سارة السهيل تكتب : ادب الطفل و التراث
إن الهدف الاساسي لأدب الطفل هو تطوير طاقته الإبداعية و الانسانيه بالفكر و المهارات عقليا وعمليا ووجدانيا
الكتابه
عن الطفل تختلف عن الكتابه للطفل فعلى سبيل المثال كان كتاب ايميل ل جان
جاك روسو لتربية الطفل وهو عن الطفل و ليس للطفل في اواخر ١٧٠٠
وهو
من اوائل الكتب التي اهتمت بالطفوله كما ان كتاب العالم المصور اشهر الكتب
المخصصه للاطفال باوروبا الذي وضعه كومينيوس المربي التشيكوسلوفاكي
الانساني عام ١٦٥٧ وهو كتاب للطفل
أن الطفل يحتاج الى
شخص اكبر خبرة للاستفادة منه الا انه لابد ايضا وان نأخذ برأي الاطفال بما
نقدمه له من نصوص ادبيه خاصة بالطفل سواء قصة او قصيده او حكايه او مسرحيه
و نعرض العمل علي الاطفال ونسألهم عن الاشياء الجمالية والفنية خاصة الطفل
المعاصر الذي اصبح منفتح على العالم و على درايه تامه بما يجري حوله من
احداث على كثير من الاصعده وإطلاعهم على العالم بفضل الانترنت والفيس بوك
والتويتر والفضائيات ووسائل الاعلام المختلفه التي اصبحت منتشره و بحوزة
الجميع ؛الا ان الاطفال ليس لهم دراية تامه بمايجري وراء الحدث ولا
باستطاعتهم تقيم الامور بشكل كامل كما انهم مسؤولين من اولياء امورهم و
بسبب صغر سنهم لا يمكنهم ادراك كافة النواحي الثقافية مما يجعل للكبار دور
فعال فى توجيههم و اختيار الافضل لهم او الاختيار معهم كما ان دور الرقيب
على الطفل يجب ان لا ينتهي مهما انفتح الطفل على الفضاءات الواسعه.
علاقة
الطفل بالأدب تبدأ منذ لحظة الميلاد ، يقول رضا النحوى فى ذلك : يعتقد
الكثيرون أن أدب الأطفال أدب حديث لم يعرف إلا منذ قرنين عندما انطلق من
فرنسا ، ثم إمتد إلى غيرها ، ولكننا نعتقد أنه أدب قديم فى حياة الإنسان
قدم الأدب نفسه ، وقدم الطفولة نفسها ، أو لعله كان أول صوره من صور الأدب
عرفها الإنسان فى تاريخه ، فالأدب إستجابه فطرية لعوامل متعددة فى الحياة :
كالعامل الدينى ، والإجتماعى ، وألأحداث المختلفة فى واقع الإنسان ، وغير
ذلك . وأسرع إستجابة فطرية هى إستجابة الأمومة ، والأبوة لبراءة الطفولة
وضعفها وحاجتها .
بعض الباحثين
من يرجع إقتران أدب الطفل بنشأة البشرية ، مما يعنى أن الإنسانية تتناقل
هذا الأدب عبر الأجيال كتراث نابض بالحياة ، ممايؤكد حقيقة لانعرفها وهى أن
التراث متوغل فى تركيبنا الوجدانى النفسى والعقلى بحيث لايستطيع التفكير،
والإبداع بمعزل عن حضوره فى مخيلتنا.
