولوجيا..وكاتبة وعالمة بيئة..ومدافعة عن حقوق المرأة
وهذه
النماذج على سبيل المثال لا الحصر ومن هذه النماذج نستطيع أن نصل إلى
استنتاج على قدرة النساء الفذة في مجال العلوم و الفيزيا و الأدب و غيرها و
كيف يصب تعليمها في خدمة المجتمع خاصة لما تتمتع به المرأه من مواصفات
إنسانيه تميزها حتى عن الرجل من قوة التركيز و الصبر و المتابعة من باب
العند للوصول إلى الهدف و من فطرة المرأه التي زرعها الله بها من شعور
بالمسؤولية اتجاه مجتمعها بشعور الأم و الحاضن
وبما أن
تعليم المرأة ركيزة في الإسلام ،إلا انه في زماننا الحاضر يصبح تعليمها
أكثر ضرورة وأشد إلحاحاً لما تفرضه التحديات المعاصرة ، خاصة في عالمنا
الشرقي ، حتى تستطيع به مواجهة معترك الحياة ، خاصة إذا فقدت عائلها سواء
أكان أباً أو أخاً أو زوجاً وتجبرها الأقدار على تحمل مسؤولية نفسها ،
وربما تحمل مسؤولية إعالة أبنائها أو إخوتها الصغار .
ولا
يمكن للمرأة أن تنوء بهذا العبء الثقيل في زماننا الأكثر تعقيداً وأنانية
دون أن تتزود بسلاح العلم ، وربما يكون تعليم المرأة أكثر أهمية من تعليم
الرجل في بعض الأحيان ، ذلك لأن الرجل يتعلم وينفع بعلمه نفسه فقط ، ومجال
العمل الذي يتكسب منه دون أن يحاول أن يفيد بخبراته أهل بيته إخوة أو أبناء
.
على العكس من ذلك نجد أن المرأة عندما تتسلح بالعلم
فإنها تحرص كل الحرص على تعليم أبنائها ، وتسهم بشكل فعال في تزويدهم
بالمعارف وجميع أشكال الثقافة انطلاقاً من إيمانها برسالتها ، وبأنها تخرج
أجيالاً يبنون مستقبل المجتمع . ولاشك أيضًا في أن تعليم المرأة تعليماً
مناسباً لاحتياجات العصر ربما يلائم طبيعتها الأنثوية ، ويوفر لها فرصا
للعمل في وقت تقل فيه كثيراً فرص العمل سوى للمؤهلين والمزودين بالخبرات
التعليمية رفيعة المستوى .
وتسلح المرأة بعلوم العصري حقق
لها الاستقلال المالي الذي يحميها لحظة الاحتياط من غدرا لمجتمع ومن
استغلال أهل السوء لها وقت شدتها أو عثرتها المالية، وبذلك تحفظ كرامتها
وكيانها الإنساني من ذلك العوز . ولاشك أيضًا في أن تعلم المرأة الذى يوفر
لها فرص العمل يوفر لها أيضًا عنصر الحماية عندما يجور عليها الزوج فيقوم
بتطليقها ، دون أن تجد من ينفق عليها فبزمن أصبح الأهل والأقرباء مشغولين
بأنفسهم ولا يهتمون بقيمة التكافل الاجتماعي في الإسلام ، فلا يقدمون يد
العون للمرأة حين تفقد عائلها بسبب الطلاق أو الموت ، ويصبح عليها أن تبدأ
رحلة جديدة في الحياة تعتمد فيها على نفسها ، وهي بالضرورة لن تستطيع تحمل
مسئولية الاعتماد على النفس ومكابدة الظروف المعيشية القاسية ومواجهة أصحاب
النفوس المريضة ما لم تكن مسلحة بالعلم الذي يهبها الثقة في نفسها
وقدراتها ، كما ييسر لها فرصة العمل الذي يؤمن لها احتياجاتها ، ويحفظ
كرامتها كما أمر الله ـ تعالى ـ بالحفاظ على كرامة الإنسان في قوله: « ولقد
كرمنا بني آدم » .
وهكذا كان ، وأصبح ، وسيظل ، تعليم
المرأة في كل العصور زاداً وزواداً وسلاحا حامياً لها ، تصون به كرامتها ،
وتحفظ به عزتها ، وتربي به أبناءها ، وتبني به مجتمعها .