المرأة العربية .. من الخضوع الى التسلط
بقلم الاديبة سارة السهيل
يعتبر البعض أن المرأة سبب الشرور التي تعيشها البشرية منذ
بدء الخليقة مستندا الى قصة التفاحة والخروج من الجنة، ما دفع بعض الأمم ان تلصق بها
كل مذمة بدءا من كونها مصدر الشرور الى انها رمز للنجاسة وهكذا
وقد أدى ذلك الى تعرض المرأة لمظالم طالت لقرون، الى أن جاء
الرسول الأكرم (ص) ليوصي بالنساء خيرا ويؤكد انه “وما أكرم النساء الا كريم وما اهانهن
الا لئيم” واسند الأوصياء بها في بعض الأحاديث الى وحي جبريل حيث قال: “ومازال جبريل
يوصيني بالنساء حتى ظننت انه يحرم طلاقهن”.
ولكن بعد وفاة الرسول عادت العرب الى جاهليتها، فسادت النظرة
الدونية للمرأة مجددا، الى ان ظهر بعض الأصوات العربية متمردا على تلك النظرة وأبرز
تلك الأصوات كان قاسم أمين مؤلف كتاب “تحرير المرأة” الذي تم نشره عام 1899م، بدعم
من محمد عبده وسعد زغلول، وأحمد لطفي السيد، وتركت هذه الدعوة اثرا محدودا، ويتضح ذلك
جليا من خلال شخص الروايات التي صدرت بعد ذلك وكان اشهرها ثلاثية نجيب محفوظ “بين القصرين
- قصر الشوق – الثلاثية” التي صدرت في خمسينات القرن الماضي، وادى تحويلها الى أفلام
سينمائية الى شهرة واسعة اسهمت في كشف مستور بقي لعقود، حيث وجد قطاع واسع من الجمهور
العربي تماهيا مع شخصية السيد احمد عبد الجواد، خاصة لجهة علاقته مع زوجته امين.
وفي السنوات الأخيرة انقلب الحال فاصبحنا نجد نساء متجبرات
متسلطات، حتى اضحت بعض النساء يحاسبن ازواجهن ويتجرأن على اقوال عظيمة وافعال شنيعة
في حقهم وصلت الى حد الايذاء البدني.
والمثير ان الكثيرات
من نساء القرن الحادي والعشرين في مشارق الأرض ومغاربها ومن كل الطبقات الاجتماعية
يمارسن العنف ضد ازواجهن بما في ذلك الضرب حتى صارت ظاهرة تنذر بالخطر، وقد كشفت الأرقام
والاحصاءات العلمية حجم الظاهرة، ففي سنغافورة وصلت لـ 12% من الأزواج يتعرضون للضرب
على أيدي زوجاتهم، وفي أوروبا 17%، واميركا 23% والهند 11% والنسبة الأكبر في مصر،
إذ وصلت إلى 25%. وفي الكويت أكدت دراسة حديثة أن 35 % من نساء الكويت شعرن بالمتعة
بعد ضربهن وتعذيبهن لأزواجهن.
والدراسات ارجعت ضرب الزوجة لزوجها إلى حالة الانتقال من
مرحلة تحرير المرأة إلى مرحلة تمكينها، ما أدى إلى استيقاظ عقدة التفوق الذكوري لدى
الرجل فراح يمارس عدوانا سلبيا ضدها فهبت هي لتؤدبه مستخدمة العنف. وقد ارجعها الخبراء
الى انها رد فعل ضد عنف الرجل وقسوته على المرأة،
بينما ارجع البعض هذا العنف الى تركيبة المرأة النفسية وما صادفته من قسوة في تربيتها في الطفولة والشباب، فيما يرى البعض الآخر ان فشل
الرجل في الفراش وراء انتقامها منه بالضرب، بجانب ضعف شخصية الرجل وتحمل المرأة مسؤولية
البيت والأولاد.
وتبارت الرواية العربية وتبعتها الدراما في تجسيد هذه النماذج
التسلطية النسائية وتمثل ذلك في رواية “ارض النفاق” للكاتب والروائي يوسف السباعي والتي
تحولت الى فيلم شخص خلاله فؤاد المهندس شخصية الزوج المقهور من قبل زوجته المتسلطة
الفنانة شويكار. واعقبها كثير من الأعمال الدرامية من ابرزها فيلم “السادة الرجال” للكاتب والمخرج رأفت الميهي الذي جسد بطولته كل
من الفنان محمود عبد العزيز والفنانة معالي زايد وتناول الفيلم أبعاد العلاقة بين الرجل
والمرأة، من خلال منظور إجتماعي ونفسي. فنحن أمام زوجين، تشتد بينهما الخلافات ويحاول
كل منهما أن يستبد برأيه. ويقدم الفيلم، من خلال هذه العلاقة، فكرته الأساسية، وهي
أن المرأة عندما يستقر قرارها على شيء، فهي ستحاول تحقيقه، حتى ولو كلفها ذلك حياتها.
ان العلاقة الزوجية هي أسمى وأرقى وأنقى علاقة بين الرجل
والمرأة في أجمل وأحلى صورها طبقاً لما أراده الله وشرعه في إقامة الأُسَرِ والمجتمعات.
فهي علاقة تكامل وتعاون، ولكل منهما ما يناسب ما فطره الله – سبحانه وتعالى – عليه
وليست علاقة تصارع وتناحر. وما يخالف ذلك من فطرة الله التي فطر الناس عليها وما ارتضاه
لهم؛ فهو سبب كل بلاء وشقاء.
ايها السادة الرجال ايتها السيدات ليتنا نرجع للآداب القرآنية (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ)
وقوله تعالى:( وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) (الأعراف: 189) وفي
قوله: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) صدق الله العظيم.