والتراث
فى اللغة يعنى : مايتركه الإنسان لمن يخلفه أو يأتى بعده ، فالتراث هو كل
ماوصل إلينا من الماضى داخل الحضارة السائدة ، وله خاصية الفعل والتأثير فى
حياتنا . والتراث فى أدب الطفل يعنى توظيف التراث ، بما يعكس إستحضار
فترات محدة من التاريخ سواء من خلال مواقف ، أو حوادث ، أو شخصيات ، أو
إستلهام قصص وحكايات وفكاهات ونوادر. والأمثلة من التراث الشعبى ، أو
إستغلال كتب تراثية عالمية . ككتابى "كليلة ودمنه" و" ألف ليلة وليلة "
اللذان يشتملان على العديد من الحكم والمواعظ ، وأجواء من السحر، والدهشة ،
والمرح ، والفكاهه . ويمكن تبسيط الماده التراثية على شكل : قصة ، أو
قصيدة ، أو مسرحية ، أو مقاله . مثل أن نعرف الأطفال بشخصية تاريخية هامة
بأن نجعلها تتحدث عن نفسها ، عن مولدها ، ونشأتـها ، وإنجازاتها. وإستعراض
نماذج من إبداعاتها ، وأعمالها بأسلوب مبسط ومناسب ، ولذلك نجد عناية
الأدباء والعاملين فى مجال الطفوله بترسيخ مفهوم التراث العربى ، وتعزيز ه
فى نفوس الأطفال بإعتباره أحد أشكال الدفاع عن الهوية ، والمحافظة على
الجذورمما يعكس الخوف من الغزو الثقافى الغربى الذى يؤدى إلى تغريب الأطفال
عن تراثهم ، لذا الهدف التواصل مع التراث لترسيخ ثقافة التواصل مع العالم
العربى .
تقديم التراث برؤية
عصرية تناسب الحاضر، لايمكن أن يتحقق بدون توافر مجموعة من الشروط فى
مقدمتها : إستخدام اللغة ، والرموزالشائعة ، والجماليات البصرية التى تجذب
الطفل المعروف بسرعة البديهه ، وهو الأمرالذى من شأنه بعث الحياة فى هذا
التراث ، وجعله متجددا ، تحقيق لمعادلة شديدة الصعوبة ، وهى مزج الأصالة
بالمعاصره .
ومن المبدع أن
عالمنا العربى تتعدد فيه البيئات الجغرافية التى تتنوع فيه أيضا خصائص
التراث . فالمنطقة الساحلية لها تراثها المعبرعنها ، وقيمها الخاصة من
الإنفتاح على الآخربحكم طبيعة الشعوب الساحلية . والبيئة الزراعية لها
فنونها التراثية الناطقة بمخزونها الثقافى ، المعبرعن قيم الإستقرارالزراعى
الذى يحقق بدوره التماسك الأسرى ، فضلا عن البيئة الصحراوية المنتشرة فى
أرجاء الوطن العربى ومايرتبط بها من قيم تراثية تعنى بقيم الكرم والفروسية
وغيرها . ولعل توظيف التراث لصالح أدب الطفل يتطلب إعادة صياغته بما يناسب
إحتياجات الطفل ، وفقا لمعطيات عصره ، وطبيعة الطفل ، وهو مايتطلب من
الكاتب بذل جهد من أجل ذلك على سبيل المثال : حكايات على بابا ، أو زرقاء
اليمامه ، أو مصباح علاء الدين وغيرها ، سواء فى عمل إبداعى شعرى ، أو
مسرحى ، أو درامى يحوى بداخله القيم التى نريد غرسها فى نفوس الصغار ، وفقا
لمراحلهم المختلفة فى الوقت الذى يراعى فيه توافرعنصرالحركة الممزوجه
بالمشهد الملىء بالإثارة ، والجذب وفقا للغة العصر الشائعة داخل العمل
الأدبى .
ولاشك أن تراثنا
العربى يتمتع بثراء واسع جعل الأدباء ينهلون من معينه الذى لاينضب . ومن
نماذج الإستلهام المبدعه للتراث : سلسلة عباقرة العرب وهى عن خمس شخصيات
عربيه فذة فى مجالات اللغة والأدب والفكروالفلسفة والترجمة : خليل بن أحمد
وأوبوعثمان الجاحظ وإبن الطفيل وإبن خلدون وإبن المقفع . وهناك سلسلة علماء
العرب فقد أصدرسليمان فياض خمس كتب روى فيها قصص خمسة من العلماء العرب
تحدث عن إنجازاتهم وإكتشافاتهم وفضلهم على الحضارة العالمية وهم : إبن
النفيس مكتشف الدورة الدموية ، وإين الهيثم عالم البصريات ، البيرونى عالم
الجغرافيا الفلكية ، وجابر بن حيان أبو الكيمياء ، إبن البيطار عالم النبات
. وبهذا الإبداع الأدبى حقق سليمان فياض النموذج الكامل لأدب الطفل العربى
المنشود . فينمى بذلك شخصية الطفل وثقافته وقدراته ليصل الماضى بالحاضر،
ويجبب إليه القرءة والمعرفه والجدية بمتعه وبساطة ، وشحنا لوجدانه بالقيم
العربية ، والمعلومات التاريخية والأدبية والعلمية .
وقد
إتجه ثلاثة من ألأدباء العرب سليمان فياض وأحمد سويلم من مصر ورشيد
الذاودى من تونس إلى التراث العربى الجيد الذى يربط الطفل العربى بتراثه
الأصيل ليساعده على الثقة فى قدراته وإمكاناته لخوض الصعاب والمشاق وقد شكل
الأدب الشعبى المنبع الأول لأدب الطفل العربى والغربى برز فى ذلك الكاتب
المصرى كامل الكيلانى الذى قام بإستلهام وتبسيط حكايات ألف ليلة وليلة
وتقديمها للأطفال ، وكان أولها السندباد البحرى عام 1927 ومازال أدب
الأطفال فى العالم العربى حتى اليوم يستنطقون التراث ويستمدون الموضوعات
والأساليب السردية وبذلك قامت بالتهذيب للأطفال مثل حكايات كليلة ودمنه ،
وألف ليلة وليلة ، وحكايات جحا ، وأشعب وقراقوش .
لاشك
أن هناك علاقة مشتركة بين أدب الطفل والتراث العربى بشقيه الرسمى المتمثل
فى ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنه ، والقصص الدينى والتراث الشعبى حيث أن
الحكايات الشعبية رافقت الشعوب فى نشاتها الأولى نجد أن أدب الأطفال يرافق
الإنسان أيضا فى أولى مراحل نموه وهناك عوامل أخرى مشتركة بين الحكاية
الشعبية وأدب الأطفال من أهمها أن الحكاية الشعبية تخاطب العقل الباطنى لدى
الإنسان وهذا مايسعى إليه أدب الأطفال إذ يحاول دائما أن ينفذ إلى عقل
الطفل الباطن ، ويخلص الطفل ويحرره من ضغوطاته الداخلية التى يصعب عليه
التخلص منها بسبب مرحلته العمرية . كما أن الخوارق التى تعتبرمن مكونات
الحكاية الشعبيية تجذب ألأطفال لما يجدون فيها من تعبيرعن طموحاتهم
وأحلامهم . خاصة أنها تنفذ إلى أعماقهم ، وعقلهم الباطن لتلعب دورا فعالا
فى إثارة مايخزنونه فى هذا العقل .
وأعتقد
أن الحكايات الشعبية وفنون التراث قادرة أن تحتل عقول الأطفال ، وقلوبهم
رغم ماقد تحويه من خوارق ، ورعب ، فعالم المستحيلات هوالعالم المحبب لدى
الأطفال عندما تحول الساحرة الشريرة البطل إلى حيوان أو طير. لأنها ببساطة
شديدة لاتعرف زمانا ولامكانا وتسبح فى فضاءات الخيال الإنسانى مدفوعة
بعاطفة جياشة ضد كل ماهومألوف وسائد . ولهذا كانت لقصص علاء الدين
والسندباد ، وعلى بابا وقع خاص وإستمرارهم فى قلوب الأطفال . وهذا لايتعارض
مع عصرنة هذه الحكايات الشعبية والأنتقال بها من مرحلة الأسطورة الوهمية
إلى الخيال الممزوج بالفكر، والخيال العلمى أكثرمواكبه لعصرالصورة فضلا عن
مايحويه الأدب الشعبى من قيم للبطولة والفروسية وغيرها ، التى تستفز وجدان
الصغير. كل ذلك قد أغنى أدب الطفل سواء تجسد ذلك فى تضمين القصص على لسان
الحيوان أو الأغانى الشعبية والحكايات التى طوعها الأدب بلغة يسيره وجاذبة
ومشوقة فى آن واحد مثلما فعلت كتابات أحمد شوقى الأسطورية ، وكتابات كامل
الكيلانى ، ومحمد سعيد العريان وغيرهما من الكتاب والأدباء
سارة طالب السهيل